أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الإنسان حيوان قاتل - حل الجيوش هو الحل















المزيد.....

الإنسان حيوان قاتل - حل الجيوش هو الحل


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4238 - 2013 / 10 / 7 - 15:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ولابد في نهاية هذه السلسلة من المقالات عن "القتل والقتلة" من ذكر بعض المعلومات والتفاصيل عن العنف في فترات التغيير االتاريخية الكبرى، وكيف تأكل الثورات أبنائها. ففي الحرب الأهلية الأمريكية 1861-1865، بين الشمال والجنوب فقد الآلاف من المواطنين ألأمريكييين حياتهم في حرب طاحنة بين نظامين إقتصاديين متناقضينن، وتعتبر هذه الحرب الأكثر دموية في التاريخ الأمريكي، حيث أدت إلى مقتل 620،000 جنديا وعددا غير معروف من الضحايا المدنيين وهي من أقدم الحروب التي استخدمت فيها وسائل تقنية جديدة مثل السكك الحديدية والسفن البخارية وكميات هائلة من الأسلحة الثقيلة. كما تنوعت فيها الأساليب القتالية من الحرب الشاملة الى حرب الخنادق وحروب الحصار، سبقت في ذلك مجازر الحرب العالمية الأولى .. وترتب على هذه الحرب إنهاء الرق في الولايات المتحدة، واستعادة الولايات التي أعلنت إنفصالها، وتعزيز دور الحكومة الفيدرالية.. أما ما يسمى بفترة الإرهاب La Terreur أثناء الثورة الفرنسية فتعتبر من أسوأ صفحات هذه الثورة التي قلبت موازين القوى السياسية في العالم وغيرت مجرى الأحداث، ففي هذه الفترة كانت المقصلة تقطع الرؤوس ليل نهار وأصبح العنف سياسة رسمية للدولة لكل من يناقضها، والمبرر الوحيد هو حماية الثورة من الأعداء المتربصين بها في كل مكان. أما أول أول مرة استخدمت فيها هذه الآلة الجهنمية لقطع الرؤوس فتعود إلى 25 أبريل 1792 ، حيث جربت لأول مرة لقطع رأس نيكولا جاك بيلتييه الذي اعتدى على أحد البرجوازيين لسرقته . أما قصة إختراعها، فتعود إلى العام 1789، حيث كان الدكتور جوزيف غيوتان Joseph Guillotin، المؤمن بالمبادئ الإنسانية، والذي ساهم في تحرير وثيقة "حقوق الإنسان" يفكر في طريقة تنفيذ عقوبة الإعدام بطريقة "إنسانية" وبدون أن يشعر المعدوم بأي ألم. فاخترع المقصلة والتي سميت باسمه Guillotine، وعرض فكرته على الجمعية التأسيسية، وقال لهم ليدافع عن آلته الجديدة " مع آلتي، سأطير رؤوسكم في رمشة عين، دون أن تعانو أي ألم" « Avec ma machine, je vous fais sauter la tête en un clin d’œil, et vous ne souffrez point ». واستعان جوزيف غيوتان بخبرة الجراح انطوان لوي، وشرح الاثنان أمام النواب مزايا اختراعهما مؤكدين أنها أسرع واضمن وسيلة إعدام وأقلها همجية وقسوة، وأكثرها ضمانا لإنسانية المحكوم عليه بالموت. ولم تنته فترة الإرهاب إلا مع سقوط روبسبيير في يوليو1794، عامين غرقت فيها باريس في دماء الرؤوس التي كانت تتدحرج كل يوم بالعشرات، من بينهم رأس لافوازيه الكيميائي المعروف في أكاديمية العلوم الملكية، لكنه عمل في نفس الوقت في تحصيل الضرائب، ولذلك عندما قامت الثورة الفرنسية فقد ارتابوا في أمره، وحوكم مع 27 عضواً من هذه المنظمة في يوم 8 مايو سنة 1794 حوكموا جميعاً وأدينوا، وتقرر إعدامهم شنقاً، ولكن زوجة لافوازييه تمكنت من إنقاذ زوجها وهي التي ساعدته كثيراً طوال حياته في أبحاثه العلمية. فعند محاكمة لافوازييه تقدمت زوجته بطلب العفو عنه، وقد ساندها أحد القضاة " إن قطع رقبة لافوازييه لا يستغرق دقيقة واحدة، ولكن مائة سنة لا تكفي لتعوضنا عن واحد مثله"، غير أن رئيس القضاة رفض طلبها قائلاً "إن الثورة لا تحتاج إلى عباقرة"، وقطع رأسه في 8 مايو 1894.. حصيلة الثورة الفرنسية أكثر من 100 ألف قتيل، 17 ألف قطعت رؤوسهم بمقصلة الطبيب الإنساني وحوالي 30 ألف رميا بالرصاص، ناهيك عن نصف مليون مواطن زج بهم في السجون المختلفة. العامل التونسي حميد جندوبي كان آخر من نفذ فيه حكم ألإعدام بواسطة المقصلة وذلك في 10 سبتمبر 1977 وهو في سن الـ 28 عاما، ولم تحال المقصلة على التقاعد إلا في سنة 1980 عند إلغاء عقوبة الإعدام بقرار رئاسي من قبل فرانسوا ميتيران.
