أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الربضي - قراءة في أدب حنة مينة – البحر وجودا ً و الفردية في رحلة الكشف عن الذات














المزيد.....

قراءة في أدب حنة مينة – البحر وجودا ً و الفردية في رحلة الكشف عن الذات


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 14:00
المحور: الادب والفن
    


قراءة في أدب حنة مينة – البحر وجودا ً و الفردية في رحلة الكشف عن الذات

المدخل لفهم أدب حنة مينا هو الإمساك بطرف خيط ٍ من خيوط نسيج شخصياته، ثم تركها تبحر بك إلى عوالم رواياته، و حين تدخلها اترك طرف الخيط و افتح يديك و اسمح لرياحه أن تأخذك حيث تريد. طرف الخيط اليوم هو:زكريا المرسنلي.

زكريا المرسنلي، تلك الشخصية الفريدة في رواية حنا مينة "الياطر" تُلخص للقارئ مجمل شخصيات رواياته الأخرى، زكريا الصياد الغواص رجل البحر يعيش منفردا ً على الصخرة، يعتمد في حفظ تماسك بيته على زوجته "صالحة" التي لها من اسمها كل شئ، هي الصابرة على جنونه و أنانيته و حياته الضائعة ما بين نفسه المُتضخمة بالفخر و الخيلاء و بين الخمر التي يعب منها بلا حساب. يتحرك زكريا لوحده و يفكر لوحده و يعيش جنونه مع البحر الذي يعشقه و يعلم خباياه لوحده، و يبدو أن جنون مغامراته لا يعود عليه بتأثير قانوني و أو نتيجة مادية، فزكريا في الرواية رمز و الرموز خير لها أن تبقى حُرَّة و إلا بهت ألقها و خبا إشعاعها و لم تعد تضئ.

الحديث عن زكريا ينقلنا بفعل مغامراته معهم للحديث عن الأنثى في روايات حنا مينة حيث يبرع ُ أديب البحر في تقديم المعشوقة كشخصية ٍ تظهر أنها ثانوية ٌ في الحادث مع أنها حاضرة ٌ فيه بشكل دائم، شخصية سلبية مُتلقية للفعل الذكري الهائج، لكن هذا التحليل سُرعان ما يظهر خطأه الفظيع عند الكشف الصوفي الوجداني للأحداث، فسيد الحدث في روايات حنة مينة هو البحر، و الأنثى هي تجسيد البحر، و تستمد سحرها من سحره و قوتها من قوته، و هي المرجع الذي لا يستطيع الذكر الروائي أن يبتعد عنه كثيرا ً لأنه يستنفذ قواه، فيضطر للعودة إليه في كل مرة حتى يشحن القوة الإنسانية البدائية المُثيرة للفعل و الفاعلة و المُتفاعلة مع نتائج الفعل و الأفعال المختلفة في الرواية، و كما عبد الإنسان الأول القمر في قُرصه العابر للسماوات ثم عبده في الأنثى في عبادات الأم الكُبرى الشرق أوسطية، كذلك يعبد الذكر الروائي البحر في الإبحار و الصيد و يعبده في الأنثى الروائية الساحرة الغامضة.

شخصيات الأنثى عند حنة مينة انعكاس ٌ لحالات البحر، بين صالحة الهادئة، و لبيبة الشقرق الديناميكية الطبيعية المكافحة اللاهية الفاسدة الصالحة معا ً كالبحر الذي تتحرك أمواجه في كل اتجاه، و كاترين الحلوة الشبقة التي لا تكتفي من الرجال و الجنس في تصوير رمزي للبحر في ثورته و جنونه الشبقى الذي لا يشبع من السفن و الرجال حين تثور عواصفه و تبتلعهم، و لا شك أن هذا الرمز يتضح بكل ما فيه من سحر حين تدرك أن أزواج كاترين الحلوة هم رياس سفن و يبتلعهم البحر في النهاية بينما سعيد حزوم العاشق غير الشرعي يبقى هو الوحيد الواقف في النهاية لأن عشقه للبحر و لكاترينته الحلوة هو عشق وجود يتحد معه و مع كينونته فيصبح سعيد جزءا ً من البحر نفسه و البحر لا يبتلع نفسه.

