أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.















المزيد.....


نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 17:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ماهية العقل والفكر(3).
هذه التأملات الفكرية تأتى تأسيساً لفهم الحياة والوجود فلكى ندرك ماهية الوجود سعياً لإيجاد مفاهيم صحيحة عنه بديلاً عن مفاهيم شائعة مغلوطة متعسفة توطنت وإستبدت فيلزم بداية أن نُدرك انفسنا وآلية تفكيرنا وماهية الأفكار وآفاقها وكيف تتخلق فى ذاتنا , فمعرفتنا للوجود يأتى من إستقبالنا لهذا الوجود برؤيتنا لننتج أفكارنا ,لذا فمن الأهمية بمكان إدراك العقل والفكر وآلية الدماغ فهى الوسيلة الوحيدة حصراُ للتعاطى مع الوجود والحياة .

-الفلسفة هى حب الحكمة و يراها البسطاء سفسطة لعجزهم عن الغوص في أغوارها , وأراها محاولة إنسانية لإيجاد معنى لوجود بلا معنى .

-عندما نحاول البحث فى الوجود فهذا يعنى البحث عن رؤية الإنسان وإحساسه وإنطباعاته وإنفعالاته فهو الكائن الوحيد الذى يستقبل الوجود بوعى ليسقط عليه رؤيته وأحكامه وتقييماته لذا يكون فهمنا للوجود هو البحث فى أبعاد الإنسان النفسية وآفاق ومحددات تفكيره ومدارات وآليات الدماغ التى تتحرك حصراً لإيفاء حاجاته الجسدية والنفسية بإنتاجها للأفكار كوسيلة .

- الإنسان حاول أن يصيغ الحياة من خلال نظريات وقوانين تترجم الواقع لصورة فكرية مجردة لذا تكون النظريات والقوانين زاوية رؤيتنا ورصدنا وتقييمنا وملاحظاتنا للأشياء لنصيغها فى علاقات .ولكن أصحاب الفكر المثالى الميتافيزيقى قلبوا الآية فحولوا الصورة الفكرية إلى وجود فاعل ومؤثر ومستقل . ومن هنا توطنت الأوهام والخرافات من وضع العربة أمام الحصان .

- يقول الكندى أن العقل جوهر بسيط مُدرك للأشياء بحقائقها وهذا خطأ , فالعقل مدرك للأشياء بوجودها وليس بحقائقها فهو يدرك الأشياء الموجودة كما يتصورها لتسقط فى ذهنه مصحوبة بإنطباعاته فوضع قضيب فى كأس ماء لنرى إنكساره لا يعنى أن القضيب مُنكسر .

- لا يوجد شئ إسمه فكرة حقيقية ذات يقين فى عالم يعيش على النسبية وصيرورة وحتمية التغير والتطور .فمن المستحيل الوصول لمفهوم فكرة الحقيقة المطلقة لأن هذا يلزم الرصد والبحث فى كل مشاهد الوجود لتكوين صورة واحدة مشتركة ,كما يلزم توقف الزمن والمكان عن إنتاج الصور ففى كل لحظة زمنية يُنتج مشهد مغاير عن مشهد وجودى آخر.

- معالجة العقل للأمور حتى ولو كانت حسب معطيات مادية ليس أداة دقيقة وحاسمة لنقول عنها حقيقة بدليل رؤية الإنسان القديم للأرض أنها مسطحة وليست كروية وكان إستنتاج العقل حينها له ما يبرره فهو يمشى على ارض مسطحة غير منحنية ولا تدور ومن هنا لا نستطيع الجزم برؤيتنا الفكرية للوجود ,وبالحرى يكون من السخف التعاطى مع الخرافة والميتافزيقا .

- كل ماهو عقلى هو واقعى بغض النظر عن كونه حقيقة أم خيال فهو نتاج واقع مادى ولكن ليس كل منتج عقلى هو موجود بالضرورة ,فالحصان المجنح والتنين الحارق والآلهة هى منتجات عقلية من تجميع صور متواجدة تم لصقها لتنتج فكرة .

