|
مرارة القائمين على الأمور بالجزائر
إإدريس ولد القابلة
الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ الإعلان على حكومة عبد الإله بنكيران الثانية والتعرف على مؤهلاتهم العلمية ومسارهم التعليمي شعر الكثير من القائمين على الأمور بالجزائر بمرارة شديدة بسبب الدرجة العالية والرفيعة لهؤلاء الوزراء المغاربة. تسببت المؤهلات الأكاديمية العالية لأعضاء حكومة عبد الإله بنكيران في نسختها الثانية في بروز مرارة وسخط واضحا المعالم في مختلف دوائر صناع القرار بجمهورية الجزائر، هذا ما أعربت عنه بأمانة، الصحيفة الجزائرية الناطقة بلغة "موليير"، "ألجيري فوكيس" Algérie-Focus . وهذا أمر لم يفاجئ المغرب لأنه دأب على معاينة استمرار حكام الجزائر في محاولات، بكل وسائل وبأي ثمن، لتقويض جهود حل مشكلة الصحراء، علما أنها رغبة جزائرية "مستدامة" نابعة من كون القائمين على الأمور بالبلد الجار يرون في هذا التقويض آلية فعالة لتعطيل مسار التنمية البشرية في المغرب، وبالتالي استبعاده من زعامة المنطقة المغاربية – وهي عقدة الجزائر منذ حصولها على الاستقلال. وتسود اليوم قناعة مؤكدة ،مغاربيا ودوليا، بالدور المحوري للجزائر في نزاع الصحراء، وأن الجزائر توظف قضية الصحراء كورقة في الصراع الإقليمي مع المغرب، وهي في ذلك توظف جبهة البوليساريو كأرنب سباق في هذا الصراع. ففي مقال تحت عنوان : " الوزراء الجزائريين مقابل الوزراء المغربي، من هم أفضل تكوينا أكاديميا ؟" عكست النشرة الجزائرية الفرانكوفونية مرارة أعضاء الحكومة الجزائرية ، بخصوص التكوين العالي المرموق والمسار الأكاديمي لمعظم الوزراء المغاربة ضمن حكومة عبد الإله بنكيران في نسختها الثانية ، في حين أن أندادهم الجزائريين، في جزئهم الأكبر، أقل منهم تكوينا وحصولا على الشهادات العليا رفيعة المستوى. مما جاء في المقال : "في حين أن معظم الوزراء المغاربة ، المكونين لحكومة عبد الإله بنكيران الجديدة ، هم من خريجي أفضل المدارس والمعاهد في العالم ، في الجزائر ، واحد من وزرائنا فقط خريج إحدى أكبر المدارس الفرنسية " . ولم يخف الصحفي الجزائري، صاحب المقال، انزعاجه البيّن من الدرجة المرموقة لشواهد و الوزراء المغاربة مؤهلاتهم الرفيعة المستوى. يقول كاتب المقال إن وزير الداخلية المغربي، محمد حصاد ، خريج المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بباريس وحاصل على درجة مهندس من مدرسة "البوليتيكنيك" بباريس أيضا، ولا يمت بصلة بالشرطي من ذوي الرتب المتدنية، المتمرس من أقبية التعذيب، كما هو الحال في الجزائر . ويضيف مقال الجريدة الجزائرية الناطقة بالفرنسية ... وكذلك الأمر بالنسبة لوزير الاقتصاد والمالية المغربي ، محمد بوسعيد ، فهو أيضا ، خريج المدرسة الوطنية للقناطر و الطرق، علاوة على أنه مهندس في مجال الهندسة الصناعية و حصل على " ماجستير" في إدارة الأعمال في عام 2000 . وأيضا وزير التربية والتعليم ، رشيد بلمختار، خريج المدرسة الوطنية العليا للمهندسين الجويين بباريس وفي حوزته دبلوم المعهد الدولي للتسيير و التنمية (سويسرا). ويقف المقال مليا على أصغرعضو في حكومة بنكيران الثانية، مامون بوهدهود ، الذي عُيّن وزيرا منتدبا لدى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المكلف بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير المنظم، خريج المدرسة الوطنية العليا للمعادن بباريس والمدرسة التطبيقية (بوليتكنيك) تخصص المالية والمواد الأولية عام 2008. كما عمل عام 2007 بالشركة العامة بباريس مهندسا ماليا في مشتقات الأسهم. ومن 2008 إلى 2012، عمل مسؤولا عن الفريق التسويقي تخصص مواد أولية بـ "مورغان ستانلي" بلندن وسبق أن أعد دراسة لفائدة المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعنوان "الأمن الغذائي وعدم استقرار الأسواق". واعتبارا لهذه المؤهلات التعليمية العليا والتكوين رفيع المستوى التي يحظى به الوزراء المغاربة ، انتقدت ، الصحيفة الجزائرية، علنا وبأوضح الكلمات والعبارات انخفاض مستوى وزراء الجزائر مقارنة مع أندادهم بالمغرب . وفي هذا السياق جاء في المقال: "من بين 31 وزيرا في حكومة عبد المالك سلال الثانية ، وزير واحد من الجزائر مهندس، إنه حسين نسيب وزير الموارد المائية، وهو خريج مدرسة القناطر والطرقات بباريس، مهندس دولة في الأشغال العمومية"... وقد سبق له أن تقلّد مهندس دولة مكلف بمهمة بولاية الجزائر و مدير عام مؤسسة الهندسة الحضرية لمدينة الجزائر ورئيس مصلحة وسائل الانجاز بمديرية الصناعة و التجهيز ومدير العمران و البناء بولاية بشار ومدير الاستغلال و صيانة الطرقات بوزارة التجهيز ومدير الطرقات بوزارة الأشغال العمومية ثمّ أمينا عاما لهذه الوزارة. وأضاف المقال ... " الفرق بين الوزراء المغاربة والوزراء الجزائريين، بخصوص المؤهلات ومسارات التعليم والتكوين، يثبت بجلاء أن المغرب نجح في إنتاج نخبة أكاديمية ، في حين مازالت الجزائر تكابد من أجل تحقيق هذا الهدف ". وتخلص الصحيفة إلى التساؤل: " أليس من المستغرب أن ينجح المغرب في جذب المواهب للمساهمة في تنمية بلادهم بينما الجزائر لا تزال غير قادرة على القيام بذلك ؟ " . وهذه ليست المرارة الوحيدة للقائمين على الأمور بالجزائر، فهناك نازلة أخرى لا تقل مرارة. وذلك بسبب توسيع مصنع "رونو" في مدينة طنجة. ففي الوقت الذي يخطو فيه مشروع "رونو" في الجزائر بخطوات متأنية ، فضّل صانع السيارات الفرنسي اعتماد في حالة تأهب قصوى في المغرب. كتبت الصحيفة الجزائرية الناطقة بالفرنسية " إكسبربسيون" –التي تعكس المواقف الرسمية للسلطة - مقالا خصّت به تدشين الشطر الثاني أو الوحدة الثانية من معمل رونو في منطقة ملوسة بإقليم طنجة، حيث يرتقب أن ينتج 340 ألف سيارة سنويا، 90 في المائة منها مصدرة للخارج و10 للسوق الداخلية المغربية. ومما جاء فيه ... أن "رونو" "خانت وأخذلت" الجزائر "... " في غضون سنوات قليلة ، ضاعفت الشركة الفرنسية "رونو" استثماراتها في المملكة الشريفة ، في حين أرجأت مشاريعها في الجزائر . " أضاف المقال... " وقد وجدت شركة "رونو" كل الأعذار لتأجيل مشروعها في الجزائر و التركيز على مشاريعها بالمغرب ". ثمّ يتساءل ..." ولكن لماذا تطالب "رونو" المزيد من الامتيازات في الجزائر ؟" (...)