أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الوعي لا يحدد وضعية الانسان - قوة الاشياء وقوة الافكار -














المزيد.....

الوعي لا يحدد وضعية الانسان - قوة الاشياء وقوة الافكار -


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 12:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الافكار من صنع الاسنان ،لذا فهي قد تكون ايجابية كما قد تكون العكس ، قد تدفع الى التغيير كما قد تدفع الى الكولسة والجمود . اما الاشياء فبحكم طبيعتها قد تكون خارج ارادة الانسان ، كما قد تكون من انتاجه . وفي كلتا الحالتين فان العلاقة بين الاشياء وبين الافكار تأخذ اشكالا متعددة قد يؤثر بعضها في الآخر ، وقد يكون التصادم وعدم الانسجام . وعلى اي فالصراع بين الافكار وبين الاشياء سيستمر ابد الدهر طالما ان هناك اشياء وهناك افكار .
نتحدث عن قوة الاشياء للتدليل على قوة الواقع ، وسلطة الاشياء في مقابل قوة الافكار وسلطتها . تشير الاشياء الى سلطة الاحداث ، والوقائع والمؤسسات ، والزمان ، والدهر حيث تبدو الافكار احيانا وكأنها لاشيء ، وقبض ريح امام قوة الاشياء وثقل الواقع .
وقد شهد تاريخ الفكر صراعا وتنافسا بين القوتين داخل النظرية الواحدة نفسها مثلما هو الامر في النظرية الماركسية . فقد انبرى ماركس في الكثير من كتاباته الى نقد الافكار وإظهار مثاليتها وتعاليها ووهميتها ، وذلك في معرض نقده للفلسفات المثالية ، محاولا ارجاعها الى قاعدتها المادية الانتاجية ، والى الممارسات والمؤسسات التي تؤطرها وتتحكم فيها . في " الايديولوجية الالمانية " صب ماركس جام نقده على الفلسفة المثالية التي تعتقد باستقلالية الافكار وقوتها ، وتتصور ان التغير الفكري الفلسفي بديل عن التغير السياسي ، وان الثورة الفكرية تقوم مقام الثورة الاجتماعية . وقد تبلورت فكرة احتقار الفكر والأفكار في الماركسية في الاطروحة الحادية عشرة من اطروحات ماركس حول فيورباخ والتي يقول فيها " لقد اكتفى الفلاسفة بتأويل او تفسير العالم في حين يتعين تحويله ( تغييره ) " ، وهي قولة لم تخل من نبرة احتقارية للفلسفات النظرية وللفكر التأملي عامة ، وكان لها اسوء الاثر على موقف الماركسيين من الافكار ، مما جعل المفكر الفرنسي التوسير يقول بأن ماركس كان وضعيا في هذه الفترة .
وهناك فكرة ماركسية اخرى تم افراغها من محتواها السوسيولوجي والفلسفي ، واستعمالها كأداة فكرية للحط من قيمة الافكار المجردة عن اساسها الاجتماعي ، وهي قولة ماركس الشهيرة " ليس وعي الناس هو الذي يحدد وضعهم " . فقد تحولت هذه الفكرة بعد اجتثاثها من سياقها الاصلي ، من فكرة منهجية تؤكد الجذور الاجتماعية للأفكار ( او التحديد السوسيولوجي للوعي ) الى اداة للحط من قيمة الفكر والأفكار والوعي .
وبعد قيام الثورة الروسي شاعت افكار ذات نفحة وضعية قوية ، لكنها مكيفة مع الماركسية من قبيل ان جرارا واحدا خير من عشرات الافكار فيما يخص تغيير ذهنية الفلاحين ، او ان كهربة البادية احسن من عشرات حملات التوعية . نعم ، كانت هناك اتجاهات ماركسية تؤكد على " ضرورة الوعي " وعلى دور " النضال الايديولوجي " ، و" البنية الفوقية " كغرامشي مثلا ، لأن تحول الماركسية من فكرة ونظرية الى مؤسسة تمتلك السلطة او تسعى الى امتلاكها قد رفع من ’معاملها العملي والتجييشي ( جيش ) والتعبوي ، ولم تكن التعبئة والاستقطاب ممكنين إلا بالرفع من قيمة الفعل والنضال والممارسة على حساب التفكير والتأمل . ان الوقت كان وقت تعبئة ونضال للحصول على السلطة او للحفاظ عليها . لذلك نفترض ان السبب الرئيسي والأساسي في انزلاق اغلب الاتجاهات الماركسية الى الاعلاء من شأن الفعل والممارسة على حساب التفكير والتأمل ، هو ضرورة التعبئة الجماهيرية التي اقتضاها تحول الماركسية من نظرية الى مؤسسة ، ومن مشروع فكري الى مشروع اجتماعي وسياسي ، ومن طوبى الى دولة .
