|
سياسة -الزكير- المكر، المكيدة والحازوق نهج التدبير السائد في المغرب
إإدريس ولد القابلة
الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 08:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقال أن السياسة هي فن ممكن، لكن هذا الممكن يجب أن يكون في إطار سياسة الحقيقة و إلا دخلنا في نطاق مكر السياسة وسياسة المكر عندما نغلف الممكن اعتمادا على إبعاد كل ما ليس مرغوب في تحقيقه بدعوى عدم الإمكان، وهذا كان حال بلادنا على فترات من تاريخها الحديث، وقد برز مكر السياسة على مختلف الواجهات سيما فيما يخص واجهة الديمقراطية وواجهة الاقتصاد. نعرض في هذا الملف أحداث ومواقف ومشاهد عبرت بشكل أو بآخر عن النكر السياسي عبر فترات سابقة من تاريخ المغرب الحديث. الشهادة ضمان المستقبل... لكن ليس للجميع بعد مرور عقد من الزمن تقريبا عن استقلال المغرب، أصبحت الأسر المغربية تبذل الغالي والنفيس في سبيل تعليم أبنائها، معولة على المدرسة لتمكن لهم سبيل الارتقاء الاجتماعي. ورأى الآباء آنذاك في التحاق العديد من الشباب بالإدارة، ابتداء من 1956، لخلافة الأوربيين واليهود المغاربة المتأهبين للرحيل، دليلا مبينا على أن الشهادة التعليمية ضمان للارتقاء الاجتماعي وضمان المستقبل. لكن اكتفاء الدولة من الموظفين كان وشيكا ، فقد صار عدد الموظّفين المغاربة المسلمين 25 ألفا في سنة 1965، أي عشرة أضعاف ما كانوا عليه لحظة الاستقلال، ما دفع الدولة إلى السعي إلى تعطيل الآلة المدرسية والحصول على الشواهد والديبومات. وبرزت في مارس 1965، مذكرة من وزارة التربية الوطنية، تحد من الانتقال إلى السلك الثاني من التعليم الثانوي، وبذلك قذفت، على حين غرة، في 22 مارس 1965، في شوارع الدار البيضاء، بمئات من التلاميذ. فخرج تلاميذ الإعدادي والثانوي يوم 23 مارس، في مظاهرة انضم إليها الآلاف من الآباء والشباب العاطلين، وسواهم من فقراء ومهمشي أحياء الصفيح. ولم تلبث المظاهرات أن انقلبت إلى عصيان، ونصبت الحواجز في الدار البيضاء، وأحرقت الحافلات والبنوك ومخافر الشرطة. وما كانت تلك الأعمال مجتمعة إلا تعبيرا عن فداحة الانتهاكات التي تراكمت منذ الاستقلال. واندلعت معارك في الشوارع بين المتظاهرين وقوات الأمن، واتسعت رقعة التمرد لتعم كبريات المدن الأخرى في المملكة. فجاء القمع وكان مبتدؤه يوم 23 مارس، بتولي أوفقير استعادة التحكم في زمام الأمور في المدينة، وكان يقود عمليات القمع من السماء على متن مروحيته. واستمر العنف الشرس ثلاثة أيام، موقعا مئات القتلى. وشلت الحياة السياسية بفعل شراسة العنف، حتى خاطب الحسن الثاني الشعب في 29 مارس 1965، حيث جاء ليلومه ويعنف البرلمانيين على حد سواء: "أقول لكم إنه لا أخطر على أي دولة من الشبيه بالمثقّف، وأنتم أشباه المثقّفين، وليتكم كنتم جهالا". فكان يقدم في ثنايا كلامه، مفتاح السياسة التربوية التي سيستنها لاحقا. كانت العواقب السياسية للحدث في غاية الفداحة، ودخل الملك في محادثات مع المعارضة. واشترط الاتحاد الوطني للقوات الشعبية حل البرلمان وإجراء انتخابات سابقة لأوانها. فأعلن الملك حالة الاستثناء في 7 يونيو 1965، وتم حل البرلمان بدعوى عدم الكفاءة. فانخرط المغرب يومها في مرحلة غامضة ، طالت أزيد من الخمسة أعوام. لم يسجب الاتحاديون حالة الاستثناء قامت مفاوضات فعلية بين القصر و وحزب الاتحاد خلال شهر أبريل 1965 كان الهدف منها الوصول إلى تسوية سياسية تمر بالضرورة عبر غرفتي البرلمان، إذ كان الاتحاديون أقلية. ولهذا السبب بالذات لم يشجب الاتحاد قط حالة الاستثناء بينما انتقدها حزب الاستقلال وعارضها عبد الكريم الخطيب - وهو إذاك رئيس مجلس النواب- عندما اعتبرها انقلابا على الدستور قد يؤدي إلى القضاء على الديمقراطية.
