أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد احمد الخفاجي - التزيين و العمارة الحديثة .. دراسة حول الابتذال في ظاهرة تغليف واجهات المباني باستخدام الجدران الساترة (curtain wall) من مادة -الالكوبوند- .















المزيد.....


التزيين و العمارة الحديثة .. دراسة حول الابتذال في ظاهرة تغليف واجهات المباني باستخدام الجدران الساترة (curtain wall) من مادة -الالكوبوند- .


فؤاد احمد الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


بعد ان كثر استخدام التزيين المتمثل بالتغليف بصفائح الالمنيوم الملونة (الالكوبوند) بكل هذا الاسفاف في المباني اصبح لزاما علينا كمعماريين ومختصين ومهتمين بالذوق العام ان نسلط الضوء على هذه الظاهرة المشوهة لطرز العمارة وطابع المدينة العمراني ، ولعلنا لا نغالي ان قلنا ان التزيين هو عملية خداع يمارسها المصمم او المنفذ لاخفاء امر ما في بنايته لذا كان من اهم اهداف العمارة الحديثة التي شاعت في بداية القرن العشرين هو التعبير الصادق لهياكل الابنيه ومحاكاة الطبيعة وإظهار امكانيات المواد الانشائيه وهذا ما يخالف مبادئ عملية التزيين الكاذبة والتي تخادع مستخدم المبنى والناظر اليه على حد سواء ، فالتزيين في اغلب الاحيان كما اشرنا في تعريفه غايته اخفاء عيوب التصميم و التنفيذ و سوء استخدام المواد الانشائية لاظهار المبنى بحلة مختلفة جدا عن حقيقته لذلك رُفِض من قبل رواد العمارة الحديثة واعتبروه عملية خداع يجب نبذها..
ان احدى السمات الثلاثة للاسلوب العالمي المعاصر في العمارة هي تجنب الزخرفة بالابتعاد عن التزيين والتوجه نحو التكوين المعماري اضافة الى السمتين الاخرى وهي التعامل مع الحجوم بدل الكتل و التركيز على نظامية التكوين بدل التناظر (الاسلوب الدولي في العمارة عام 1922 للكاتبين هنري هتشكوك وفيليب جونسن ).
لذلك فالعودة للتزيين في احسن الاحوال هو مؤشر لتراجع العمارة قرنا كاملا من الزمان وهذا في حالة اعتماد التزيين المعماري المدروس وليس الابتذال الحاصل في استخدام الالوان و المواد كما يحدث اليوم في كل مدن العراق للكثير من اعمال التجديد التي يقوم بها اناس طارئين على مهنة الهندسة و فن العمارة يكلفهم ارباب عمل من اصحاب رؤوس الاموال الذين يفتقدون للذوق الرفيع ويجهلون ثقافة الفن المعماري ولا يعيرون بالا للتصميم و الاختصاص ولا يعرفون شيئا عن الطابع العمراني للمدينة !!
يقول ادولف لوس في 1897 وهو احد اهم المنظرين للعمارة الحديثة (كلما انحدر مقياس ومستوى مجتمع ما , كان التزيين متطرفا ومسرفا ) [Benevolo, Leonardo p241 ] ( كتاب الحركه المعماريه الحديثه لـ شيرين احسان شيرزاد ص17)
وهذا هو بالضبط تشخيص الحالة التي تنتشر في عمارتنا منذ عقد تقريبا فالانحدار الاجتماعي الحاصل صاحبه تزيين للابنية مسرف بل ومتطرف انهك الذوق العام و تسيد المشهد المعماري للمدينة دون ان تردعه اية جهة حكومية او مدنية مختصة ..
لقد اصبح التزيين اليوم يمارس بشكل واسع في المباني وكأنه اساس و بديهية انشائية لايمكن تجاوزها !! وعندما يكون تصميم التزيين بأيدي الطارئين على الفن المعماري سواء على ايدي غير المتخصصين في شؤون التصميم المعماري وهم المعماريين اولا و اصحاب الفنون التزيينية كالنحات والرسام التجريدي وغيرهم والذين استعيض عنهم اليوم بالعمال الفنيون (خلفات تنفيذ الاعمال) ستكون الكارثة الفنية مضاعفة والمشكلة مزدوجة ويتضح ذلك جليا على الكثير من مباني المدن العراقية في الوقت الحاضر...
ثم عاد ادولف لوس ليكتب في 1908 مقاله بعنوان التزيين والجريمة (Ornament and Crime) كتب يقول ؛ ان الزخرف لا يصلح عملا شاغلا لإنسان متحضر في القرن العشرين وهي علامة من علامات التردي والهمجية ... (نفس المصدر السابق )
لاحظ عزيزي القاريء ان السيد ادولف قرن التزيين بالجريمة ! فهي فعلا جريمة في حق الفن المعماري والذوق العام والتراث البشري ..
