أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الكريم بدرخان - هل كان الماغوط معارضاً للنظام؟















المزيد.....

هل كان الماغوط معارضاً للنظام؟


عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 21:31
المحور: الادب والفن
    


لم أقرأ دراسة عن الشاعر محمد الماغوط إلا وكانت افتتاحيّتُها تتحدث عن قصّة لقائه مع أدونيس وتقديمه أمام مجلة "شِـعر". حيث قرأ أدونيس قصائد للماغوط دون ذكر اسم الشاعر، ثم سأل الحاضرين: من تتوقعون أن يكون كاتب هذه القصائد؟، فجاءت الإجابات على ذكر الشاعرين الفرنسيين: بودلير و رامبو. ودائماً ما تستخدم هذه القصة للدلالة على عبقرية الماغوط ونبوغه، لكن ربما فات الكثيرين من القراء والنقّاد أن لهذه القصة دلالات أخرى، منها أن الماغوط كان يقرأ لهذين الشاعرين كثيراً ويقلّدُهما. والدلالة الثانية والأهمّ هي أن شعر الماغوط يوحي للمتلقي بأنه شعر أجنبي مترجم إلى اللغة العربية، أي أنه يفتقر إلى روح اللغة العربية وبلاغتها وشاعريّتها.
لن أقدّم دراسة نقدية عن شعر الماغوط في هذه العُجالة، بل سوف أركّز على مواقفه السياسية التي تجلّت في مسيرة حياته وكتاباته، باعتباره شاعراً يصنّفُ في قائمة المعارضين لنظام حافظ الأسد وابنه بشار الأسد.

الماغوط في السجن:
--------------------
انتسب محمد الماغوط إلى الحزب القومي السوري دون أن يقرأ أو يعرف شيئاً عنه، فقد كان في مدينة السلمية – مسقط رأسه- مقرّان حزبيّان، الأول للحزب القومي السوري وفيه مدفأة، والثاني لحزب البعث وليس فيه مدفأة. وقد اختار الماغوط الانتساب إلى الحزب القومي السوري لكي يتدفّـأ فقط، ولو كانت المدفأة في مقرّ حزب البعث لكان الماغوط شاعراً بعثياً.
اتُّهم الحزبُ القومي السوري باغتيال العقيد عدنان المالكي عام 1955، ولُوحقَ جميعُ المنتسبين إليه ووضعوا في السجون. وكان الماغوط واحداً من المسجونين بسبب انتمائهم لهذا الحزب، أي أن سجنه لم يكن بسبب اعتناقه لفكر حزبي معارض، ولم يكن بسبب موقف سياسي معارض، ولم يكن بسبب كتاباته المعارضة للسلطة. كان اعتقالاً عشوائياً ظالماً، استفاد منه الماغوط في بناء شخصيّته المستقبلية، شخصية الشاعر المعارض المُضطَهَد من الاستبداد العربي، الشاعر البسيط والفقير والبائس والمتواضع. وهي شخصية مكّنته من احتلال قلوبِ الكثيرين، باعتبارها نموذجاً مختلفاً عن شخصية الشاعر العربي الموروثة، أي شخصية الشاعر الفارس المُتكبِّر والمغرور بنفسه وشِعره وثقافته.
بقي أن أشير إلى أن شخصية محمد الماغوط الشعرية، ببساطتها وفطرتها واضطهادها، شبيهةٌ جداً بشخصية "غوّار الطوشة" الدرامية التي مثّلها دريد لحام، وكسبتْ قلوب الملايين أيضاً.