مناورة من مناورات القضاء محاكمة 25 يونيو1975 بعد أحداث مولاي بوعزة، قـُدِّم للمحاكمة 149 متهما، من بينهم قادة الانتفاضة ومسؤولي الحزب الاتحادي، أمام المحكمة العسكرية بالقنيطرة. كان هناك دهكون والعديد من رفاقه، ومنهم المهتدي والجدايني، جنبا إلى جنب، كان هناك، كذلك، أطر حرب العصابات، الذين تسللوا من الجزائر رفقة محمود "بنونة". وقد اعتقلوا والسلاح في أيديهم، ولم يكونوا واهمين في ما يخصّ المصير الذي ينتظرهم. وإلى جانبهم تكدس قادة الخلايا السرية في الأطلس وأطر الحزب، وعمر بنجلون ومحمد اليازغي. وأما عبد الرحيم بوعبيد فقد كان مطلوبا للمثول أمام المحكمة بصفته شاهدا، وكانت هذه مناورة من مناورات القضاء في المغرب آنذاك، ما دامت ستمنع عبد الرحيم بوعبيد من أن يترافع وأن يحقق النصر نفسَه الذي حققه في مراكش ثلاث سنوات قبل ذلك عندما دافع عن رفاقه..
إدريس لشكر "كان غادي يحماق" لكي يصبح وزيرا حسب ما حكى عبد الواحد الراضي لبرادة – أحد قياديي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن إدريس لشكر "كان غادي يحماق" لكي يصبح وزيرا، ففي نهاية 2009 وبداية سنة 2010، لم يكن يترك اجتماعا للمكتب السياسي يمر دون دعوة الحزب إلى الخروج من الحكومة، لكن ما إن نادى عليه فؤاد عالي الهمة وعرض عليه الدخول إلى الحكومة حتى قبـِل أن يكون وزيرا بحقيبة صغيرة، هي وزارة العلاقات مع البرلمان، مضحيا بكل مواقفه السابقة. علما أن إدريس لشكر ظل يقول إن المكتب السياسي هو الذي اختاره للوزارة في التعديل الحكومي لسنة 2010. لكن حسب رواية عبد الواحد الراضي ظل لشكر يضغط على المكتب السياسي للخروج من الحكومة، وأن فؤاد عالي الهمة اتصل به وعرض عليه الاستوزار، فانقض على الفرصة دون أن يستشير المكتب السياسي في الأمر. فقد كان يسيل لعابه على الوزارة عندما كان اليازغي كاتبا أول للحزب. إذ بعد ظهور نتائج انتخابات 2007، وإقالة اليازغي من الكتابة الأولى للحزب، زار إدريس لشكر برادة وقال له: لقد بذلت كل ما في وسعي للإطاحة باليازغي... لقد طردناه بالإجماع" ، علما أن هذا الأخير كان قد وعده بالاستوزار ولم يف بوعده، وهذا أمر معروف لدى كل الاتحاديين. فقد وعد اليازغي بالوزارة كلا من إدريس لشكر وعبد الهادي خيرات ومحمد بوبكري، وهذا الأخير كان اليازغي قد وعده بحقيبة التعليم. وقد أقرّ برادة أنه حضر لثلاث مرات في منزل لشكر بحي النهضة بالرباط اجتماعات الخلية التي كانت تضم، إلى جانب اليازغي، كلا من عبد الهادي خيرات ومحمد بوبكري وإدريس لشكر، و قامت هذه الخلية بثلاثة أعمال "وقحة" – حسب وصف برادة - وهي التربص بعبد القادر باينة للإطاحة به من قيادة الفريق الاتحادي بمجلس النواب وتعيين لشكر بدلا منه؛ والثانية هي الاتفاق على مضمون مقال يكتبه عبد الهادي خيرات في جريدة الاتحاد الاشتراكي يهاجم فيه عبد الرحمان اليوسفي وحكومة التناوب؛ والثالثة هي تزوير لوائح المؤتمرين والتقليص من إمكانية حضور المحسوبين على نوبير الأموي إلى مؤتمر2001.
كيف ولج كريم العمراني قلعة المكتب الشريف للفوسفاط؟ عندما تم تعيين عبد الرحيم بوعبيد وزيرا للاقتصاد الوطني والمالية، تقرر مغربة المكتب الشريف للفوسفاط، وطلب عبد الرحيم بوعبيد من برادة – الذي كان يترأس ديوانه - أن يقترح عليه شابا مغربيا تكون له علاقات متميزة برجال الأعمال الفرنسيين، ليكون عين الوزارة في المكتب ثم يتدرج إلى أن يعوض المدير الفرنسي "جاك أندري بوندون" آنذاك. بعد موافقة كريم العمراني - وكان حينها رجل أعمال مبتدئا- طلب برادة - بصفته مديرا لديوان وزير الاقتصاد- من المدير "جاك أندري بوندون" أن يشغل كريم العمراني في الكتابة العامة، فأعطاه مكتبا مجاورا للكاتب العام الفرنسي. وقتها لم يكن يشتغل في إدارة المكتب الشريف للفوسفاط غير موظفين مغربيين اثنين، أحدهما كان مؤذنا بمسجد في حي يعقوب المنصور بالرباط، وكانت له مشاكل مع الإدارة؛ والثاني كان "شاوش". لكن الكاتب العام للمكتب الشريف للفوسفاط أهمل كريم العمراني ولم يكترث لوجوده ولم يسند إليه مهام ذات بال. وبعد أقل من شهر، توجه برادة إلى المدير "بوندون" وأمره بضرورة الكاتب العام، بصفته مكلفا بتتبع أشغال المكتب الشريف