عبدالحليم حفينة
الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 08:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتخوف البعض - بحسن أو سوء نوايا - من إطلاق حرية العقيدة في الدستور، ومن واجبنا أن ندفع هذا التخوف بالنقاش والعقل أيًا كانت نوايا صاحبه.
هذا التخوف يقول ببساطة أن حرية الاعتقاد ستدفع الناس إلى الكفر والضلال والتحول عن الدين، إذا نستطيع أن نستنتج من هذا أن مواد الدستور هي التي تحفظ الدين في قلوب الناس وأن بدونها سيتحول الناس عنه!
قبل أن أعلق على هذا التخوف سأطرح مثالًا حيًا أمام أعيننا؛ في دولة مثل ألمانيا أغلب سكانها يدينون بالمسيحية، تقول الفقرة الأولى من المادة الرابعة من دستورها؛ "حرية الإيمان وحرية الانتماء الديني والعقائدي غير قابلة للمساس بها"، والنتيجة من هذا؛ أن الإسلام يعامل باحترام شديد هناك وتقدم تعاليمه وتقام مدارسه على أرض ألمانيا، وأيضًا لم يتحول المسلمون عن دينهم رغم وجودهم في مجتمع مسيحي وفي دولة يسمح دستورها بحرية الإعتقاد، والأكثر من هذا أن نسبة انتشار الإسلام بين مسيحي ألمانيا أكثر بكثير من مثيلتها بين المسيحيين في مصر.
وعلى النقيض من ذلك نجد مصر كمثال لدولة يمارس فيها نوعًا من التقييد على حرية الاعتقاد سواء من الدستور أو من الجهات الأمنية، وحتى حرية التحول من دين سماوي إلى آخر مرفوضة من المجتمع ومن السلطات أيضًا، ونتيجة ذلك أن معتقادات الكثيرين تتعرض للتشويه لأنهم لا يجدوا قدر من الحرية تسمح لهم بأن يعتقدوا فيما يريدون، ونتيجة عامة لذلك نجد أن نسبة الذين يشكون في المسلمات العقائدية وصلت إلى 37 %، وذلك وفقًا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة بورسن مارستلير بنيويورك مؤخرًا، فرأيي أن الدعوة إلى الإسلام تخسر كثيرًا إذا كنا نحسب الأمر من إتجاه أننا بذلك نحافظ على الإسلام.
أعود وأقول أن الدستور لا يحفظ الدين في قلوب الناس، بل إنه ينظم حياة الناس على اختلاف أديانهم وأجناسهم وأعراقهم، ويعطيهم حقوقهم - السياسية والإقتصادية والإجتماعية - كبشر أولًا وأخيرًا، والمسئول الحقيقي عن حفظ الدين وحمايته هم الدعاة بدعوتهم الطيبة المستنيرة، فاتركوا الدستور يحمي الحقوق، واعملوا أنتم بدعوتكم "بالحسنى" على حماية الدين وصونه.
#عبدالحليم_حفينة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