سيرته المهنية:
---------------
كان محمد الماغوط من مؤسسي صحيفة تشرين الحكومية السورية في السبعينات، وعمل فيها لسنواتٍ طويلة، وكانت له زاويةٌ ثابتةٌ فيها إلى يوم وفاته. كما عملَ رئيساً لتحرير "مجلة الشرطة" الحكومية السورية.
وعمل الماغوط في المسرح القومي بالتعاون والشراكة مع دريد لحام لسنواتٍ طويلة، أنتجا خلالها الكثير من المسرحيات الناجحة والشهيرة، والتي سنأتي على ذكرها لاحقاً.
بقي أن نشير إلى أن الماغوط كان متزوّجاً من الشاعرة السورية "سنية صالح"، والتي يُتّهم الماغوط بأنه اضطهدها وقضى على شاعريّتها بعد زواجهما، علماً أن الكثيرين يرون بأن سنية صالح كانت شاعرةً أهمَّ من الماغوط. وعندما مرضت الشاعرة سنية مرضَ الموت، خضعتْ للعلاج لمدة عشرة أشهر في أحد مشافي باريس على حساب القصر الجمهوري، إلى أن توفيت عام 1985.

مسرحيّات محمد الماغوط:
---------------------------
يعتبر الماغوط رائداً من روّاد المسرح السوري، وقد كتبَ مع دريد لحام عدّة مسرحيات هامة وناجحة، ما زلنا نشاهدها إلى اليوم ونستمتع بها. لكننا إذ نتتبّع الموقف السياسي في مسرحيات الماغوط- لحّام؛ نلاحظ بعض النقاط:
- مسرحية غربة: وفيها يعالج الماغوط ولحّام سوء الأوضاع السياسية في ظلّ الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا بعد الاستقلال، وسوء الأوضاع المعيشية في فترة الإقطاع. ويكون خلاص الوطن والمواطن مع وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963، والذي يُسمّيه البعثيون "ثورة الثامن من آذار". ويتجلّى هذا الخلاص في المسرحية عن طريق تطبيق قانون الإصلاح الزراعي، ووصول الجرّار إلى ضيعة غربة.
- مسرحيّة تشرين: وفيها يتحدث الماغوط ولحام عن حرب تشرين التحريرية عام 1973، التي قادها الرئيس حافظ الأسد، ويمجّدان "النصر العظيم" الذي حققه "القائد المفدّى".
- مسرحية كاسك يا وطن: وفيها يظهَرُ تخاذلُ الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية، ولا سيّما "مصر السادات" التي وقّعت اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل، وتركت سوريا "قلب العروبة النابض" تواجه الصهيونية والاستعمار لوحدها. أي تماهياً مع المقولة التي كان وما زال يردّدها نظام الأسد، قائلاً أنه النظام العربي الوحيد "الممانع" و"المقاوم" لاسرائيل، وهذا هو سبب شرعيّته وبقائه في الحكم.
- مسرحية: قيام- جلوس- سكوت: والتي اشتغلها الماغوط مع الفنان "زهير عبد الكريم" بعد اتهام نظام بشار الأسد باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. فقد قال عنها الكاتب "ياسين الحاج صالح" قائلا: [ قيام... هي تحميل هجاء عدائي ومسفّ للبنان ما بعد 14 شباط، على "تلطيش" أوضاع داخلية سورية من النوع المألوف في مسرحيات دريد لحام التي كتبها محمد الماغوط. فكما صُودر العلمُ والنشيدُ لمصلحة عرضٍ مسرحي منحاز، صُودرَ أيضاً برنامج التلطيش الماغوطي لمصلحة انحيازات سياسية وإيديولوجية ظرفية].
وقد تضمنت المسرحية هجوماً سياسياً غير أخلاقي على الزعماء اللبنانيين الذين طالبوا بخروج الجيش السوري من لبنان، هجوماً وصلَ إلى حدّ الشتائم والتشهير و"التشبيح".

