أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - في سوريا إعادة لترميم النظام في غفلة من الموت السريري للمعارضة














المزيد.....


في سوريا إعادة لترميم النظام في غفلة من الموت السريري للمعارضة


إدريس نعسان

الحوار المتمدن-العدد: 4243 - 2013 / 10 / 12 - 12:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد خافياً على أحد أن مفهوم الثورة لم يتبلور طيلة ما يربو الثلاث سنوات في سوريا، و فشلت إرهاصات ربيع الحريات التي كان من الممكن أن تتحول إلى ثورة عارمة إذا توفر لها الشروط الصحية و انبثقت من لدنها قيادة حقيقية، لكن دفة القيادة بقيت شاغرة طوال هذه المدة نتيجة الانقسامات الحادة حول بعض القضايا المنفعية على مختلف ألوانها (طائفية - سلطوية - مادية - إيديولوجية و غيرها)، و تشتت القوى الفاعلة على الأرض بين ولاءات مربكة و تبعيات مبهمة الرؤى، مسلوبة الإرادة، و لهذا ظهرت الكثير من السلوكيات المسيئة ليس فقط لمفهوم الثورة بل لثقافة و حضارة الشعب السوري أيضاً، و كأن الكثير من هذه الأدوات المحسوبة على الثورة وظفت أصلاً لإفشالها و إبعاد الجماهير عنها.

لقد انتقلت الصراعات الإقليمية و الدولية إلى الأرض السورية التي وجدت فيها البيئة الملائمة، لتتحول هذه البلاد إلى مقبرة عامة يحاول كل طرف من أطراف المعادلة وأد ما يهدده أو يهدد مصالحه فيها، فالخليجيون أرادوا كسر الشوكة الشيعية الممتدة نحوهم قبل الوصول إليهم، و التي ظهرت بوادرها في البحرين بصورة جلية، لذا اختاروا فئة من المعارضة السورية دون غيرهم و قطروا عليهم السلاح و أغدقوا قادتهم بالمال تطبيقاً للمقولة السورية العامية "طعمي التم بتستحي العين" مع الحرص على ألا يكون لأحد الغلبة و إنما الغاية أن يبقى الصراع متأججاً فقط، خشية امتداد حمى الثورة إليها، أما الغرب فلم و لن يجد فرصة بهذه الجودة لجر ما تعتبره إرهاباً إلى المستنقع السوري و التخلص منه، فهو يدرك تماماً عدم تماهي الفكر التكفيري المتطرف مع الثقافة الاجتماعية السورية و هذا ما يدفع في كثير من الأحيان إلى تصفية أعداء النظام بعضهم بعضاً، إلى جانب التخلص من ترسانة السلاح التقليدي و الكيماوي السوري و إفشال صفقات الصواريخ المتطورة المبرمة بين النظام و روسيا بهدف درء الخطر عن أمن إسرائيل الاستراتيجي لكل دول الغرب و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، و وجدت تركيا في ما يحدث في سوريا ممراً لتصدير مشكلاتها السياسية و لفت الأنظار عنها و قد نجحت في توجيه بنادق المقاتلين الكرد إلى الطرف الآخر من حدودها عبر طرح عملية السلام الجارية بينها و بين حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى استغلال الصراع السوري اقتصادياً و تلميع صورتها بين الشعوب العربية كدولة تساند حقوق الشعوب في الحرية و الديمقراطية، و استطاعت روسيا الحليفة التقليدية للنظام ابتزاز الجميع بحنكتها الدبلوماسية و أتباعها إستراتيجية لي الأذرع الناجعة إلى هذه اللحظة، و اعتبرت إيران و حزب الله ما يجري على الأرض السورية نهاية حقبة سيادتهم و بدء مرحلة ستنقلب الموازين فيها ضدهم أو ربما تحدد نهاية قريبة لهم، و لهذا لم يكتفوا بالدعم اللوجستي بل قاتلوا على الأرض بشراسة فاقت وحشية النظام كثيراً.

