|
( الحلقة السابعة ) يوميات سكين
باسم محمد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 12:55
المحور:
الادب والفن
رواية في حلقات
نجحت المهدئات التي أعطاها الطبيب لي في منحي قسطا من النوم ، ولكن ليس قسطا من الراحة ، بسبب الانقطاعات المتكررة للكهرباء ، والتي جعلتني أتصارع مع النوم كما يتصارع المصارع مع ثور هائج ، ولم يكن الوقت يعنيني بشيء ، بقدر ما يعنيني ان احضى بقدر من النوم ، يعيد إلى جسمي بعض التوازن الذي فقدته في الأيام الماضية ، وعندما استيقظت من ذلك النوم غير المريح ، شعرت ببعض التحسن ، وبأنني ربما تخلصت من تلك الكوابيس التي قضت مضجعي ، في اثناء ذلك ، سمعت صوتا قادما من المجهول ، يطلب من الركاب النزول من السيارة ، أخذ الركاب بالنزول وأيديهم مرفوعة إلى أعلى ، يحيط بهم رجال ملثمون مدججون بالسلاح ، أوقف الركاب في مكان بعيد عن الطريق ، خلف تله عالية ، كانوا مجموعة متنوعة من الرجال والشباب والأطفال والنساء ، الذين بدوا وكأنهم فقدوا كل معالم الحياة ، فبينهم الباكي وبينهم المتوسل ، فيما أخذ بعضهم يردد الأدعية والآيات القرأنية ، وبينما هم على هذه الحالة من الخوف والرعب تقدم القيادي نحوهم ثم قال : - من منكم مسلم رفع الجميع ايديهم بما في ذلك الأطفال ، وما ان لمحهم القيادي حتى سألهم مرة أخرى : - من منكم .... ( مذهبنا ) هنا رفع بعضهم يده ولم يرفعها البعض الآخر ، فشعر القيادي ان هناك من يكذب في تحديد مذهبه ، فطلب من احدنا التأكد من الهويات ، وفصل من هم من مذهبنا عن اتباع المذهب الآخر ، ففعل صاحبنا ذلك بمهارة عالية ، ولم تسلم من تفتيشه حتى النساء ، وبعد ان قسم الركاب إلى مجموعتين ، أمر القيادي بذبح جميع اتباع المذهب الآخر ، على ان يبدأ بالأطفال قبل الكبار وبالنساء قبل الرجال ، لكن قبل ذلك أعلن ان إحدى الفتيات ستكون جاريته ، فسحبها من الجمع وأوقفها خلفه ، فصاح احد الركاب ( انها ابنتي اتركها ) ، فخاطبه أحدنا لا تخشى عليها لن تذبح مثلكم ، فصاح الرجل ( خير لي ان تذبح من ان تكون جارية لهذا الآفاك ) ، أنزعج القيادي من وصفه بالأفاك ، فطلب البدء به ، فما كان من الأخير إلا ان قام بسحب عقاله ، وبدء يضرب كل من يتقدم إليه ، ونظرا لكبر سنه ، فقد تمكن احدنا من مسك العقال وسحبه منه ، ومن ثم قام بإلقاءه أرضا في وسط بكاء عال من ابنته الواقفة خلف القيادي ، ومن طفل يقف مع المهيئين للقتل ، بقي الرجل يقاوم على الرغم مما واجهه من لكمات من مهاجمه ، ومن ضربات تأتيه من آخرين هرعوا لمساعدة زميلهم ، ثم توقفت حركته بعد ان أصيب بالإنهاك ، هنا دعاني القيادي إلى الإجهاز عليه مرددا : - سيكون ثوابك عظيما يا أخي ترددت قليلا ، فكيف لي ان اقتل رجلا يدافع عن شرفه ؟ هل يعني هذا انني استهين بالشرف ؟ ، شعر القيادي بترددي ، فصوب نظراته نحوي ، - لماذا تتردد ؟ هل تجد طلبي صعبا ؟ - لا بل لدي شك في أني افعل الشيء الصحيح تذمرت المجموعة من كلامي ، إذ بان ذلك من نظراتهم المنزعجة وأصواتهم المستهجنة ، فيما أخذ بعضهم يوصمني بالمروق والجبن ، اما القيادي فلم ينجرف إلى الغضب الذي قد يطيح برأسي ، بل لقد أوضح لهم حقي في الإستفسار حتى لا أكون جاهلا بتكليفي وحدود ديني ، ثم خاطبني بهدوء ورزانة : - وما الذي يجعلك تشك ؟ - سيدي : قال الرسول ( ص) ان من مات دون عرضه فهو شهيد ، وهذا الرجل يموت دون عرضه ، فهو في حكم الشهيد ابتسم القيادي وقال : - أرأيتم اخواني ، ان لديه فهم خاطيء لأحكام الدين ، ولذلك من واجبنا ان نعلمه ، حتى يتصرف عن رضا واقتناع ، فهو يعتقد ان الرجل الذي حكمنا بموته ، ينطبق عليه وصف الشهيد ، لأنه اعترض على جعل ابنته جارية لنا ، وما اود ان أوضحه لأخي ، ان هذا الرجل اعترض على حق شرعه الله تعالى لنا ، لذلك فهو يستحق العقوبة ليس بوصفه مارق عن الدين وحسب بل ومعترض على حكمنا الذي يرتبط بتنفيذ حد من حدود الله أيضا ، فأطمئن أخي وقر عينا . وعلى الرغم من كلمات القيادي فأنني لم اشعر بالراحة ، لكنني شعرت ان أي اعتراض آخر من قبلي سوف يطيح حتما برأسي ، وهو لن ينقذ الرجل الذي سيموت سواء بيدي او بيد غيري ، لذلك قررت ان أنفذ ما طلب مني حتى لا يكون لهم علي سبيل ، نظرت إلى الرجل الملقى على الأرض والممسوك بقوة ، فهالني منظره الساكن ، فهل استسلم الرجل فجأة بعد ان أعياه دفاعه عن نفسه ام انه فقد صوابه بعد ان عرف مصيره ؟ قربت سكيني منه ، وفي تلك اللحظة المربكة ، لمحت دمعة تتسلل من أحد عينيه ، لا ادري ان كانت دمعة خوف ام حزن ، ام دمعة خرجت دون إرادة منه ، وبينما كنت انازع أرتباكي وحيرتي ، باغتني صوت زوجتي وهي تدعوني للطعام ، لقد كان بحق كابوسا مريعا .
يتبع
#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لستم سادة ولسنا عواما
-
مراجع الدين وموضوع تحريم الرواتب والإمتيازات الخاصة
-
الاحزاب الدينية والوصاية على الدولة
-
الأحزاب الإسلامية والقومية بين مطلب الإلغاء وخيار تغيير البر
...
-
نحو مصالحة شعبية
-
العبودية العشائرية في العراق
-
لا سادة ولا عوام كلنا متساوون
-
في العراق هل القانون حقا فوق الجميع ؟
-
العراق وإسرائيل .. أنتفاء تبريرات الحرب المعلنة
-
أنساب السادة وأنساب العوام
-
زيارة الاربعينية .. وقفة تقييم
-
وأن كانوا يهودا ؟!
-
القراءة التأريخية لواقعة كربلاء
-
دعوة لفسح المجال لسياسيين جدد
-
في ذكرى 2 أب : يجب أن لا تُنسى المواقف الحسنة والطيبة
-
أننا مقصرون مقصرون مقصرون يا أخواننا المسيحيين
-
متى تنتهي مأساة أسرة مكمينيمي البريطاني المختطف في العراق ؟
-
الألقاب التشريفية والتمييز الاجتماعي
-
بعد الاعتداء على الصحفيين في الناصرية .. هل يمر هذا الاعتداء
...
-
كفى قتلا كفى تخريبا كفى فسادا كفى اقصاءا كفى اجتثاثا كفى ...
...
المزيد.....
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
-
ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من
...
-
-رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
-
هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية
...
-
بعد أزمة فيلم -الملحد-.. هل تأجل العرض بمصر أم مُنع العمل؟
-
جيمي كيميل لن يقدم حفل الأوسكار المقبل لهذا السبب
-
استقبل الأن.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على جمي
...
-
تنسيق الشعبة الأدبية 2024 مرحلة أولى كلية اقتصاد وعلوم سياسي
...
-
في دورتها الـ10.. إعلان أفضل الأعمال المشاركة في جائزة كتارا
...
-
بالصور| اقدم نقاش في العراق يحاور الخشب ويخلق لوحات فنية
المزيد.....
-
في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
(مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
كتاب نظرة للامام مذكرات ج1
/ كاظم حسن سعيد
-
البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
صليب باخوس العاشق
/ ياسر يونس
-
الكل يصفق للسلطان
/ ياسر يونس
-
ليالي شهرزاد
/ ياسر يونس
-
ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير
/ ياسر يونس
-
زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي
/ ياسر يونس
-
رسالةإ لى امرأة
/ ياسر يونس
المزيد.....
|