|
حوار أملاه الحاضر 19 عدالة الإسلام 3 فلسطين اللبن والعسل
عبد المجيد حمدان
الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 13:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حوار أملاه الحاضر 19
العدالة في الإسلام 3 فلسطين اللبن والعسل
هذا هو لقاؤنا الأخير في هذه السلسلة ، قلت لمحاوري . وآمل أن ينتهي على خير ، وأن تكون لنا حوارات أخرى في فترة لاحقة ، أضفت . قال : بالطبع ستنتهي على خير ، فالخلاف لا يفسد للود قضية كما يقال . قلت : ولكنك تعرف أن موضوع حوارنا اليوم حساس ، بل شديد الحساسية . قال : وماذا في ذلك ؟ قلت : أرجو ألا تغضب كعادتك ، وتصفق الباب خارجا ، كعادتك أيضا . قال : اطمئن سأحتملك مهما قلت أو فعلت .
الصهيونية واستغلال الوعد : قلت : أنت تعرف أن الحركة الصهيونية ، منذ نشأتها ، وعلى مدار تاريخها ، استندت في دعايتها ، واستقطاب مهاجرين يهود إلى فلسطين ، إلى ما وصفته بالحق التاريخي والحق الديني لليهود في فلسطين . وأنت تعرف أنها ، بالاستناد لهذا الركن في دعايتها ، استقطبت دعما يهوديا واسعا ، ودعما أوروبيا وأمريكيا أوسع . وفي المحصلة نجحت في اغتصاب فلسطين منا ، نحن أهلها . قال : نعم أعرف كل ذلك . لكن ما شأن الإسلام في هذا كله ؟ قلت : له شأن كبير . كما لِما يوصف بالعدالة في الأديان السماوية عموما ، والإسلام خصوصا ، كل الشأن . قال مستنكرا :وكيف ذلك في رأيك ، وأنت تعلم أن الإسلام والمسلمين يعارضون اغتصاب فلسطين ، ويبذلون كل جهد لإعادة الحق إلى نصابه . كما وتعرف أن الإسلام ليس فقط لا يعترف بحق لليهود في فلسطين ، تاريخي أو ديني ، بل وينكر أية دعاوى بمثل هذه الحقوق . ببساطة لأن فلسطين أرض إسلام ، أرضها وقف إسلامي ، لا تباع ولا تشترى ، ولا حق فيها لأحد من غير المسلمين . قلت : أعرف أن هذا يقال . لكن تعال نحتكم إلى القرآن . قال ساخرا : تعال يا سيدي .
القرآن والتوراة :
قلت ، وأنت كما أعرف تحفظ القرآن : كم عدد آيات القرآن التي تتحدث عن إسرائيل ، بني إسرائيل ، أنبياء إسرائيل ....الخ ؟ قال : كثير . قلت : كثير يعني كم ؟ قال : ربما مئات الآيات . كل السور الطويلة ، ابتداء من سورة البقرة ، حوت العشرات من هذه الآيات . قلت : مائتي آية مثلا ؟ قال : لا أكثر من هذا . ربما تزيد عن ثمانمائة . قلت : وأغلب الأنبياء هم أنبياء بني إسرائيل ؟ وأكثرهم قدسية عندنا هم رسل وأنبياء بني إسرائيل ؟ قال : ذلك صحيح . ولكن ماذا يعني هذا لك ؟ قلت : أنت لم تقرأ التوراة ، كما أنك غير مستعد لمجرد تصفحها . قال : يا أخي لقد أوضحت لك مرارا وتكرارا أن هذه التوراة ليست التوراة التي يتحدث عنها القرآن . هذه محرفة ، مزورة ، فكيف تريد مني قراءتها ؟ قلت : من باب العلم بالشيء . قال : وأنا لا أريد ، ولا يهمني ، هذا العلم بهذا الشيء . قلت : كما تعرف أنا قرأتها مرة بعد أخرى ، لا أذكر العدد ، من أجل الوقوف على كنه ذلك الوعد ، الذي شكل العمود الأساس ، لذلك الركن الأساس ، في الدعاية الصهيونية . وتعرف أنني عملت كتابا أسميته الوعد في التوراة . قال : نعم أعرف ذلك . سمعت منك عن كتابك . لكن ما شأن هذا بما نحن فيه . قلت : أنا أجريت مقارنة بين رواية التوراة عن آباء بني إسرائيل ، وعن الوعد ، وعن خروج بني إسرائيل من مصر ، عن التيه في سيناء ، وعن دخولهم فلسطين ، وعن دولتهم ، وبين السرد القرآني لتلك الأحداث ، فوجدته متطابقا لدرجة مذهلة . الفارق الوحيد أن التوراة تنحو إلى الإسهاب ، وتورد تفاصيل مملة ، خصوصا فيما يتعلق بوصايا الرب بذبح وإبادة أهل فلسطين ، فيما القرآن يعتمد الإيجاز اسلوبا والبلاغة مضمونا . كما لا يتطرق إلى عمليات الإبادة ، ولا حتى إلى الصفات الإنسانية ، وما تتشمل عليه من نواقص ، لأشخاص الأنبياء وسلوكياتهم ، باعتبار أن العصمة ، هي الصفة الملازمة لأي نبي . قال : وماذا في ذلك ؟ ألم يصدرا – التوراة والقرآن – عن إله واحد ، هو الله سبحانه وتعالى ؟ ثم إن ما ألصقته التوراة من صفات سلبية بالأنبياء ، هي التحريف والتزوير الذي لحق ، أو ألحق ، بهذا الكتاب المقدس . قلت : إذن وأنت تقر بتطابق الروايتين القرآنية والتوراتية ، بنشأة من يوصفون بآباء بني إسرائيل ، وعبوديتهم في مصر ، ثم خروجهم منها ، وكل المعجزات التي أتى بها موسى ، ثم تيههم في سيناء ، فدخولهم فلسطين ، فأنت في الواقع تقر بصحة الادعاء الصهيوني بحق اليهود الإلهي في فلسطين ؟ وسكوت القرآن عن أوامر الرب بإبادة أهل فلسطين ، وأخذ أرضهم ومزارعهم وسائر أملاكهم غنيمة ، وتنفيذ هذه الأوامر بتلك الصورة الإجرامية التي تمت بها ، هذا السكوت يعني اعترافا بصحة مبرراتها ، كما يعني تأييدا لها . وأكثر هناك في القرآن ما يؤكد صحة استنتاج كهذا . قال : وقد كمن أخذ على حين غرة : لا أقر بذلك . كل هذا غير صحيح ، وتفسير للقرآن على غير مقاصده . قلت : يا رجل عن أي تفسير تتحدث ؟. قال بعصبية : عن تفسيرك طبعا ؟ قلت : وفي ظنك هل يتعارض تفسيري مع تفاسير كبار المفسرين ؟ قال : بالتأكيد ، ما دمت تقول قولا كهذا فهو يتعارض . قلت من خلال ضحكة صاخبة : يبدو أنك يا صديقي ، رغم ما تقول ، لا تعود في قراءتك للقرآن إلى أي تفسير . قال مرتبكا : هذا غير صحيح ، فقد سبق واطلعت على عدة تفاسير . قلت : وما رأيك أن القرآن يكرر الوعد ، ولكن بصور بلاغية ، تبدو للقارئ غامضة ، وفي عدة مواضع ؟ قال : هذا افتراء لأنه غير صحيح . قلت : تعال نحتكم إلى قاعدة : البينة على من ادعى واليمين على من أنكر . قال ضاحكا : ماذا ؟ أتريدني أن أحلف على المصحف أم ماذا ؟ قلت : لا . أريدك أن تصبر علي ، حتى آتيك بالبينة . قال : لك ذلك .
