|
التابوهات الثلاثة
سامح محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 07:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تنقسم التابوهات البشرية الى ثلاثة اقسام :- 1- الدين 2- الجنس 3- السياسة فيتقاتل الانسان و يرتكب الجرم المحرم على الخليقة و هو ازهاق الروح لكى يثبت انه الوحيد الحامل لفكرة المطلق فيما يتعلق بتفسيرهم ، حيث تظهر الاحزاب و الطوائف و الاتجاهات ، و فى هذه المقالة أتسأل لماذا تدفع كل تلك الاثمان من أجلهم ؟! و هل تستحق تلك التبوهات التضحية من أجلها ؟!
اولا : الدين :- - تختلف الاديان و تتعدد بأختلاف البشرية من حيث الزمان و المكان الى ان تستقر البشرية اخيرا على ما يتفق مع انسانيتها و ما يحقق لها التطور و الرقى . الا انه خلال الوصول لتلك المرحلة تدفع البشرية ثمنا باهظا من الممكن ان يقضى على ما خلفته ورائها من حضارة ، فهل يستحق الامر العناء ؟ وما السبب لذلك يا ترى ؟ . - و للاجابة على ذلك نرى أن الصراع فرض على الانسان منذ قدومه للارض فقد أعتمد فى بداية حياته على الترحال ثم الزراعة و التأقلم مع الطبيعة الامر الذى دفعه للصراع معها فكان فى حاجة لان يقتل المفترس ليعيش و أن يصطاد الفريسة لياكل و أن يحفر فى الصخور ليحقق السكنى مما خلق عنده الشعور بالحاجة و التى بها أسس حضارته ، اذن نستخلص من ذلك أن الصراع و التقاتل عليه حق و بالتالى فأن التابوه الاول لم يتسبب كما يدعى الماديين فى زيادة أعباء البشرية و هجميتها بل على العكس من ذلك يعد الدين هو المتمم لمكارم الاخلاق و منقذا للبشرية من هجميتها و ذلك بما أضافه من أخلاق نابعة من ذات المصدر الالهى النابع هو منه ، فبأتباع الاوامر و النواهى ترتقى البشرية و تبدأ فى التخلى عن جزء من حيوانيتها الا ما تكون فى حاجة اليه لتستمر بها الحياه على هذا الكوكب . - اذن لماذا كل هذا الصراع ؟ ، لماذا نتعارك معا ؟ ، لماذا يكفر كل منا الاخر ؟ . الاجابة عن تلك التساؤلات تكون داخل النفس البشرية و ذلك حين تتحكم فيها تلك الامارة بالسؤ التابعة للهوى و يلغى في الانسان العق و الحكمة ، فيعتقد الانسان انه بذلك حاملا بايمانه الحقيقة المطلقه و أنه الحق فيما يتبع مع العلم أنه من الممكن ان يكون بكتابه المقدس انه ليس المطلق و أن هناك رسالات بعده يجب عليه اتباعها حتى يكتمل ايمانه و يصبح حقا من المؤمنين الامنين . - كما أن الانسان أحيانا ينسى أن دينه يحثه على البحث و التفكر فى خلق الله فلا يرى منه سوى الامر و النهى مما يصيبه بالقصور فى العقل فلا يستطيع أن يعى الغاية من الامر و النهى مما يصعب عليه أتباع ذلك و تطبيقه على أكمل وجه فيحيد عن الحق و يتبع الباطل . - كما أننا نواجه ايضا فيروسا خطيرا و هو المذهبية ، و المذهبية هى وجهة نظر أحد المفكرين أو الفقهاء فى الدين فهو من خلال هذا المذهب الذى هداه عقله اليه يرى الدين و لكن الكارثة أن الامر يزداد سؤا اذا ما تشدد فى رايه و أكتفى بما أوصله له عقله . و يعد الخطأ فى ذلك هو الثقة الزائدة فى العقل و كأنه المصدر للحقيقة المطلقة فالعقل مجرد وسيلة و لكنها اساسية لا يجوز الاستغناء عنها فهو يخطىء و يصيب فما يراه شخص ما نا ذلك هو الصحيح يراه أخر انه خطأ ، الامر الذى يدفعنا لذلك التصارع و التناحر دون أن نعى أننا بذلك خرجنا عن المضمون و الغاية الاساسية التى يرغب الدين فى تحقيقها .