للفوسفاط. لكن الكاتب العام ، استبق الأحداث وقام بتقديم استقالته، حيث ستستتبع تلك الاستقالة تضامن الأطر الفرنسية معه، عبر الإعلان عن خوض إضراب تضامني. حينها، توّجه برادة إلى السفير الفرنسي وقال له: إذا قام أطر المكتب الشريف للفوسفاط بإضراب، فإن المغرب سيتخلى عن فرنسا ويبحث عن دولة أخرى تساعده في تدبير هذا القطاع. وبعد استقالة الكاتب العام الفرنسي ورجوع الأمور إلى سابق عهدها، تم تعيين كريم العمراني كاتبا عاما لـلمكتب، لكن دون أن توضع بين يديه أي ملفات باستثناء ملفيْ الموظفين المغربيين: الشاوش المؤذن. وعندما علمت الوزارة بالأمر، احتجت على المدير "بوندون" بشدة. بعد هذا الحادث بيوم أو يومين، قدم "بوندون" استقالته – بقي كريم العمراني بقي كاتبا عاما- وعوّض المدير الفرنسي المستقيل كأول مدير مغربي للمكتب الشريف للفوسفاط امحمد الزغاري الذي بقي في هذا المنصب إلى حدود سنة 1959، ليخلفه محمد الغزاوي الذي شغل هذا المنصب من 1959 إلى 1965، وبعده جاء علي بنجلون من 1965 إلى 1967، وعندها فقط أتى دور كريم العمراني الطي سيبقى على رأسه إلى غاية سنة 1990، بالرغم من تحمله مهام الوزير الأول لثلاث مرات. الأموي "ريّب الحفلة"
غادر اليوسفي المغرب إلى مدينة "كان" الفرنسية غاضبا من تدخل إدارة إدريس البصري في استحقاقات سنة 1993، على الرغم من كل الضمانات التي قدمتها الإدارة الترابية والتي وقعت، وقتئذ، ميثاق شرف بمعية الأحزاب السياسية لتكون المحطة نزيهة. خلا الجو لليازغي، الذي أصبح عمليا هو الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، لذلك لم يرفض الدعوة التي وجهت إليه من قبل حزب الاستقلال، إذ سيبادر إلى اللقاء بمحمد الديوري بعد أن حرك الحسن الثاني قصة التناوب الحكومي. وانتهى اللقاء بين الزعيمين إلى أن الاتحاد الاشتراكي مع هذا التناوب لدرجة أن اليازغي قال للديوري إن حزب القوات الشعبية مستعد ليضع أمام حزب الاستقلال شيكا على بياض، وإنه لا يجد مانعا في أن يكون امحمد بوستة هو الوزير الأول، لأول حكومة تناوب في المغرب الحديث. ستصل المفاوضات بين الاتحاد والاستقلال مراحل جد متقدمة. وتفعيلا للشيك على البياض تقرر أن يعقد اجتماع خاص بمنزل امحمد بوستة، لوضع اللمسات الأخيرة لهذا التناوب الذي نادى به الحسن الثاني بحضور كبار الحزبين الرئيسيين في العملية. تحلق الجميع حول مائدة غداء ببيت الوزير الأول المفترض امحمد بوستة. وانطلق الحديث حول عدد الحقائب وأسماء الوزراء الذين يقترحهم الحزبان، وحول الأحزاب التي يمكن أن تكمل هذه الحكومة من خارج أحزاب الكتلة، التي كان حزب التقدم والاشتراكية لم يلتحق بها بعد. ظل الجميع ينتظر وصول محمد نوبير الأموي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكين وفجأة سيشكل حضوره مفاجأة غير سارة للحاضرين. فبينما كان النقاش يدور حول طبيعة الحقائب الوزارية، سينتفض الأموي في وجه محمد الوفا، الاستقلالي الذي كان من أشد المتحمسين لهذه الحكومة، ليقول له: "عن أي حقائب تتحدثون؟". فكان رد محمد الوفا: "إن هذا الجالس أمامك- وكان يعني امحمد بوستة- هو الوزير الأول المرتقب". أردف الأموي بعنف: "إذا كان اسمك هو محمد الوفا، وهو مشتق من الوفاء، فليس من الوفاء أن نتداول في حكومة تناوب بدون حضور عبد الرحمان اليوسفي، الكاتب الأول الحقيقي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية". تبادل المجتمعون نظرات الاستغراب مما حدث، فمدّ اليازغي يده إلى حقيبته ليخرج منها بيان اللجنة المركزية للحزب الذي يقول بقبول فكرة التناوب التي نادى بها الحسن الثاني، ويقرأ منها الفقرة التي تؤكد على ذلك. رد الأموي ليقول إن بيان اللجنة المركزية مع مبدأ المشاركة، ولا يحدد تفاصيلها. ثم انفض الاجتماع عاصفا بعد أن غادر الأموي، دون أن يتناول وجبة الغداء الذي كان من المقرر أن يصنع تناوب سنة 1993. بعد ذلك أصدر القصر الملكي بلاغا يقول فيه إن مفاوضات التناوب توقفت بعد أن رفضت أحزاب الكتلة أن يحافظ إدريس البصري على حقيبة وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة. علما أنه لم يكن لقادة الكتلة أي اعتراض على إدريس البصري وهذا بشهادة امحمد بوستة.