إله بني إسرائيل وأهل فلسطين :
قلت : إذن تعال لنبدأ من التوراة . قال ضاحكا : هذا ميدانك ، لا شأن لي به . سأتقمص دور المستمع المتشوق والشغوف للمعرفة . فهيا عزيزي هات ما عندك . كلي آذان صاغية . قلت : إذن دعني أذكرك مجددا بأنني عملت ، في هذا الموضوع ، بحثا مطولا أصدرته في كتاب " الوعد في التوراة " . وعليه أوكد لك أن الموضوع شائك ومتشعب ومن الصعب أن ألخصه ، بما لا ينقص منه . قال : عليك أن تحاول . قلت : صحيح أن قسوة الأحكام بإبادة أهل فلسطين ، تحريمهم بحد السيف ،حسب النص التوراتي ، الطفل قبل المرأة ، والصبية قبل الشيخ المسن ، والمرأة العجوز قبل المقاتل المحارب ، وحتى بقرهم وحميرهم وضانهم وأغنامهم ، شجرهم وطيرهم ، وتهديم وحرق بنيان مدنهم وقراهم ، وصحيح أن وحشية التنفيذ الذي تم بمرافقة وقيادة إله إسرائيل ، بتوجيهه وتحت إشرافه ، صحيح أن كل هذا الظلم ، كل هذا العسف ، كل هذه القسوة ، كل هذه الوحشية ، هي أول ما يلفت انتباه الباحث ، ويمسك بتلابيه ، لكن يظل هناك ما هو أكثر مدعاة للدهشة ، وحتى للذهول ، قبل الاهتمام والانتباه . قال : وما هو ذلك ؟ قلت : 1) صورة الأشخاص الذين صدر لهم هذا الوعد ، أخلاقياتهم وسلوكياتهم .2) ظروف أصحاب الوعد ، وتغير منطوق الوعد تبعا لذلك ، اتساعا وضيقا .3 ) موقف الإله من أهل فلسطين ، التمهيد ومبررات الأحكام بالإبادة . قال : زدني علما لو سمحت . قلت : تعال نتوقف عندها واحدا بعد آخر ، ونبدأ بِ
صورة الآباء ، الجيل الأول :
الأنبياء إبراهيم ، اسحق ويعقوب ، هم من يوصفون بآباء إسرائيل ، ولهم كان وعد الرب المتجدد بتميلكهم فلسطين – أرض كنعان - . التوراة قدمت سردا لصفاتهم ومزاياهم . الصفات والمزايا التي دعت الرب لاختيارهم وإبرام ميثاقه معهم . ولأن التوراة قدمتهم كبشر ، يصيبون ويخطئون ، ولم تتطرق لشيء اسمه عصمة الأنبياء ، عرضت لنا إيجابياتهم مقرونة بسلبياتهم . وأنت حين تقرأ السيرة الذاتية لأي منهم ، كما يعرضها سفر التكوين ، لا تصدق أن شخصا ، في أيامنا ، يحمل صفات أي منهم ، ويسلك سلوكه ، ويتحلى بأخلاقياته ، يمكن أن يدفعك أنت كشخص ، إلى احترامه ، ناهيك عن اختيار الرب له ، والارتباط معه بميثاق . فإبراهيم لا تورد له التوراة أية إيجابيات ، سوى أن الرب ، مصحوبا باثنين من الملائكة ، عرجوا عليه في خيمته قرب الخليل ، إثر قرار الرب بخسف سدوم وعاموراة . قام بواجب الضيافة وذبح لهم عجلا . شاوره الرب في قراره . جادل ابراهيم الرب . خطأه أكثر من مرة ، وقدم له النصح مرة بعد أخرى . ثم يبدأ سرد السلبيات وأولها متاجرة إبراهيم بزوجته . وقصتها أن فلسطين أمحلت ، فاضطر إبراهيم ، ومعه زوجته الحسناء سارة ، إلى الارتحال لمصر . ولما كانت زوجته سارة ، أخته من أمه ، على جانب كبير من الجمال والفتنة ، خاف أن تعجب حاكم مصر فيقتله لكي يحظى بها . اتفق معها أن يقولا أنها أخته ، ولا يذكرا أنها زوجته ، ومضيفا : "ولعله يصيبنا خير بسببك " . وتفهم من السرد أن انتظار هذا الخير ، هو هدف إخفاء زواجهما . الحاكم – الفرعون – أخذها ، عاشرها ، وبعد الشبع ، وقبل أن يرمي بها إلى جنوده ، اكتشف أن إبراهيم زوجها . عاتبه الحاكم على خداعه وإيقاعه في الخطأ ، لكون معاشرة زوجة الآخر ، حسب الأعراف المصرية ، خطيئة . طرد الفرعون إبراهيم من مصر ، ولكن مع العطايا التي نالتها سارة ، وكانت خيرا كثيرا ، ومن الجملة خادمة اسمها هاجر . ورجع إبراهيم إلى فلسطين بقطعان من الماشية . ولأن سارة كانت عاقرا ، أقنعته بالزواج من هاجر ، علها تنجب له ولدا . وأنجبت هاجر اسماعيل . وأكلت الغيرة سارة ، فأجبرته على طرد هاجر مع ولدها . نفذ إبراهيم إرادة سارة . مشى بهاجر إلى بئر سبع وتركها مع ولدها في أرض كفر ، ولم يعد لها مطلقا . بعدها اختلف مع ابن أخيه لوط على المراعي . وبزعم أن رعاة غنم لوط كانوا يحتكون برعاة غنمه، طرده إبراهيم شرقا ، ليستقر قريبا من سدوم وعاموراه ، قبل خسفهما . ويتكرر المحل في فلسطين ، ويتكرر تقديم إبراهيم سارة، ليصيبه الخير بسببها ، ولكن هذه المرة لملك جرار- مدينة في الساحل الفلسطيني - . ولكن الملك يكتشف ، وقبل ارتكاب الخطيئة ، أن سارة زوجة إبراهيم ، فيعاتبه ، لأن معاشرة زوجة الآخر في العرف الفلسطيني أيضا خطيئة ، يعاقب الإله مرتكبها . ويطرده الملك ، وأيضا بعد أن أعطاه الخير الذي تمناه . وتمضي التوراة في سردها ، قائلة أنه وبعد موت سارة ، تزوج إبراهيم من أهل البلاد ، امرأة اسمها قطورة ، وخلفت له الزوجة الجديدة ستة من الأبناء ، ولكنه كما سبق وعمل مع هاجر وإسماعيل ، تخلى عنهم ، وقصر أبوته ، ومن ثم وراثته ، في الوعد كما في البركة – النبوة - ، على إسحاق ، ابنه من سارة . وفي كتاب الوعد في التوراة طرحت السؤال : كيف ولماذا اختار الرب له خليلا بهذه الصفات والأخلاق ، التي يأنف منها أي إنسان اليوم ؟ ولا تطلعنا التوراة على ميزات واضحة لإسحاق الذي جدد معه الرب عهد الالتزام بميثاقه . اللهم إلا أن إسحاق التزم بوصية أبيه ، بعدم الزواج من بنات فلسطين ، وسار مع خادم أبيه إلى حران ، شمال العراق ، ليتزوج من رفقة ابنة خاله . وعن السلبيات تحكي التوراة كيف أن إسحاق كرر فعل أبيه ، وقدم زوجته لملك جرار الفلسطيني – ليس نفس الملك ، رغم تطابق الاسم - ، بذات الحجة ، للاستمتاع بها ، وانتظار الخير بسببها . ومثل أبيه أوصى أبناءه بعدم مصاهرة أهل البلاد . عيسو الإبن البكر لإسحاق خالف وصية أبيه . ورغم ما يتمتع به عيسو من نبل وفروسية وشهامة – مهنته صياد - ، فقد نال غضب أبيه وأمه ، وبالتالي خرج من كل من الوعد والنبوة . لكن يعقوب التزم بالوصية ولم يتزوج من بنات فلسطين . ولأنه مدلل أمه ، كما تشير التوراة ، فقد تآمر معها على أبيه الأعمى ، وسرق بركته من أخيه البكر . وحين جاء عيسو يتظلم لأبيه كاشفا مؤامرة أمه وأخيه ، لم يكن من الأب المخدوع ، غير الغضب منه ، وتأكيد خروجه من بركته ومن وعد الرب . التوراة تواصل سرد صفات يعقوب ، الذي يتحول اسمه إلى إسرائيل . الصفات التي تتمحور حول اتقان فنون التحايل والتآمر والخداع ، وإلحاق كل ذلك بالغدر . لدرجة تظن ، والتوراة تسهب في عرضها ،أنها صفات تقع ضمن دائرة مكارم الأخلاق . تحايل يعقوب على خاله وتزوج ابنتيه ليقة وراحيل ، كما تزوج خادمتيهما ، ليجمع بين أربع . اثنتان أختان شقيقتان . وأكمل التحايل بأن اصطفى لنفسه أحسن غنم حميه ، وهرب في الليل ، حاملا مع زوجتيه الشقيقتين ، تماثيل آلهة أبيهما ، ومساعدا إياهما على تخبئتها ، حين لحق بهم الأب ملتاعا وباحثا عن آلهته . وحين عاد يعقوب ، عابرا الأردن بعد عشرين عاما ، خاف أن يكون أخوه ما زال متذكرا غدره وخداعه ، ومن ثم متربصا به ، فحاول الاختباء منفردا ، تجنبا لمواجهة محتملة مع أخيه . وأثناء هذا الاختباء ، وما يعتري المختبئ من خوف ، تقول التوراة أن الرب نزل وصارع يعقوب ، وكاد يعقوب أن يصرعه . ثم يطلعه الرب أنه هو من صارعه ، وأنه يغير إسمه إلى إسرائيل ، ويجدد ميثاق أبيه وجده معه . ويبلغ غدر يعقوب قمته بقتل ملك نابلس – شخيم في التوراة - ورجالها . وقصة ذلك أن ابن ملك نابلس أحب ابنة ليعقوب - إسرائيل - وعاشرها . وتقدم أبوه الملك من أبيها ، راعي الغنم الساكن بالجوار ، يطلب يدها . وافق يعقوب بشرط ختن ابن الملك ، والملك نفسه ورجال المدينة كلهم . وافق الملك ، ولكن أخو البنت الشقيق الذي رأى أن ابن الملك دنس أخته ، وبموافقة أبيه ، عبأ اخوته واستغل حال المختونين وذبحهم جميعا بليل ، وليهرب بعدها يعقوب وأولاده إلى بيت إيل القريبة من رام الله . وفي كتابي تساءلت : هل معقول أن صفات ، أخلاقا كهذه ، تكون مقبولة على رب ، أيا كان ، ليرتبط مع أصحابها بميثاق ، وبموجبه بوعد ، وحيث وعد بلفور هو نسخة طبق الأصل منه ، ويجدد لهم هذا الوعد والتزامه بتنفيذه ، مرة بعد أخرى ؟؟؟ قال : كما ترى استمعت لك دون أن تصدر عني حركة ، أو حتى نأمة معارضة . ولكن يا أخي ما تفضلت به يؤكد صحة ما نقول به من أن التوراة محرفة . هذه توراة مزورة . فكيف يكون أنبياء بهذه الأخلاق التي أشرت ؟ قلت لا تستعجل ، وتذكر أن من يعتقدون بصحة التوراة ، من يقدسونها ، من يعتبرون أنها كلام الله ، هم أكثر عددا من المسلمين بكثير . وأهم من ذلك ، كان بينهم ودائما علماء بارزون ، لا مثيل لهم عند المسلمين ، وفي جميع فروع العلم . وهذه الصفات لم تنقص من محبة ، أومن تقديس اليهودي والمسيحي المتدين ، لأي من هؤلاء الآباء . قال : ومع ذلك ، ورغم ذلك فالرواية الإسلامية تنقض كلام التوراة هذا ، خصوصا ما وصف بتجارة إبراهيم عليه السلام بجسد أمنا سارة . فالله سبحانه وتعالى تدخل من البداية ، فلم يمسها فرعون ولا أي من قادته . وقصة ملك جرار الفلسطيني لا أصل لها . قلت : وأيضا فرواية القرآن عن إطاعة إبراهيم لسارة ، ولية نعمته ، وتخليه عن زوجنه وولده البكر ، هاجر وإسماعيل ، وتركهما في أرض كفر ، يلاقيان مصيرهما بدون حام أو سند ، رواية القرآن أيضا مناقضة للرواية التوراتية . لكن تذكر أن الحركة الصهيونية ، بشقيها اليهودي والمسيحي ، حين اعتمدت ، في دعايتها ، مسألتي الحق الديني والحق التاريخي في فلسطين ، استندت إلى الرواية التوراتية وليس إلى الرواية القرآنية . وعدم عصمة هؤلاء الآباء كأنبياء ، لم تمنع المتدينين من تقديسهم . ومع ذلك دعنا ننهي الجدل حول هذذه النقطة ، ونتابع . قال : لا بأس . لك ذلك .