وهنا لابد من الاشارة الى ان الابتذال الحاصل في عمارة اليوم هو احد تداعيات انحدار الحضارة والمدنية وانحسارها في العقود الاخيرة من تاريخ العراق وتحديدا منذ بداية الثمانينات ودخول العراق حربه ضد جارته ايران لثمان سنوات في حرب ضروس راح ضحيتها قبل المدنية والتحضر مئات الآلاف من البشر و اقتصاد محطم انتج انحدار و تدني اجتماعي واخلاقي وفوضى حياتية استمرت حتى سقوط النظام عام 2003 و اجتياح كامل من قبل الامريكان لاراضي العراق واعلان الاحتلال ، لتبدأ صفحة جديدة من الانحدار الثقافي و الذوقي وانحسار اكبر واشد للمدنية و التحضر ..
كما ان الهجرة الكبيرة غير المنظمة وبدون اية ضوابط من مناطق الريف الى المدن ومن ثم الى العاصمة بحثا عن العمل و التوظيف واحيانا للتمتع باجواء المدينة الصاخبة ، و الحاقا بركب العملية السياسية الجديدة والحصول على بعض منافعها ومكاسب امتيازاتها كان له اثر كبير في ترييف حواضر المدن العراقية وإضفاء صفة البداوة عليها ومما لايخفى ان العمارة تزدهر في المدن على ايدي ساكنيها المتحضرين اما البدوي او غير الحضري بشكل عام فلم يعتد حياة الرفاهية ولما يقتنع بعد ببذل الكثير من الجهد والمال من اجل مفهوم يدعى الفن المعماري وبالتاكيد هو لايبالي بالموروث المنجز لعمارة المدينة .
من الجدير بالذكر ان تاريخ العراق الاجتماعي يمر بمد وجزر بين الحضارة والبداوة فهو يؤشر لنا استفحال القيم البدوية فيه تارة عندما تكون مؤسسات الدولة ضعيفة وغير مسيطرة على الاوضاع الداخلية بينما يكون المؤشر باتجاه المدنية والتحضر تارة اخرى عندما تقوى الدولة وتمسك بزمام الامور وتقمع النزاعات الداخلية و تنهي اية تجاوزات على القانون والنظام العام.
يقول الدكتور علي الوردي ( ان الدولة اساس مهم من اسس الحضارة فاذا قويت الدولة في بلد ما بحيث استطاعت ان تقمع النزاع الداخلي فيه و تضرب على ايدي اللصوص وقطاع الطرق ازدهر الانتاج الزراعي والتجاري والصناعي وعمرت المدن وانهمك الناس في حرفهم المختلفة لا يخشون شيئا وقد حدث هذا في تاريخ العراق مرات عديدة) دراسة في طبيعة المجتمع العراقي – ص 29.
اذا فمشكلة الانحدار الفني والتشويه العمراني الحاصل باستخدام التزيين المبتذل ليست مشكلة فنية هندسية علمية بحتة وانما هي اولا مشكلة اجتماعية تعاني منها المجتمعات العربية عموما والمجتمع العراقي على وجه الخصوص فكما اوضحنا ان التزيين غالبا ما يصاحب تراجع الحضارة وغلبة للصفة النقيضة لها والناتجة حتما من ضعف الدولة و تراجع الاقتصاد والقيم الاجتماعية.
ونتيجة لذلك و لأسباب اخرى كتفشي الأعمال الارهابية والفساد الإداري الحاصل بعد التغيير في 2003 كانت ظاهرة الفوضى المعمارية تنتشر شيئا فشيئا في بغداد وبقية مدن العراق ومن أهم علامات هذه الفوضى انتشار ظاهرة التزيين المبتذلة على واجهات الأبنية الحديثة والقديمة معا.
إذ لم تقتصر ظاهرة الابتذال في التزيين على الابنية الحديثة (ما بعد 2003) بل تعدى ذلك الابتذال ليطال حتى تلك الابنية المبنية في العقود السابقة وعلى أيدي كبار المعماريين العالميين والعراقيين والتي تعتبر ارثا حضاريا معماريا لبغداد يجب الحفاظ عليه وصيانته و اعتباره مؤشرا لحقبة مهمة في تاريخ المدينة ، يقول د. خالد السلطاني ؛ ان موجات التجديد والتغليف العاتية المشوهة للمنجز المعماري العراقي والناشطة في بغداد وفي غيرها من المدن العراقية تنال الان بفعلها الشنيع كل ما تصادفه امامها من نماذج ذلك المنجز.. كتاب فعل العمارة ونصها (ص 257 ).
وللتوضيح اكثر ندرج بعض نماذج الابنية التي تم التجاوز عليها وانتهاك عمارتها الجميلة على سبيل المثال لا الحصر ؛
1- بناية الضمان الاجتماعي في شارع الجمهورية والذي اعد تصميمها مكتب المعماري هشام منير في سبعينات القرن الماضي وقد تم تشويهها بتغليف واجهتها بالواح الالمنيوم وبالوان صارخة نشاز
2- بناية البنك المركزي العراقي في شارع الرشيد والمصمم من قبل المكتب الاستشاري لـ ديسين وويتلين Dissing & Weitling الدنماركي وفي سبعينيات القرن الماضي وقد تم تغليف واجهات المبنى بالواح الالمنيوم وايضا باستخدام اللون المفضل عند اصحاب الابتذال وهو اللون الاحمر او البرتقالي الصارخ ولا نعلم من المكتب الاستشاري الذي صمم واشرف على هذا العمل !! هذا ان كان هناك فعلا مكتبا استشاريا تم تكليفه بهذا العمل ..!