إن العنف الثوري، أثناء الثورات المختلفة المعروفة تاريخيا بأهميتها في تغيير أسس المجتمعات المعنية كالثورة الأمريكية أو الفرنسية أو الروسية،. لا يمكن مقارنته بالعنف الناتج عن الحروب الإمبريالية المتعددة والتي كان الهدف منها سرقة ثروات الشعوب الأخرى وأراضيها وإستعباد هذه الشعوب. مثل إبادة السكان الأصليين لأمريكا الجنوبية وتدمير الثقافات التي أنتجتها حضارات عريقة مثل حضارة الإنكا، وسلب ثرواتهم الطبيعية من قبل الإستعمار الإسباني. وإبادة الهنود الحمر في أمريكا الشمالية بواسطة المستعمرين الأوربيين والإستحواذ على أراضيهم بقوة السلاح وتجميع ما تبقى منهم في معسكرات مثل الحيوانات. ليس هناك فرق بين القاتل والقتيل في حرب أهلية أو ثورة شعبية، لعدم وجود تدخل خارجي أجنبي فالشعب يقتل نفسه. بينما يوجد فرق بين القاتل والقتيل في الحروب إلإستعمارية. ومجازر الحرب العالمية الأولى والثانية ومحرقة اليهود من قبل هتلر ونظامه النازي تبقى علامة على مر العصور لتخلف البشرية وعدم قدرتها بعد على الوصول إلى المستوى الإنساني الذي نحلم به. فقد قدرت خسائر الحرب العالمية الأولى بـ 8,538,315 قتيل، و21 مليون جريح، و7 مليون أسير ومفقود، أما ضحايا الحرب العالمية الثانية من العسكريين والمدنيين فتقدر بـ 62 مليون نسمة، أي ما يعادل 2% من سكان العالم وكان نصفهم من المدنيين. يضاف إلى هذا العدد عشرات الملايين من الجرحى والمشوهين والمعاقين وقد شهدت هذه الفترة تعديات خطيرة على حقوق الإنسان فمات الملايين من الأبرياء نتيجة للغارات الجوية وفي معسكرات الإبادة والتعذيب زيادة على اعتقال الأطفال والنساء وارتكبت المجازر في حق العديد من الشعوب واستعملت ضدها الأسلحة الكيماوية والذرية. ويعتبر الاتحاد السوفييتي وبولندا وألمانيا من أكثر البلدان الأوروبية تضررا من عنف هذه الحرب. وبعد منتصف القرن الماضي، توقف الأوربيون والأمريكان عن قتل بعضهم البعض ونقلوا ساحة حروبهم إلى إلى قارات أخرى، فحصيلة الحروب الأخيرة منذ 1990 حتى اليوم تتجاوز خمسة مليون ضحية، غالبيتهم في أفريقيا وآسيا.
ولا شك أن الخط الوحيد الفاصل بين عالم مستنير ومتقدم ويصبو نحو "الخير" وبين العالم المتخلف البدائي، هو التخلص من فعل "القتل" مرة واحدة وإلى الأبد، مهما كانت الأسباب والدوافع والمواقف، وبالتالي إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى الدولي من جميع القوانين والدساتير. أما الخطوة الثانية فهي حل الجيوش المختلفة، جميع الجيوش، ونزع السلاح ومنع صناعته وإنتاجه دوليا. وبدون هذا الحل الإنساني البسيط، ستبقى البشرية تتخبط في غياهب عصور الظلام والبدائية فاقدة لأبسط المعايير الأخلاقية التي تكفل حق الحياة للجميع.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة والعقال 6 - العلم ضد التربية
- الجريمة والعقال 5 - القرود الخمسة والموزة المحرمة
- الجريمة والعقال 4 - العصا لمن عصى
- الجريمة والعقال 3- الإسلام .. رسالة ملغمة
- الجريمة والعقال 2- البحث عن الجنة
- الجريمة والعقال 1- الحشاشون
- الإنسان حيوان قاتل 11 - ماكبث .. القاتل والمقتول
- الإنسان حيوان قاتل 10 - لماذا لا يحدث إنقلاب عسكري في أمريكا ...
- الإنسان حيوان قاتل 9 - المظلة البلغارية
- الإنسان حيوان قاتل 8 - أسطورة اوزيريس
- الإنسان حيوان قاتل 7 - القاتل بالجملة
- الإنسان حيوان قاتل 6 - القتلة الجياع
- الإنسان حيوان قاتل 5 - السن بالسن والرقبة بالرقبة
- الإنسان حيوان قاتل 4 - لاتغضب بدلا من لا تقتل
- الإنسان حيوان قاتل 3- دمشق .. مسرح الجريمة
- الإنسان حيوان قاتل .. 2 - الجثة رقم 1
- الإنسان حيوان قاتل 1 - الغاية والوسيلة
- توكل على الله والدولة
- ملل ..
- ليبيا .. في إنتظار الكارثة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الإنسان حيوان قاتل - حل الجيوش هو الحل