أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحلام طرايرة - حين يكون القتل موهبة!














المزيد.....


حين يكون القتل موهبة!


أحلام طرايرة

الحوار المتمدن-العدد: 4238 - 2013 / 10 / 7 - 08:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما يقف شاب بكامل ابتسامته أمام لجنة تحكيم وجمهور كبير في برنامج مواهب عربي ليقول أن موهبته هي أكل كل شيء حيّاً، فهذا مفزع بحق ولا أقصد ذلك الفزع المفتعل الذي أبدته إحدى أعضاء اللجنة بسؤاله فيما إذا كان بإمكانه أن يأكل أعضاء اللجنة أحياء أيضا. وعندما يُشاهد كل من في مسرح البرنامج ذلك وأن يُسمح للشاب المبتسم أن يواصل عرضه مع الاكتفاء بتعبيرات الامتعاض على وجه بعض الحضور وإشاحة نظر البعض الآخر مع صرخات الاستنكار الخجول- والتي كانت في غالبها تبدو مفتعلة أيضا – فيما يواصل تمزيق ثعبان بأسنانه كان قد قتله للتو، فهذا مفزعٌ جدّاً. لكن أن تصوّت لجنة في برنامج للمواهب العربية لتأهيل شخص يأكل الحيوانات حيّة، فهذا مفزعٌ ومريعٌ وكارثيّ!

لستُ أناقش حدثا صغيرا هامشيا هنا – كما سيبدو للبعض- ولكني أناقش ما يحمله هذا الحدث من معاني سبقت حدوثه ومعانٍ تترتب عليه وعلى الآلية التي تم التعامل بها معه. أولا، لنمعن النظر في تعريفه لنفسه في البداية: قال سأقدّم عرضا عسكريا، حيث يضطر الجنود أن ياكلوا أي شيء. لكنه مع ذلك أكل زجاجا وجمرا كمقبلات (ولم أسمع عن جنود يأكلوا هذه الأشياء ليسدّوا بها جوعهم على أي حال) ومن ثم انتقل لقرمشة العقرب وتمزيق الأفعى بأسنانه كوجبة رئيسية. لدينا هنا حربٌ، جنودٌ جوعى، وفكرة تقول أنه بإمكانك أن تأكل أي شيء عندما تضطر لذلك- بما في ذلك رفاقك، ربما! هي فكرة مرعبة تشرّع القتل في أسوأ صوره، وتم المرورعنها مرور الكرام.

ثانيا، القتل هنا موهبة، هو عرّف عن نفسه كموهوب في قتل وتمزيق الكائنات وهي لا تزال حيّة واللّجنة أقرّت ذلك وتجاهلت مسؤوليتها في "غربلة" المواهب لصالح الموهوبين الحقيقيين بتأهيلها لسفّاح أو "مشروع سفّاح" فقط في سبيل الإثارة والتنويع في جنسيّات المتأهلين للمرحلة المقبلة. ولسوء الحظ أن الحكم الرابع الذي ما كان ليصوّت لصالح المتسابق كان قد تأخر عن الحلقة تاركا كل من شاهد الحلقة – أو الكثيرين منهم – في حيرة حول ما سيقدّمه الشاب السفاح صاحب الابتسامة المريبة في المرة المقبلة، ماذا سيأكل يا ترى؟؟

ثالثا، من المفترض أن يكون هذا البرنامج من برامج العائلة التي يمكن للأطفال مشاهدتها مع ذويهم، ولكننا نرى أن المحطة التي تبث البرنامج لم تنوّه ولو تنويها صغيرا بأن الحلقة تحتوي على مشاهد مقرفة لا يجب أن يشاهدها الأطفال! وأتساءل فيما إذا كانت المحطة تتعمد أن يعتاد صغارنا على مشاهد تمزيق الأفاعي (وغيرها) حيّة بالأسنان المجردة كمشهد حياتي طبيعي، فتكون مصيبة بحاجة لدراسة وتسليط الضور عليها، أو أن القائمين عليها لم يسمعوا بمسؤوليتهم الانتقائية فيما يُبث على شاشتهم وفيما يشاهده الأطفال تحديدا كما يحدث في كل بلاد العالم المحترمة، فإذا كانوا لا يعون ذلك فنحن أمام مصيبة أعظم.

رابعا، أتوقع أن يتم إقصاء السفاح قبل العرض القادم والشكر لوجود المحكّم العقلاني الرابع- فلن نلوّث أعيننا وقلوبنا وقلوب صغارنا بمشاهد قتل باسمة جديدة وسط تصفيق وتشجيع من يروق لهم هذا النوع من الإثارة. لكن هذا الشاب سيبقى موجودا وسيبقى محبي ما يفعله موجودون أيضا، لكن أضعف الإيمان هو أن لا يُعطى مساحة –أي مساحة- على شاشة تحظى بنسبة مشاهدة عالية ولبرنامج يشاهده ملايين من العائلات العربية ليعرض إجرامه الذي هالني تسميته بالموهبة!

أخيرا، من مسؤوليتنا كمشاهدين أن نتحرك تجاه ما يُعرض على الشاشات العربية التي تسكن معنا بيوتنا ونوقف كل ما من شأنه أن يلوث إنسانيتنا قبل أي شيء. لا يكفي أن نقول هذا خطأ. علينا أن نتحمل مسؤولياتنا أيضا ونغلق الأبواب التي يتسلل منها الشرّ، مهما بلغت ضآلته.



#أحلام_طرايرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قل لي أيّ إله تعبد أقُل لك من أنت
- وطنيون لا يعرفون الوطنية
- إسرائيل جميلة، الجزيرة تقول ذلك
- العلمانية هي دولة الله
- مرض عضال اسمه الغباء الخطابي العربي
- أنا زلمة!
- حسن وجميلة، حيث وُلدت النكبة
- الإخوان المتخفّين بقناع (حماكِ الله يا مصر!)
- بلاد الموت قهراً هي بلادي
- سّحل الجثث يدوم ما دام القتل شرعياً
- مع براعم وضدّ طيور الجنة.. أطفالنا بين الحياة و الموت
- كذبة الفقر والفقراء.. إحدى أكبر كذبات التاريخ!
- هناك مدّعين بيننا فاحذروهم!
- أن تكون فلسطينياً- اسرائيلياً !!
- هذه الأرض المقدسة، هل هي حقاً مقدسة؟
- أيّ خلافة إسلامية ينتظرون؟؟


المزيد.....




- تطورات الحادث الجوي في واشنطن.. طائرة ركاب اصطدمت بمروحية عس ...
- مصادر لـCNN: اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب بالقرب من واشن ...
- فيديو استقبال محمد بن سلمان وأداء صلاة الميت على الأمير محمد ...
- كيف تتم عملية تبادل الرهائن في غزة؟
- اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب تحمل 60 شخصا بالقرب ...
- يكثر استهلاكه في المنطقة العربية.. الحليب الحيواني الأكثر فا ...
- إسرائيل: 11 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم هذا الأسب ...
- تصادم طائرة ركاب مع مروحية عسكرية قرب مطار ريغان بالعاصمة ال ...
- عاجل | رويترز: طائرة ركاب تابعة لخطوط جوية أميركية اصطدمت بط ...
- ترامب يستعد لإعلان قرار يهم طلاب الجامعات المتعاطفين مع حماس ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحلام طرايرة - حين يكون القتل موهبة!