أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - يوخنا دانيال - تشى غيفارا .. الاسطورة الواقعية















المزيد.....

تشى غيفارا .. الاسطورة الواقعية


يوخنا دانيال

الحوار المتمدن-العدد: 413 - 2003 / 3 / 2 - 09:07
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


 

 


فى الثانى عشر من كانون الاول عام 1964 كتبت صحيفة نيويورك تايمز: "وقف امس الرجل ذو اللحية، والزى العسكرى الزيتوني، خارج قاعة الجمعية العمومية للامم المتحدة، واخرج من جيبه مطواة قطع بها الجزء المشتعل من سيجار "الهافانا" الذى كان قد دخنه حتى نصفه. وبعدما وضع نصف السيجار الذى لم يدخنه فى جيبه، دخل الى قاعة الجمعية العمومية ليلقى خطابا "ملتهباً" ضد الاستعمار والامبريالية. ذلك الرجل هو تشى غيفارا. انه الثورى الكامل الذى يندر ان يكون له مثيل.. .
وربما كانت صورة غيفارا.. بخصلات شعره الطويل، ولحيته غير المشذبة والعيون الكبيرة الحزينة - واحدة من اعظم الصور الصحفية فى التاريخ، والاكثر استغلالاً تجارياً بالطبع. وبهذه الالفة الغريبة بين غيفارا ووسائل الاعلام (فى حياته ومماته)، فإنه يصبح من الصعب جداً نزع الهالة الاسطورية عن شخص، اصبح من العلامات البارزة فى النصف الثانى من القرن العشرين بعد الانتصار المذهل للثورة فى كوبا، وتحوّل - بسرعة - الى رمز لقوى الثورة فى كل العالم؛ من افريقيا الى اسيا الى امريكا اللاتينية.. وحتى بين الشباب الاوربى ايضا.
يمثل غيفارا - والى حد ما كاسترو - حالة التمرد الفردى القصوى بين قوى الثورة فى العالم، بابتعادها عن الاحزاب والحركات المنظمة او المؤطرة. كما يمثلان حالة الصراع او الكره القومى المتطرف لكل ما هو "يانكي"، ولدور الولايات المتحدة فى امريكا اللاتينية خصوصاً. ولهذين السببين تحديداً فان ساحة غيفارا - ورفاقه - هى جميع دول امريكا اللاتينية التى يهيمن عليها اليانكى تماماً، كما تغيب عنها الاحزاب والحركات الثورية المنظمة.
وبهذا المعيار فان غيفارا مناضل قومى بمعنى الكلمة. وقبل انتصار الثورة فى كوبا، لم يعرف عنه الاهتمام بالدور الامبريالى للولايات المتحدة خارج امريكا اللاتينية مثلاً، مثلما لم يعرف عنه أى علاقات مع قوى التحرر والثورة فى العالم. وفى الحقيقة ان الرجلين - غيفارا وكاسترو - يحملان قدرا كبيرا من الطاقة والاندفاع الثورى وكذلك العناد والصبر وغيرها من الخصال الفردية، التى تجعلهما يكرسان نفسيهما لمشروع تحرير أى دولة فى امريكا اللاتينية - كوبا، غواتيمالا، بوليفيا، الارجنتين - من الدكتاتورية والتبعية؛ اذ لا فارق جوهرياً - فى نظرهما- بين هذه الدول التى تجمعها اللغة الاسبانية والعقيدة الكاثوليكية والتهجين الجنسى والحضارى الواسع والعميق بين البيض والسود والاقوام الاصيلة، والذى يتجلى فى كل المظاهر الفنية والثقافية وحتى الدينية.