- الفكر هو حركة الواقع وقد إنتقل لذهن الإنسان فلو لم يكن هناك حركة للواقع المادى ما كان هناك فكر ولا حياة , لذا من الخطأ تصور أن الفكرة هى التى أبدعت الواقع فهذا هو الهذيان بعينه , فالفكرة نتاج حركة الواقع مُصاغة فى منتج فكرى نبدل من مشاهده ونعيد ترتيبه فقط ,لتتجادل الفكرة بعد ذلك مع الواقع .

- يستحيل أن نجد تفكير بلا غاية حتى لو لم تتبين ملامح الغاية أو ضلت طريقها لوعينا أو تعقدت دروب الوصول لها ,فنحن لا نفكر إلا للوصول لغاية ولا تتحرك أى فكرة أو مشاعر إلا لغاية. نحن كالقطط التى تتشمم الأشياء قبل أن تأكلها فمتى وجدتها جامدة إنصرفت عنها.

- الإنسان خلق فى الأشياء غايات سواء أكانت مادية أو روحية لتفى إحتياجاته ثم إنفصل عن الأشياء ليصبح بعدها أسير فكرته التى كونها عن الأشياء .الإنسان خلق الأفكار كتعبيرات عن إدراكه ووعيه وحاجته للطبيعة ,فالفكرة لن تنشأ إلا من صور مادية لنرتبها كما نُدرك لتخدم حاجة نفسية وجودية سواء مادية أو معنوية تتمثل فى الأمان والسلام .. قد نرتب الصور بصورة مترابطة ووفق نسق معتاد فنسميها أفكار منطقية ,وقد نلصقها بشكل خيالى تجريدى سيريالى فتنتج فكرة خيالية لتفى حاجة نفسية مثل إبداعنا لكيانات كتوم وجيرى والملائكة والجن والآلهة .

- الفكر هو إيجاد علاقات بين الأشياء و نمارس هذه العملية حصرا بآلية الدماغ وإن كنا لا ندركها بشكل واعى صارم من كثرة العمليات التى نتعامل بها .. ومن هنا ليست العلاقات التى نتعامل بها ذات حقيقة فهى رؤيتنا وإنطباعاتنا وتجاربنا الحسية لذا نستطيع أن ننتج المقدس فهى إنطباعات وعلاقة الإنسان مع الوجود بزاوية رؤية ذاتية .

- ألا تلاحظ شيئا يا عزيزى ..انك تقرأ كتاباتى فلا تمر على كل كلمة لتتهجاها فماذا يعنى هذا ؟!- يعنى أن الدماغ عندما قرأ الكلمة لأول مرة تهجاها ثم اصبحت الكلمة رسمه فى الدماغ فعندما تقرأ يتم إستدعاء الرسمة أو الصورة الموجود للكلمة بل يمكن أن تجد رسم الكلمة مرسومة مخزنه فى الدماغ بعدة صور مختلفة كأن تكون مكتوب بالنسخ أو الرقعة أو كتابة عادية .. أنت ستتهجى عندما تمر عليك الكلمة لأول مرة فقط مثل كلمة" استرفوجع" ليكون الهجاء بمثابة التصوير الأول للكلمة وليتم تخزينها .. هذه الملاحظة ليست هينة أبدا فمنها نستطيع أن ندرك كيف تتكون الافكار من الصور .

- نحن نكون معلوماتنا من خلال معطيات تقدمها الحواس الخمس لتدخل فى الدماغ كصور لتتم ببعض المعالجات الذهنية التى تسمح بكل آفاق التعامل معها وفق رؤية ومنهج نفعي صارم يتحرك فى دوائر الألم واللذة حصراً لتتحدد إنطباعات وأحاسيس بناء على ما يجلبه المشهد ومن هنا تتكون رؤيتنا للجمال والحق والخير والشر .

- الإنسان لا يفكر إلا تحت ضغط الحاجة ..والعقل لا يفكر إلا لتلبية إحتياجات مشاعره وأحاسيسه فقط ,فلا توجد فكرة بدون إحساس يسبقها ويطلبها , والعقل لا ينتج الأفكار عشوائياً من ذاته فيكون إنتاجه للفكرة تحت وطأة تلبية حاجة مشاعره وأحاسيسه وإنفعالاته .