بناية البنك المركزي العراقي قبل التجاوز عليه


بناية البنك المركزي
بعد تغليف واجهاته

3- الابتذال السوقي الحاصل في شارع الرشيد وابنيته و طابعه العام شوهت المنظر العام لهذا الشارع العريق وقطعت ايقاعه .











4- بناية مشغل الهلال الاحمر وقد تم تحوير واجهتها بطريقة عشوائية وفوضوية


بناية مشغل الهلال
الأحمر قبل التحوير




5- بعض الفنادق في شارع السعدون وقد تم تغليف الواجهات بالواح الالمنيوم وبالوان صارخة ونشاز ومتناقضة مع ابنية الشارع وطرازه المعماري
6- مبنى جامعة ال البيت المصمم في عشرينيات القرن الماضي من قبل المعماري الانكليزي جي ولسون ذالك المبنى الذي يشكل قيمة فنية عليا عند المعماريين العراقيين
7- مبنى مديرية الاشغال العسكرية السابق في باب المعظم المصمم من قبل المعماري قحطان المدفعي
8- بعض ابنية المصارف الجميلة المنتشرة في بغداد والمبنية في العقود السابقة والمصممة على ايدي معماريين عراقيين وقد تم تشويه واجهاتها من خلال نفس المعالجة التافهة وهي التغليف بالواح الالمنيوم بشكل عشوائي و بالوان صارخة وبتنفيذ سيء









