|
الروح بين العالم العقلي ... العالم النفساني (Mental world… Psychologist )
سجاد الوزان
الحوار المتمدن-العدد: 4266 - 2013 / 11 / 5 - 21:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الروح بين العالم العقلي ... العالم النفساني (Mental world… Psychologist )
موطن الروح من الجسد : - The home of the soul from the body موضوع الروح وماهيتها وهيئتها وشكلها وتركيبها شغل الفلاسفة والمفكرين على مر الأزمنة وإلى وقتنا هذا، ولم توضع أي دراسة صادقة وحقيقية ومسلمٌ بها عقلياً بخصوص هذا الشيء الذي يمد الحياة للبدن . والأسئلة ذاتها تطرح عند كل فيلسوف ومفكر وهي : 1. أين موطن الروح من الجسد . 2. أيهما سبقاً في الوجود الروح أم الجسد . 3. كيفيتها وهيئتها . 4. مدى الإدراك العقلي الذي يستطيع الإحساس والخوض بصراع الروح ذينك العالم الحي في البدن . 5. ما هي القوانين التي تنطبق عليها الروح، أتيه من قوانين المادة بأنواعها، أم من قوانين التجريد المادي، أو كلا الأمرين . وغيرها من التساؤلات التي تطرح حول هذا الشيء المجهول معرفتاً، مع العلم بوجوده والقدرة على الإحساس به .
جدل فكري : -
العقل / الجسد = العقل ( من حيث السيطرة )
الروح / الجسد = الروح ( من حيث القدرة على التمكين في الحياة )
الجسد / أجزاء من الجسد = ( حسب نوع الجزء والعضو )
العقل / الروح = حياة مجردة عن البعد المادي ( من حيث عالم التجريد العقلي، وعالم الوجود الروحي – العوالم العليا - )
العقل / الروح = العقل مطلقٌ بالنسبة للروح ( عبارة خاطئة ) لذا لا يسود العقل على الروح . العقل محتاجٌ لمن يهبه القدرة على الحياة . الروح واهبة للكل . العقل / الروح = نتيجة باطلة لأن العقل أصبح نسبي إلى الروح باعتباره محتاج إلى أمداده بالحياة .
الروح / العقل = حياة الديمومة والميتافيزيقيا ( أصبحت الروح تضمن عالم المعرفة التعقلي وعالم الجسد من حيث السيطرة ) .
إذاً العقل جزءٌ من مكونات الروح ( من قبيل الواحد من مكونات العدد عشرة ) ولكن ليس هو الروح، وليست الروح هي العقل، إنما هذه الجزئية تلازمت من حيث الترتيب والمرتبية . لذا نتحصل :- إذا اعتبرت الروح مطلقة بالنسبة للجسد، فلا يوجد إشكال في الذهن، على اعتبار وجود النسبية المطلقة إلى شيء ما . لكن هذا الشيء المطلق وهو الروح والذي نسب إليه الجسد لا يمكن اعتباره مطلقاً كلياً في الوجود، أي أنه مطلقٌ أطلاقة تمكين على شيء أطلاقة أستعارية، وذلك لوجود ما يشابهه بالأطلاقية، وهذا الشيء المطلق لا بد من أن ينسب إلى مطلق أصيلٌ وحقيقي تنتهي عنده غاية الروح ومجمل كيانها وغرضيتها . لذا نستطيع تعريف الروح تعريفاً تأملياً تقريبياً بـ : ( هي أمرٌ خارجٌ عن قدرة الإنسان، متمكن فيه، ممكِّنٌّ له، محسوس ليس بمرئي مطلقُ أطلاقة استعارية على البدن ونسبي إلى المطلق الحقيقي ) .
