أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - سحرُ البيانِ














المزيد.....


سحرُ البيانِ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تطورُ المعارضةِ فكرياً سياسياً يترافقُ مع تطورها بيانياً. البيانُ هو ذروةُ التعبيرِ عن الموقف. وإذا كانت الرؤى مضطربةً والمواقف سطحيةً فالبيان غالباً ما يكون طفولياً، ويغدو تعبيراً عن صخبِ الصغار، لا إرادة الكبار.
القوى السياسية المترافقة مع حراك الناس عبرتْ عن نضالاتِها من خلال (بيانات)، وتصيغها من خلال الصخب الداخلي والتعبير عن الفجائع وتدوين مطالب هامة بتعبير لغوي مضطرب هائج لا يتبلور في تغلغل عقلاني بعيد النظر وإذا حدث أن ظهرت مثل هذه البيانات النادرة تغدو معبرةً عن الحكمة وبعُد النظر وهي ثمارٌ قليلة في حقول محترقة.
غياب الرقابة الاجتماعية العقلانية كثيراً ما جعلت البيانات غير منتجة لتطور سياسي اجتماعي يحفر في صخور الواقع، فتلتحق البياناتُ بزبدِ الأحداث ولا تمكثُ في الأرض. وكثيراً ما غيّبت الرقابة بعدئذ تطور التعبير ولغة الصحافة والفكر، والحد الفاصل بينهما والجمع الخلاق بين ناريهما هو نتاجُ الديمقراطية ومسئولية الجماعات السياسية عن التطور الخلاق السلمي الصاعد المتنوع للوطن.
لغةُ المعارضة كانت وما زالت من الضرورة أن تكون دقيقةً في فهمها وتحليلها للظروف ومستويات الإرادات المختلفة، لكن قراءاتها للبُنى الاجتماعية التاريخية كانت محدودة، فلم تر سوى إرادة واحدة أو عبرت عن صوت الذات، ولم يكن لديها الجهاز السياسي الإعلامي المتفرغ المتطور لمثل هذه المستويات، ومن هنا فلم يظهر كادرٌ حزبي في أي جماعة قد وصل لمستوى متطور من البيان المسئول المتبصر للراهن والمستقبلي من الأحداث، ولهذا اعتمدت اللغةُ البيانية على الصراخ والهجوم، وغدت التصريحات سوقاً للمزايدة، وليس تعبيراً عن موقف مسئول قوي راسخ، وهو يرضي لغةَ البيانات الجماهيرية الغاضبة المشحونة مؤقتاً، لكن لا يرضي مصالح الجماهير وتثبيتها في التطور السياسي الاجتماعي وتحويلها لمنجزات.
ولهذا فشل بيانيون سياسيون حين انتقلوا لمجالات النشر والكتابة المختلفة وراحوا يطبقون مقولات الهجوم على تقييم الظاهرات الاجتماعية والثقافية المتنوعة، معبرةً هذه اللغة عن كهرباء داخلية متفجرة غير مفرّغة في أشكال من التوصيل المضيء بل تصيب المصابيح بالتشنج. ولهذا لا تستطيع أن ترتقي لمستوى الدراسات، فالدراسةُ تتطلب جهداً موضوعياً موسوعياً ديمقراطياً يلتفّت لمختلف الجوانب الايجابية والسلبية من الظاهرة سواء أكانت نظاماً سياسياً أم رواية أم مسرحية أم مظاهرة.
قولبة الظاهرة للوعي المسبق التنظيمي الإداري الجامد ينمطها في مدحٍ أو ذم، استمراراً لتطور القصيدة العربية إما فوزاً بالغنيمة وإما هجاءً لحركة ضالة، واستمراراً للبيان العربي المسيّس الحكومي في تجميد التطور.
لهذا فشل المناضلون في انتقالهم للمواقع وجرائد لسان الحال حيث لم يراعوا لحظات الانتقال بين مرحلتين سياسيتين مختلفتين، فلا تصلح عبارات قذف الحجارة في التعاون في إنشاء عمارة سياسية مشتركة.
ولهذا حدث لهذا النمط من البيانيين إنتاج لغات المدح أو لغات الذم على الجانبين. فيتحول الهجومُ الهادر إلى مدح عارم، أو إلى هجاء باتر.
لم تكن لغة الكتابة الوطنية في النمط القليل الباقي هي لغة تطويع فقط وتذويب المضامين النقدية، بل كانت كذلك حفراً في الواقع ورؤية سبل تطوره وتقريب المختلفين لسبيل وطني ديمقراطي مشترك، وهو سبيلٌ تكون بصعوبات جمة في الصحافة، لكن كل الفرقاء المتوترين يهاجم بحجارته المدونين الواقعيين النقديين، المتبصرين لسبل التطور المعقدة، ويطلب التبسيط الإعلاني حيث الصحافة مجرد أبواق أو ميدان لعرض السلع السياسية من نوع واحد.
تطور البيان تطلب تطور الرؤى بأن تكون رؤى قوى اجتماعية متداخلة لا رؤى طوائف، رؤى القوى الاجتماعية امتدت خلال عقود ووحدت الشعب، وجاءت رؤى الطوائف وفرقت الشعب، ولهذا فإن لغاتها التعبيرية لا تغوص لحقيقة الواقع، هي تؤدلجُه تبعاً لمصلحتها، تمزقُ جسدَه في قطع صالحةٍ لمطبخها، والاعتراف بهذه الحقيقة الأولية المحورية فاتحة العقلانية واللغة التعبيرية الأمينة، فتجعل البيان موضوعياً، توحيدياً، نضالياً.
ما نفعُ الكلمات حين تنهال ضرباً ولم تتغلغل في النفوس والعقول تمسك خيوطَ الخير والنور وتجليها؟
حين يختلف رجلٌ ذو كلام صادق مع نبي يقول له أعجاباً بلغته وصدقها (إن من البيان لسحرا)، وحين يمدح شاعرٌ إماماً من آل البيت يقول عنه (تعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ..) لقد أثنى على الرؤية والتعبير ولم يمدح الحجارةَ المنهالة على رؤوس الناس، وقد بقي الكلامُ والشعر وزال المنجنيق!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمة المضطربة لأمريكا
- مصطلحُ (الحرة) الاقتصادي الاجتماعي
- المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب(2-2)
- المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب (1-2)
- في التطورِ العربي العام
- ضد الانحدار المشترك
- في جدلِ المعارضة
- عبدالفتاح إسماعيل ورفاقه (2)
- عبدالفتاح إسماعيل ورفاقه (1-2)
- نقابيةٌ مستقبليةٌ
- تراكمُ الإرثِ النضالي
- الشباب والماضي
- السيرُ للوراء
- حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ
- علاقاتُ الوعيين القومي والديني
- القوميون في الخليج (2)
- الحركةُ القوميةُ في الخليج (1)
- الإيديولوجيا والواقع في الخليج
- العداءُ للرأسماليةِ في الخليج
- اليسارُ في الخليج (2)


المزيد.....




- الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
- انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
- فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
- ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر ...
- -مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
- سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء ...
- شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
- انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
- سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - سحرُ البيانِ