ولكي لا يفهم القاريء اننا ضد استخدام الجدران الساترة (curtain wall) شكلا ومضمونا فذاك عمل المعماري المبدع رفعت الجادرجي واستخدامه للجدران الساترة في ابنيته كبناية اتحاد الصناعات العراقي في ساحة الخلاني وقد استخدم الجادرجي الجدار الساتر فيها وانتج عمارة جميلة ومعبرة ومازال المعماريون يشيرون لها بالبنان وان اثارت الكثير من الجدل في الاوساط المعمارية واختلف البعض مع فكرتها الا ان ذلك لا يقلل من شأنها .
ونحن ايضا لسنا ضد استخدام الواح الالمنيوم العازلة في تغليف الابنية لكننا ضد التشويه والابتذال في استخدام هذه المادة فمن الضروري جدا استخدام البساطة والعقلانية الى جانب الموضوعية في الفن المعماري ومراعاة الفائدة الوظيفية عند استخدام المواد وعلى ايدي متخصصين بالتصميم اولا ثم متخصصين للاشراف على التنفيذ ثانيا.



بناية اتحاد الصناعات العراقي
في ساحة الخلاني للمعماري
رفعت الجادرجي
واستخدام الجدران الساترة في
الواجهات.





لان من اهم الشروط الواجب مراعاتها عند تنفيذ رغبة رب العمل لتغليف واجهة مبنى ما بهذه المادة او غيرها من مواد التزيين او الزخارف هي قيام رب العمل بتوفير مصمم معماري من خلال مكتب هندسي مجاز يقوم باعداد تصاميم الواجهات و يشرف على تنفيذها ولا يمكن القبول باي حال من الاحوال ان يقوم "الخلف" العمال الفنيين باعداد التصميم والاشراف والتنفيذ في آن واحد لان النتيجة ستنعكس على المبنى من خلال سوقية التصميم وبساطة الحلول وسطحية المعالجات و بشاعة الالوان المستخدمة وسوء التنفيذ و بالتالي فالنتيجة هي ابنية شعبوية بائسة تدل على انحدار ذوقي وابتذال فني و عمارة هجينة لا تمت للحضارة بأية صلة وهي تشويه لواجهة المدينة.
ولابد من الاشارة هنا ان عملية التزيين قد تتجلى في ابهى صورها في بعض المباني الخاصة كالجوامع والاضرحة المقدسة وتعطي انطباعات فنية معمارية غاية في الجمال وذات مقبولية باعتبارها احدى مميزات تلك الابنية اذ اشتهرت مثل هذه الابنية منذ القدم باستخدام الزخرف في عمارتها ولكن بعقلانية و موضوعية متناهية وخصوصية كما هو حال الزخرفة الاسلامية في العمارة العباسية و الاندلسية وغيرها.




نماذج من الزخرفة الاسلامية
في ابنية الجوامع والقصور










التوصيات والحلول حسب اعتقادنا والتي يتفق على معظمها جميع المختصين والمعنيين في الشأن المعماري والهندسي وهي تصنف الى ثلاثة اقسام ؛ الاول ما يخص الجانب الحكومي والثاني ما يخص جانب المتخصصين و الثالث يخص المثقفين والجمهور .