- الحياة مجموعة هائلة من الإنطباعات فنحن نخزن كل مشهد وصورة بإنطباع يكون موقفنا وتقييمنا للمشهد الوجودى يؤطره الحاجة والإشباع والأمان ويتحدد الإنطباع والإحساس وفق قطبى اللذة والألم حصراً ليتم إختزان الصور والإنطباعات فى أرشيف الدماغ لنستدعيها عند الحاجة

- الفكرة لن تجد لها حضور فى الدماغ إلا بوجود مجموعة هائلة من الإنطباعات والأحاسيس المتشابكة تضافرت لإنتاجها لتسقط الإنطباعات على الصور منتجة مفردات الفكرة , وتكون الفكرة منطقية عندما ترصد الواقع المادى الموضوعى كما هو لتسقط عليها انطباعاتها , بينما تكون الفكرة غير منطقية عندما يتم لصق صور بشكل فنتازى تحت إلحاح إنطباعات معينة لتنتج فكرة خيالية خرافية .

- أى معرفة تكون محكومة بصور وبزاوية رؤية ليواكبها إحساس وحالة شعورية نفسية فنحن لسنا كاميرا تصوير تلتقط الصور كما هى بل نضيف للصور أبعاد وألوان من داخلنا .

- أفكارنا وسلوكنا وتصرفاتنا نتاج أحاسيس ومشاعر تدفع العقل وتحثه أن ينتج معالجات فكرية .وما الفكر إلا صياغة وضعية تخدم إحساس ,فوظيفة العقل تسويق المنطق الذى يمرر فكرة تلبى حاجات نفسية حتى لو جاءت متعسفة وفق معايير منطقية أخرى .

- دماغ الإنسان يركن للأفكار الأكثر تكراراً لأنها لا تستهلك طاقة كبيرة لإسترجاعها بعكس الأفكار الجديدة التي تحتاج إلى طاقة لحفظها وتثبيتها لذا نجد صعوبة فى مراجعة الأفكار القديمة المخزونه مع أفكار مستحدثه...لا يكون قولنا هذا من زاوية رؤية فكرية بل بحث علمى أثبت أن أدمغه الأطفال مثلا تتقبل أى أفكار مهما كانت غير منطقية في بداية حياتهم ليصبح لها وجود من كثرة التكرار والترديد الدائم ليردد الطفل ما يلقى إليه ويثبته لذا تحرص المؤسسات الدينية على غرس الأفكار الدينية فى الطفولة ليفسر هذا إستمرار الإنسان فى تبنى الخرافة ولن نجد هذا الأمر بعيداً عن الكبار فهم يتبعون نفس النهج فى توطين الأفكار .

- الأفكار المنظمة أو الخيالية على السواء منتجات من تأثير الواقع المادى فلن تجد أى فكرة إلا وتكون مفرداتها وكل محتواها من صور مادية سقطت على الدماغ ,فحتى الأفكار الخيالية الفنتازية أوالميتافزيقية ستجد مكوناتها من صور مادية تم لصقها بشكل تخيلى ومن هنا إستطعنا أن نرسم صور وأفكار خيالية متوهمة تخرج من مكونات مادية موجودة فى الطبيعة حصراً , فلن تجد إستثناء لأى صورة منظمة أو خيالية لا تحتوى مكوناتها على الصور المادية فهكذا الوجود وهكذا الدماغ صاحب التكوين المادى المتعامل حصراً مع المادة ً.

لو نظرنا إلى بعض الاشياء المتوهمة كالملاك أو الشيطان أو الإله فهى منتجات خيالية خطوطها وملامحها ذات صور مادية مبعثرة ,فالملاك بهيئة إنسان له جناحان وتأتى فكرة لصق الأجنحة فى جانبيه لتمنحه القدرة على الطيران كالطيور لتسهل من مهمته فى تنفيذ الأوامر الإلهية .والشيطان سيكون بحوافر وأنياب ومخالب لأنه قمئ , والإله سنصوره بملك عظيم يجلس على عرش يحمله ثمانية من الملائكة الأشداء مقتبسين الصورة من ملوك عصرنا .