ان الانتصار فى كوبا على باتستا وزمرته باسلوب حرب العصابات والكفاح المسلح يفتح عيون العالم - بأجمعه - على الثوار الجدد. ويظل مغزى هذا الانتصار رمزيا اكثر منه عملياً، لكن الخطوة اللاحقة بانضمام كاسترو وغيفارا الى الحزب الشيوعى الكوبي، ربما لا تقل خطورة عن الانتصار على باتستا نفسه. وفى الحقيقة لا ندرى ماذا كان الرجلان - ورفاقهما بالطبع - ينويان بعد استلام السلطة، وخصوصا أنهما بدون قاعدة اجتماعية او فكرية عريضة. هل يؤججان الاحتراب السياسى فى كوبا لغرض إحكام قبضة السلطة الثورية الجديدة، لم يعملان على اكمال مهمتهما فى محاربة الولايات المتحدة؟.. وفى الحقيقة ان تحولهما الى شيوعيين قد دفعهما تماماً فى تيار الحرب الباردة المشتد اوارها فى بداية الستينات. وهكذا تحولت كوبا الى حليف استراتيجى للاتحاد السوفيتى والمعسكر الاشتراكي، الذى وجد له قاعدة متقدمة على ابواب الولايات المتحدة نفسها. ويجب ان ينظر الى الدور الشخصى لغيفارا - بالذات - فى اقناع القيادة السوفيتية بنشر الصواريخ والاسلحة الذرية فى هذا المكان الحساس بالذات. اذ يحمل العداء الذى يكنه غيفارا للولايات المتحدة - ولفكرة اليانكى - طابعا شخصيا، تاريخيا، وجودياً يقترب من العدمية احياناً. وربما كان نشر هذه الاسلحة - بالذات - هو الذى كلف خروشوف منصبه، وليس انفتاحه على الغرب او دعوته للتعايش السلمي. وهذا يتجلى فى الموقف اللاحق للاحزاب والحركات الشيوعية الرسمية فى اعتبار غيفارا - وليس كاسترو - خارجاً عن الطريقة والتيار العام. ونستطيع ان نشبّه الحالة، بمؤمن خارج عن جماعته الدينية - فى ممارساته وافكاره - لكن خصاله ومآثره تدفع الجميع فى النهاية الى تطويبه كقديس وشهيد. وفى هذا المجال ينتمى غيفارا الى الحركات القومية والتحررية فى العالم الثالث اكثر مما ينتمى الى الحركات الماركسية والشيوعية، خصوصا بعد انفتاح الحركات القومية فى العالم على الفكر الماركسى والاشتراكى فى الستينات.
واذ يقنع كاسترو بقيادة كوبا وبناء الاشتراكية فى هذا المكان من العالم، فان شخصية غيفارا لا تحتمل المناصب والمهام الرسمية، او المسؤوليات الروتينية. انه يبدو لاهثاً للقضاء على الامبريالية فى كل مكان، بعد ان اكتشف تعاطف الشعوب معه، من العرب الى الاسيويين الى الافارقة. فيقوم بزيارة الدول ويلتقى بالشخصيات السياسية والثورية - خارج امريكا اللاتينية - لتعبئة جبهة مضادة للولايات المتحدة مستغلا هالته الثورية المستقلة تماما عن أى سلطة او اتجاه سياسى محدد، عدا العداء للامبريالية. وتحركات وشعارات غيفارا هى التى علمتنا العداء للامبريالية حتى وان لم نكن نفهم معناها الحقيقي، فقد اصبحت الامبريالية هى المظلة الكبرى التى تجمع اعداء الشعوب وحركاتها التحررية فى العالم. واذ تفشل الحركة المسلحة فى الكونغو، واذ يكتشف صعوبة النضال المسلح فى اوساط مختلفة ثقافيا وقومياً، يعود غيفارا الى ساحته الاثيرة فى امريكا اللاتينية، الى بوليفيا، ليقود حرب عصابات لا تغفل عنها الاوليغارشيا المحلية والمخابرات المركزية الامريكية. ويقتل غيفارا فى 9 اكتوبر عام 1967. عبر منظمة تضامن شعوب افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية يقول: "لا يهمنى متى واين سأموت، لكن يهمنى ان يبقى الثوار منتصبين، يملأون الارض ضجيجاً، كى لا ينام العالم بكل ثقله فوق اجساد البائسين والفقراء والمظلومين .
وسيظل صدى هذه الكلمات يتردد، ويلهم المئات فى مكان وزمان، ما دام الظلم والعنف يسود هذا العالم.
 



#يوخنا_دانيال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - يوخنا دانيال - تشى غيفارا .. الاسطورة الواقعية