اولا – الجانب الحكومي : وذلك باتخاذ الاجراءات التالية من قبل الجهات الحكومية المختصة كامانة العاصمة ووزارة البلديات ووزارة التخطيط و غيرها .
1- ايقاف اية عملية تجديد للابنية القديمة الا بعد استحصال عدة موافقات من جهات معمارية مختصة مثل نقابة المهندسين او القسم المعماري في الجامعات العراقية او مكتب استشاري يتم التعاقد معه اضافة الى قسم التصاميم في الامانة على ان يكون التصميم معد من قبل مكتب استشاري حصرا ومحاسبة كل من يقوم بالتجديد دون اجازة مسبقة بازالة اي مستحدثات وتغريمه ماليا .
2- ايقاف فوري لاية عملية بناء في العشوائيات وخارج ضوابط التصميم الاساس لمدينة بغداد مهما كانت الاعذار والحاجة وتوفير قطع الاراضي خارج منطقة التصميم الاساس لمدينة بغداد وبقية المدن. فضلا عن تكليف سريع لاحد المكاتي الاستشارية العالمية لاعداد تصميم اساس جديد يعرض للمناقشة العامة بحضور المكاتب الاستشارية العراقية و الجامعات والمختصين.
3- وضع ضوابط محكمة تراعي الناحية المعمارية لاصدار اجازات بناء جديدة للابنية متعددة الطوابق او الابنية التجارية او الابنية الحكومية وكذلك اجازات الاستثمار وغيرها من الابنية المهمة واهم تلك الضوابط وجود مكتب معماري استشاري يصمم او يدقق المخططات وتنظم طريقة دفع مستحقاته من قبل الجهة الحكومية.
4- التعاون مع الجهات المدنية وشبه الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والاعلام لنشر الوعي الفني المعماري بين ارباب العمل والجمهور والتركيز على المنجز المعماري الحضاري العراقي و الطابع العمراني للمدينة.
5- تنظيم عملية احالة تصاميم الابنية الحكومية على المكاتب الاستشارية حصرا وبطريقة تضمن عدم احالتها على مهندسين غير مختصين اذ تكرر في الآونة الاخيرة احالة اعمال مهمة وكبيرة لمشاريع الدولة العراقية على شركات مقاولات ! وهذه الشركات توظف مهندسين مبتدئين او غير معماريين يقومون باعداد التصاميم المعمارية لابنية مهمة وهذا اسهام كبير في عملية الفوضى المعمارية .
ان دور الحكومة مهم جدا في ايقاف هذا التدهور الحضاري في الفن المعماري فقد سبق وان قامت الدولة العراقية في القرن الماضي بدور كبير في نهضة البلاد العمرانية من خلال استقدام كبار المعماريين العالميين امثال ولتر كربيوس و فرانك لويد رايت و ليه كاربوزيه وغيرهم وتكليفهم باعداد تصاميم ابنية الدولة المهمة مثل جامعة بغداد و القاعة الرياضية وغيرها وما صاحب ذلك من انطلاقة معمارية كبيرة آتت اكلها بعد عقد من الزمان.


الجامع الموجود في
جامعة بغداد تصميم
المعمار العالمي
وولتر كربيوس


6- الاهتمام بطلاب الكليات والأقسام المعمارية لتخريج مهندسين معماريين يرفدون الحركة المعمارية بطاقات شابة رصينة تمتهن العمارة لتكمل طريق روادها من خلال توفير فرص عمل لهم في مجال اختصاصهم وسرعة اختلاطهم بالجيل السابق لينهلوا أصول المعرفة الهندسية المعمارية منهم وتنظيم دورات معمارية على أيدي مختصين ومكاتب استشارية لموظفي الدولة من المعماريين .
7- إعطاء الموافقات اللازمة والتسهيلات المطلوبة لانشاء ودعم تجمعات للمعماريين وللمكاتب الاستشارية الهندسية لمراقبة العمل المعماري .
ثانيا – جانب المختصين
ونعني بالمختصين هم المهندسين المعماريين والمتذوقين للفن المعماري من الفنانين و نقابة المهندسين والتجمعات المعمارية بكل اشكالها
1- الجانب الاعلامي ؛ اذ ينبغي التعاون الكامل من قبل المختصين مع الجهات الحكومية في مجال رفض الاعمال العمرانية الفوضوية والعشوائية وتنظيم وحضور المؤتمرات و الاحتفاليات لابراز الدور المعماري كوجه مهم لحضارة البلاد والمدن والتأكيد على الناحية الفنية والجمالية للمبنى وتكريم المعماريين الرواد و ابراز دورهم الحضاري و تخليد الابنية القديمة الاثرية منها و المبنية في العصر الحديث لاشاعة ثقافة تذوق الفن المعماري بين الجمهور عامة .
2- تشكيل التجمعات المعمارية ؛ كانشاء جمعية او اتحاد خاص بالمعماريين العراقيين لوضع البحوث والدراسات الخاصة بالعمارة وتسويقها جماهيريا من خلال الندوات والمؤتمرات المعمارية والضغط باتجاه انهاء ظاهرة قيام الفنيين (الخلف) باعداد التصاميم المعمارية وبيان تخلف هذا العمل ونتائجه السوقية وحث الجهات الحكومية المختصة على الحد من هذه الظاهرة واستخدام القانون لايقافها.
3- المكاتب الاستشارية ؛ تشكيل هيئة للمكاتب الهندسية الاستشارية تكون مشرفة على عمل المكاتب الاستشارية ومقيمة له تتعاون مع الدولة والمواطن على حد سواء
ثالثا - الجانب الجماهيري من مثقفين ومتذوقي الفن الرفيع فهم كل من يهتم بالعمارة فنا وجمالا وحتى انشاءا ومنظمات المجتمع المدني وكذلك الجماهير عامة لانهم اما يعملون في مجال انشاء المباني والتي تقسم الى اكثر من اربعين مهنة او ساكنين لها او من اصحابها (ارباب العمل)

