|
الرضا النفسي ..حجر الزاوية في الصحة والإضطراب النفسي
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 4246 - 2013 / 10 / 15 - 17:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الرضا النفسي يؤدي إلى الراحة والإتزان الإنفعالي حتماً وإلى تحقيق أهداف الحياة والطموح ويكون الفرد منسجماً مع نفسه، وينعكس هذا الإنسجام مع البيئة الخارجية وعلى الأخرين المحيطين به، فيشعر بلقاء الاخرين بسعادة لا توصف وقد يجد صدى هذا الإتزان بالتفاعل السوي مع الناس الذين يلتقيهم، حتى قال علماء الصحة النفسية أن من علائم الصحة النفسية هو أقل ما يمكن في الشخصية من اختلالات يجد صداه في الأخرين، فالصورة الاجتماعية هي التي تعكس صورة الفرد الخارجية. رغم ان هناك صورة أخرى له يحتفظ بها في داخله، يدرك ذاته كما هي من الداخل. ويقول"د.احمد عكاشه" قد ينظر المجتمع إلى إنسان ما على أنه عبقري وذكي وناجح وله الصفات الحميدة ولكن بينه وبين نفسه يعرف الحقيقة وهي قد تختلف عن رأي الناس..الشعور الداخلي بالدونية ، الشعور بالتعالي ، الشعور بأنه ليس كما يتصور الاخرين ..إلخ من تصورات تحملها ثنايا نفسه. من هنا نذهب إلى الجانب الآخر من الرضا !! كيف يكون نقيض الاول وهو عدم الرضا عن النفس؟ كيف تكون؟ ربما يشعر الفرد بالخوف والقلق دائماً ولكن يخفي هذه المشاعر، قد يشعر بأن الأخرين يحاولون إيذاءه ويضمرون له السوء ولكن يخفي تلك المشاعر ويسيطر على مشاعره تماماً، نحن نبحث عن التوافق مع البيئة ومع الأخرين لكي ننعم بشئ من السعادة ولكن الهفوات التي تصدر منا لاشعوريا هي التي تقود الناس لتشخيصنا، لا في مواقف الهدوء والراحة، بل في لحظات الإنفعال والمواقف الصعبة والازمات ، هنا تتفتت الشخصية وتتحلل وتبدو على حقيقتها فالشخصية الهستيرية الاستعراضية تظهر واضحة وجليه.. والحقيقة أن الشخصية الهستيرية ليست مرضاً بحد ذاته، وانما نمط من انماط الشخصية تتميز بالتقلب المستمر بالمزاج والعواطف مع حدوث تغيير سريع بالوجدان..(الوجدان هو الحب والكراهية) ويحدث لاتفه الاسباب التي لا تستحق أن يزعل أو يختلف الشخص من أجلها، وهي تشمل هذه الحالة –الشخصية، الذكور والاناث على حد السواء وان زادت لدى النساء أكثر من الرجال. نجد عدم الاتزان النفسي والإنفعالي عند النساء وعدم الرضا من خلال سلوكها السريع وقراراتها غير الموزونة .. إنها الفتاة التي تثور من أجل حبها ..وتهجر عائلتها وبيتها لتتزوج من حبيبها ، ولكن بعد فترة قصيرة تبدأ عاطفتها في الفتور والانطفاء وتبحث عن عاطفة أخرى بديله، ومن المحتمل أن تقيم علاقات وهي متزوجة ولكن لا تمارس هذه العلاقات بصدق وانما للاستعراض والتباهي ، وفي داخلها برود جنسي لا مع زوجها فحسب بل مع من توهمه بأنها تحبه وتعشقه ومستعدة للموت من أجله.. انها الشخصية الهستيرية. ومن ملامح هذه تذبذبها السريع وعجزها عن إقامة علاقة ثابتة لمدة طويلة لعدم القدرة على الاستمرار والمثابرة ونفاذ الصبر سريعاً ويصفها "د. احمد عكاشة" هي تماماً مثل القرص الفوار ..سرعان ما تفور ولكن بعد فترة وجيزة تهدأ ..هذه الشخصية سريعة التأثر بالاحداث اليومية والاخبار المثيرة ..كيف يكون الرضا النفسي إذن؟؟!! إن عدم الرضا يؤدي إلى التدهور النفسي والاختلال المرضي فكل الاضطرابات النفسية تبدأ من عدم الرضا النفسي، وكل التدهور تكون بداياته هي نقطة عدم التفاهم داخل النفس، فالنفس تضرب نفسها حتى يكون الإغتراب داخل النفس، يعيش الإنسان بين أهله ويشعر بالإغتراب، يدرك إنه لا ينتمي لهم لا في السلوك ولا في العلاقات ولا في التفاهم ..حتى يبدو غريباً عنهم، فيميل للعزلة وينتابه القلق الدائم مع رؤية سوداوية للاشياء والأمكنة والاشخاص، ويرى في أقرب الناس له بأنهم ليس كما هو..