صورة الآباء ، الجيل الثاني :
قلت لمحدثي : بعد قرابة 430 سنة ، وقع فيها بنو إسرائيل تحت نير العبودية في مصر ، تذكر الإله عهده ، واختار موسى لتنفيذه . ودعك من حكاية وضعه طفلا في صفط البردي في النيل ، لإنقاذه من سيف الفرعون ، وعثور ابنة الفرعون عليه .....الخ ، فهذه حكاية تنتمي إلى عالم الحكايات ، عالم الأسطورة . ما يهم أن موسى ، وهذا الإسم فرعوني ، تربى في القصر ، وشغل مكانة مرموقة في حاشية الملك . ومع ذلك ارتكب جريمة قتل ، ومسبباتها ومبرراتها تدخل أيضا في نطاق الأسطورة . ورغم حرصه على إخفاء جثة المقتول ، افتضح أمر الجريمة ، وطلبه الملك – الفرعون – للقصاص ، فهرب من وجه العدالة ، إلى سيناء ، حيث اختفى فيها 15 سنة . ولا تذكر التوراة ، كما القرأن ، أي فضيلة لهذا الهارب من وجه العدالة ، سوى أنه ساعد بنات كاهن سيناء ، واسمه يثرون – هو النبي شعيب في القرآن - ، على سقي غنمهن ، بعد أن كان الرعاة الآخرون يحولون دونهن وذلك . البنتان حفظتا له هذا الجميل ، وهو سلوك طبيعي عند الكثيرين من أهل الشهامة من الناس ، وقدمنه لأبيهن باعتباره القوي الأمين . الأب رد الجميل بأن قدم له المأوى ، ثم زوجه من ابنته . ، فوراثة غنمه وأملاكه بعد موته . ويندهش الباحث حين يرى كيف رد موسى جميل حميه ذاك . فبعد وصوله ببني إسرائيل إلى سيناء وتيههم فيها ، وبالتالي تنافسهم على رزقها الشحيح ، ما كان منه إلا أن جرد حملة إبادة لشعب حميه ، وبمن في ذلك بيت حميه نفسه . بعد كل هذا يقفز أمامك السؤال : ألم يجد الله غير قاتل ، هارب من العدالة ، ليتخذه صفيا وكليما ، وليبعثه نبيا ، ورسولا إلى قومه ولفرعون ؟ وأكثر ليتذكر هذا الإله ميثاقه مع الآباء الأوائل ، فيختار هذا القاتل لكي يعيد تذكير بني إسرائيل بذلك الميثاق مع آبائهم ، وليفتح شهيتهم بالحديث عن فلسطين التي تفيض لبنا وعسلا ، ليتخذوها وطنا بديلا لمصر التي يعانون فيها ذل العبودية ؟ قال : يا أخي كم مرة يتوجب علي تذكيرك بصحة قولنا أن هذه التوراة التي تتحدث عنها مزورة ؟ ها أنت بلسانك تروي ما يؤكد صحة القول بأنها مزورة . فموسى كليم الله ، نبيه ورسوله ، هذا الشرف الذي لم يحظ به نبي غيره ، عدا نبينا الكريم ، موسى هذا كان نبيلا كريم الخلق ، عظيم الصفات ، ما يؤكد صحة اختيار الله له . قلت : ولكن القرآن يؤكد ، ولا ينفي ، حقيقة كونه قاتلا ، كما حقيقة هروبه من وجه العدالة ، واختبائه في بيت النبي شعيب – الكاهن يثرون في التوراة - . كا يؤكد أنه عاد لمصر بعد سقوط الجريمة بمضي المدة على ارتكابها ، وعدم مطالبة الفرعون الجديد ، بالقبض عليه ومحاكمته على أساسها ، بدل تلك المساجلة مع السحرة . وحتى أن هذا الفرعون ، التي ألصقت به كل صفات الشر ، لم يفكر لا في مساءلة ومحاسبة موسى ، ولا محاكمته على المصائب التي أنزلها بالمصريين ، فيما عرف بالآيات التي أتاها ، بغرض دفع الفرعون لإطلاق بني إسرائيل من أسر العبودية ، والموافقة على ارتحالهم من مصر . قال بعد برهة تفكير : لا أدري . أبدا لم أنظر للمسألة ، ولم أرها من هذه الزاوية . قلت : تعال إذن ننتقل إلى موضوعة أخرى .
ظروف الوعد :
قلت : وبالعودة إلى التوراة ، أثار انتباهي كباحث ، ظروف الآباء الأوائل ، وحالة كل منهم النفسية ، ساعة عقد الرب لميثاقه معهم . أول ما يلاحظه الباحث ، أن الوعد بامتلاك الأرض ، وإكثار النسل ، حتى يغدو كحب الرمل ، ظل يأتي على شكل رؤيا أو حلم ، وفي حالة توحد لمتلقيها ، ومن ثم لا شاهد يؤكد على صحتها . وستقول لي : وهل يحتاج النبي لشاهد على صحة ما يقول ؟ وأقول لك ، نعم هو يحتاج ذلك . لأن الأمر يتعلق بطمع في أرض وممتلكات آخرين . قال : أحتج على قولك هذا ، وأرفضه جملة وتفصيلا . قلت : إبراهيم كما تعرف ، خرج طريدا من بيته ومدينته ، أور جنوب العراق . هناك كانت الأرض أرض خيرات ونعم ، حتى أن العرب ، بعد فتحها ، أسموها أرض السواد لكثافة الظلال ، وكثرة المياه فيها . وفي فلسطين عاش راعي غنم ، يسكن خيمة ، ويرتحل من مكان لآخر طلبا للمرعى . وأرض المراعي دائما غير خصيبة ، ومياهها شحيحة ، فيما يرى أهل البلاد أمامه وحوله ينعمون بمدنهم المحصنة ، وبخيرات أرضهم الوفيرة . كان ينظر حوله ، ويشتاق لمسقط رأسه ، ويحلم بالراحة ، على الأقل كما يراها لمن حوله . وإلا فكيف تفسر أنه وفي الرؤيا الأولى ، قطع الرب معه عهدا ، ووقع معه ميثاقا ، بأن يكثر نسله كحبات الرمل ، وأن يملكه كل أرض غربته ، من نهرالفرات إلى نهر النيل ؟. هذه بلدان كانت تقوم فيها امبراطوريات عظيمة آنذاك ، وأمم تعدادها كبير . ولا بد أن تلاحظ أن إبراهيم نفسه ، وبمباركة الرب طبعا ، أخرج أكثر من نصف نسله ، إسماعيل ، وأبناءه الستة ، من زوجته قطورة ، ليس فقط من الوعد بامتلاك فلسطين ، ولكن أيضا من الأمة العظيمة التي ستخرج من نسله . واضح أن إبراهيم ، وهو يضع حجرا تحت رأسه ، ويهوم نائما ، وهو يتابع غنمه ، ويحلم بمثل هذا الحلم ، لم يكن في حالة طبيعية . كان يعاني إحباطا ويأسا . ومن ثم كان ضغط حلمه قويا ، حتى تمثله كرؤيا . نقول هذا لأن هذا الحال تكرر . وتكرر معه الحلم ، ولكن بتخفيض لسقف الوعد ، بأرض غربته دون تحديد . وتشابه حال إسحق ، مع تلقيه الوعد ، مع حال أبيه السابق ، ولينخفض سقف الحلم ، إلى أرض فلسطين ، ونسيان أرض غربة الأب من نهر الفرات إلى نهر النيل .