- الإشكالية أن الإنسان بعد أن خلق الفكرة والصورة التى أوفت حاجاته فصلها عنها ليخلق لها وجود مستقل متوهماً أنها ذات كينونة بالرغم أنه منتجها وتأتى هذه السقطة الخادعة لأن هناك رغبات ومصالح طلبت إنفصالها فهناك من يقف عند بداية الممر يرى أن تمرير الفكرة وإنفصالها وإستقلالها ليخلق لها وجود ستدر عليه مغانم لذا عندما تريد إدراك لماذا تتواجد فكرة عليك أن تبحث فيمن يقف ورائها يؤججها ويفرضها .

- الماديون بشر خياليون أيضاً , فالخيال متعة وروعة الإنسان فى وجوده لذا يمكن للماديين أن يبدعوا أيضا خيالاً ولكنهم يدركون جيدا انهم يغزلون خيال بلصق صور من الحياة بطريقة فنية فلا يخرج الخيال عن رؤية فنية , لذا هم يختلفون عن أصحاب الفكر المثالى الذين جعلوا الخيال يتحرك فى عالمهم المادى ويكون له الفعل والتأثير لينفصل الخيال عن الدماغ ويصبح وجود متوهم فاعل ..الفكر المادى يشاهد الوجود كما هو عليه وعندما يختلق خيال يدرك انه فنتازيا الدماغ بينما المؤمنون يضيفون على الواقع المادى خيال ليس منه ليجعلوه يتحرك يقاسمهم الحياة.

- لا ننتج أفكار وعلاقات وقوانين ومنطق بدون الوجود المادى فلا وجود لمنطق أو تفكير بدون محتوى مادى نسقط عليه رؤيتنا وإنطباعاتنا وإحساسنا ورصدنا , فالأفكار هى رصد ومراقبة وتكوين إنطباع عن حركة المادة ..لا نستطيع أن نفكر أو نضع قوانين منطقية من غير وجود مادي نأخذ منه منطقنا وأفكارنا ونعكسها عليه ونحسبها به.
المنطق والتفكير رصدنا وتصورنا لحركة المادة وتغيرها وحسابها فلا وجود لمنطق ولا تفكير فى ذاته ، إنما توجد خصائص مادة نرصدها ,لذا فوعينا و إحساسنا بهذا الوجود المادي نطلق عليها فكر ومنطق .

- المعرفة والأفكار هى الإحساس بالأشياء المادية وتكوين إنطباع ذاتى عنها .. لذا تكون معرفة الحياة هى إنطباعات عن الأشياء وتنتقل الأفكار والمعرفة إما عبر التداول كالكتب مثلاً التى تمثل تراكمات معرفية كثيفة لإنطباعات البعض عن الأشياء لنسلم بها لذا قد يشترك الكثيرين فى معرفة برؤيتهم الذاتية مثال الأرض مسطحة والشمس قرص فالمعرفة ليست حقيقة فهى مُدركة بالنسبة للحظتها فلا يوجد شئ مطلق ولا مقدس . فالمطلق والمقدس إنطباع البعض ومعرفتهم الخاصة فى النهاية لذا يلزم مراجعة معارفنا وأفكارنا دوماً فقد نجد أنها مازالت متوافقة وصحيحة أو نكتشف علاقات جديدة .

- دوما يأتى المشهد الوجودى قبل الوعى به والوعى يتشكل من الإحساس والتأثر بالمشهد الوجودى وعلاقته بالألم واللذة ليتكون إنطباع ومن الإنطباع تتحرك آليات الدماغ للتعامل معه

- الإنسان لا يفكر إلا من خلال موضوع الألم واللذة فعندما مسك النار وتألم تحركت آليات الدماغ لتبحث وتراقب وتلاحظ وتجرب ليتوصل إلى إبداع فكرة مقابض خشبية لتفادى الألم فلو لم يوجد ألم من النار ما تحرك الذهن للتعاطى ..نحن لا نصنع مقابض للأشياء الغير مؤلمة .

- الخلاف والإختلاف فى الأفكار والرؤى هو إنعكاس لخلاف وصراع إرادات ومصالح وغايات ورؤية أحادية تبغى مصالحها ومنافعها , فليس الإختلاف الفكرى منتدى وصالونا أدبيا كما نتوهم فهو يخفى فى العمق رؤى ومصلحة وإرادة وغاية حتى لو تاهت عن عيوننا .