تقسيم كعكة انتخابات 1977 "حشومة علينا حنا الاستقلاليين داك الشي اللي درنا فـ 1977 "
اقترح وزير الداخلية محمد بنهيمة في الانتخابات البرلمانية لسنة 1977 منح الاتحاد الاشتراكي 42 مقعدا برلمانيا شريطة أن لا يترشح عبد الرحيم في أكادير جاء هذا في لقاء بين الحبابي ووزير الداخلية بحضور كاتب الدولة في الداخلية، آنذك، إدريس البصري. ولما أخبر الحبابي عبد الرحيم بوعبيد بالأمر ردّ عليه هذا الأخير قائلا: "من المحتمل، يا الحبابي، أن يعتقلنا الملك(... ) وذلك على الموقف الذي أبديته بحضور بنهيمة من رفض تزوير الانتخابات وإعطاء الاتحاد الاشتراكي حصته من المقاعد، فما أدراني أن الخط كان مفتوحا على مسمع الحسن الثاني كما كان يحصل دائما". إذ مرارا كان مولاي حفيظ العلوي، وزير القصور والأوسمة والتشريفات، يبعث في طلب الحبابي وعبد الرحيم بوعبيد، بأمر من الحسن الثاني، لمناقشة بعض الأمور العالقة بين الدولة والمعارضة. وقد قال مولاي حفيظ مرة بحضورهما: "راه سيدنا تايـ..." وأشار إلى أذنه، في إشارة منه إلى أن الملك يتابع ما يدور بينهم. قبل أن يدرك هول ما قاله ويصمت. في انتخابات 1977 قام الحزب الاتحادي بحملة انتخابية كبيرة تحت شعار "المقاعد لا تهمنا" وفاز بـ 15 مقعدا فقط، في الوقت الذي كان يتوقع فيه أن يتجاوز 80 مقعدا برلمانيا. وقد كان عبد الرحيم والحبابي من جملة الراسبين. ذهب الحبابي إلى العمالة للحصول على محاضر نتائج الانتخابات، فوجد أن التزوير تم بشكل مفضوح وبلا خجل، حيث كانت الأرقام الفعلية التي حصل عليها مشطوبا عليها بالقلم وبجانبها الأرقام المزورة. وما حز في نفوس الاتحاديين حينها هو قبول حزب الاستقلال بالتزوير. إذ كان امحمد بوستة قد التقى بدوره بوزير الداخلية بنهيمة، ووافق على الحصول على عدد من المقاعد المزورة التي كانت ستمنح للاتحاديين – حسب الحبابي- ومعها تلقى وعدا بتعيينه وزيرا للدولة في الخارجية. وفعلا، أصبح بوستة وزيرا للخارجية في حكومة أحمد عصمان. لذلك تمّ اتخاذ قرار بقطع العلاقات مع حزب الاستقلال، ولم يعد عبد الرحيم يريد ملاقاة بوستة. كما أن عبد الرحيم بوعبيد لم يشأ تأسيس الكتلة الديمقراطية مع الاستقلاليين، إذ لم تر النور إلا بعد وفاته. وبهذا الخصوص، بعد مرور سنوات قال محمد الوفا: ".. حشومة علينا حنا الاستقلاليين داك الشي اللي درنا فـ 1977 ".
بداية الانعراج اقتنع الملك الحسن الثاني، على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية، بضرورة مشاركة الكتلة الديمقراطية في الحكومة المقبلة والدخول في مرحلة جديدة من العلاقات مع الأحزاب الوطنية. لهذا، فاتح قادة الكتلة الديمقراطية في الموضوع واستقبل يوم 22 أكتوبر 1993 في القصر الملكي بإيفران، اليازغي وعبد الواحد الراضيو امحمد بوستة وامحمد الدويري وعلي يعتة ومولاي اسماعيل العلوي، و محمد بنسعيد آيت يدر. وأحضر الملك إلى جانبه ولي العهد سيدي محمد ومدير ديوانه أحمد رضا اكديرة والأمين العام للحكومة عباس القيسي. كان الحسن الثاني يريد، في هذه المرحلة، مشاركة المعارضة في حكومة هو ضامن لأغلبيتها مع أحزاب أخرى ممثلة في مجلس النواب.. مجرد مشاركة بوزراء في مناصب وحقائب عديدة. لكن الملك ألح على أن يختار هو الوزير الأول من خارج الكتلة، ويختار أيضا وزراء الخارجية والداخلية والعدل والأوقاف والشؤون الإسلامية. اتفق حزبي الاتحاد والاستقلال على أنه لا يمكن أن نشارك في حكومة ليس رئيسها من قادة الكتلة. وخرجت بنفس الموقف منظمة العمل الديمقراطي، فيما اعتبر حزب التقدم والاشتراكية -على النقيض من ذلك- أن اقتراح الملك خطوة مهمة، وأعلن أن المبادرة إيجابية ويجب أن الانخراط فيها. ولما تمّ إخبار الملك بالأمر، اعتبر أنه يحتاج إلى وزير أول له تجربة طويلة، وأنه سيكون لصالح الكتلة الديمقراطية أن ينتقى من خارج صفوفها وزيرٌ أول له تجربة ومعرفة بدواليب الإدارة في كل القطاعات وبمشاكلها وبكيفية معالجة هذه المشاكل . صدم الحسن الثاني لأنه لم يصل إلى اتفاق مع قيادة الكتلة الديمقراطية، لكنه أدرك في النهاية أن عدم الوصول إلى اتفاق لا يعني إغلاق الباب نهائيا، فشكل حكومة جديدة وبقيت العلاقة بين القصر والكتلة هادئة حتى يوليوز 1994 حين أعلن الحسن الثاني إلغاء قانون "كل ما من شأنه" وإصدار عفو عن كافة المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين. وكانت تلك إشارات قوية إلى رغبة الحسن الثاني في تصفية الأجواء وإزاحة عراقيل كانت منتصبة أمام تشكيل الكتلة للحكومة وتدبير الشأن العام. وبدأت الدولة تسير في هذا الاتجاه من خلال تأسيسها للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مايو 1990 كصيغة يشارك فيها ممثلو الأحزاب الديمقراطية إلى جانب وزيري الداخلية والعدل، إذ خلق هذا المجلس بتوافق مع الأحزاب الوطنية، ومع الاتحاد الاشتراكي بالخصوص، على أساس أن المجلس سيسمح للملك باتخاذ قرارات ليست مفروضة عليه من الخارج، بل بناء على رأي مجلس يوجد إلى جانبه، يشير عليه ويرفع إليه التوصيات بشأن مصلحة البلاد.