ثانيا : السياسة :- - انها تلك اللعنة التى تجعل الصديق عدوا و اللص أمين على خزائن الارض ، فهى دهاء الكلمة و سحر التعبير فهى التى تجعل من الحر عبدا و التى و ان وقعت بأيد أمينة حررت العبيد و أطعمتهم من رحيق الحرية . - الا انها فى نظرى تابوها قذرا لايستحق أن يتقاتل من أجله البشر ، فالسياسى بكل ما يحمله من كلمات رنانة هو خادما لايدلوجيته و مرجعياته الفكرية و العقائدية فهو يظهر بالمظهر الحسن ليشعرك بصدق مرجعيته و انها هى الحل الامثل لقيادة الدولة مما ينتج ما يسمى بصراع الايدلوجيات و الذى لا يترتب عليه سوى التنازع و انقسام المجتمعات و ظهور رزيلة شهوة الحكم . - و بناء على ما سبق هل تستحق السلطة كل هذا النزاع و التضحيات ؟ . السلطة من السلطان و هو من يفرض ارادته و وجهة نظره على الجميع فهو الحاكم السياسى الاول العين التى ترى الحقيقة المطلقة من وجهة نظر المحكوم ، الا ان الحقيقة ليست على غير ذلك ، فالسلطان ليس سوى مسيرا لامور البشر فيما يتعلق بدنياهم من أحتياجات مفروض على الدولة توفيرها فهو المفروض عليه النبدأ القائل (سيد القوم خادمهم ) و بالتالى فان الحقيقة الوحيدة هى تحقيق العدالة بين الفرد و الجماعة و تفعيل دور كل منهما تجاه الاخر . - و عليه فان فشل السياسى بعد اعتلائه للسلطة فى تحقيق ذلك الهدف الاسمى و هو خدمة كلا من الجماعة و الفرد و اقتصار دوره كممثل للايدلوجية الخاصة به يوجب عزله و لكن بمطلب يجتمع عليه كل فرد بالجماعة و ذلك بعد تحرير تلك الجماعة من كافة الاتجاهات و التيارات و اظهارها امام المجتمع بحقيقتها و ما على هذا الاخير سوى الاختيار . - اذن يتضح أن الصراع الايدلوجى و سلوك المصالح الغالب على العمليات السياسية لا يحقق التقدمية للمجتمع بل يجعله خادما للسياسى و ايدلوجيته و لاسيما اذا كان هذا الاخير قد استطاع بحنكته السياسية و كلامه الرنان كسب الطبقة العريضة من الجماهير و ضبط أموره مع معارضيه الامر الذى يجعله فى النهاية ذو سلوك ديكتاتورى و ان كان مصلحا ، و بهذا تكون السياسة قد خدمت أصحابها المتشدقين بها دائما لذا فيجب حذفها من سجل القداسة الانسانية و اطفاء تلك الهالة المضيئة خلف رأسها .
ثالثا : الجنس :- - لعل هذا التابوه لهو الاكثر أهتماما من البشر بعد التابوه الاول ( الدين ) بل انه عند البعض يتحول لهوس خالقا بذلك كوارث بشرية و هى اكثر ما يواجهه المجتمع الان كالتحرش و الاغتصاب و لاسيما ان الانثى هى دائما الضحية . - يعد تساؤلى حول هذا التابوه محاولة منى لحل لغزه و اهتمام الغالبية العامة من البشر به و هل الغاية منه هى انه وسيلة تكاثر ، ام انه ركنا هاما للحياه ؟! - قبل الاجابة أرغب بايضاح وجهة نظر بسيطة عن هذا التابوه ان الايمان به يعد وهما لا يمد للعقل البشرى الحر بصلة و ان كان وسيلة اساسية لاستمرار الحياه ، فقد سبب الكثير من المتاعب للبشر و نتج عنه العديد من الصراعات بل وصل الامر بانه غنيمة فى الحروب ، فهو المظهر الخبيث للشهوة البشرية و اظهار الطبيعة الحيوانية للانسان فهو يجعل الانسان ينحط من مستواه كسيدا لهذا الكوكب الى ادنى حيوان هائج عليه لا يعرف الشفقة و الرحمة حين يشعر بالجوع ينقض على فريسته و يمزقها اربا . - اذا الامر هنا فى حاجة الى ضابط قوى و ذلك حتى لا يخرج عن كونيه وسيلة لاستمرار الحياه فطالما انه ركنا هاما للحياه لا يمكن العيش بدونه فيجب علينا ان نقننه و نفسره وفقا للغاية منه و لعل تلك الاخيرة