لذا تبعثرت خيوط الصراع في سوريا كثيراً و تاهت المفاهيم و أرتبك الجميع في حضرة الفوضى اللتي سادت كل شيء، السياسة و العسكرة و رؤية الحل في سوريا المستقبلية، وحده النظام عرف كيف تأكل الكتف، فمنذ عقود يمارس سياستين مختلفتين، في الغرب يظهر بأنه حلفهم في محاربة الإرهاب و أنه الوحيد القادر على مواجهته و أن رحيله يعني انتصاراً للإرهاب، و في المنطقة العربية يُمثل المقاومة و الممانعة و قلعة الصمود العربي الوحيدة.

و على العكس من ذلك تماماً، فالمعارضة الممزقة نقلت العدوى إلى أدواتها العسكرية التي لم تنضج كقوة ثورية يطمأن إليها أصدقاء الثورة داخلياً و خارجياً، و بدرت منها تصرفات خاطئة أساءت إلى الثورة و أرهبت الجميع منها، ليتحول العالم إلى صياغة رؤية حل جديدة حول سوريا تتمثل في ترميم النظام سياسياً و عسكرياً أي قلع مخالبه و القضاء على تهديداته و جعله أكثر انفتاحاً على مشاركة بعض قوى المعارضة في القرار السياسي عبر تشكيل حكومة وفاق وطني و تحديد صلاحيات الرئيس و تغيير سلوكيات النظام.
لكن الثورة ما زال لديها بعض الوقت لإفشال المخطط العالمي الذي تدفعها الدول تجاهه، إذا استطاعت أن تغير موازين القوى على الأرض، بتوحيد قواها العسكرية و تنظيمها في إستراتيجية قتالية موجهة نحو إسقاط النظام وحده و ليس إسقاط المخالفين من الشعب أو أركان الدولة، لأن النظام في أضعف حالاته و ما يمد عمره و يمنحه القوة هو الفوضى المستشرية في الجانب العسكري، و في ممارسات القوى الجهادية الخارجة عن أهداف الثورة، التي توفر الحجة لبقائه، و يجب على القوى السياسية طرح بديل سياسي ديمقراطي تعددي قوي للنظام، و أن تخاطب العالم كثورة ضد القمع و الاستبداد، و ليس كحالة فوضى يخشى الجميع من تبعاتها الإقليمية و الدولية.



#إدريس_نعسان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهلال الأحمر في كوباني مهدد بفقدان مقره و ممارسة عمله في خي ...
- الوفد الكوردي المستقل بضمانة كيري و لافروف
- الإعلام الكوردي السوري تطور كمي و ضعف مهني
- المتعارضون يُمزقون المعارضة و ينهكون الثورة!
- على اعتاب الحل نحوج رؤية ثورية واضحة
- اللقاء الأخير
- هل يأتلف جميع الكورد في الائتلاف السوري؟
- هل تصدق الضربة الأمريكية بعد الغوطتين؟
- أطفال الغوطة يسقطون الأقنعة المزيفة!
- الكورد بين استحقاقات القضية و اللعبة الدولية
- أزمة المياه و الحرب الخفية في الشرق الأوسط
- المعضلة السورية و أفق الحل


المزيد.....




- مسلسل White Lotus يجذب المزيد من السياح إلى تايلاند
- أزمة غير مسبوقة في قطاع الصحة بالبرتغال: غرف طوارئ مغلقة وط ...
- علماء يحاولون الكشف عن وظيفة بروتين -أوبسين 3- الغامض في الج ...
- دراسة: هذا ما يخيف سكان ألمانيا حالياً!
- روسيا.. ساعة نووية لاستكشاف المناطق النائية
- لماذا تزايد الاهتمام بإطلاق أقمار صناعية في مدارات منخفضة لل ...
- حاييم وايزمان: -أقود أمة من مليون رئيس-!
- المجلس الأوروبي: نريد المشاركة في مفاوضات أوكرانيا لمناقشة ه ...
- القوات المسلحة السويدية تزيد أنشطتها في القطب الشمالي
- صحيفة: المرتزقة الأجانب في أوكرانيا يخططون للتوجه إلى إسرائي ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - في سوريا إعادة لترميم النظام في غفلة من الموت السريري للمعارضة