في روايات حنة مينا يمتزج عشق البحر بعشق المرأة بعشق الخمر بقوة الرجل الفردية الداخلية، تلك القوة التي يستلهمها من البحر الثاثر، هذا البحر الذي يحبه الرجل و يعشقه و يسجد بين يدي أمواجه و يُبادله الحب و يمارسه معه في صورة الأنثى الروائية، فتبدو الأنثى آلهة الفعل عند حنا مينة و مُتلقيته السلبية في آن معا ً. هناك في روايات حنا مينة تبرز وحدة الوجود الكامنة في الألوهة الأنثوية الأولى حيث الذكر العنيد هو يد البحر، و تفاعله مع الأنثى هو إظهار وجوه البحر جميعها، إظهار إشرقات الوجود و انعكاساته، إظهار أشكال الحياة و نوازعها و بوعثها، إظهار ثنائية الألوهية ووحدتها في البحر الذي لا شكل لمياهه.

كلما قرأت لحنة مينة يعود بي الفكر إلى رمزية الإلوهية الأولى عند الإنسان، الألوهية المؤنثة في عشتار التي هي الوجود بكل ما فيه مما يفسر أنها تجمع في نفسها كل المتناقضات بلا تناقض، التي هي الفاعلة و المفعول بها، هي التي رآها كهنتها و عشاقها في المخطوطات الأولى الأصل و المصدر و فضاء الفعل و المَرجوع، فكان نشيدها على لسانها كما نقلته هذه المخطوطات هو:

"أنا الأول و أنا الآخر
أنا البغي و أنا القديسة
أنا الزوجة و أنا العذراء
أنا الأم و أنا الإبنة
أنا العاقر و كُثر هم أبنائي
أنا في عرس ٍ كبير و لم أتخذ زوجا ً
أنا القابلة و لم أنجب أحدا ً
و أنا سلوة أتعاب حملي
أنا العروس و أنا العريس
و زوجي من أنجبني
أنا أم أبي و أخت زوجي
و هو من نسلي"

الذات البشرية عند حنا مينة هي ذات وجودية فردية مُنبثقة من الوجود الجامع الشامل لكنها مُستقلة عنها في تجسدها البشري داخل الحدث، و مُتحدة معه على المستوى الوجداني الباعث على الحدث و على رد الفعل على الأحداث الأخرى، فحنا مينة عندما يتحدث في كل شخصياته إنما هو يتحدث عن البحر و البحر فقط.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما بين السبكي و الأخوين واتشسكي – طرفا البعد الإنساني
- -قد سمعتم أنه قيل أما أنا فأقول لكم- – الرسالة الجديدة للعهد ...
- الشرق العربي حين ينبش ليقتلع الأساس - هجرة المسيحين العرب
- الوطن العربي – الكوكب الآخر – مأساة مدينة الأشباح.
- نجيب محفوظ – ما بين الفينامولوجيا و الأنثروبولوجيا الدينية و ...
- حميمية العلاقة بين الله و الإنسان – النبي إرميا نموذجا ً
- -أعطني لأشرب- – لماذا نحب المسيح، من وحي اللقاء مع السامرية.
- ثرثرة في الثورة المصرية
- ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- عقل العربي – جولة في مساحة الاطمئنان كردة فعل على العجز
- نظرة للإعلانات التسويقية المتلفزة و علاقتها بالنمط الاستهلاك ...
- السلطان شرف الدين – احتكار الله و استعباد البشر – بين الانفص ...
- مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كم ...
- المرأة كملكية ذكورية – ما بين جرائم الشرف و إعفاء المُغتصب ش ...
- تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس
- فلسفة الوعي – الإدراك و التركيب العضوي و ما بينهما


المزيد.....




- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الربضي - قراءة في أدب حنة مينة – البحر وجودا ً و الفردية في رحلة الكشف عن الذات