أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجدي السماك - نباح














المزيد.....

نباح


مجدي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 12:42
المحور: الادب والفن
    


نباح
بقلم: مجدي السماك
الليل غزير..تملأ عتمته الدنيا ويلّف سواده الوجود. عبد الواحد في الظلمة يمشي وحده في هدوء. فجأة توقف..فك زر البنطلون. راح بمتعة وانسجام تام يصغي الى قرقرات بوله وهي تنساب وتسقط على كيس من البلاستيك. أغلق الزر.. ثم مشى.
الى مساحة بور أسلمته خطاه..توقف.. تماما توقف. صار بلذة ينصت إلى نباح قادم من جوف الليل. ابتسم..ضحك..ثم غرق في قهقهات..دمع ضاحك بدأ ينساب..ويسيل.إلى صفحة الأفق نظر..لا يعرف إن كان يكلم نفسه.. أم يخاطب الكلب النابح في الأفق القريب:كم هو سعيد ومحظوظ هذا الكلب! لا أحد يستطيع ان يفهم نباحه ويفسره..فبالتأكيد لا يخشى أي تأويل. هل هنالك على وجه الأرض عاقل واحد يستطيع أن يفسر نباحا مكونا من مقطع صوتي واحد يتكرر:هو هو هو. غليظة كانت أم رفيعة..طويلة أم قصيرة..فالأمر سواء.. كلها نغمة وحيدة هوهوهو..تقطع حدتها الصمت البليد.وتفش الخلق.
آه يا عبد الواحد..إنه الحل السحري الأكيد..ساقه القدر إليك..جاد به الليل على أمثالك الطيبين. من الآن فصاعدا لا حل أمامك سوى النباح..أنت محظوظ يا عبد الواحد..إنبح! إنبح يا راجل. عندما تصل الى الحارة..لا تنطق ولو بكلمة واحدة من فمك من زمن بعيد. فالنباح لا تعذيب فيه ولا ضرب ولا تنكيل.. طريقة مضمونة لتقول كل ما يطن في عقلك ويدور..لا تأويل لنباحك ولا تفسير.. جربها بملء فمك..بثقة تامة إنبح هوهوهو.انبح بإخلاص وضمير.
لكن ماذا يا عبد الواحد..لو إنك نبحت في وجه شخص من أهل الحارة..نباحا جادا رصينا ملتزما هوهوهو..ثم بإستهتار قال لك في برود أعصاب:لا يا رجل..أنا اختلف معك فيما تقول..لإنك بهذا تسخر من أشخاص مهمين ومرموقين؟ آه ثم آه ثم آه..من المؤكد سوف تفقع مرارتك ثم تموت على الفور يا عبدو في المكان.الناس ليسوا مهمين يا عبدو..ولا آرائهم تعنيك..المهم رأي وتفسير رجال الأمن والبوليس..قد يفسرون نباحك بما لا تعني ولا تشتهي. حينها ستصرخ يا ليتني كنت كلبا..أو نسيا منسيا. النباح يا عبد الواحد مسموح للكلاب فقط..أما الآدميون فعليهم التزام الصمت..الصمت الصريح الواضح المطلق يا عبد الواح.
هههههههههه.. يا الله يا عبد الواحد..ماذا دهاك..أين راح مخك الذي كنت تفتخر به أيام زمان وانت في ريعان شبابك..لهذا اتهموك بأك كنت تعاقر الخمر وتطارد النسوان وتقتنصها بمهارة نادرة.ما الذي دفعك إلى الإهتمام بأحوال الحارة والناس..وحثك على الإهتمام بنشرات الأخبار التي لا تقدم شيئا ولا تؤخر.طز فيك يا عبد الواحد..انت أكبر صفر عرفته الرياضيات والحساب.
اقترب عبد الواحد حتى صار على أطراف الحارة.. أخذ بصوت مسموع يتحدث إلى أعمدة النور والأشجار وحاويات القمامة.. يا سلام لو أن كل الناس يستبدلون الكلام بالنباح الحر الملتزم..مثل شيفرة موريس..من المؤكد ستنتهي المشاكل بين البشر..نباحك حصانك.
ضحك عبد الواحد.. بملء إرادته ضحك..حدق إلى ضحكاته وهي تندفق وتتغلغل في مسامات الظلمة وتنتشر. عندما وصل الى الحارة وصار في وسط أول ميدان.. وقف على حافة الرصيف أمام الناس الرائحين والغادين.. وبأقصى ما عنده من قدرة على النباح راح ينبح هوهوهوهو.
في لمح البصر التمت الناس حوله وتجمعت. ورجل الأمن الواقف على ناصية الشارع استنفر واستل هراوته وصار على أهبة الإستعداد.. ونادى عليه قائلا في غل: أنت تشتمنا يا ابن القحبة!
قلة من الناس قالوا: أكيد أصابه جنون..إمسكوه..أودعوه مستشفى المجانين.
قلة أخرى قالوا: إنه يكفر..عدو الله.. يظن عبد الواحد أننا لا نستطيع تفسير نباحه..والله إننا نفهم ما يريد قوله حتى لو كان نهيقا مجلجلا لحمار أجرب. يا ناس:إنه لا يختلف عن كفار قريش..يا عدو الله والدين والوطن.
نوفمبر 2013
[email protected]



#مجدي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمع ليس ثمنا للمقاومة
- حصة
- التابوت..قصة
- ليالي اغتصاب زينب
- سؤال في الليل..قصة قصيرة
- بدأت ليلة الزفاف
- البنطلون المبلول
- وجه شارد..قصة
- الجندية المجهولة
- وجبة كبيرة
- عيون تنظر الى تحت
- أيام الخميس .. قصة قصيرة
- قبر من لحم
- ربع ساعة اخرى
- لعبة عروسة وعريس
- رؤية خريفية
- مملكة فنان ميت .. قصة
- بائع العلكة الصغير
- آهات وعرانيس ..قصة قصيرة
- آهات وعرانيس .. قصة قصيرة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجدي السماك - نباح