|
إسلامية إسلامية أو محاولة فهم.
احمد الطالبي
الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 01:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الحقيقة لا أفهم بالكامل إصرار الإخوان و أنصارهم من المغفلين على حرق الكثير من الطاقة لترديد الشعار أعلاه. فإن كان الشعار يعني شيئا بالنسبة لهم ، فربما لأنه يحيل لدى البسطاءإلى شيء اسمه الدولة الإسلامية التي لم تتحقق تاريخيا حتى في الحقبة التي تسمى تجاوزا في الأدبيات الإسلامية العصر الذهبي:عصر الخلافة /الفتنة .
فمنذ أحداث سقيفة بني ساعده - التي تعتبر أول امتحان عسير يجتازه المسلمون بفشل ، حيث علا صراخ المسلمين والصحابة بعضهم على بعض وغابت الشورى ، وحسم عمر بن الخطاب الموقف بكل ما يملك من سلطة - ضلت الريبة و الشك سيدة الموقف خاصة مع شعور علي وأهله و من والاه بالغبن الذي لحقهم جراء ما اعتبروه إقصاء واستهتارا ببعض الإشارات و التلميحات الصادرة من الرسول نفسه ، كانت كلها تدل على أن علي رشحه الرسول قبل موته لقيادة المسلمين بعده حسب ما ترويه المصادر الثراثية : حديث الغدير.
وزاد الطين بلة حكم عثمان الذي عزز مكانة بني أمية و سيطرتهم على الحكم ، حيث أطلق عثمان يده في السلطة ،وعين المقربين منه في مختلف المناصب ، ومنحهم كل التسهيلات خاصة المالية لدرجة أن أبا ذر الغفاري –أمين بيت المال في عهد عثمان- تم جلده بعد أن استحث قريبا للخليفة على استرجاع مال اقترضه من بيت المال ، وكانت تلك الواقعة مؤشرا خطيرا على بلوغ الفساد مداه في دواليب الدولة ... فكان أن عم الفساد و الاستبداد وثار الناس فقتلوا عثمان ، وتعمق الخلاف بين صحابة الرسول – ص-والمقربين إليه..فانضم بعض منهم إلى عائشة في حربها على علي للمطالبة بدم عثمان - حرب الجمل- بعد اتهام علي بالتحريض عليه و قتله..... فتفرق المسلمون ، وبايع بعضهم عليا و بايع الآخر معاوية وانتهى الأمر بخوض حرب صفين التي حسم فيها الموقف لصالح معاوية بعد مناورة التحكيم فانشق الخوارج عن علي وكفروه هو ومعاوية و دعوا إلى القتال ضدهما، وهكذا استمرت الفتنة تغدي المخيال و العاطفة و استمر الحقد يحفر في نفوس رجال خير أمة أخرجت للناس إلى أن تم قتل الحسين بن علي في كربلاء حيث بلغت الأشياء نقطة اللاعودة......
بعد كل هذا نتساءل : إذا كان الصحابة و المقربون من الرسول- قد فشلوا في تحقيق مشروع ما يسمى الدولة الإسلامية في زمنهم ، فكيف يمكن للخلف الذي تغدي الفتنة مخياله أن يحقق ذلك المشروع ؟ و بالتالي ما معنى شعار الإخوان إسلامية إسلامية ....و على ماذا يحيل و اقعيا و تاريخيا ؟ وإذا كان التاريخ –بناء على ما تقدم- قد فند مزاعم الإخوان، فلماذا يصرون على رفع الشعار ؟
أنا أعتقد أن ذلك لا يعدو أن يكون احتكارا للمقدس الديني و توظيفه بشكل انتهازي و خبيث في السيطرة على أجهزة الدولة وتعويض استبداد باستبداد أخطر هو الاستبداد المقدس . وخطورة الشعار تكمن كذلك في احتكار فهم الإسلام و محاولة فرض فهمهم بالإرهاب و العنف و القوة ، مع العلم أن تعبيرات الإسلام متنوعة و متعددة عبر التاريخ ولا يوجد إسلام واحد ولا حتى مذهب واحد. ولا يمكن إلا أن يكون الفهم متعددا بالنظر إلى اختلاف سياقات التلقي و اختلاف الأنظمة الإبستيمية من زمن إلى آخر و اختلاف آفاق الانتظار من قارئ إلى آخر ، وكل محاولة لممارسة الحجر على النص بفرض قراءة واحدة ووحيدة تخدم أجندة سياسية متسلطة ،هو بالضرورة قتل للنص وتهديد للدين و إساءة إليه ...