لكن الطريف في ذلك كله ، أنه في الوقت الذي كان الماركسيون منشغلون بالدعوة الى الممارسة والحد من شأن التفكير ، كانت الافكار الماركسية تسري في العقول وفي النفوس سريان النار في الهشيم ، حيث استولت الافكار الماركسية على العديد من العقول الكبيرة منذ منتصف القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين ، وعلى وجدان الملايين من الناس في العالم ، وأسهمت في قلب او محاولة قلب الكثير من الانظمة السياسية والإيديولوجية في الشرق والغرب ، وغزت اذهان ونفوس النخب المثقفة والجماهير في العالم الثالث ممارسة وتأثيرا بلغ حد الافتتان والسحر .
وقد الحقت الافكار الماركسية حول اولوية الممارسة والفعل والتغيير على المعرفة والتأمل والنظر مساسا كبيرا بفكرة فاعلية وأهمية الافكار ، وذلك بسبب الخلط بين التحديد السوسيولوجي ( المادي ) للأفكار الذي الحت عليه الماركسية في اطار صراعها ضد الاتجاهات المثالية ، وتحت ضغط متطلبات النضال والانخراط في الفعل التاريخي ، والحط من شأن الفكر ومن قيمة الافكار .
ولاشك في ان هذه الموجة تضاءلت الآن ، بل تقهقرت الى ادنى مستوى تترجمه الوضعية البئيسة التنظيمية والإيديولوجية للحركات التي تحسب نفسها على ضفاف الماركسية ، وتبين ان من الضروري التمييز بين المستوى الابستيمولوجي ( المعرفي ) الذي يلح على المحددات المادية ( السوسيولوجية ) للأفكار ، وبين القاعدة المعروفة والمتداولة منذ القدم حول فعالية الافكار وقوتها وسلطتها . فالا فكار كما يقول كارل بوبر ، هي اخطر الاشياء وأقواها ، وإن كانت ايضا اكثر الاشياء خبثا ومكرا ، لأنها لا تحمل قيمتها في ذاتها ، بل تعكس بدرجة او اخرى ، إرادات التضليل او الاستغلال او خدمة الاستبداد او تغليف الحقد او مقاومة الرغبة .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمريغ حقوق الانسان في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارج ...
- التقنية والسياسة
- المدرسة والمسألة المعرفية
- نحو المحافظة على الهوية الثقافية والاصالة الحضارية
- تنزيل الماركسية
- تذليل المفهوم القروسطوي للدين
- فشل اردوغان والاخوان في محاولة بعث الفاشية العثمانية
- المثقف الماركسي والوعي الطبقي
- دفاعا عن سورية وليس عن الأسد
- الإتجار بالديمقراطية البرلمانية
- الديمقراطية وترويض القدرة السياسية في المجتمع
- الاخوان الفاشيون
- الإستعارة في اللغة السياسية
- - امرأة عند نقطة الصفر -
- الطب والامبريالية في المغرب
- حين يصبح الانقلاب والتزوير مشروعا
- منظمة -- حزب -- تيار
- ادوات اشتغال المخزن
- دراسة تحليلية لماهية المخزن -- المخزن عقيدة وليس مؤسسة .
- جدل عن غياب العاهل محمد السادس خارج المغرب


المزيد.....




- حماس ترفض الاقتراح الإسرائيلي وتقول إن تسليم سلاح المقاومة - ...
- -بلومبرغ-: واشنطن تُعرقل إصدار بيان لمجموعة السبع يُدين الهج ...
- ما الذي يحدث في دماغك عند تعلم لغات متعددة؟
- الأردن يعلن إحباط مخططات -تهدف للمساس بالأمن الوطني- على صلة ...
- أبو عبيدة: فقدنا الاتصال مع المجموعة الآسرة للجندي عيدان ألك ...
- في سابقة علمية.. جامعة مصرية تناقش رسالة دكتوراة لباحثة متوف ...
- الإمارات تدين بأشد العبارات -فظائع- القوات المسلحة السودانية ...
- ديبلوماسي بريطاني يوجه نصيحة قيمة لستارمر بخصوص روسيا
- الحكومة الأردنية تكشف تفاصيل مخططات كانت تهدف لإثارة الفوضى ...
- -الحل في يد مصر-.. تحذيرات عسكرية إسرائيلية رفيعة من صعوبة ا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الوعي لا يحدد وضعية الانسان - قوة الاشياء وقوة الافكار -