عبد الإله بسكمار*
الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 19:16
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
عبد الإله بسكمار *
من المفترض أن تحل بعد يوم أو بضع يوم الأربعون لحرب السادس من أكتوبر 1973 والتي وافقت عندنا وقتذاك العاشر من رمضان المبارك وعند الصهاينة عيد الغفران ( كيبور ) ، ولم تكن تلك الحرب التي اندلعت زوال يوم السبت 6 أكتوبر إلا حلقة واحدة من مسلسل الصراع المعقد الطويل الأمد بين العرب ودولة اسرائيل التي قامت على عصابات القتل والمذابح ونهب ومصادرة أراضي الغيروتشريد شعب بكامله عن أرضه ووطنه ، لتتكامل صورة الحربة الأمبريالية ( البريطانية ثم الأمريكية الصهيونية ومسؤولية سلطات الانتداب البريطاني في المأساة الفلسطينية لا غبار عليها ) الحربة المزروعة في قلب المنطقة العربية...
في ذلك اليوم ، السادس من أكتوبر/ 10رمضان ، ذهل كل العالم من أقصاه إلى أدناه ، إذ شن الجيشان المصري والسوري هجومين شاملين ( طيران– مشاة - مدرعات ومدفعية متوسطة وبعيدة المدى )على جبهتي الجولان وسيناء لم يكن أدق الخبراء العسكريين يتوقعهما ( أول وأخطر فشل للجاسوسية الاسرائيلية بل وأبرز انخداع للقمر الصناعي الأمريكي فوق المنطقة ) وفي ظرف ساعات معدودة حقق المصريون والسوريون انجازا تاريخيا بعبور قناة السويس واختراق هضبة الجولان ( القناة المذكورة تعد أمنع حاجز مائي في العالم وكان ضغط بسيط على زر كافيا لصب البنزين أوتوماتيكيا في المياه وإحراق كل من يعبره لكن خبراء مصر تمكنوا من إبطال مفعوله قبل العبور ) ومن ثمة ، تدميرخط الون في الجولان و خط بارليف الذي أقامه الجيش الاسرائيلي على الضفة الشرقية للقناة والذي يضم 32 نقطة محصنة كانت مجهزة بأحدث وسائل الاتصال والمراقبة في ذلك الوقت ، ولن نتحدث عن مقبرة سلاح المدرعات الاسرائيلي في سيناء بفعل فعالية الصواريخ المضادة للدروع ( الأربي جي – ساجر – ب11 – ب12) وقد استخدمها مشاة الجيش المصري في معارك الدبابات الطاحنة عند صد هجومات العدو المضادة والتي فشلت بشكل ذريع خلال الأسبوع الثاني للحرب ولن نذكر مات الطائرات الاسرائيلية التي تهاوت كأوراق الخريف نتيجة استخدام العرب للصواريخ الروسية الرهيبة وقتذاك ( سام 6 وسام 7) التي كانت تصل نسبة إصابتها للطائرات إلى 98% ...ويصعب الحديث عن خسائر العدو المادية والبشرية فقد اعترف رئيس أركان الجيش الاسرائيلي دافيد اليعازر في اليوم الأول فقط من الحرب بسقوط 500 قتيل وألف جريح بين جنود وضباط العدو ، وفي نهاية الحرب اعترفت اسرائيل ب3000 قتيل وأزيد من 7000 جريح واسقاط 200 طائرة وتدمير 1000دبابة ، ولم يكن النصر سهلا على الطرف العربي بالطبع فقد استشهد الآلاف أيضا من الجنود والضباط المصريين والسوريين ومن باقي الجيوش العربية المشاركة في الحرب ، لكن جيش " الدفاع الاسرائيلي " قد تلقى اللطمة هذه المرة بعد أن كانت حروبه مع العرب مجرد جولات أشبه بالنزهات ، بات من الواضح أن أمريكا لن تسمح بهزيمة ساحقة لاسرائيل ، إذ تكثف الجسر الجوي الأمريكي تجاه المطارات والموانئ الاسرائيلية لانقاذ قواتها المنهارة ، فتحقق بعض الخرق على جبهة الجولان ، لكن وصول القوات العراقية إلى الجبهة في اللحظات الحاسمة قلب المعادلة من جديد لصالح العرب ، فضلا عن تحريك أكثر من بلد عربي لقواته في اتجاه الشقيقة سوريا وفقا لميثاق الدفاع العربي المشترك ونذكر على الخصوص إضافة إلى مشاركة الجيش العراقي ( المأسوف عليه طبعا ) وكان ثالث قوة عربية في الحرب ، الوحدات الكويتية والأردنية والسودانية والفصائل الفلسطينية زيادة على لواء مشاة مغربي ( 3000 جندي وضابط بكامل معداتهم ) ومشاركة أسراب من الطائرات الليبية ( الميراج ) والجزائرية على الجبهة المصرية خاصة ... وفوق صخور الجولان اختلطت الدماء العربية ولم تفرق الشظايا والقنابل الاسرائيلية بن السوري والعراقي والفلسطيني والكويتي والمغربي...