وأكثر ما تلفت الانتباه حالة يعقوب ساعة تلقيه الوعد . فيعقوب بعد عبوره الأردن ، عائدا بعد عشرين سنة هروب ، تذكر غدره بأخيه ، وسرقته بركة أبيه من أخيه البكر هذا . تصور أن أخاه سيجرد قوة ، يلاقيه ويقتله . هكذا أرسل زوجاته وأبناءه ، ومواشيه ، مع عبيده ، وانفصل عنهم لائذا بالبرية ، متجنبا ملاقاة أخيه . وحيدا وطريدا ، خائفا ومتوجسا ، جائعا وظامئا . وضع رأسه على حجر، كما فعل إبراهيم ، ومهوما بين النوم واليقظة ، جاءته الرؤيا بتجديد الرب لوعده مع أبويه ، إسحاق وإبراهيم . وأكثر نزل الرب ، ذات نفسه ، وتصارع مع هذا المرعوب من فكرة مواجهة أخيه . وفي لحظة كاد هذا المرعوب أن يغلب الرب ويصرعه ، لولا أن عاجله الرب بضربة على حق وركه فأزاغه . ثم يصارحه الرب بأنه هو من يصارعه ، ويجدد له الوعد ، ومن جديد مخرجا أخاه من هذا الوعد . والطريف أن أخاه استقبله فيما بعد أحسن استقبال ، صافحا غدره ، كشيمة أي فارس نبيل ، ومؤمنه على ماله وعياله . وكان جزاء هذه الشهامة مواصلة تأكيد خروج هذا الأخ البكر، من رحمة أبويه ، إبراهيم وإسحاق ، ومن ميثاق الرب معهما . بقي القول أن الرب وبعد تجديد الوعد مع موسى ، ويشوع من بعده ، وأنبياء إسرائيل بعدهما ، ظل يغير من مساحة الوعد من جهة ، ويتراجع عنه ويسحبه من جهة أخرى ، ثم يعود ويتراجع عن التراجع أكثر من مرة ، لدرجة تجبرك على السؤال : ما هي حقيقة هذا الرب فعلا ؟ هل هو إله خاص ببني إسرائيل ، من بين آلهة لهم أخرى كثيرة ، أم هو الله ، الواحد الأحد ، إله كل هذا الكون الواسع ، وإله الإنسانية أجمع ، كما يقول القرآن ؟ ولأنني لاحظت تحفز محاوري للرد ، عاجلته بالقول : دعنا نؤجل ردك قليلا ، وإلى ما بعد النقطة التالية .
الرب وأهل فلسطين :
قلت لمحاوري : وأمر آخر يستفز اهتمام أي باحث ، ويثير الحيرة أكثر مما يثير الدهشة ، وهو موقف هذا الرب من أهل فلسطين . هو منذ البدء يقرر أنه يرفض أن يكون إلههم ، وأن يكونوا من عباده . ويوصي بني إسرائيل بعدم قبول أي فرد من أهل فلسطين في دينهم ، كي لا تصيب رحمته أي واحد منهم . وأضفت : وأظنك ما زلت تذكر حديثنا عن سكر نوح ، ودخول حام ، أصغر أبنائه عليه ، ولعن نوح لكنعان ، وحكمه بعبودية كنعان ونسله ، لسام ونسله ؟ قال : نعم أذكر ذلك ، إذ كان حديثنا في الجلسة الماضية . قلت : وقت صدور هذا الحكم لم يكن إبراهيم قد وجد بعد . ومن ثم لم يكن بنو إسرائيل قد ظهروا إلى الوجود . وكان الحكم بمثابة تمهيد لميثاق الرب مع إبراهيم ، والوعد بإقصاء أهل فلسطين ، وتمليك أرضهم لنسله . وفي وقت لاحق ، وفي تبرير لاحق لأحكام الإبادة الصادرة بحق أهل فلسطين ، وفي تبرير لمتابعة الرب المباشرة لتطبيق هذه الأحكام ، يقول هذا الرب أنها جاءت بسبب ما وصفها بأرجاس أهل فلسطين : التضحية بالأبناء لأحد آلهتم – مولك – في النار . ومنهم العائف والعراف والمتفائل والساحر ، والسائل للجان ، والمستشير للموتى ، ومن يرقي الرقية ....الخ . وهي أرجاس لا يفعلها بنو إسرائيل ، رغم حقيقة أنهم يفعلونها وأكثر منها . وأكثر من ذلك فإن الرب حين سمح ليعقوب وأبنائه بالهجرة إلى مصركان يعرف أنهم ونسلهم سيسقطون في ربقة العبودية ، وحيث قرر ان يتركهم في جحيمها أربعمائة سنة . لماذا؟ : لأنه يريد أن تكتمل ذنوب أهل فلسطين ، ليكون مبرر إبادتهم من أمام إسرائيل كافيا . وقلت لمحاوري : ولا ينسى هذا الرب أن يذكر قادة إسرائيل ، موسى بداية ، ومن بعده يشوع بن نون ، بأنهم قد لا يتمكنون من إبادة أهل البلاد إبادة تامة . بمعنى قد يبقى بعضهم على قيد الحياة . ولذلك يكرر وصيته بعدم قبول أي شخص منهم في دينه ، وبعدم مصاهرة هؤلاء – لا تأخذ ابنته لابنك ، ولا تعط ابنتك لابنه - ، وبعدم السماح لهم بالسكنى بينكم ، إذ لو حدث هذا يكونون شوكة في جنوبكم . ومن يسلمون لكم بدون قتال ، ومن ثم ينتفي مبرر إبادتهم ، خذوهم عبيدا لكم ، حطابين وسقائي ماء لبيت الرب ، وإلى الأبد . وفي كتابي المشار إليه ،وقد لفت نظري قبول راحاب الزانية ، التي خبأت جواسيس يشوع ، وسهلت بالتالي احتلال وتدمير أريحا ، قبولها وبيتها في دينهم ، تساءلت ما الذي كان يتوجب على أهل فلسطين فعله ؟ هل كان عليهم أن يستجيبوا لحكم إله لا يريدهم عبادا له ؟ هل كان عليهم الإقرار بحق بني إسرائيل في وطنهم ، لأن هذا الإله الذي يرفض أن يكونوا من عباده ، أعطى عهدا به لآباء بني إسرائيل ؟ هل كان يتوجب عليهم نتيجة الإقرار أن يخلوا أرضهم ويتركوها ، لشعب هذا الرب المختار ؟ هل كان عليهم أن يستسلموا لأوامر إبادتهم ؟ ثم هل هناك في كل ما عرفت البشرية من أشكال العنصرية ، عنصرية أبشع من عنصرية ذلك الرب هذه ؟ قال محدثي : أقر بأن كل ما ذكرت فظيع فظيع . لكن ذلك أدعى إلى إعادة التأكيد على رفض هذه التوراة لأنها مزورة مزورة . صحيح أن الله هو مالك الملك ، وهو حر في ملكه ، ينزعه ممن يشاء ، ويعطيه لمن يشاء ، ولا اعتراض لأي بشر على مشيئته . ولكن من غير المعقول أن يكون مثل هذا التعدي على العدالة ، العصف بالعدالة ، سَنٌّ وتشريع وتطبيق مثل هذه العنصرية ، سن وإقرار مبدأ إبادة شعب لغرض إحياء شعب آخر ، أن يكون كل ذلك صادر عن الله الذي يمسك بميزان العدل ، ويطبقه على البشر أجمعين . قلت : إذن وما دمنا وصلنا إلى هذه النقطة ، تعال نتحول إلى القرآن .