"سي اليازغي، لا تسجل علي شي حاجة خلال هذا الاجتماع" خلال لقاء بالملك الحسن الثاني في القصر الملكي بالرباط، حضره اليازغي و امحمد بوستة وعلي يعتة ومحمد بنسعيد آيت يدر. وكان الموضوع هو طلب عقد دورة استثنائية لمجلس النواب والذي رفضته الأحزاب الحكومية من أجل مناقشة مشاريع القوانين الانتخابية، وكانت أحزاب المعارضة قد طلبنا التحكيم الملكي في الموضوع، وهو ما وافق عليه الملك. أثناء اللقاء أخذ اليازغي في تسجيل ملاحظاته ، لكن الملك أوقفه قائلا: "سي اليازغي، لا تسجل علي شي حاجة خلال هذا الاجتماع، لأنني سأجد في مذكراتك في المستقبل أنك تقول: قال لي الحسن الثاني وقلت للحسن الثاني، سوف نسلمكم بعد اللقاء محضرا كاملا مصورا". وقد جرت الأعراف خلال اللقاءات الملكية على أن يتحدث الملك أو يسأل وعلى أن يدلي قادة الأحزاب بآرائهم أو إجاباتهم، دون أن يعمد أحد منهم إلى تسجيل ما قيل في حضوره أو إبداء ملاحظات على ما قيل في أجهزة الإعلام. كان هدف اللقاء كذلك مناقشة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية على ضوء الإضراب الذي دعت إليه الكونفدرالية والاتحاد العام للشغالين في قطاع النقل بالدار البيضاء. مناطق محرمة على الأحزاب
هناك مناطق ظلت محرمة على الأحزاب، مثل الريف والأقاليم الصحراوية والمناطق الحدودية، حيث كانت السلطات تمنع منعا كليا بناء تنظيم حزبي معارض. عندما أسس حزب الاتحاد الاشتراكي كتابة إقليمية في عاصمة الإقليم، مثل الحسيمة، فإنه لم يكن يسمح نهائيا بأن يكون له أي فرع خارج المدينة. ولما أسس فرع أحد الرواضي بعيدا بـ 10 كلم عن الحسيمة واكترى المقر، ضغطت السلطات على صاحب المبنى وألغى العقد. وفي نفس الإقليم، تم فتح مقرا في تاركيست، فتم تنقيل جميع من كان هناك من المناضلين، من رجال التعليم والصحة وموظفي الإدارة العمومية، الذين شاركوا في تحمل المسؤولية، خارج الإقليم. وفي إقليم الشاون، حدث نفس الشيء، حيث إن كل عناصر كتابته الإقليمية الأولى أبعدت إلى أقاليم أخرى. ومن الأمثلة الصارخة على المناطق التي منع فيها تأسيس تنظيم حزبي إقليم قلعة السراغنة، فقد سعت السلطات إلى أن يبقى هذا الإقليم خاليا من الاتحاد والاتحاديين، لكي تستطيع الإدارة انتخاب من تريده في المؤسسات المحلية والوطنية، وكان قد ترشح في هذا الإقليم الوزير مولاي احمد العلوي لأنه لم يكن ممكنا له أن ينجح في فاس أو غيرها من الحواضر.
عرس القرن في خضم الأجواء المتوترة بين إعلام حزب الاتحاد الاشتراكي والسلطة، نشرت "المحرر" ورقة حول حفل زفاف ابن الشيخ زايد بن سلطان، رئيس دولة الإمارات. وقد كان ذلك العرس حدثا مثيرا، واعتبر المقال أن صرف كل تلك الأموال على زفاف شيئا غير طبيعي. والنتيجة كانت أن غضب الحسن الثاني غضبا مستطيرا ورغب في متابعة الجريدة. لكن الشيخ زايد بن سلطان امتنع عن مسايرة الحسن الثاني في هذه المتابعة – هذا ما كشفه أحد مقربيه - وبعد ذلك، حاول الحسن الثاني استصدار قانون من البرلمان يمنع بموجبه الجمع بين منصب مدير صحيفة ونائب في البرلمان، على اعتبار ذلك الجمع بين المنصبين يخلق حالة من التنافي لأن البرلماني له حصانة، لكنه لم يذهب بهذا الأمر بعيدا ولم يطرحه في النهاية عمليا على البرلمان.