ان تعاون رب العمل مع المعماري وتحسين العلاقة بين الطرفين امر في غاية الاهمية وهي من اهم العوامل التي ستحث الخطى من اجل ايقاف هذا التدهور الحضاري.
الحقيقة ان هذا المطلب المهم لن يتحقق بسهولة نظرا لكبر الفجوة بين الطرفين فالأول صاحب المال والمشروع لم يعد يكترث للفن المعماري و غالبا لا يهمه من المبنى الا كلفته و الوارد المتحقق منه وبدون اية دراسة للجدوى الاقتصادية فضلا عن ثقافته المحدودة و عدم وجود دافع حقيقي عنده ليطالب برقي خاص ومميز لمبناه وايضا عدم وجود قوانين تحثه على ذلك ، وهذا بالتاكيد يجعل العمل الهندسي عموما والعمل المعماري خصوصا في اسوء حالاته ، ومن جهة اخرى فان المعماري عليه ان يجعل العلاقة بينه وبين رب العمل تتعدى المصالح المادية ويبذل جهدا اكبر لانتاج عمارة تليق به وبسمعته و بحضارة مدينته وليوصل رسالة للجميع وفي مقدمتهم رب العمل مفادها انهما يشتركان في خلق مبنى سيكون شاهدا اما للابداع او للابتذال والسوقية . يقول المهندس المعماري الشهير لي كوربوزيه :
(( المعمار يجب ان يكون رجلا ذا عقلية منطقية رجل علم الى جانب رجل يحمل قلب فنان ))
اثناء كتابتي لهذه السطور تحدثت الى شخص مثقف من بغداد عن هذا التشويه لمباني المدينة وهذا الاسفاف والابتذال في استخدام الواح الالمنيوم ذات الالوان الصارخة واني عاكف على كتابة دراسة في هذا الصدد
فقال لي ؛ ماذا يفعلون اذن فالمباني قديمة وغير جميلة ويجب تحديثها وهذا الالكوبوند جميل وحديث ويستخدم في الدول المجاورة ويجب علينا التطور !!
وهذا ما اتحدث عنه ! فنحن ايها القاريء الكريم في مرحلة متقدمة من المرض "ان جاز لي هذا التعبير" واستطيع تسميتها مرحلة ما بعد الفوضى وهي مرحلة تناغم الذوق العام مع الابتذال لتكون الفوضى سمة العصر و بداية تشوه الذوق العام للجمهور بعد تشوه الفن و المباني !! فهل سندير ظهورنا لهذا المرض الاجتماعي الحضاري الذي يتغلغل شيئا فشيئا في جسم مدننا و مجتمعنا دون ردع لمسبباته وعلاج لمظاهره ومؤثراته ؟!



#فؤاد_احمد_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد احمد الخفاجي - التزيين و العمارة الحديثة .. دراسة حول الابتذال في ظاهرة تغليف واجهات المباني باستخدام الجدران الساترة (curtain wall) من مادة -الالكوبوند- .