يشك فيهم ، تزداد الوساوس تجاه المقربين، تكون علاقته بزوجته مضطربة، لا تستقيم حياته معها بسبب خيالاته المرضية، ليس تجاهها فحسب، بل تجاه من يعرفهم جميعاً، ترتد افكاره نحو داخله فتبدأ مشاكله الجسدية تتضخم ومنها اعراض القولون العصبي، حيث اثبتت التجارب أن سببه الرئيس هو الإنفعالات الداخليه التي لم تجد منصرفاً له، أو المعدة وتقرحاتها بسبب شدة الافكار السوداوية، أو ربما تبدأ مشكلاته من ارتفاع ضغط الدم أو مع مرض السكر أو النوبات القلبية ..الخ ،أنه لم يتصالح مع نفسه، اصبحت نفسه واقرب الناس له وهي زوجته واهله من آلد اعداءه ..تفترسه آهاهاته الداخلية غير المعلنة فيطلب الدواء من الداء، فيرغب أن يعالج الداء بدواء المرض فيطلب العلاج من الإكتئاب أو الفصام أو البرانويا فتكون الهذاءات والهلاوس هي التي تريحه وهو يتحدث مع نفسه، بعد أن قطع صلته بالواقع والمحيطين به من اسرته وألاخرين من افراد المجتمع ولجأ إلى الحوار مع نفسه ولكن هذه المرة بصوت مسموع، ويكون قد أطلق لحيته وترك نفسه وملابسه ملوثة وهو يمشي بلا وعي وقد فقد القدرة على ادراك الواقع المعاش وأختار لنفسه واقعاً بناه لنفسه وهو واقع المرض العقلي "الذهاني" . لم تكن حالة الرضا النفسي مجرد حالة تعبر بالكلمات، وإنما هو واقع حقيقي يعيشه الإنسان ويخطط له ويواجه مصاعب الحياة وأزماته وصراعاته بكل قوة وما اتيح له من مواجهة وإلا فشل واصبح نهباُ للصراعات الداخلية التي تؤدي به إلى الاضطرابات النفسية والعقلية. إن الشعور بعدم الرضا النفسي يقود إلى اليأس، وهذا اليأس يقود إلى الانتحار فقد اثبتت الدراسات النفسية المتخصصة أن سبب الإنتحار هو الشعور العميق باليأس وان اليأس هو المكون الاساس والعرض الجوهري في الاكتئاب. ومن ادبيات علم النفس واسسه ان الاتجاه السلبي نحو الذات هو عدم رضا النفس عن نفسها ويقود ذلك إلى اتجاه سلبي نحو الحاضر وهو بنفس الوقت إتجاه سلبي نحو المستقبل ، فلا الحاضر يسعفني ولا ذاتي تعينني، وكونت في نفسي شعوراً بالعجز الذي يجعلني غير جدير بالحياة، ويدور في بالي دائماً أنني أشعر باليأس، أشعر أن لا قيمة لي في الحياة ..وهكذا تحول الرضا إلى صراع في ذاتي وهو الذي سيقودني إلى متاهات في نفسي وهي الخوف من الحاضر ومن المستقبل.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التكيف النفسي ..الشعور بالقدرة!!
-
دراسة عن تربوية إمتحان الدور الثالث لطلبة السادس الاعدادي
-
الدولة والبناء النفسي للإنسان!!
-
الدين ..وتربية الذات
-
القلق .. وقلق المستقبل ..مدخل نفسي
-
الانتماء والولاء وافكار أخرى
-
عن النفس واللاعنف
-
إصدارات علمية جديدة في علم النفس
-
الجماعة وبناء الشخصية
-
الواقع العربي اليوم ..الكل يتكلم ولا احد ينصت!!
-
البناء النفسي في الانسان .. المعنى والمبنى
-
المسايرة والانتماء ..الوحدة الجدلية بين الفردية والجماعية
-
الحصر النفسي ..الشئ ونقيضه؟؟
-
تربية الحروب والازمات ونتائجها
-
مقدمة في علم نفس المرأة للدكتور ريكان ابراهيم - عرض كتاب
-
بيان صادر من تيار الطموح والتغيير
-
أمن الدولة ازاح أمن المواطن
-
عرض كتاب مقدمة في علم نفس العرب للدكتور ريكان ابراهيم
-
الخطو نحو ..الطموح والتغيير
-
شئ من سيكولوجية الألم !!
المزيد.....
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
-
المغرب.. إتلاف أكثر من 4 أطنان من المخدرات بمدينة سطات (صور)
...
-
ماسك يقرع مجددا جرس الإنذار عن احتمال إفلاس الولايات المتحدة
...
-
السجن مع وقف التنفيذ لنشطاء مغاربة مناهضين للتطبيع مع إسرائي
...
-
OnePlus تودع عام 2024 بهاتف مميز
-
70 مفقودا بينهم 25 ماليا إثر غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل ال
...
-
ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
-
-هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|