أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - دكان جدي _ قصة قصيرة














المزيد.....

دكان جدي _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 10:42
المحور: الادب والفن
    


يتعجب أهلي من اصراري الدائم في المواظبة على الذهاب إلى محل العائلة, برغم أن الأمر يسعد الجميع, ذهابي يريحهم من مشاكلي مع أولاد الجيران ويريحهم أيضا لأنهم يعلمون أني أبقى طول اليوم في المحل لا أغادر حتى يغلق أبوابه عند الساعة الثامنة مساءا, لكن ما يقلقهم هو ذهابي وعودتي المتكررة بين فترات بين البيت والمحل الذي لا يبعدان عن بعض أكثر من مئتي متر.
سألني أكثر من شخص عن سر ذهابي المتكرر عن المحل وخاصة عندما لا يكون أحد غيري فيه.
حاولت أن أغير من خط سيري أو أفتعل أي سبب لكي أذهب وأعود مسرعا لكي لا يلحظ أحد سبب ذلك.
نجحت مرات بافتعال ذهابي للحمام برغم وجود مكان عام قريب من المحل.
أحيانا يأخذني الحرص على الإتيان بوظائفي المدرسية كي أنجزها وأعيدها مرة أخرى للبيت.
أجلس بقرب بوابة المحل وعيني شاخصة نحو مدخل الزقاق المقابل لنا مباشرة ,زقاق ضيق بعرض مترين ينتهي بزقاق أخر بنفس الموصفات لكنه يتعامد معه ليوصلني إلى شارع اكبر قليلا محفور من منتصفه ليشكل فيه مجرى للمياه الثقيلة هكذا هو منذ أن عرفت المدينة هذه منتقلا من مدينتي الأصلية ,في أخره تقريبا تقع دار جدي.
عرفت أم مجيد تلك السيدة الرشيقة التي أورثت جميع عائلتها البياض المفرط ,بياض لم تألفه المدينة بين سكانها بالرغم أني لم أعرف زوجها ولم أعرف للعائلة قرابة بنفس تلك البشرة البيضاء المشوبة بحمرة مميزة وطول أيضا في البنية لم يشهد لها مثيل في كل المدينة أنهم عائلة برغم صغرها النسبي يحتفظون بمكانة خاصة.
طريقي في العودة والذهاب لا بد أن يكون من باب بيت أم مجيد حتى صرت أعرفه وأعرف كل صغيرة وكبيرة فيه.
أمونة كانت البنت الوحيدة في البيت كل من في العائلة هم من الذكور ما عدا امونه وأمها ,تشبهها كثيرا في كل تفاصيلها البدنية والجمالية وتشترك معها أيضا في تعلقي بها ,ذلك الميل الذي لم أجد له سبب مقنع برغم من هذا الزمن الطويل.
أجمل اللحظات عندي عندما نفتعل نحن الأثنين حكاية أن نلتقي قرب الباب ,أنا متجه للمحل وأم مجيد في الاتجاه المعاكس لتغطي بصعودها دكة الباب العالية وبعباءتها المفتوحة أمامي وهي ترفع قدمها لتصعد الدكة وتكشف عن ساق طويلة بيضاء مع ابتسامة تحرق فيها كل أعصابي فأضطرب في مشيتي وأسرع متجاوزا الباب وقلبي يخفق, أنه الطقس المتكرر يوميا بيننا ,كله يجري بصمت إلا من ضجيج قلبي.
في خلواتي أتخيل هاتين الساقين كأنهم لأمونه فأنا واثق تماما أنها تشبه ساقي أمها وكنت أتمنى لو أنها تجرأت مرة لتريني ساقيها ,فقد شحت علي بالابتسامة فقط وهي تلاعب خصلات شعرها التمري الأقرب للصفرة منه ,كان متموجا وطويلا, ترتدي دوما ملابسها من الأقمشة الحريرية الصناعية وتختار عائلة اللون الوردي أو الحني.
ما زلت في الخامسة عشر من عمري وأنا أخوض هذه التجربة التي توزعت بين الأم وأبنتها فهي تكبرني بسنتين أو أكثر أما أم مجيد فلا يقل الفارق بيني وبينها ربع القرن, لكني مدرك أن لا شيء ممكن بيننا, شعوري بأني أشغل قلب أنثى بل اثنتين هو المسيطر على تفكيري, لم أكن أحمل ما يميزني عن غيري من مثيرات, فقير جدا كما أن ملامحي لا توحي بشيء ينتمي للجمال.