إله بني إسرائيل من هو :
قلت لمحدثي : في الوقت الذي خرج فيه إبراهيم طريدا من جنوب العراق ، كانت الديانات الوثنية هي السائدة في ربوع المنطقة . وتقول الدراسات الآثارية الحديثة أنه كان لك مجموعة عرقية ، إله أعلى يسكن السماء ، وإله قومي يسكن بينهم ، في معبد رئيسي بنوه له . وتقول هذه الدراسات أنه لم تكن بين ديانات أهل الرافدين ديانة اسمها الإبراهيمية أو الحنيفية ، أو سمها ما شئت . وكان أهل العراق يعبدون إلها في السماء – آن للسومريين مثلا - وإلها قوميا على الأرض – إنليل ، إله الهواء على ألأرض ، أو نانا إله القمر - ....الخ . وكان الإله الأكبر ساكن السماء للفروع السامية – اهل بلاد الشام ومنها فلسطين – هو الإله إيل ، والإله القومي هو الإله بعل . وإذا كانت التوراة تحدد أن الإله إيل ، هو الإله الأكبر لآباء بني إسرائيل ، فإنها لم تحدد من هو إلههم القومي الذي اتخذوا له صورة العجل الذهبي . ولذلك عندما اختارهم إله موسى شعبا له ، وهو إله لهم ، عارضوا بشدة هذا الاختيار . ورغم أياته المتعددة ، ومنها عبورهم البحر ، ونجاتهم من فرعون ، وتيههم في سيناء ، وإطعامهم المن والسلوى ، أربعين سنة ، فإنهم ظلوا يخرجون عن طاعة هذا الإله الذي اختارهم ، ويعودون إلى عبادة إلههم العجل ، الذي كانوا يصنعونه من الذهب الخالص ،مرة بعد أخرى ، وحيث وصفهم الرب ذاته بالشعب صلب الرقبة ، أي العنيد ، أو شديد العناد . الأمر الذي ظل يثير غضبه عليهم ، فيوقع بهم العقاب تلو العقاب . ومع ذلك واصل التزامه بميثاقه مع آبائهم . وأيضا فإن صفات هذا الإله ، وبلسانه ، أبعد ما تكون عن صفات رب رحيم وغفور وعادل . هو يصف نفسه بأنه إله غيور وحقود ، يأخذ الأبناء بجريرة الآباء وحتى الجيل الرابع . وهو ينتشي برائحة الشواء ، ويفرض على أتباعه حرق أضاحيه على مذبحه .....وهناك الكثير من هذه الصفات التي دعت العلماء لأن يصفوه بالإله الصحرواي . وأسفار التوراة ما قبل السبي البابلي الأخير ، توضح بجلاء أن إله موسى هذا ليس هو الله الواحد الأحد ، وأن بني إسرائيل توصلوا إلى التوحيد في عصر متأخر ، بعد السبي إلى بابل . قلت لمستمعي : هنا يأتي دور القرآن . قال : وكيف ذلك ؟ قلت : حين يؤكد القرآن أن إله موسى ، إله بني إسرائيل ، هو الله ، إله الإنسانية كلها ، فهو يقول لنا : إذن فميثاقه مع الآباء صحيح . ووعده لبني إسرائيل بمنحهم فلسطين ، أرض اللبن والعسل ، هو الآخر صحيح . وأخيرا أن كل الأحكام بإبادة أهالي فلسطين ، وعبودية من ينجو منهم ، هو صحيح أيضا . ولأن الملك لله ، يهبه لمن يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، وأنه لا راد لقضائه ، ولا اعتراض على إرادته ، يكون علينا واجب التسليم بكل ذلك . قال : هذا استنتاج لا أستطيع الاتفاق معه . فاليهود أولا ليسوا من نسل أي من إبراهيم أو إسحاق أو يعقوب . وهؤلاء الحاليون الذين ينحدرون من اثنيات مختلفة ، لا حق لهم ، ديني أو تاريخي في أرضنا . ثم إن الله نزع منهم هذا الحق لسوء أخلاقهم ، ومسخهم قردة وخنازير . قلت : أنا هنا أتكلم عن الماضي . وأما مسألة الحق التاريخي ، فعلماء الآثار أثبتوا بالأدلة القاطعة زيف ذلك التاريخ الذذي يتحدثون عنه . ومن جملة ما أثبتوه أنه لم تقم في فلسطين مملكة موحدة لبني إسرائيل . ولم يكن هناك ملك إسمه داود ، وآخر اسمه سليمان ، وبالمواصفات التي تتحدث عنها التوراة ويشير لها القرآن . وكل ما في الأمر أنه إما نشأت في منطقة القدس مملكة صغيرة ، بتعداد سكان يتراوح بين سبعين ومائة ألف ، وأن داود أو سليمان ، كان ، إن وجد فعلا ، أقرب إلى شيخ قبيلة منه إلى ملك حقيقي . قاطعني معترضا : ولكن هذا قول يناقض القرآن ، والقرآن لا يكذب . وبالتالي فإن الأخذ به تشكيك بجوهر الدين ، وهو أمر لا يمكن لأي مسلم قبوله . قلت : هنا المصيبة أولا ، وثانيا قل ذلك لعلماء الآثار من الجامعة العبرية ، الذين بالقطع لا يريدون التشكيك بشرعية وجود دولتهم . هم لم يكتفوا بإيراد ما اعتبروه حقائق التاريخ ، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك ، بالقول ببطلان دعاوى إسرائيل في الحقوق التاريخية ، كما الحقوق الدينية ، ومسألة جانبية بنفي وجود شيء اسمه هيكل سليمان ، وهو ذات ما أكدته عالمة آثار بريطانية ، اسمهما كاثرين كانون ، استنادا لأعمال تنقيب تحت الحرم القدسي استغرقت سنوات . قال : هذه أمور لا يمكنني التسليم بها كمسلم ، لأنها تطعن عقيدة المسلم في قلبها . ثم إن القرآن نقض كل دعاوى اليهود بحقوق لهم في فلسطين ، سواء أكانت دينية أو تاريخية . وأيضا والقرآن يثبت حقوق المسلمين في الأقصى أولى القبلتين ، ينسخ أية حقوق لليهود فيما يسمى بهيكل سليمان المزعوم .
