|
الاسد ليس هيروهيتو و بوتفليقة ليس ديغول
سليم عبد الله الحاج
سوريا
(Rimas Pride)
الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 02:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يحلو للكثيرين القيام بتشبيه رموز الدكتاتوريات العربية الجاثمة على صدورنا بشخصيات تاريخية و قيادات عالمية لعبت دورا هاما في تغيير مجرى الاحداث في دولها ، وان كانت فلسفة التشبيه امرا عاديا في التعامل مع الاحداث الجارية من زاوية التجارب السابقة لوضع سياقات تمكن من توقع منحى التطورات في المستقبل القريب والبعيد فان هذه الطريقة لا يصح اطلاقا ان يتم اللجوء اليها لفهم الحالة العربية بمنظوماتها الفكرية الهشة و انظمتها السياسية الضعيفة خارجيا الموجهة لحكم الداخل بالحديد و النار لاطول فترة اننا نرى اليوم محاولات حثيثة في الجزائر لقلب معادلات الحكم دون الاخلال بمضمونها القمعي الاستبدادي المنتمي للاطار العربي الاشمل و ثمرتها فرض منطق "البوتفليقية السياسية" على من سواه في اطراف الحكم التقليدي المتمثلة في المؤسستين الامنية و العسكرية و على حساب الخصم الاخر المترهل وهم الاسلاميون . وفي الطريق لشرعنة نوايا الفريق البوتفليقي ليصبح عرابا لجمهورية ثانية وهمية ، لم يعفي مؤيدوا هذا الخط اي وسيلة الا واستدخموها و من ذلك لجأوا الى تشبيه "عزيزهم " بالزعيم الفرنسي شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة في فرنسا و أب السياسة المعروفة باسم الديغولية المهيمنة الى اليوم على فكر الدولة الفرنسية و طرق معالجتها للملفات الداخلية و الخارجية ومن الواضح جدا ان هذه المسألة عبارة عن هراء ، لان الدولة ان دخلت مرحلة جديدة من عمرها فسترسي قواعد و مبادئ محدثة تختلف عن المراحل السابقة و الا لماذا يحدث التغيير و ان كانت هذه الدولة ذات طابع جمهوري فالانتقال من جمهورية سابقة الى جمهورية لاحقة يتم عبر سبل ثورية واضحة تحدث قطيعة شاملة مع ممارسات الماضي التي دفعت الى الانهيار ثم حتمية التجديد و بالتالي فلا يمكن ان نتحدث عن جمهورية ثانية في الجزائر ما لم تتغير العقلية المسيرة للنظام السياسي و انماط ادارته للسلطة و تفاعله مع المجتمع ففي فرنسا جاء ديغول بمشروع تحديث سياسي اعاد شيئا من الحيوية لدولة كانت تعاني من اهتراء في الداخل و مشاكل ناتجة من سياستها الخارجية الاستعمارية و الطريف ان الجزائر المحتلة كانت محور اساسي لبدايات الديغولية واما الجزائر المحررة فلا يبدو انها ستستكمل طريق الاستقلال و التحرر الكامل وقد تتحول الى جزائر بوتفليقية لسنوات عديدة قادمة بدون ان يتغير شيء فيها الا نحو ان نقول استبدلنا زيد باخيه عمرو فمن المعيب ان نقارن بين شخصية بنت نموذجا مميزا ملهما ثم غادرت الحكم استجابة لنداء شعبها و بين من يريد الاستفراد بالسلطة و البقاء فيها الى اخر لحظة من حياته و هو على كرسي المرض ثم يورثها لمن يختارهم لاستكمال مهمة التربع على العرش و ايصال الدولة الى حافية الهاوية وفي مثال اخر كان بشار الاسد هو هيروهيتو سوريا بحسب بعض الاراء لانه انقذ بلده من التدمير و جنبه الهجوم العسكري الاميركي مثلما يزعمون .. و هيروهيتو هو امبراطور اليابان واحد قادة المحور في الحرب العالمية الثانية و في عهده تعرضت مدينتي هيروشيما وناجازاكي للهجوم بقنبلتين نوويتين اميركيتين وقرر بعدها الاستسلام و القبول بشروط المنتصرين .. جانب السخف البين في هذا التشبيه يظهر عند الامعان جيدا في الحالتين اذ لدينا امبراطور عسكري قائد لشعبه في معركة حاسمة كان خوضها هو نتيجة تفاعل بين العقل العسكري الياباني و مستوى النضج الاجتماعي والثقافي في هذه الدولة الصاعدة . وعندما شعر هذا القائد انه هزم و ليس بمقدوره تقديم اي شيء اخر فضل مصلحة استمرار الحياة في بلده و منح شعبه فرصة اعادة كتابة تاريخ جديد من دونه على الرغم انه كان يستطيع الاستمرار في حرب الاستنزاف الا ان ينتهي اخر جندي ياباني قادر على حمل السلاح .. بينما في الطرف الاخر لدينا دكتاتور عربي مسؤول عن قتل مائة الف شخص من مواطنيه و يخوض حربه في المسرح الداخلي ضد ابناء شعبه وبينما يحاول ان يشوه الحقائق ويوهم الراي العام بخوضه حربا غير مباشرة ضد عدو اجنبي فانه لا يتورع في البحث عن مخارج و صفقات مع من يصفه بالعدو و في ان واحد يصعد الحرب في الداخل دون هوادة و لا يبدي اي استعداد للتساهل وحتى ان دمرت سوريا وزالت من على وجه الخريطة بمقابل ان يبقى في الكرسي .. فاين وجه الشبه ؟ .. هيروهيتو دكتاتور استأسد على الاجنبي وحرص على مصلحة و دماء من يتحمل مسؤوليتهم وان حكمهم بشمولية و اما الاسد طاغية مجرم لا مثيل له في حق شعبه مستاسد عليه بينما يرتدي وشاح الالفة و العقلانية في التعامل مع الخارج ولا ندري الى اي حد يمكن ان يصله في حربه العبثية الانتقامية من ثورة الشعب السوري مادام انه اكتسب الضوء الاخضر الدولي ليس خافيا ان معظم حكامنا مصابين بالشيزوفرينيا او انفصام الشخصية فلا يمكن ان نضعهم ولو على سبيل المزاح في خانة القادة الحقيقيين المدونة اسمائهم في صفحات التاريخ
#سليم_عبد_الله_الحاج (هاشتاغ)
Rimas_Pride#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحيي انتفاضة الشعب السوداني
-
المشروع الايراني لا يواجه بالخطاب العرقي او الديني
-
فكرة المقاومة بين التسطيح والطوباوية وامل التحرر
-
لا والف لا لتمديد عهد الفساد و الهدر
-
معضلة الديموقراطية في الجزائر
-
مصداقية أميركا في اعقاب الاتفاق حول الكيماوي السوري
-
لماذا يجب ان نتحرر ؟
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|