"غدا سترى المرسوم على أرض الواقع" ما جرى في يونيو 1981 كان نتيجة صدور قرار برفع أسعار الدقيق والسكر والزبدة والزيت والحليب، وهو ما خلق سخطا كبيرا في البلاد. وعرف البرلمان نقاشات صاخبة حول هذا الموضوع ومواجهة عنيفة داخله بين فريق الاتحاد الاشتراكي النيابي ووزير الداخلية. وقررت المركزية النقابية "الكونفدرالية" إثر ذلك خوض إضراب عام من أجل الضغط في اتجاه حمل المسؤولين على التراجع عن هذه القرارات، وساندتها في ذلك النقابة الوطنية للتجار والحرفيين . وفي يوم 20 يونيو، أغلقت كل المتاجر في الدار البيضاء وتوقفت حركة السير وتوقف العمل في المؤسسات والمعامل الصناعية، لكن عوض اعتراف الإدارة بنجاح الإضراب، والذي كان لتسهيل الأمر على الحكومة وفرصة لتراجعها عن قرارها، جاءت الأخيرة بسائقين للحافلات من خارج مؤسسات النقل ليجوبوا المدينة طولا وعرضا دون طلب الأداء من الركاب، وقامت السلطة بمحاولة لفتح المتاجر بالقوة، الأمر الذي أدى إلى نشوب مظاهرات احتجاجية عنيفة، لكن الأعنف منها كان هو القمع الذي ووجهت به والذي أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا، وضع بعضهم فوق بعض في مخافر الشرطة، وسيكشف تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة فيما بعد بعض المقابر الجماعية، وليس كلها، التي دفن فيها أولئك الضحايا. وبالإضافة إلى قمع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية والاعتقالات الواسعة ، كان من القرارات التي اتخذتها السلطة آنذاك اعتقال رئيس تحرير "المحرر"، مصطفى القرشاوي وتوقيف صحيفتي "المحرر" و"ليبراسيون". وكان المنع على أساس محضر للشرطة تم رفض التوقيع على تسلمه، باعتبار أن قانون الصحافة ينص على أنه يمكن للوزير الأول، بمرسوم معلل، أن يمنع الجريدة أو يوقفها، فقال رجال الأمن لليازغي: "غدا سترى المرسوم على أرض الواقع". وذلك ما كان بالفعل، ففي اليوم التالي جاءت الشرطة إلى المطبعة ومنعت طبع الصحيفتين وأي مطبوع آخر، بل منعت العاملين من ولوج المطبعة، وهو الوضع الذي سيستمر حتى مارس 1983.
لا فائدة من التئام المجلس الأعلى للدفاع تأسس المجلس الأعلى للدفاع بعد هجوم قوات البوليساريو على مدينة طانطان سنة 1979، وضم قادة الأحزاب الوطنية وأعضاء من الحكومة، هم وزير الداخلية ووزير العدل ووزير الخارجية، وإدارة الدفاع والضباط السامين في القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية. وقد اجتمع هذا المجلس عدة مرات ، وكان يناقش بصفة عامة كل الإشكاليات المتعلقة بتطور ملف الصحراء، سواء العسكرية أو الدبلوماسية، واستمر في العمل على هذا المنوال إلى أن أوقف الحسن الثاني الدعوة إلى اجتماعه، مؤكدا أنه لا فائدة من التئامه لأن كل ما يطرح فيه من مواضيع وطنية كان يسرب ويخرج إلى العلن.
اعتراف الملك حين أعلنت مبادرة القبول بالاستفتاء في قمة نيروبي الأولى في يونيو 1981، بدأت عملية فك التعبئة للشعب المغربي، وأصبح الخطاب الرسمي يرى أن قضية الصحراء انتهت وأن الملف سيغلق. آنذاك رأى الاتحاديون أنه حتى لو كان على المغرب أن يطرح قبول الاستفتاء فإنه كان يجب أن يشترط تنظيم استفتاء للشعب المغربي جميعه، ويسأل حول ما إن كان يقبل بأن يجري استفتاء في الصحراء المغربية لتقرير المصير، خاصة وأن الجزائر قدمت في نيروبي آنذك أطروحات خطيرة، مثل مطلبها أن تنسحب الإدارة المغربية والجيش المغربي من الساقية الحمراء ووادي الذهب وأن ترجع إلى منظمة الوحدة الإفريقية صلاحية الإعداد وتنظيم الاستفتاء وتمارس مسؤولياتها في عين المكان . وهذا ما اعترف به الحسن الثاني نفسه في يوليوز 1983 عندما قال إنه لم يكن لديه الحق في القبول بالاستفتاء قبل أن يستفتي الشعب. اعتبر الاتحاديون أن هذا الاعتراف بمثابة رد اعتبار إليهم بعد الظلم الذي لحق بهم من خلال الاعتقال والمحاكمات. " الطمع طاعون" سيما في السياسة بعد انتخابات 1977، دخل حزب الاستقلال إلى الحكومة التي شكلها أحمد عصمان، واعتقدت القيادة أن الحزب سيغير ميزان القوى السياسي في البلاد وهو في الحكومة، وسيصبح القوة السياسية الأولى والعمود الفقري للأغلبية الجديدة في أفق الانتخابات البلدية والتشريعية لسنة 1983 و1984، لكن الحسن الثاني سيعفي أحمد عصمان من الوزارة الأولى ويضع مكانه المعطي بوعبيد، وفق مخطط لتغيير الخريطة السياسية، حيث أعطى الضوء الأخضر لمستشاره أحمد رضا كديرة ولوزيره في الداخلية إدريس البصري لتأسيس حزب إداري جديد هو الاتحاد الدستوري، مع السهر على تزويده بالأطر والمرشحين في مختلف الاستحقاقات والحرص على أن يصبح القوة السياسية الأولى في المجالس المحلية المنتخبة وفي مجلس النواب، لتدخل العلاقات بين حزبي الاتحاد والاستقلال في وضعية شبه قطيعة. مخطط اختطاف عبد العزيز المنبهي بعد انتخاب عبد العزيز المنبهي، في شتنبر 1972، رئيسا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وبعد اعتقال عبد اللطيف اللعبي وأحمد حرزني وسيون أسيدون وعبد اللطيف الدرقاوي وأنيس بلفريج وآخرين، تمّ استدعاؤه من طرف قاضي التحقيق المسمى "الضو"، حضر الأستاذ محمد الفاروقي (رئيس المؤتمر السادس لـ "أ.