داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4252 - 2013 / 10 / 21 - 14:29
المحور:
كتابات ساخرة
نجح ابني حمودي الى الصف الثالث الابتدائي و صار يتهجيأ الحروف و يكتبها بركاكة . وذات يوم اخذ يعبث بكتبي و اوراقي فشاهد بالمانشيت العريض مفردة سلطة فكتبها ( سطلة ) دون ان ينتبه او يعرف وببراءة طفولية. و حينما رجعت من الدوام الرسمي الى البيت استقبلني فرحا و قال لي ( شوف بابا شكتبت ) فقرأت بخطه الركيك و بقلم الرصاص الكلمة التي كتبها ، فانفجرت من الضحك وفهمت ما يريد ان يكتب .فدعيت على اثرها ام اولادي و اعلمتها بما كتبه حمودي فضحكنا ضحكة لم نضحك مثلها الا قبل ( 2003 ) ، يوم كنا لا نعرف ارهابا ولا طائفية ولا تفجيرات بسيارات مفخخة ، ولا كان يخطر ببالنا ولا سمعنا ان وزيرا يسرق من خزينة الدولة ومن قوت الشعب مليارات من دون حياء ولا خجل .
بعدها رحت اشرح لام اولادي مفهوم ومعنى السلطة ، و كيف انها في الدول الديمقراطية تنتقل عن طريق الانتخابات الحرة ، وليس في دائرة واحدة كما ( قشمرونا ) ساستنا و فعلوا ذلك ، حتى صعد الى دفة السلطة من صعد من الاميين وانصاف المتعلمين ،ممن حصل بعضهم على الف صوت لا غير ، و هذه هي ديمقراطية ( حاجة بربع ) التي وضع اساها ساسة آخر زمان .
وبهذه الكلمات رحت ( اتفلسف على مرتي ) و استعرض معلوماتي الفكرية ،والمسكينة تشاطرني الرأي بدون ان تفهم نصف كلامي ولا تعترض .حتى اخذني الزهو و كأنني ( محمد عابد الجابري ) او ( محمد سعيد العشماوي ) او ( محمد حسنين هيكل ) .
واثناء هذه المحاورة الديمقراطية مع استاذ و تلميذه الذي لا يحق له ان يعترض ، سمعنا طرقات على الباب فقلت : - بابا حمودي انظر من بالباب فتمثل للأوامر، ثم عاد مسرعا ليخبرنا ان الطارق هي سارة ابنة جيراننا و قد بعثتها امها لطلب ( سطلة ) الماء التي نستعملها لجلب ماء الشرب من محطة التصفية القريبة منا . فضحكنا ضحكةً اكبر من الاولى بكثير. و قالت ام حمودي لا والله ( ما ننطيها ) سطلتنا !! والجماعة يومية طالبينها ؟ قابل السوق بعيد عنا ( ما ننطيها .... ما ننطيها ) تقولها بهستيرية ، فقلت لها : يا امرأة ؟ (هي نمونة ) . ( اشحال لو طالبين منج مرة ) ؟!
عندها تذكرت مقولة احد كبار ساستنا حينما طلب منه احد المواطنين ان يتمسك بالسلطة ( مو ) السطلة ، فأجابه بلهجة القائد المنتصر : ( لا والله ما ننطيها ) .تذكرت هذا و ضحكت ملأ فمي ، و قلت في نفسي ان ام حمودي على حق لان ( السطلة عزيزة ) لا تقل اهمية عن السلطة .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