الأقصى الذي باركنا حوله :
قلت : تعال إذن نتوقف عند هذه النقطة . فأنت تعلم أن المسلمين حين فتحوا فلسطين ، انتزعوها من أيدي المحتلين الرومان ، وحيث كان أهل القدس ، كما أغلب الفلسطينيين ، يدينون بالمسيحية . قال : نعم ذلك صحيح ، وبدليل إضافي هو أن الذي سلم القدس للخليفة عمر بن الخطاب ، هو بطريركها صفرونيوس . قلت : وحين نزلت الآية : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ... } ، لم يكن في فلسطين كلها مسلم واحد ، ليكون له مسجد يؤدي فيه صلاته . وساعة دخول المسلمين القدس كان يقوم مكان الأقصى معبد روماني ، بناه الرومان على أنقاض معبد هيرودوتس ، وعلى اسم إلههم جوبيتر. وهيرودوتس ، وهو ملك آدومي – نبطي - بنى معبده على أنقاض معبد أصغر منه ، يسمى معبد زربابل ، والأخير على أنقاض معبد أصغر ، يعتقد بأنه هيكل سليمان المزعوم . وقلت لمحدثي : لاحظ هنا أن أسماء المعابد المذكورة ، هي بأسماء بناتها ، من ملوك أو حكام ، تعاقبوا على المدينة المقدسة . إذن حان وقت السؤال : ما هي حقيقة المسجد الأقصى المبارك حوله ؟ هل هو معبد جوبيتر الروماني ؟ هل هو أحد المعابد التي سبقته ؟ لكن ولأن معبد هيرودوتس كما معبد زربابل ، من غير المحتمل أن تلحق بهما أية قداسة فأية بركة ، وبالتالي تسمية مسجد ، يكون هيكل سليمان المزعوم هو الخيار المتبقي . قال : أنت تعرف أن القرآن وصف إبراهيم بالمسلم الحنيف ، وكذلك من لحق به من الأنبياء ، خصوصا داود وسليمان ، وبالتالي يكون معبد ، أوهيكل سليمان هو المسجد المعني . قلت : نعم أعرف الأوصاف التي ذكرتها في القرآن . وأعرف أن النبي كان لا يذكر الملك داود إلا ويقول عنه : أخي داود . لكن إن كان الأمر كما تقول ، فهذا أول إقرار إسلامي بالحق التاريخي وبالحق الديني ، الذي تقول بأن الإسلام نسخه . وبعد جدال طويل حول هذه النقطة ، لم يخرج في مضمونه عما سبق ، انتقلنا إلى المسألة التالية .
داود وجوليات :
قلت لمحدثي : أظنك تعرف أن صراع داود وجوليات يرمز إلى الصراع بين الخير والشر ، وغلبة الخير ، رغم جبروت الشر . وهو أيضا يرمز إلى صراع الحكمة – العقل – والقوة ، وانتصار العقل على القوة . قال : نعم أعرف ذلك . قلت : والتوراة تقول لنا أن جوليات ، الرجل الضخم ، صاحب القوة الهائلة ، كان قائدا للفلسطينيين ، يواجه جيش بني إسرائيل ، بقيادة ملكهم شاءول . ورغم أن شاءول كان هو الآخر يتميز بطوله الفارع ، وضخامة جسمه وقوته ، لم يجرؤ ، لا هو ولا أي من رجاله على مبارزة جوليات . وجاء داود ، وكان صبيا ، وراعي غنم أبيه ، وطلب إذن شاءول لمبارزة جوليات . وأذن له شاءول بعد طول رجاء . واستهزأ جوليات بهذا المبارز ، الذي قذفه بحجر من مقلاعه ، ومن بعد ، ليصيبه في جبهته فيسقط صريعا ، وينهزم الفلسطينيون ، ممثلو الشر ، وينتصر بنو إسرائيل ، ممثلو الخير . قال : وما علاقة هذه القصة بالقرآن ؟ قلت تعال نقرأ الآيات 149 ، 150 ، 151 من سورة البقرة وهذا نصها :{ فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس بمني ومن لم يَطْعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين *} . وطالوت في هذه الآيات هو الملك شاءول ، وجالوت هو جوليات ، قائد الفلسطينيين . وكيفما قرأت تفسيرها ، تجدها مؤكدة صحة الرواية التوراتية ، ومثلها تقرر أن الفلسطينيين ، هم القوم الكافرون ، ممثلو الشر ، وأن قوم شاءول هم المؤمنون ، ممثلو الحق والخير ، الذين استجاب الله لدعائهم فنصرهم على هؤلاء القوم الكافرين ، الذين رفض هدايتهم ، ومنعهم من دخول دينه . وسؤالي لك : ماذا تريد أكثر من هذا تأكيدا على انحياز الرب ضد أهل فلسطين ؟ قال : ولكن كان كفر أهل فلسطين آنذاك حقيقة قائمة ، وبالتالي كانوا فعلا ممثلين للشر ، وكان لا بد أن يعاقبهم الله على شرهم . قلت : ألهذا السبب رفض هدايتهم ، وإدخالهم في دينه ، مكتفيا بالزانية راحاب عنهم ؟ قال : لا أعرف ، وأراك تحرف الكلام ، لأن القرآن نسخ وعد الله لبني إسرائيل بامتلاك فلسطين ، والتي غدت أرضها أرض وقف للمسلمين ، لا يمكن أن تؤول ملكيتها إلى أي طرف آخر . قلت : إذن تعال ننتقل إلى النقطة التالية .