تختلف باختلاف المجتمعات و الايدلوجيات المنتشرة بها ، فمنه من يرى ضرورة تحرره و فك القيود عنه اعتقادا منه ان ذلك يحقق الراحة النفسية للافراد مما يجعل لهم دورا فعلا داخل المجتمع ، و منه من يرى انه يجب التحفظ من شأنه و تقيده معتقدا بذلك أنه يحقق الفضيلة فى المجتمع و ذلك بتحريرعقل الافراد من ذلك الوهم و جعلهم لا يفكرون سوى فى المصلحة العامة ليقضى بذلك على الشعور بالانانية الناتج عن فكرة اشباع الشهوة و التى قد تؤدى تلك الاخيرة احيانا الى انغلاق الفرد و اقتصار فكره حول مصلحته الشخصية مما يضعف دوره فى المجتمع . - اذا نحن البشر فى حاجة اليه فهو وسيلة تكاثرنا و طريقة من طرق الاشباع و لكن الاهتمام به لا يجب ان يكون غاية اجتماعية فان وضع المجتمع فكرة معينه حوله لا يجب عليه ان يجعلها ملزمة للافراد به بل يجب على المجتمع تعليم الفرد جيدا و منحه القدرة على الاختيار و ذلك حتى ينظر الفرد له بانه ليس سوى مجرد وسيلة انسانية لازمة للحياه لا يجب الاعلاء من شأنها البتة و تفضيلها على كافة الوسائل الاخرى فالامر اشبه بالحاجة للطعام فيوجد اوقات يأكل فيها الانسان و اوقات يتوقف ليس بسبب الشبع و لكن لرغبته فى التخلى المؤقت عن تلك الوسيلة لشعوره بانه كائن مختلف لا تحركه تلك الاجتياجات الدنيوية بل هو محركها و هو ما يمزه عن غيره من المخلوقات .
الخلاصة :- - على المشتغل بالدين أن يعى الناس باهمية الايمان و ان غايته هو المحافظة على المبادىء الانسانية ، و ان الطاقة الايمانية الناتجة عن التدين لابد و ان تسخر فى ما ينفع الناس ، و ان الانسان الحر هو الذى لا يعرف سوى عبادة الله الواحد فهى المفهوم المطلق للحرية ، و الا يستغل ايمان البشر و ليحولهم الى مكذوبين يطيعون ما يراه هو صحيح فلا يوجد انسانا يعى كل شىء . - و يجب على السياسى ان يخلع عن نفسه عبائته الخاصة و ان يرجح مصالح الناس على ايدلوجيته ، فاينما يطبق العدل فذلك شرع الله ، و ذلك دون ان تكون غايته ترجيح لايدلوجيته على كافة المرجعيات و اظهار انها الاسمى من غيرها . - يجب على المهتم بالجنس ان يعرف ان الجنس مجرد وسيلة قد يترتب عليها نجاح المجتع و الفرد او تفاقم العلاقة بينهما و تدمير المجتمع بالنهاية لا تحتاج ذلك الهوس الغريب سواء بالمنع او بالتحرر .
فلا يوجد اسمى من الانسان الحامل للامانة العابد لله و المطيع له فوق كل أعتبار .
#سامح_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكافرون بالحرية - المبحث الاول : حرية الاعتقاد الدينى
-
الانسانية بين الوهم و الحقيقة
-
الحقيقة المأساوية
-
رواية الأفاعي صرخة ضد الجهل والإرهاب
المزيد.....
-
-أكسيوس-: وزراء عرب يعارضون في رسالة إلى واشنطن إجلاء الفلسط
...
-
4 احتمالات.. سيناريوهات -اليوم التالي- في غزة تتصدر لقاء نتن
...
-
البعثة الأممية تكشف عن تشكيل لجنة استشارية تمهيدا لجولات حوا
...
-
الدوحة: إسرائيل لم ترسل وفدها المفاوض لإجراء محادثات المرحلة
...
-
الخارجية الروسية تتهم USAID بالتلاعب الإعلامي وتجاهل جرائم ا
...
-
الشرع: إجراء انتخابات رئاسية بسوريا سيستغرق 4-5 سنوات
-
ملامح المرحلة الجديدة من الصراع بعد الطوفان
-
ترامب يعتزم توقيع أوامر تنفيذية جديدة
-
مهرجان للأضواء في كوبنهاغن.. المدينة تشعّ نورا يكسر رتابة ا
...
-
حادث عرضي وليس تخريبًا: السويد تكشف أسباب قطع كابل بحري في م
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|