هل العالم النفساني هو نفس العالم الروحاني :
إن عالم النفس هو نفسه عالم الروح، لأن النفس والروح معنيان مترادفان . فمثلاً : (( إذا ما فقد العقل بالمرض أو الجنون توقف التفكير، لتبقى النفس تائهة في شتات من التصورات المبعثرة، المتقاطعة، المتناقضة، المتضادة أحياناً وليبقى الجسد بذلك منهوك القوى، لا يعرف الراحة والاستقرار، أينما توجهت النفس الحائرة – دون هدى العقل – يلبي صاغراً ما دامت فيه بقية من صحة وعافية ..... وإذا ما عجز الجسد عن الحركة ( المرض الشديد، الشلل، الإغماء، التخدير، التنويم ) توقفت النفس عن الفعل والحركة حتى حين ... لعدم قدرة الجسد ( أداة الفعل ) على العمل والحركة، وإذا ما هلك الجسد بالموت أو القتل خرجت الروح، ليتوقف كل ذلك عن الحياة والتفكير والفعل والحركة ))1
1. الإنسان ليس عقلاً : سالم القمودي : مؤسسة الأنتشار العربي : ص35
ويمكن القول إن علماء الكيمياء، ينظرون إلى الأمراض التي تصيب الجسد، كنوع من التغيرات الكيميائية (Chemical changes )، أو حدوث تغير في تركيب كيميائي (Chemical composition ) معين، وإصابة ذلك التركيب بخلل يحدث عليه التغيير جوهرياً بحيث يعطي تفاعلٍ آخر، أو هيئتاً فينقلب الشكل الهندسي لذلك التركيب – كأن يكون Cis فيتحول إلى trans ) . وعلماء النفس يعتبرون تلك الأمراض ومنها النفسية والعقلية ذات أساس فسيولوجي، ويمكن علاجها عن طريق دراسة التراكيب الكيميائية المختلفة في الجسم، وهي لم تختلف كثيراً عن رؤية الكيميائيين . ولكن الأمراض التي تصيب العقل غالباً ما تختلف عن الأمراض النفسية ( الروحانية )، ولا بد من الجزم بأن عالم العقل هو غير عالم النفس ( الروح ) وإن أتحدى من حيث المعنى في بعض الحالات إلا أنهما متمايزان تماماً من حيث الوجود في الجسد .
عمل العقل .... وعمل النفس :
إن عمل العقل يختلف عن عمل النفس، بل وأحياناً الأمراض النفسية تختلف عن الأمراض العقلية، وسوف نستخدم الأمراض كبيان للفرق العملي لكل من هذين العالمين وذلك لوضاحة فهامتهما :
i. الأمراض النفسية يشعر بها المريض شعوراً إدراكيا ( أي يدرك وجودها ) ويعرف أغراضها، ويحاول أن يخفيها عن الناس، ولكنه يعجز عن التغلب عليها، ومن هذه الأمراض : الاضطرابات السلوكية والعاطفية مثل : السلوك، الشذوذ، والانحراف الجنسي، والإدمان والتعود على العقاقير، كالمهدئات والمنومات والمسكرات والمخدرات، وأمراض الكآبة النفسية، وأمراض الوهم والمخاوف والقلق النفسي، والوسواس القهري، والهستريا ... ii. أما الأمراض العقلية فهي أمراض لا يشعر بها المريض غالباً، بينما تظهر لغيره من الناس من حوله، ولا يستطيع أن يخفيها عنهم، مثل : أمراض التخلف العقلي، والأمراض الذهانية ( الذهنية ) العقلية، كمرض الشيزوفرينيا (Schizophrenia ) أو الانفصام العقلي، وأمراض الكآبة والهيجان العقلي .2 2 .الإنسان ليس عقلاً : سالم القمودي : مؤسسة الانتشار العربي : ص36 ( بتصرفٍ وزيادة )
ويقول الدكتور علي كمال في كتابه النفس، إن الأمراض االعقلية (Mental pathology ) : (( تختلف اختلافاً جذرياً في طبيعتها عن الأمراض النفسية، إلا أن كليهما يمثل أختلالاً في توازن الحياة النفسية وعملياتها عند المصابين بهما، ثم إن هناك حدوداً وحالات مشتركة بينهما، بالإضافة إلى استجابة كل من الفئتين إلى العلاجات الواحدة في بعض الحالات، وكل هذه العبارات تجعل البحث في الواحد كم هذه الأمراض دون الآخر أمراً ناقصاً ))3 . 3 .د. علي كمال : النفس : الطبعة الرابعة، ج1 :ص19
كما إن هناك أمراض ليست عقلية ولا نفسية، بل هي أمراض عصبية عضوية، الصرع والسرطان وأمراض المخ والجهاز العصبي، إلا إنها تؤثر على النفس، فقد تصاحبها بالمرض .