في مرات قليلة تمنحني أمونة لدغة حب جميلة مع ابتسامة تحرص على أن توصلها لي وهي تفضح تعلقها الحقيقي بي حينما تتعمد أن تفتح أزرار ثوبها قليلا لأرى ذلك الشق الرهيب بين نهديها ,إنها من المرات القليلة والتي تحرمني من النوم فأطيل السهر متخيلا أصناف شتى من الصور والأحلام الجنسية.
مرت ثلاث سنوات وأنا متقن لعبة الذهاب والإياب وبصمت أمارس حبي الأخرس دون كلمة مني ولا منهن لكنني أيضا سعيد بما يجري دون تغيير, لا فرصة حقيقة أمامي لأعرف أو أسمع منهن كلمة أو تعليق مجرد ما هو حاصل عدا مرة واحدة صرت وجها لوجه مع أم مجيد في تجمع بمناسبة دينية كان أول مرة يصطدم جسدي بجسدها مباشرة لأتحسس ذلك الصدر الناعم بلا تخطيط أنه حدث عابر لكنه منحني ما يسعد أحلامي كان صدرها متدليا بلا حمالات أنها المرة الأولى أتحسس صدر امرأة ,لم تكن ثواني سريعة إنها تعادل في قيمتها عندي كل السنوات التي مضت, أحسست الرضا والانتعاش منها برغم الجو الكئيب والحزين هناك.
عدت بعد أربع سنوات قضيتها في الدراسة الجامعية منتقلا من مدينة جدي واحلامها الصغيرة لأعود في زيارة لهم, أبديت حرصي على الذهاب للمحل باكرا وأنا في ذاكرتي تلك الأيام من تلك السنين , لم يتغير شيء في جغرافيا المنطقة ,المتغير الوحيد هو أنا فقد تبدلت الكثير من معالمي الشخصية ,أصبحت أهتم كثيرا بانتقاء ملابسي بقصة شعري وبإظهار الهدوء في مسيري.
كنت أعرف تكتيكات وحركات أم مجيد فقد أتقنتها وحفظتها غيبا, هذا ما تأكد لي من توافق بين خروجي والتقائي بها تبسمت حين فاجأها حضوري بعد أربع سنوات, ثم قطبت حاجبيها ودخلت مسرعة دون أن تفتح عباءتها كالسابق, بقيت مستمرا في سيري باتجاه محل جدي, منتظرا أن تطل أمونه علي لتبادلني تلك الابتسامة الرقيقة.
لم يشكل موقف أم مجيد عندي مشكلة فقد علمتني حياة الجامعة أن أتفهم الامور وأخذ بعلاتها وأن من حق الأخرين أن يتصرفوا وفقا ما هم فيه من أسباب ,ظل نظري منصبا حول الزقاق ما سيسفر عنه من حركة في بيت أم مجيد, لم يطرق ببالي أن أرى شرفة دارهم المطلة تماما على بوابة المحل, كانت أمونة تسترق النظر من خلال كسر في الحائط ,تأكدت منها إنها هي أومأت بإشارة السلام واختفت خلف الجدار ,لتختفي قصتي كلها بثواني.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والضرورة
- أعترافات ما بعد الموت
- كلام على ورق
- أحلام العم عطية
- سوادين
- عنزة جاسم
- دار دور
- حلم في الف ليلة وليلة
- العقل وأشكالية التعقل بين النص الديني والواقع
- حكاية الثقافة في العراق
- قيامة منصور4
- القيامة في وسط المدينة3
- المدينة والقيامة 2
- أنا والقيامة الأتية 1
- عطش الذاكرة
- حدود هوية الأنا والأخر
- التجربة الإسلامية الحاكمة . _ نماذج ورؤى _ج3
- التجربة الإسلامية الحاكمة _ نماذج ورؤى _ ج2
- التجربة الإسلامية الحاكمة. نماذج ورؤى _ ج1
- السرقة الشرعية حلال والسرقة الغير شرعية حرام.


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - دكان جدي _ قصة قصيرة