محمد الماغوط معارضاً:
-------------------------
هنالك من يعتبر أن كل شاعر هو بالضرورة معارض، باعتباره معارضاً للظلم والاستبداد والفساد والفقر وقمع الحريات، لكن ما يعنينا هو نوع معارضة الماغوط السياسية لنظام الحكم، وليس مواقفه العامة من قضايا العدل والمساواة والحريات، فحتى أكثر الأنظمة استبداداً وإجراماً نراها تدعو إلى قيم الحق والخير والجمال والعدالة وحقوق الإنسان.
إن كل نظام قمعي استبدادي مثل نظام الأسد، يشكّل معارضةً أدبية وفنية تعمل لخدمته، وتحت سقفه. مهمةُ هذه المعارضة هي الإيحاء للشعب بأن هنالك حيّزاً ومتنفّساً للديمقراطية وانتقاد النظام، وإيهام المواطنين بأنهم ينتقدون السلطة ويشيرون إلى بؤر الفساد فيها. لكن هذه المعارضة محصورةٌ بأشخاصٍ تثق بهم السلطة الحاكمة، وتوظّفهم لهذه المهمة، ولو أن بعضهم يقوم بها عفوياً ودون قصد وتخطيط، وهنا أعتقد أن معارضة الماغوط – تحت سقف النظام- معارضةٌ عفوية كطبيعته، أما معارضة شريكه دريد لحام كانت معارضةً مسيّرةً من أجهزة المخابرات نفسها.
إن الدور الذي لعبه الماغوط ولحام بتقديم النظام على أنه نظام يقبل بالمعارضة والانتقاد؛ استمرّ بعدهما وإلى اليوم. حيث لعب الفنان "ياسر العظمة" هذا الدور في حلقات مسلسله الشهير [مرايـا]، وتحت رقابة وإشراف ومباركة الأجهزة الأمنية. كما ظهر هذا الدور في مسلسل [بقعة ضوء] الانتقادي الاجتماعي وأيضاً تحت عيون وأصابع المخابرات. كما قام المسرح التجاري السوري الذي برز فيه الفنان "همام حوت" بالسير على خُطا الماغوط ولحام بانتقاد النظام تحسيناً لصورته.
بقي أن نشير إلى أن انطلاق الثورة السورية في آذار 2011؛ كشف حقيقة "معارضة" دريد لحام للنظام، كما كشف حقيقة "معارضة" نجوم مسلسل [بقعة ضوء]، وكذلك "همام حوت" الذي انشقّ عن النظام بعد تأييده ودعمه له لمدة عامين من عُمر الثورة السورية.

عود على بدء:
---------------
* هل كان محمد الماغوط معارضاً لنظام الأسد؟ الجواب: لا، وهذا الشيء لا يُعيبه، ولا يقلّل من أهميته كشاعر كبير ومسرحي مبدع، فالمعارض الحقيقي في سوريا مصيرُه السجن أو القبر، ولا يمكننا أن نطلب من أي إنسان أن يختار هذا المصير.
* هل كان الماغوط قومياً سورياً؟ الجواب: لا طبعاً، فلا داعيَ لأنْ ينسبه القوميون السوريون إليهم ويفتخروا به، إلا بوصفه شاعراً عربياً سورياً.
* لا يمكنُ اعتبارُ كلّ من يطالب بالعدالة والمساواة ورفع الظلم والقهر عن الإنسان بأنه معارض سياسي، فحتى الأحزاب القمعية والفاشستية تدعي هذه القيم أيضاً.



#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل العنف ظاهرة دينية؟
- النظام الوراثي.. من الدين إلى السياسة
- الصراع السنّي- الشيعي بديلاً عن العربي- الإسرائيلي
- (الدولة العلوية) ورقة الأسد الأخيرة
- قصيدة الأرض
- موت المؤلف والصحف العربية
- التحوّل الديمقراطي ومشكلة الأقليّات
- الدولة المدنية في الإسلام
- الإسلام السياسي والمأزق الفكري
- الشباب العربي وقتل الآباء
- قراءة في تاريخ الموت المقدس


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الكريم بدرخان - هل كان الماغوط معارضاً للنظام؟