علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 00:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بعد الحروب الدامية التي شهدها بداية القرن العشرين ، ظهر توجه جديد في السياسات والانظمة الاجتماعية لدول العالم ، والذي يركز في جعل أبنائها وشعوبها دعاة للسلام ، وأن يكونوا فاعلين في جعل هذا العالم مكانا أمنا ورحبا للأجيال القادمة ، لذا عمدت هذه الدول بواسطة برامجها التربوية والتعليمية في تطبيع وتعزيز مبادئ الحب والإنسانية ، وخلق شخصيات صانعة للحب والسلام ، فأخذت تتسابق في جعل الناس متسامحين وينشرون الحب والخير أينما حلوا وتفاعلوا ، وبذلك نجد أن هذه الدول المتسامحة -التي يطلق عليها العرب الغير متسامحين مع انفسهم وبعضهم صفات الكفر والإمبريالية والفساد – ظهر فيها أجيال تسعى نحو الحب واقامة الكثير من المؤسسات الخيرة والانسانية مثل اليونسكو للتربية والتعليم ، واليونيسيف لدعم الطفولة واطباء بلا حدود ، وجمعيات الاغاثة .. وغيرها ، وحتى الجمعيات العربية نجد أن جذورها ودعمها تمول من هذه الدول . إن الاشخاص الذين ينتمون الى هذه الجمعيات أو الذين يدعمونها بالأموال نجدهم ينذرون ارواحهم وراحتهم في سبيل زرع البسمة في نفوس اشخاص لا يعرفونهم ولا يرتبطون معهم في دين او مذهب او قومية او عرق سوى مبدأ الانسانية ، في حين نجد أن الشعوب العربية تحاول ان تقتل بعضها البعض تحت اسم الدين والقومية والعرق المشترك ، بل وتتلذذ وتتفاخر في قتل بعضها!!!.
إن أول صفات الاشخاص الصانعين للسلام هي محاولة جعل هذا العالم مكانا افضل من خلال نشر المعرفة والاختراعات ووسائل الراحة والدعم الاجتماعي والمالي ، وكذلك حب انقاذ البشرية ، والاستعداد الدائم لتقديم العون للآخرين في أصعب الازمات والشدائد ، والتعاطف مع جميع الناس ، والتواصل والانفتاح الاجتماعي والعاطفي مع جميع الثقافات ، ومحاولة تغيير افكار الناس العنيفة وزرع مفاهيم تشجع على التعايش الايجابي ، والسعي أو الكفاح نحو تخفيض التعصب والحرب ، واصلاح الانسان وأعماره . وبذلك يسعى هؤلاء الاشخاص ان يكون للوجود الانساني معنى جميلا وساميا ، وان يرتبطوا مع الجميع بسعادة وهناء واستقرار .
في حين نجد أنفسنا اليوم نعيش في نظام سياسي واجتماعي ينتج البؤس والحقد والكراهية ، أو نعيش في وطن تبدلت فيه لغة الحوار والتفاهم الى القتل والتهديد والحرمان والرغبة في السيطرة على الأخر . فتحولت نوازعنا بتأثير هذا النظام وجهله الى نوازع شريرة وانانية ، تكره كلمة الحب ، وتسخر وتشكك من كل شخص يريد او يرغب في أن يمد جسور الحب والسلم إلى الأخر ، وحتى أن حاولنا ولو بشيء بسيط في ان نكون صناع سلام ، فان الثقافة العراقية والعربية البدوية تبقى تغذينا بكروموسوماتها الثقافية العنيفة لتزرع بواسطة جيناتها سلوكيات القوة والتسلط والغلبة ، حتى وصلنا الى متاهة لا نعلم فيها مستقبلنا ، فقط سمعانا ناقوس الخطر الذي يلوح بحروب طائفية وأهلية تقضي على جميع الاحباب والابناء والأخوة .
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