انتهت الحرب بالانسحاب الاسرئيلي من الثغرة في نونبر 1973 ومحادثات الكيلو 101 وبفض الاشتباك على الجبهة السورية سنة 1974مع مكاسب عسكرية وسياسية متعددة للعرب ...تدعم التضامن العربي بشكل تاريخي في معمعان الحرب ( وكنا اذداك صغارا يلعب في أيدينا الزمن الوحشي بتعبير الشاعر احمد عبد المعطي حجازي ) على نغمات الفنان سيد مكاوي ورائعته " الأرض بتتكلم عربي " إذ فجرت المنظومة العربية لأول مرة قنبلة النفط تجاه الدول المساندة للكيان الغاصب المحتل إلى درجة تعويض السيارات بالجياد في هولندا التي عرفت بتأييدها الأعمى للدولة العبرية ، وتهديد الملك فيصل بتفجير آبار النفط إذا هاجمتها قوات أمريكا ( "سنعيش بالتمر واللبن والوبر كما عاش أجدادنا " توقيع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ) وكان ذلك كما قيل من أسباب تحرش وكالة المخابرات الأمريكية به واغتياله على يد أحد أقاربه في 1975... رحمه الله
هل هذه أضغاث أحلام عذبة أم تراها خرافات عاد وثمود و أساطير الأولين يا أخ العرب ؟ ...هذا شيء يقال له التاريخ يا أخ العجم ولا حيلة معه كما لا حيلة مع الله تعالى ، دهشتك يا أخي مبررة لأن مياها كثيرة جرت تحت الجسر ....استرجعت مصر سيناء لكن بثمن باهظ من ثرواتها وقرارها المستقل وفق ما سمي بأوفاق كامب ديفيد ، عقد الأردن اتفاقية وادي عربة أي السلام مع اسرائيل مقابل ماذا ؟ لا أعرف لحد الآن بصراحة....وربما لا أحد يعرف على وجه الدقة .... سوريا مضمخة بالجراح ...جيش منهك...نظام متداع معزول أو شبه .... وحرب أهلية ضروس وجولان ما زال محتلا ، جبهة جنوب لبنان أعطت زخما للأمة ومعها غزة ...والفلسطينيون المعنيون الأساس بالقضية بدأوا يفيقون من أوهام أوسلو التي منحت العدو وقتا ثمينا كافيا لتحصين ما اغتصبه وزيادة قسيمة الاغتصاب أمام كل العالم .....يخطئ من يظن أن قضية فلسطين وشعبها هي مجرد أخبار روتينية على الشاشات أو لقاءات ديبولوماسية عابرة ، أو في أحسن الأحوال دروسا بالية تلقى على تلاميذ القسمين التاسع إعدادي والثانية بكالوريا ثانوي تأهيلي ليحفظوها على مضض أو ينقلوها على حجاب / حرز حريز ، ولا هي شعارات للمزايدة بين هذا الفريق أو ذاك أو هذه القبيلة أو تلك ، لا أحب لغة الخشب .. لكن ، اسألونا يا أحبتي نحن جيل المخضرمين كيف عشنا مع القضية من المدرسة إلى الشارع والثانوية والجامعة والى وقت الناس هذا ، أبسط وأصغر كائن بيننا سيقول لك إنها ليست قضية فحسب ، إنها خبز يومي رددناه و نردده مع طوقان والشاعر القروي وأبي سلمى ومارسيل ودرويش وبسيسو وزياد وكنفاني والقاسم ونزار ويخاطب فينا خيطا عميقا يداعبنا بعنف ، يستفزنا برفق لكن دون رحمة ويستخف من هذا التصور " العقلاني" و" الواقعي " و " المفاوضاتي " الملتبس.... تصور استهلك وتشخصن وتداعى وتمطط حتى أضحى كالأبله في الزفة ونحن نعاين خرافة السلام تتبخر على يد ساسة العدو وهم يسمحون بالمزيد من الاستيطان ونهب أراضي الفلسطينيين المغلوبين على أمرهم بعد أن سيجوهم في غيتوهات سميت دولة زورا وبهتانا ويحاصرونهم منذ سنوات والى الآن بالقطاع كالفئران في الجحور الصغيرة .. وهم ماضون في تهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين ....أي سلام مع هؤلاء القوم ؟ سؤال بسيط ...جوابه بسيط أيضا لا سلام ولا تطبيع معكم حتى ينال الشعب الفلسطيني حقه المشروع في العودة إلى أرضه ووطنه وتأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ...دون ذلك فحالة اللاحرب واللا سلم مجرد خرافة وعبث بأمن جميع شعوب المنطقة ولن تكون بالضرورة أسطورة أزلية بل انتظرواياسادة .... القنبلة الديمغرافية الفلسطينية.. وانفلاتات العنف الأهوج هنا وهناك ستؤدون أنتم وغيركم ثمنها إذا لم تنهجوا سبيل السلام العادل والشامل ...
* كاتب / فاعل مدني
#عبد_الإله_بسكمار* (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