- لن نفكر بدون ألم ولن تنطلق آليات الدماغ لتنتج أفكار بدون وجود ألم محسوس ومُدرك يبحث العقل له عن أى وسيلة لتجاوزه وفق ما يمتلكه من معطيات فنحن لن يعنينا إنهيار نجم فى السماء ولكن سيعنينا إنهيار بيتنا .. يكون تعاطى العقل مع الألم إما بتجاوزه بفكرة مكوناتها من واقعه المادى الموضوعى أو يتجاوزه بفكرة خيالية تقوم بدور تخديرى .
الإنسان يعنيه تجاوز الألم بأى فكرة كانت ,ليبقى الفرق بين الفكرة التى تستند على الوعى بالوجود المادى كمكون وحيد للألم والتعاطى معه أفضل من الإتكاء على فكرة خيالية أنتجها الدماغ ,ففى الأولى لن يتكرر ذات الألم لأننا عالجناه بفهم محدداته والثانية سيتكرر الألم بلا توقف لأننا عالجناه بحالة تخديرية .

- يكون منهجنا الحياتى منذ الإنسان البدئى وحتى الأن هو كيفية أن نحظى على اللذة وكيفية تجنب الألم .ولا تكون هناك وظيفة للدماغ غير ذلك ..فهى لا تنتج أفكار وإبداعات إلا لتلبية هذا المطلب الوحيد والمكلفة به حصراً .فمهما تعقدت وسائل الحياة لن تخرج وظيفة الدماغ عن تلبية هذا المطلب الوحيد .
الله فكرة أنتجها العقل البدئى نتيجة عجزه المعرفى فى تلبية رغباته وأحاسيسه فى الحصول على أكبر قدر من اللذة وتجنب الألم .

- الأفكار دوما تعبير عنا ولسنا تعبيرا عنها .. تنشأ لخبطتنا وأوهامنا وخرافاتنا أننا جعلنا أنفسنا تعبير عن الأفكار وتغافلنا أننا من ننتج الأفكار لتعبر عنا , لذا فمصيبة وقوعنا فى مستنقع الركود والتخلف أننا جعلنا أنفسنا تعبير عن الأفكار وتقديم التبريرات لها ونسينا أننا من أنتجناها لتُعبر عن أنفسنا .!

- أى فكرة فى ذهن الإنسان سواء بسيطة أو معقدة كل مكوناتها صور مادية ويستحيل أن تتواجد أى فكرة بدون صور ومشاهد مادية .فنشأة فكرة الإله جاءت من صور بدئية لتكوينات صور مادية لذا فمن يروجون لفكرة الإله ككيان لا مادى مفارق لم يستطيعوا ان يخلصوا الفكرة من الكثير من الصور المادية ... أى شئ من غير صور مادية يستحيل أن يجد له حضور مع شفرة الدماغ وسينفى وجوده بالضرورة .

- المؤمنون يغفلون أو يتغافلون عند تعاملهم مع فكرة الله أن الدماغ يتعامل مع المادة والوجود المادى أى يستحيل أن يكون أفكار خارج سياق الوجود المادى فشفرة الدماغ يستحيل لها أن تتعاطى مع مفردات ليست مادية ومن هنا تكون فكرة الإله فكرة جاءت من مدلولات مادية لنجد هذا حاضراً فى كل المعتقدات والأساطير فهو يمشى ويتكلم ويغضب ويخطط ,لتأتى سفسطة اللاهوتيون ويسقطون علينا كلمات بلا معنى بأن الإله غير مادى . فهكذا هى الفكرة وهكذا بشريتها وهكذا لا تستطيع أن تخرج عن هذا الإطار وإلا قوضت نفسها .