و.ط.م" سنة 1961) بصفته محامي المنظمة الطلابية، إذ صاحب المنبهي وآزره خلال التحقيق. اهتم هذا التحقيق بعلاقة المنبهي بمناضلي المنظمات السرية، "إلى الأمام" و"23 مارس" و"لنخدم الشعب" المعتقلين آنذاك. وبعد أكثر من ست (6) ساعات من "سين وجيم" لم يتمكن القاضي "الضو" من وضع يده على تهمة واضحة المعالم يوجهها إلى عبد العزيز المنبهي. علما أن القاضي "الضو" كان، بين الفينة والأخرى، يغادر مكتبه، مما يدل أنه كان يتزود بتعليمات. في الأخير، قال القاضي للمنبهي، ستظل متباعا في حالة سراح ثم سمح له بمغادرة المكتب، في حين التمس من الأستاذ الفاروقي المكوث معه لمناقشة بعض الأمور. خرج عبد العزيز من مكتب القاضي وأثار انتباهه وجود 4 عناصر من رجال اللأمن السريين بممر المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وحالما رمقوه هرولوا صوبه. وبالصدفة، ذلك اليوم حضرت إلى المحكمة خديجة، شقيقة المنبهي رفقة والدة زوجها عزيز الوديي، وذلك بغرض طلب رخصة زيارة زوجها المعتقل. لحظتئذ طلب عبد العزيز من شقيقته افتعال السقوط بالدرج لعرقلة مرور عناصر الأمن الذين كانوا يهمون باختطافه، لهذا تعمد القاضي "الضو" بالاختفاظ بالأستاذ الفاروقي بمكتبه حتى لا يكون شاهدا على عملية الاختطاف المبيتة. فعلا، تظاهرت خديجة المنبهي رفقة حماتها بالسقوط في الدرج الضيق، وبذلك اعترضتا الطريق لتمكين شقيقها من الفرار. غادر عبد العزيز المحكمة وأطلق العنان لساقيه بين شوارع مدينة الدار البيضاء ودروبها الغريبة عنه، ثم اختبأ في ورش بناء إلى أن نشر الظلام جناحه، فتسلل وغادر المدينة. في ذلك اليوم، في أخبار الثامنة مساء بثت الإذاعة الوطنية بلاغا ناريا لإعلان اعتقال عبد العزيز المنبهي رئيس "أ.و.ط.م " . وتضمّن البلاغ تهديدات مباشرة للطلبة والأساتذة الجامعيين إن قدموا على الإعلان عن إضراب أو أي شكل احتجاجي للتضامن مع المعتقل. في وقت إذاعة البلاغ كان عبد العزيز المنبهي منزؤيا في مخبئه في انتظار سيادة الظلام. كيف راكم كبار الملاكين العقاريين الرصيد الكبير من الأراضي الفلاحية؟ ترجع الفترة التي وطدت فيها البرجوازية الفلاحية ملكيتها العقارية إلى بداية الاستقلال حيث استفادت من الأراضي الزراعية التي كان قد اغتصبها الاستعمار. فمن أصل مليون و 20 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية الاستعمارية استولى كبار الملاكين العقاريين إلى حدود منتصف التسعينات على 747 ألف هكتار. وقد حصلوا على هذا الوعاء إما عن طريق صفقات بيع أراضي المعمرين الخواص بأسعار بخسة نتيجة تخوفات هؤلاء على مصير أملاكهم، أو عن طريق وضع يدهم على جزء هام من أملاك الدولة الفلاحية التي تتكون من الأراضي المسترجعة من المعمرين الخواص و الاستعمار الرسمي. أما الأراضي الزراعية التي استرجعتها الدولة فتعرضت لصيرورة تفكك، حيث انخفضت مساحتها لتبلغ حوالي 491 ألف هكتار سنة 1981 و 238 ألف هكتار فقط سنة 1996، منها حوالي 132 ألف هكتار في ملكية شركتي صوديا وصوجيطا التي ستفوت بدورها للرأسمال المحلي و الأجنبي نتيجة الخوصصة. إن أكثر من مليون هكتار من الأراضي التي كان يستغلها الاستعمار أراضي مغتصبة بالبوادي، كان يجب أن تعود إلى مالكيها الأصليين من الفلاحين الفقراء، وليس لتوسيع ملكية البرجوازية الفلاحية عبر وزع الأراضي على كبار الملاكين وعلى كبار الجهاز البيروقراطي من كبار مسؤولي الإدارة و الجيش و الأمن. إن سيرورة توطيد الملاكين العقاريين الكبار لملكيتهم للأرض و للثروة تلخصها اعترافات أحد كبار البرجوازيين في الزراعة زنيبر الذي كشف عن مصدر معظم أملاكه البالغة أكثر من 8 آلاف هكتار، عندما قال لمجلة "تيل كيل" أن البداية الفعلية لملكيته للأرض تعود إلى اقتنائه مئات الهكتارات من المعمرين بعد الاستقلال و إلى الهبات الملكية. وفي هذا الصدد قال:"اتصل بي الحسن الثاني عبر الهاتف ليخبرني أنه سيمنحني 1100 هكتار من حقول الكروم". و يمثل اليعقوبي سوسان الذي كان يشغل مدير الهيئة المسماة آنذاك "هيئة الأراضي المسترجعة" نموذج آخر لكيفية وضع اليد على ملكية الأراضي الفلاحية للدولة من طرف مسؤولي الجهاز البيروقراطي، فقد تحول المدير، بين عشية وضحه، إلى مالك عقاري كبير ومصدر للمواد الفلاحية. وقد أوردت الهيئة الوطنية لحماية المال العام لائحة لكبار الفلاحين المتهمين بنهب الأراضي الفلاحية للدولة خارج الصفقات العمومية، وفي مقدمتهم كبار الملاكين العقاريين بسوس كمحمد بوهدود بودلال الذي استفاد من 380 هكتار، وطارق القباج الذي استفاد من 339 هكتار، وعبد الرزاق الميسات الذي استفاد من 200 هكتار.