لذا فلا بد للإنسان من أن تكون جميع مداركه سليمة صحيحة للوصول إلى الحقيقة التي يعتبرها يقينية وجازمة، فإذا وقف الإنسان على عالمية الفكر والعقل، وترك إرادة النفس، فهو مثالي وغابت عنه نصف الحقيقة، لأن مشكلة العقل لا يذعن لأي إرادة ولا تخالجه أنفعالات الإنسان الإنسانوية النفسانوية(Psychological )، فهو يريد أن يفهم، ولكن ليست لديه إرادة تلك الإرادة الفهمية، لذا فإرادته واحدة، وأما الإرادة الثانية فيجب أن تعزى إلى غيره من عوالم الإنسان . وأن لا يكون وجودياً بحتاً أو ماديين بحتاً أو برجماتياً بحتاً، لأن الإرادة النهائية وتفصيل حالة الوعي الكامل يكون عند مركز اليقينيات وهو النفس أو عالم ( ما وراء الجواني أو الباطني ) . وكما أقول دائماً : (( هناك في العمق وجدت الحقيقة ... هناك عندما انتقلتُ إلى ما وراء العمق فوجدت ما وراء الباطنِ باطناً ظاهراً لمن أراد أن يتيقن في فهمية إدراكه ومعارفه عليه أن يستفهم العقل ... فييقن النفس ( الإرادة الثانية ) ..)) .
فعندما يقول جيمس جونز في بيان أزمة الحقيقة : (( وقد كشفت حالة الأزمة هذه عن نفسها بشكل قوي في عدم الثقة المتزايدة في المنهج العلمي عامة، وفي الطريقة التجريبية خاصة، وإننا لواجدون فقدان الثقة هذا عند كل المعنيين بالمشكلات النفسية من طلاب وممارسين وباحثين ))4 4 . جيمس دينز : أزمة علم النفس المعاصر، ترجمة د. سيد احمد زيان : ص17 . حيث إن الطريقة التجريبية تهمل علم النفس للبعد العقلي والنفسي والوجداني الذي هما الأصل في فهم هذا العلم . ويمكن أن نضيف معناً يفرق بين الظاهرة الإنسانية والظاهرة المادية الطبيعية : (( فالظاهرة الإنسانية ليست كالظاهرة الطبيعية، وإنها من نوعية مخالفة، وإن الظاهرة النفسية تختلف عن الظاهرة الفيزيقية، وأن الظاهرة الاجتماعية ليست شيئاً ملموساً يقاس كماً، إذا كانت الظاهرة الطبيعية كماً فالظاهرة النفسية كيفاً، وإذا كانت الظاهرة الطبيعية يمكن قياسها، فإن الظاهرة النفسية تند عن القياس، وإذا كانت الظاهرة الطبيعية يمكن التنبؤ بمسارها ووقوعها إذا علمنا قانونها وسيطرنا عليها، فالظاهرة الإنسانية تند عن القانون، وتتميز بحرية باطنة لا يمكن التنبؤ بمجراها ووقت وقوعها أو بأشكالها المستقبلية ))5 . 5 . حسن حنفي : مقدمة في علم الاستغراب : ص366... نقلاً عن الإنسان ليس عقلاً ( مصدرٌ رقم1 ) .
لذا فلا بد من التمييز بين وظيفة العقل بما هو عقل ( أو عالم عقلي ) من قبيل : تأمل، تمييز، تحليل، تركيب، استنباط، استقراء . وبين وظيفة النفس بما هي ( أو العالم النفسي الروحي ) من قبيل : سلوك، إرادة، اندفاعية، عمل، فعل، انفعال، وجدان .
مصادر البحث : 1. الإنسان ليس عقلاً : سالم القمودي : مؤسسة الأنتشار العربي : ص35 . 2. الإنسان ليس عقلاً : سالم القمودي : مؤسسة الانتشار العربي : ص36( بتصرفٍ وزيادة ) 3. د. علي كمال : النفس : الطبعة الرابعة، ج1 :ص19 4. جيمس دينز : أزمة علم النفس المعاصر، ترجمة د. سيد احمد زيان : ص17 . 5. حسن حنفي : مقدمة في علم الاستغراب : ص366... نقلاً عن الإنسان ليس عقلاً ( مصدرٌ رقم1 ) .
#سجاد_الوزان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكون بين أزلية التفكير وإشكالية الوجود (niverse Between the
...
-
الشباب بين مشكلة العقل وخطأ التفكير ( Young people between t
...
-
النظرية العكسية ( Inverse Theory )
-
التطرف الإسلامي ( Radicalism Islamic) أسبابه وعلله
-
نظرية المعرفة عند العرب Epistemology when the Arabs
-
الهوية العربية ...بين أزمة البحث عن الذات، والثقافات الدخيلة
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|