- الإنسان خالق الأفكار والفكرة هى العلاقة الجدلية بين المادة والإنسان فلا وجود لفكرة إلا وتستمد معطياتها ومحدداتها وآفاقها من العلاقة مع المادة حصراً ,ومن هنا ندرك أن فكرة الآلهة ماهى إلا فكرة خيالية مكوناتها مادية تكونت فى مخيلة الإنسان من خلال إستعارته لمفردات مادية فى واقعه ليلصقها بطريقة خاصة ويجعل منها وجود يعينه على تجاوز إشكاليات نفسية وذهنية عميقة...لا وجود غير الوجود المادى ولا فكرة تتكون خارج سياق الوجود المادى بكل مفرداته وملامحه

- نحن نخلق الأفكار والمنطق للتعاطى مع الوجود والحياة بغض النظر أن يكون منطقنا سليماً أو خاطئاً فهو ليس منطق الوجود والحياة ,فالوجود أصلاً بلا منطق ولا فكرة ولا غاية .. قد يرى البعض أن نفينا للمنطق كمطلق يتنافى مع رغبتنا فى الإتكاء عليه كمصدر للحكم العقلى لنقول أن المنطق هو إتفاقنا على ترتيبات فكرية معينة جاءت من مراقبتنا للوجود والحياة ومنحها إنطباعات , لذا نحن نلتزم بما إتفقنا عليه كترتيبات وكل من يريد إختراق منطقنا فعليه أن يقدم ترتيبات ذهنية جديدة.

- يقول قائل أن الجواهر موجودة ولكنها لا تغزل عقداً قبل أن يأتى أحد بفكرة العقد .. قول خاطئ وإن بدا إعتيادياً ليرمى إلى غايات وأفكار يراد لها أن تتأكد ولكننا نقول بأنك لن تصنع عقدا من جواهر بلا خيط و لا جواهر فهذه جدلية الأشياء وترابطها فلن تتخلق فى ذهنك فكرة العقد بدون وجود صورتى الجواهر والخيط لتكون المادة سابقة على الوعى ودافعة له ليقوم بعملية تركيب لما هو موجود (الخيط والجواهر) .. الوعى يجمع فقط الصور ..إبداعنا هو قدرتنا على التجميع فقط .

- العقل بمثابة جهاز كمبيوتر فأنت تريد تصميم منزل بتصميم يمنحك إرتياحية لإحساس محدد يرضيك فتمد الكمبيوتر بالأطوال والأبعاد والخطوط والألوان التى ترضى ذوقك والمحددات التى تفى مزاجك ليقوم بالمهمة .. ومن هنا يكون الإحساس هو مولد ودينامو الأفكار .

- نحن لا نمتلك إلا الوجود المادى فلا يوجد وجود آخر خارج شفرة دماغنا .. فأليس من المنطق والعقل أن نبحث في هذا الوجود لنكتشف ألغازه بدلا من توهم وجود آخر يصرفنا و يعفينا عن مشقة البحث .. لا يوجد إلا طريق وحيد لفهم الوجود وهو الغوص فى وجودنا المادى بدون إبداع إضافات وحلول إقتراضية .

- كنا نتصور أن العين ترى بإسقاط شعاع من العين على الجسم فتراه ولكن الحقيقة أن العين ترى من إنعكاس الضوء على الجسم وهكذا طريقة تفكيرنا لينحرف الكثيرون لنجد من يظن أن الأفكار والصور تنتج من العقل بينما هى وليدة إنعكاس واقع مادى على الدماغ .. لو نظرنا لأى فكرة فى الوجود وبحثنا عن جذرها فستكون هكذا ومن هنا نستطيع تفسير الخرافات والخيالات والآلهة فهى أشعة مبعثرة لواقع موضوعى سقطت على الدماغ .فلماذا نقدسها .

- العقل لا يخلق موضوعه بل الموضوع والوجود المادى هو الذى يخلق معطيات الفكر .. أى أن الأفكار نتاج تأثير وإنطباع وإنفعال إنسان مع واقعه الموضوعى ليؤطر صوره ومحدداته لتدور آفاق الفكر وفق معطيات ومحددات الوجود المادى .

- ليس وعى الإنسان هو الذى يحدد وجوده بل وجوده وحضوره فى حالة مجتمعية يعين ويخلق وعيه ... فالوعى والفكر نتاج واقع مجتمعى موضوعى تتشكل منه مفردات الوعى ويتحدد الوجود .