إن رفع هكذا شعار بالشكل الذي تم توضيحه ، الهدف منه قطع الطريق على القوى الوطنية وكل التعبيرات السياسية المعارضة ، لأن الشعار يتيح تكفيرها من طرف العامة التي يتغذى وجدانها من مخيال غير عقلاني و غير تاريخي ، و لا عجب إن كان أغلب أنصار الإخوان من هذه الفئة البسيطة في تمثلها للإسلام و أشكال تحققه التاريخية .و هذا هو التضليل ألإخواني الخطير و الماكر و الخبيث والمتآمر حتى ..
إن تفكيك شعار إسلامية إسلامية و محاولة فهمه ليس تبريرا و لا شرعنة للعنف المضاد، إنما هو كشف لجزء من حقيقة خطورة توظيف الدين في السياسة ، فالإخوان يمارسون عبر شعارهم عنفا رمزيا و معنويا على الجميع مما يخلق جوا من الشك و الريبة في مشروعهم ما داموا يصرون على جعله مقدسا ،وهذا ما يفسر قولهم: إما نحن و إما إحراق الوطن مما يهدد مصر تاريخا و حضارة و هوية . بل يهدد كل الإرث الحضاري الذي ساهم به علماء و فلاسفة الإسلام المتنورين من الكندي إلى ابن رشد....
و إذا كان العنف مذموما و فق المعايير الحقوقية و الديمقراطية ، فإن أكبر خطر على الديمقراطية هو توظيف الدين في السياسة ، لأن ذلك يجعلك تنسلخ عن الواقع والوطن و تاريخه وحاضره و مستقبله وكرامته، وهذا ما وقع أخيرا في المغرب عندما انشغل الديمقراطيون و الحقوقيون بمشكلة العفو عن مغتصب الأطفال دعا حزب العدالة و التنمية- تنظيم الإخوان في المغرب -المواطنين إلى عدم الاكتراث و التوجه بدل ذلك إلى ميادين رابعة العدوية للتضامن مع إخوانهم هناك و كأن كرامة الطفولة المغربية لا تساوي شيئا . إنه العمى الأيديولوجي و القفز على حقائق الجغرافيا والتاريخ . باختصار إنه و أد الوطن و الإنسان من أجل وهم أيديولوجي.
#احمد_الطالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما العمل ؟
-
خواطر شيخ علماني
-
أصوات على ركح مصر
-
رسالة إلى معالي و زير الخفافيش
-
وساوس في باب ما جاء في زواج المخزن و الحكومة الجديدة
-
وساوس في السياسة
-
الوطن أولا و أخيرا
-
نحن لا نخاف منهم .
-
عن الفساد و الإستبداد و الإستفزاز
-
فصل المقال في ما بين الديمقراطية و الشورى من انفصال
-
في الحاجة الى العلمانية او الديمقراطية المفترى عليها
-
أزمة التنوير في بلاد الاسلام
-
التعددية النقابية و مأزق الانتماء
-
الانتقال الديمقراطي بين الزعيق المخزني و تكديب الواقع
-
ملاحظات بصدد المسألة الاجتماعية - عالى هامش دعوة كدش للاضراب
...
-
ما هي السلطة ؟
-
هل يمكن التسليم بديمقراطية المخزن ؟
-
الديمقراطية تهل علينا من الرحامنة
-
هل حقا يتجه المغرب نخو الديمقراطية
المزيد.....
-
رئيس وزراء اليابان يخطط لزيارة الولايات المتحدة ولقاء ترامب
...
-
ترامب يعلق على تحطم الطائرة في فيلادلفيا: المزيد من الأرواح
...
-
الدفاعات الروسية تسقط 9 مسيرات أوكرانية غربي البلاد وتدمّر ز
...
-
-فوكس نيوز-: إيران تخفي تطويرها النووي تحت ستار برنامج فضائي
...
-
استخباراتي أمريكي سابق يتحدث عن حرب مع المكسيك -قد تتحول إلى
...
-
OnePlus تكشف عن هاتفها الجديد ومواصفاته المميزة
-
اكتشاف ارتباط بين النظام الغذائي وسرعة الشيخوخة البيولوجية
-
أول هجوم على قوات الاحتلال منذ بدء توغلها في سوريا
-
مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
-
جامعة أميركية تعلق عمل مجموعة مؤيدة لفلسطين عامين
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|