إعفاء الفلاحة من الضريبة تعود إحدى مصادر الثروات الطائلة التي راكمتها البرجوازية الفلاحية الكبرى في كون الأرباح التي جنتها من الاستثمارات الفلاحية ظلت منفلتة كليا من مجال تطبيق الضريبة. فلا ينحصر الأمر في إعفاء من أداء الضريبة المباشرة على الدخل، بل يتعداه إلى إعفاء من الضريبة غير المباشرة على المداخيل الأساسية و الآلات المستعملة في الإنتاج الفلاحي وحتى المنتجات الفلاحية الأولية. تعد هذه الهدايا الضريبية، في الحقيقة، دعم مالي فعلي للبرجوازية الفلاحية يعد بملايير الدراهم سنويا كان من المفترض أن تكون جزءا من المالية العمومية لدعم الخصاص في القطاعات الاجتماعية مثلا. عمل القائمون على الأمور على إخفاء هذه الهبات الضريبية المقدمة للبرجوازية الفلاحية بادعاء أنها موجهة لكافة الفلاحين لتشجيعهم في مواجهة الجفاف، و الحقيقة أن معظم الفلاحين هم من صغار الفلاحين المعفيين أصلا حسب القانون الضريبي، لأن دخلهم السنوي لا يبلغ العتبة التي تفرض أداء الضريبة العامة على الدخل. و لا يدل ذلك سوى عن النفوذ السياسي الكبير الذي يحظى به كبار مالكي الأرض داخل جهاز الدولة، مستندين على سلطتهم الاقتصادية ونفودهم. و قد تمّ إصدار أصدر مرسوم الإعفاء الضريبي بعد أن عقد عدة جلسات مع وفد من كبار مالكي الأرض البرجوازيين يتزعمهم زنبير الذي يعد من أكبر ملاكي الأرضي بالمغرب. "ملحمة" فتيحة المجاطي بعد وفاة زوجها المجاطي – المدان في قضية إرهاب – حاولت أرملته أن تتزوج من جديد، لكنّ الدولة رأت أن يكون زواجا مع وقف التنفيذ، فقد باشرت كل الإجراءات القانونية، لكن جهة أرادت أن تتركها في وضع المعلقة، وفي هذا سبق أم آدم المجاطي أن قالت : " الوكيل العام للملك في الرباط قال لمحامي: "لن تحلم فتيحة المجاطي يوما بالزواج"!" . نقلة بشرى الجديدي غير المنتظرة بشرى الجديدي، زوجة أحد أبرز من ينعثتون بـ "إرهابيي سيدي مومن"، يوجد زوجها خالد النقيري في السجن المركزي بالقنيطرة، ارتدت النقاب لسنوات، وبعد اعتقال زوجها، تحوّلت حياتها إلى جحيم، وأصبحت مُعرَّضة للعمى، بعد أن أصيبت في قرنيتيها، ما اضطرها إلى طرق أبواب لجنة النصير لمساعدة المعتقلين الإسلاميين، التي أطلقت حملة اكتتاب لمساعدتها على السفر إما لتونس أو إلى إحدى دول أوربا، وتمكنت المنقبة من السفر إلى فرنسا لإجراء عمليتين جراحيتين مكلفتين ماديا، غير أنه بعد انتهاء مدة الإقامة، التي حُدِّدت في ثلاثة أشهر، تفاجأت لجنة النصير بعدم عودة المنقبة التي فضلت "الحريك". وتبيَّنَ بعد مرور وقت وجيز أنها رفعت دعوى طلاق ضد زوجها السلفيّ المحكوم بمقتضى قانون الإرهاب بـ 20 سنة سجنا نافذا.. والغريب أن المحكمة أصدرت حكما بضرورة تحمّل الزوج صائر النفقة، رغم وجوده وراء أسوار السجن.
#إإدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرارة القائمين على الأمور بالجزائر
-
الجزائر تمتلك الأسلحة الكيماوية: هل هو سرّ انكشف أمره ة لا م
...
المزيد.....
-
مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس
...
-
ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه
...
-
محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر
...
-
كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته:
...
-
يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء
...
-
إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث
...
-
إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
-
بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
-
-يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|