- ما معنى اننى احاول اقناعك بفكرة فى النهاية ستعيش الحياة سواء بفكرتك او بفكرتى , ما معنى ان نفكر ونصدر أفكارنا طالما هى أفكار ستتبدد فى النهاية .. نحن نناضل من أجل تصدير أفكارنا إما لمنفعة مادية ومعنوية سنجنيها فى نهاية المطاف تبغى المصلحة والحاجة أو طلب إستجلاب أحاسيس التحدى للواقع ونيل لذة التفوق والتميز والقوة.

- كلما إقتربت الأفكار من الثبات أصبحت مُخربة مُدمرة وتحمل عوامل فناءها ,, بعض البشر من فرط حماسهم للأفكار يمنحونها الثبات ولا يعلمون أنهم يُجهزون عليها بهذا النهج فلا توجد فكرة ثابتة إستاتيكياً تسكن المطلق بل لا يوجد شئ إسمه إستاتيكى ساكن إلا كنسبي بالنسبة للمتحرك .. الفكرة نتاج صور وإنطباعات وزوايا رؤى فمن الغباء تصور ان الإنطباع وزوايا الرؤى ذات ديمومة وثبات فيكفى عامل الزمن فقط ليهدد بقاءها.. الأفكار نتاج لحظة حياتية والحياة لا تعرف الإستاتيكية والكمون وإلا ما كانت حياة .

- أرى المجتمعات تمارس عملية إنتخاب طبيعى للأفكار تشبه ما تمارسه الطبيعة مع الكيانات الحية فكل الأفكار مطروحة فى المجتمع فلا يوجد محاباة لفكرة ومعاداة لأخرى كما لا توجد أفضلية لدى المجتمع لفكرة عن أخرى والدليل أن الأفكار الميتافزيقية الخرافية إحتلت مساحة هائلة من تاريخ المجتمعات البشرية , فالأفكار تتواجد فى المجتمع الإنسانى متى كانت متوافقة مع الظروف الموضوعية التى تحيا فيها مُعبرة عنها ,أى وجود التربة التى تحتضنها وفقا لحاجة المجتمع لها لتموت الأفكار متى لفظتها الحياة الإنسانية بمتطلباتها وإحتياجاتها .

-الموت الحقيقى للأفكار عندما تتصارع على أرض الواقع أى من وجود أفكار بديلة قوية تنسجم مع واقع المجتمع الموضوعى المتغير لتصرع الافكار القديمة التى تُظهر فشلها وعدم ملائمتها وموائمتها للحظة التاريخية فتسقط وتتوارى .

- أنا افكر وأحتار وأتعثر وأقوم وأواصل التفكير مئات المرات ورغم كل تلك المحاولات المرهقة فهى أفضل حالاً من الإيمان بأفكار لم يتم إختبارها والتعامل معها .. ماذا ينفع الإنسان لو نعم بالراحة وخسر فعل وحراك ما فى الجمجحة .

- يموت العقل عندما يفقد القدرة على الإحساس بإختلاف الصور وإدراك التباين والصراع ظناً منه أن الماء يجرى فى النهر دوما بلا تغيير ..تناقض الأفكار وتصادمها وصراعها ليس عيبا بل العيب فى إفتقاد العقل لمنهجية الصراع .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
- هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا ...
- إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا ...
- هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
- من دهاليز الموت جاءت الآلهة – لماذا يؤمنون؟
- الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .
- تحريف القرآن بين المنطق والتراث-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- إنهم يداعبون الغريزة والشهوة والعنف-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدو ...
- الإزدواجية والزيف كنمط حياة –لماذا نحن متخلفون .
- يا مؤمنى العالم كفوا عن الصلاة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- يؤمنون ليجعلوا صلفهم تمايزاً- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون.
- إسلام المعبد سيواكب إنحسار الإسلام السياسى– رؤية مستشرفة.
- هل إنتصر حراك المصريين أم سيعيدون إنتاج مشاهدهم؟
- 30 يونيو وبدايات إنحسار الإسلام السياسى.
- قضية للنقاش عن مجتمع يتوحش–الدين ينتهك إنسانيتنا,(44)


المزيد.....




- تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س ...
- كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م ...
- أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
- ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو ...
- ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار ...
- بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
- -من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في ...
- مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس- ...
- حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال ...
- فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.