على الرغم من التزامات مضمونة من قبل الحكومة الجزائرية ، ظل صانع السيارات الفرنسي متشككا في الأمر . وقد أضحت هذه المسألة بمثابة قضية خطيرة للدولة. علما أنه بفضل تدخل قصر "الإليزيه" قبلت "رونو" إنجاز وحدة تجميع السيارات بواد التليلات على بعد 27 كيلومتر جنوب شرق مدينة وهران الجزائرية، ولولا هذا التدخل لما رأت هذا المصنع النور بالجزائر" . ويخلص المقال بالقول: " الجزائر تحتضن وحدة تجميع سيارات "رونو" الفرنسية أصغر حجما من تلك التي أقامها الفرنسيون بالمملكة المغربية، وكان أولى أن توسع استثماراتها وتضاعفها بالجزائر بدلا من المغرب." ومن المعلوم – وهذا أمر لم يعد يخفى على أحد - أن وسائل الإعلام الجزائرية، المطبوعة ، السمعية والبصرية وشبكة الإنترنت يتم التحكم فيها عن طريق الوكالة الوطنية للنشر والإعلان (ANEP) المرتبط بمركز الاتصالات والنشر (CCD)، وتعتبر هذا الأخير شعبة من شعب الشرطة السياسية بالجزائر (DRS ) . ولذلك، فإن وسائل الإعلام الجزائرية تبث فقط مواقف السلطات الجزائرية. وهكذا، فإن مضمون مقال صحيفة "إكسبريسيون" – المعروفة بولائها للقائمين على الأمور بالجزائر- يُمكن أن ينظر إليه باعتباره رسالة تهديد من طرف السلطات الجزائرية إلى "رونو". وقد صرح مؤخرا لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي أن المغرب "سينتج محرك سيارة لأول مرة بحلول العام 2017". وذلك على خلفية ختام أعمال المؤتمر الوزاري الأول لوزراء البحث العلمي بدول مجموعة "5+5. وأضاف الوزير أن بلاده تهدف إلى رفع صادراتها من السيارات من 50 ألف سيارة منخفضة التكلفة في العام حاليا إلى 400 ألف سيارة في العام 2017 (وهي سيارت يتم استيرادها كقطع غيار من الخارج وتجميعها)، متوقعا الشروع في إنتاج محركات سيارات بالمغرب محلية الصنع في العام نفسه. وفي وقت سابق من العام الجاري، أعلنت الحكومة المغربية، عن إجرائها مشاورات مع شركات رائدة عالميا في مجال صناعة السيارات لإقامة مصانع لها بالمغرب، دون أن تكشف عن أسماء هذه الشركات. وكان المرصد المغربي للصناعة، التابع لوزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، أفاد في نشرة إحصائية ، بأن قطاع صناعة السيارات المغربي حقق، خلال النصف الأول من العام الجاري، رقم معاملات يناهز 16 مليار درهم، وهو ما يعادل زيادة بنسبة 18 في المائة عن النصف الأول من العام 2012. وقد سهم القطاع في خلق أزيد من 70 ألف منصب شغل، وأن المغرب يتوفر على استراتيجية للتكوين في هذا مجال صناعة السيارات، إذ أحدث أربعة معاهد مخصصة للتكوين في صناعة السيارات، كما عمل، ضمن الاستجابة لتطلعات صانعي التجهيزات، على تطوير عدد من الحرف المتصلة بصناعة السيارات وبالمناولة. وتشارك ثلاثة عشر شركات مغربية في الطبعة 21 من المعرض الدولي للسيارات في باريس . وهذا بهدف تعزيز صناعة السيارات المغربية والدولية وتسليط الضوء على الفرص التي يقدمها قطاع صناعة السيارات الذي أضحى أحد مقاليد السياسة الصناعية بالمملكة . وفي جعبة قطاع صناعة السيارات بالمغرب أكثر من 50 عاما ، في نطاق التنافسية القوية وتكلفة الموارد البشرية المختصة و المؤهلة. وتتوفر بلادنا على بنية تحتية صناعية ولوجستية تتفق مع المعايير الدولية ومنظومة جبائية مواتية لأنشطة التصدير.
#إإدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزائر تمتلك الأسلحة الكيماوية: هل هو سرّ انكشف أمره ة لا م
...
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|