الوعد في القرآن :
قلت لمحدثي : اتهمتني بالتحريف ، وتقول أن القرآن نسخ وعد الله لبني إسرائيل ، وأنا سبق وقلت لك أن هناك أكثر من آية ، تثبت هذا الوعد . قال : هذا غير صحيح . دلني عليها إن كان ما تزعمه فيه شيء من الدقة والصحة . قلت : لك ذلك ، وتعال نبدأ من سورة البقرة ، التي فيها أكثر من مائة آية تتحدث عن بني إسرائيل ، وتتطابق تطابقا تاما مع ما ورد في التوراة . وأضفت تعال نقرأ الآية 58 ونصها : { وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين } . وقلت : أظنك لا تنكر أن هذه الآية تخاطب بني إسرائيل ، المخاطبة التي بدأت بالآية 47 ونصها : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين } . والآن دعني من هذه الآية ، التي أسست للتمييز العنصري ، كآيات كثيرة غيرها ، وما أصاب به البشرية من كوارث ، وتعال نعود للآية 58 . وأقول لك ولغيرك ، كي نفهم الآية لا بد أن نعود إلى التفسير ، واختر أيها تشاء . وهذا تفسير الجلالين ، كأحد الخيارات :" { وإذ قلنا } لهم بعد خروجهم من التيه { ادخلوا هذه القرية } بيت المقدس أو أريحا { فكلوا منها حيث شئتم رغدا } واسعا لا حَجْرَ فيه { وادخلوا الباب } أي بابها ، { سجدا } أي منحنين { وقولوا } مسألتنا {حطة } أي أن تحط عنا خطايانا { نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين } بالطاعة ثوابا . وأضفت : هل في رأيك هذه الآية تنقض الوعد أم تؤكده ؟ قال : في الحقيقة لم يسبق لي أن توقفت عندها ، ومع ذلك هي تنقضه . قلت : كما تشاء ، ولك الحق في أن تتمسك بحكمة " عنزة ولو طارت " . وتابعت : تعال إلى أخرى . قال : وهل في جعبتك غيرها . فلت : ليس في جعبتي ، ولكن في سورة الأنبياء ، والآية 71 ونصها :{ ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } . الحديث هنا عن إبراهيم ونجاته من أهله الذين حاولوا حرقه بالنار ، والأرض التي باركنا فيها للعالمين ، كما تتفق التفاسير ، هي فلسطين . وقد تقول أن هذه الآية لا تنص صراحة على الوعد ، فلماذا تحتكم إليها إذن ؟ وأقول معك حق . فالصلة ضمنية ، غير مباشرة ، وقد لا تراها . إذن لننتقل إلى الآية 104 من سورة الإسراء ، وهذا نصها : { وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا } ولأن الآيات السابقة لها تتحدث عن خروج بني إسرائيل من مصر ، فالآية واضحة في أن الأرض التي يأمر الله إسرائيل بسكناها هي فلسطين . وأشرت لمحدثي : أو أن لك رأيا آخر ؟ قال : أكيد لي رأي آخر . صحيح أن الله يرشد بني إسرائيل للسكنى في فلسطين ، لكنه لا يقول أنها لهم ، وأن عليهم ، حين سكناهم فيها ، طرد أهلها منها . قلت : إذن هي حكمة عنزة ولو طارت . إذن تعال للآية 137 من سورة الأعراف ونصها :{ وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها .......} . ولأن عشرات الآيات التي سبقت هذه الأية ولحقتها تتحدث عن بني إسرائيل وموسى ، وعبور البحر والتيه في سيناء ، يغدو واضحا أن { القوم الذين كانوا يستضعفون } هم بنوإسرائيل ، وأن الأرض التي أورثهم إياها ، من مشارقها إلى مغاربها { التي باركنا فيها } هي فلسطين . وتوجهت لمحدثي : أم لك رأي آخر . قال : متضايقا ، ممتعضا ، مغاضبا : لا . قلت : هل اكتفيت ؟ قال : لا . قلت : إذن تعال نقرأ الايات من 20 إلى 26 من سورة المائدة ونصها : { إذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون *قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإن دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين * قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون * قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين * قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين * } . قلت : هذه آيات بينات شديدة الوضوح ، لا تحتاج إلى تفسير . والتأكيد فيها على الوعد مباشر ، واضح ، لا لبس فيه . قال : نعم هذا صحيح . قلت : كما يقولون ويقال : هل آمنت يا توما ؟ قال : آمنت يا سيدي . لكن أريد أن أسلك سؤالا . ألا تدرك أنك في كلامك هذا ، في بحثك ، في كتاباتك ، تخدم العدو من حيث تدري أو لا تدري ؟ قهقهت ضاحكا وقلت : ولكننا جميعا نعرف أن لدى العدو جيوش من الباحثين النابهين ، بإمكانات أعلى منا بكثير . هم إذن لا يحتاجون لا أن نبههم لما نتخيل أنهم عنه غافلون ، ولا أن نضع بين أيديهم معلومات غفلوا عنها . نحن يا سيدي من نحتاج لهكذا بحوث فمعلومات . والأهم من كل ذلك أن صراعنا مع هذا العدو ، لم يكن ، ولا هو ، صراع تاريخي أو ديني . صحيح أن الدين والتاريخ تم استخدامه ، وما يزال في الدعاية ، لكنه عامل ثانوي غير حاسم . ولو كان الصراع دينيا لكسبوه وحسموه منذ وقت طويل . الصراع يا سيدي صراع قوى . قوى ، السلاح وقدرات التدمير والجيش .....الخ بعض مكوناته . والعلم وتطبيقاته ، التكنولوجيا وتوظيفها ، المال والاقتصاد ، السياسة والثقافة والفنون ، القانون والنظام ، الديموقراطية والحريات ، الإعلام والإبداع ....الخ كل ذلك وغيره عوامل في صراع القوة الذي نخوضه ، مفلسين في أكثرها . وقلت : ثم تعال هنا . موضوعنا هنا موضوع العدالة . فهل ما زلت ، بعد كل ما عرضنا في هذه الحلقة ، والحلقتين اللتين سبقتا ، تقول بعدالة الإسلام المطلقة ؟
#عبد_المجيد_حمدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار أملاه الحاضر 18 عدالة الإسلام 2 العبودية
-
حوار أملاه الحاضر 17 العدالة في الإسلام 1 الغنائم
-
من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي
-
حوار أملاه الحاضر 16 خروج مؤقت آخر عن المسار
-
عبد المجيد حمدان- كاتب وباحث واحد قادة اليسار الفلسطيني- في
...
-
وبات لزاما عليتا التصرف كدولة
-
حوار أملاه الحاضر 15 الشريعة وتطبيق الحدود 5 خروج مؤقت عن ال
...
-
حوار أملاه الحاضر 14 الشريعة وتطبيق الحدود ...حد الجنايات 4
...
-
حوار أملاه الحاضر 13 الشريعة وتطبيق الحدود ...حد الجنايات 3
...
-
حوار أملاه الحاضر 12 الشريعة وتطبيق الحدود ....الجنايات 2 حد
...
-
قراءة في ثورة الشباب المصري 18 الإخوان ودولة الخلافة
-
حوار أملاه الحاضر 11 الشريعة وتطبيق الحدود حد الجنايات 1
-
حوار أملاه الحاضر 10 الشريعة وتطبيق الحدود ملك اليمين والمجت
...
-
حوار أملاه الحاضر 9 الشريعة وتطبيق الحدود ....زنا الإماء
-
حوار أملاه الحاضر 8 النبي وتطبيق حد الزنا
-
حوارأملاه الحاضر 7 الشريع وتطبيق الحدود حد الزنا 2
-
حوار أملاه الحاضر 6 الشريعة وتطبيق الحدود ....الزنا (1)
-
حوار أملاه الحاضر 5 الشريعة وتطبيق الحدود ....الخمر
-
حوار أملاه الحاضر 4 العورات بين المجتمعي الإنساني والرباني
-
حوار أملاه الحاضر 3
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|