|
هل زواج المتعة مدرج في قانون وزير العدل؟
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 04:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا نعتقد ان الدافع وراء اعلان وزير العدل حسن الشمري لما اسماه بقانوني الاحوال الشخصية الجعفرية او القضاء الجعفري هي دوافع حتمها اختلاف الرؤى الاسلامية بين المذاهب ، انما هي نتيجة للاديلوجية السياسية الطائفية التي تؤطر كل نشاطات الحكومة. فالاختلافات بين المذاهب بما يخص الاحوال الشخصية ليس بذلك الكبر، الذي يصعب تفاديه بان يصار الى الاشارة اليها، اي الى الاختلافات، اذا اقتضت الضرورة ذلك. ففي المحكمة الشرعية مثلا، يستطيع القاضي بغض النظر عن انتمائه المذهبي ان يعقد قران امراة ورجل وفق المذهب الذي يرغب المقدمان على الزواج الانتماء اليه دون ان يكون عليهما اثبات هذا الانتماء، فالوثائق الرسمية، مثل هوية الاحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وجواز السفر ليس فيهما ما يشير الى الانتماء الطائفي، واذا كان الانتماء الطائفي لا يحمل صفة او تمييزا قانونيا او رسميا او وثيقة تدل عليه، فانه ينتهي ان يكون اساسا لتشريع قانون او نظام، واي تشريع يتخذ منه اساسا او مرجعا يعتبر لاغيا بحكم القانون. وبما ان الاسلاميين على اختلاف مذاهبهم، سنة وشيعة، لهم نفس النظرة الدونية تجاه المرأة، فهم ودون استثناء يقرون بان الرجال قوامون على النساء وان المراة عورة، وان واجبها الاساس يتركز في انجاب وتربية الاطفال والاهتمام بالاعمال المنزلية، وانها ليست مساوية للرجل لا بالعقل ولا بالكفاءة ولا بالميراث ولا بالشهادة، وبما ان الفقه الجعفري لا يختلف عن المذاهب الاسلامية الاخرى في فهمه الفقهي او الحقوقي للاسرة، فما هي ضرورة تشريع قوانين خاصة لاحوال الشخصية الجعفرية اذا كان لا يهدف الى تصحيح النظرة الاسلامية الظلامية الدونية تجاه المرأة؟ وبنفس القدر الذي تختلف فيه المذاهب السنية مع المذهب الجعفري، تختلف ايضا مع بعضها البعض، مثلما يختلف رجال الدين الشيعة فيما بينهم ايضا بالفتاوى والاحكام، وعلى اية حال، فرجال الدين الشيعة قد استندوا بقضائهم وشرائعهم على ما سبقهم من فقهاء السلف، اكان هذا السلف سنيا او شيعيا، واختلاف الاحكام والفتاوى عند المذاهب هي اجتهادات شخصية غير ملزمة، انما يتبعها الناس حسب ميولهم واهوائهم. ان ما يفرق الشيعة عن السنة ويخلق التناحرات العدائية هي الولائات السياسية، اكانت هذه الولائات تاريخية او حالية. الشريعة الاسلامية تجاه الاسرة هي واحدة عند الجميع. وكل الاحكام تبنى وفق القانون العام الذي يعتمد على قاعدة ان الرجال قوامون على النساء وان واجب المراة الاول والاساسي هو انجاب وتربية الاطفال والاهتمام براحة الرجل جنسيا وجسديا وادارة شئوون المنزل. وهذه نظرة تكاد تكون متطابقة عند جميع المذاهب الاسلامية، والاختلافات، ان وجدت، فهي اختلافات بسيطة وليست اساسية لا تستدعي تشريع قانون خاص بها يسمى قانون الاحوال الشخصية الجعفرية. ولم يحدث يوما في العراق ان اشتكى زوجان مختلفي الانتمائات المذهبية من غبن او ظلم لحق بهما نتيجة قانون الاحوال الشخصية (غير الجعفري) لذلك لا نستطيع الاتفاق مع تبرير وزير العدل حول الاسباب الموجبة لصياغة القانون، اذ يقول ان وزارته "انطلقت في طرح هذين المشروعين( الاحوال الشخصية والقضاء الجعفريان) استجابة للمطالبات والمناشدات العديدة التي تقدم بها علماء الدين ورؤساء العشائر واكاديميون وبعد عمل استمر سنة ونصف". وهكذا تصبح رغبات رؤساء العشائر والمعممين اوامر تصاغ بقوانين تفرض على الناس وتعين نوعية ارتباطهم وكيفية تسيير شؤونهم الاسرية وتفرض عليهم انماط واساليب حياتهم بما يتوافق والاعراف الدينية والعشائرية، فهل يستحق مثل هذا الشخص ان يكون وزيرا؟ القوانين تفرضها ضرورات التطور ومتطلبات الواقع المتغير وليس رغبات واعراف متخلفة او ظلامية. فهل يستطيع هذا الوزير (الفلتة) ان يقول ما هو مؤهل رجل الدين و رئيس العشيرة لفهم للقانون او القضاء وهم لم يدرسوا الحقوق ولم يمتهنوا وظيفة قانونية لكي يكونوا اكفاء لأبداء الاراء في القوانين والحقوق المدنية للشعب ولكي يطالبوا باستحداثها او تغيرها؟ الحقوق وقوانين الاسرة والقضاء اختصاص لا يخوض فيه كل من هب ودب، انه حكر على اصحاب الخبرة والتجربة القضائية والقانونية الحقوقية، الذين درسوا وعملوا وقارنوا بين الافضل والاصلح والاجود من القوانين والشرائع واختاروا الافضل وبما يضمن كرامة الانسان اولا ويحقق العدل ثانيا، وليس بما يضمن تحقيق الشريعة (الجعفرية ) حتى لو كانت على حساب الانسان. فهل يود وزير العدل بتشريعه لقانون الاحوال الشخصية الجعفرية ادراج ما يضمن زواج المتعة او فتوى الخميني بتفخيذ الرضيعة مثلا مثلما اباح القانون الوهابي زواج المسيار والموانسة وغيرها؟ ام هل يود الوزير ان يكون سن الزواج هو التسع سنوات لكي يضمن تحقيق اتفاقه مع الشريعة الاسلامية؟ واذا كان قانون الاحوال الشخصية الجديد الذي فرغ الوزير من صياغته ثم عرضه على مجلس شورى الدولة الذي اوصى بتحويله الى مجلس الوزراء للتصديق عليه وطرحه للمناقشة والتصويت في مجلس النواب، ليس بديلاً عن قانون الاحوال الشخصية المعمول به حاليا كما يقول، فلماذا اضاع الوزير سنة ونصف من الجهد لقانون لا يعتبر ملزما وترك الارهابيين يفرون من السجون بكل يسر وسهولة؟ الا يعتبرهذا تقصيرا في اداء الواجب؟ ولماذا اختار الوزير العراقي اسما طائفيا لقانون يعتقد انه يحقق متطلبات الشريعة الاسلامية واسماه (بالجعفري) بينما هو وزير العدل العراقي، الذي يفرض سلطته القانونية على جميع العراقيين رغم اختلاف انتمائات الاديان والمذاهب والاحزاب؟ هل من العدل ان يكون العدل مبنيا على التصورات الطائفية؟ على السيد حسن الشمري ان يفهم ان منصب وزير العدل ليس منصبا دينيا او اسلاميا انما منصبا حقوقيا مدنيا، فلا يحق للوزير تشريع قانون مذهبي مستغلا سلطته ومركزه الوظيفي لخلق بيئة طائفية تكون اساسا لاصدار قوانين لاحقة تحمل نفسا طائفيا بغيضا. اننا بحاجة الى تحديث وتمدين وتحضير قوانين العراق وليس الى اغراقه في ظلام الاديان واختلافات المذاهب التي كانت سببا رئيسيا في ازهاق الارواح وحرق الثروات واستغباء العقول.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انظمة الفوضى الدينية
-
علاوة سمعة
-
كيف تشخص مازوخيا يساريا؟
-
سوريا عروس عروبتكم فلماذا ادخلتم كل زناة الليل.
-
سوريا: من يملك رخصة استخدام غاز السارين
-
التطرف في لغة العنف عند الاخوان المسلمين
-
ثوار احرار حنكًمل المشوار
-
مليونيات الاحرار ومليونيات العبيد.
-
الدين والزمن الجميل
-
البعدين الطبقي والجنسي لنِكاحيً المتعة والمسيار
-
ثورة ميدان التحرير وردة ميدان رابعة العدوية
-
النقيض الاسلامي الكلي للديمقراطية!
-
الثورة المصرية: التناقض بين الديمقراطية وبين الاسلام السياسي
-
مع الدكتور جعفر المظفر: هل يخلع حسن نصر صاحبه مثلما يخلع الخ
...
-
السعار الاسلامي في مصر ونموذج الثورة السورية
-
اللهم اعز الاسلام بصوت المغنية احلام
-
سوريا: ثورة ام حرب اجرامية؟!
-
القرضاوي في اخر مراحله
-
القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا
-
البحث عن جثة صحابي
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|