|
المؤشرات المبكرة للأزمة السورية
عفيف رحمة
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 02:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرة هي الإجتهادات السياسية التي حاولت تفسير الأزمة السورية وتعليل مبرراتها، غير أن أغلب هذه المحاولات ارتكزت عل فهم الحدث من زاوية الإستبداد والممارسات الإقصائية للسلطة، بمعن آخر فهم الأزمة وتعليل أسبابها بمقاييس أخلاقية لا مادية، مجردين هذه الحالة التاريخية من طبيعتها الإقتصادية والإجتماعية ومختزلين الأزمة الوطنية الأعمق في تاريخ سوريا بقضية صراع سياسي من أجل السلطة.
هذا المنهج في فهم القضية السورية جعل من مخارجها السياسية مجرد تسويات بين قوى متصارعة، منهج لا يلبس أن يعود بفعل المتغيرات الجديدة ليغوص في سلسلة جديدة من التحليلات التي تدحض أو تنقض ما سبق تقريره سابقاً من مخرجات.
فما هي الحقائق المادية للمجتمع والدولة في سورية؟ وما هي المعطيات التي شكلت مقدمات الأزمة السورية؟
في هذا البحث نستعرض كماً من الحقائق والمؤشرات التي تتناول الوضع الإقتصادي والثقافي والتعليمي والإجتماعي، ونترك للقاريء حق تحليلها وتشبيكها ليبني بمفرده محاولته الحرة والمستقلة في فهم هذه الحالة التاريخية وليقرر لنفسه سبل الخروج منها بما يتفق والمسارات الحتمية للتاريخ.
حقائق ومؤشرات (1) عبر العقود الاربعة الماضية، شهدت الأراضي القابلة للزراعة (بعل ومروي) تراجعاً ملحوظاً في مساحاتها، فبعد أن كانت تشكل نسبة 81.4% من مجمل الأراضي السورية إنحسرت لتصبح نسبتها 75.8% (عن إحصاءات 1960 و 2010)، وضمن ذات السياق أنخفضت مساحة الأراضي القابلة للزراعة المروية من 33.4% إلى 25.4%، محققت بذلك خسارة تجاوزت نحو 20% من النشاط الزراعي.
بالتوازي مع هذا التراجع في المساحات المزروعة يلاحظ تراجع في مساحة الحراج وعدد الغراس، ففي عام 1990 بلغت مساحة الحراج الإصطناعية 27 ألف هكتار وبلغ عدد الغراس 28888 ألف غرسة لتنخفض إلى 9.3 ألف هكتار و 9662 غرسة في عام 2010.
حقائق ومؤشرات (2) لم تشهد أراضي المحاصيل الدائمة والزراعات المروية بمختلف اشكال الري، أي تقدم خلال العقد الأخير وحافظت على نسبة 23% من الأراضي الزاعية القابلة للري (الطبيعي وبالتنقيط) التي تصل مساحتها اليوم إلى 6045 الف هكتار، أي ما يعادل 12.2% من الأراضي الزراعية التي تصل مساحتها إلى 14839 ألف هكتار من أصل الأراضي السورية البالغ مساحتها 18515 ألف هكتار.
كما لم ترى تقنيات العمل الزراعي في سوريا أي تطور خلال العقدين الأخيرين، فعدد الجرارات الزراعية على سبيل المثال لم يتغير بشكل محسوس خلال هذه الفترة، فحتى عام 2010 لم يتجاوز العدد 215 جرار لكل 100 كم مربع، عدد تجاوزته كوبا عام 1978، الضفة الغربية عام 1979، مصر عام 1985، الأردن عام 1990، لبنان عام 1993 وماليزيا عام 1994، في حين تجاوزته إسرائيل منذ عام 1960 ويكاد يصل عندها اليوم إلى 900 جرارا لكل 100 كم مربع.
حقائق ومؤشرات (3) تراجعت نسبة مساهمة القطاع الزراعي في تشكيل الثروة الوطنية والدخل القومي من 29% إلى 16% خلال الفترة الممتدة بين عام 1970 وعام 2010، تراجع يستحق أن يطلق من اجله ناقوص خطر السياسات الزراعية التي إعتمدت خلال العقود الماضية، ويدعو إلى مراجعة جادة وإعادة نظر لمجمل السياسات الإقتصادية التي تخلت تحت غطاء الإنفتاح والتحديث عن القضايا الوطنية المحورية التي شكلت الأرض والزراعة أحدى محاورها. لكن شيئاً كهذا لم يحدث، وإستمرت سياسات تهميش المحافظات الزراعية واستمر الإستخفاف بقيمة الأرض وعطائها، مما دفع القسم الأكبر من قوة العمل الزراعية إلى هجرة الأرض والتوجه نحو المدن للعمل في حرف البناء والخدمات والنقل.
إستخفاف نقرأه بما قدم من قروض للقطاع الزراعي، ففي عام 2010 قدمت المصارف 150 مليار ل.س. للقطاع الزراعي 100 مليار ل.س. للقطاع الصناعي بينما بلغت قروض القطاع التجاري 575 مليار ل.س. وهو مؤشر عن سياسات إهمال القطاعات المولدة لفرص العمل وتشجيع للقطاعات القاتلة لفرص العمل.
حقائق ومؤشرات (4) على المستوى الوطني تناقص عدد سكان الريف على إمتداد الفترة 1960-2010 من 63% إلى 44% من إجمالي عدد السكان في سوريا، تناقص رافقه إنخفاض في حجم قوة العمل الزراعي على المستوى الوطني من 30.6% إلى 14.3% من إجمالي قوة العمل الوطنية. أما على مستوى الريف فلم تعد تشكل قوة العمل بشكلها العام سوى 38.5%، مع تراجع ملحوظ في العاملين في الزراعة الميدانية الذين لم يتجاوز عددهم 742 ألفاً عام 2010 أي ثلث قوة العمل الزراعي، في حين توجه الثلثين الآخرين إلى المدن والمدن الكبرى (حلب، دمشق، حمص...) ليعملوا في مجال البناء والنقل والخدمات...
سياسات الإفقار هذه تُرجمت إجتماعياً وإقتصادياً بإرتفاع نسبة الإعالة في محافظات حلب، إدلب، الحسكة، دير الزور، الرقة، درعا و القنيطرة بوسطي 4.8 وبزيادة 35% عن وسطي باقي المحافظات (للمقارنة: دير الزور 5.5 وطرطوس 3.2).
حقائق ومؤشرات (5) في ظل منظومة سياسية إعتبرت التقدمية منهجها الوطني ينتظر منها ومن أحزابها السياسية العمل لزيادة تأهيل القوة العاملة ثقافياً وفنياً لمواجهة تحديات النهضة والتنمية، كما يفترض منها أن توفر للمرأة البيئة الثقافية والمعرفية للمشاركة في عملية تكوين الثروة الوطنية، لكن وخلافاً للخطاب السياسي بقيت المرأة بعيدة بعداً كبيراً عن عملية الإنتاج، فرغم التساوي النسبي في تعداد الذكور والإناث بلغت نسبة النساء غير العاملات 90% من تعداد القوة البشرية (فوق الخامسة عشر)، كما لم تشكل نسبة النساء العاملات سوى 12.8% من قوة العمل (عام 2010)، في حين تأتي النسبة 39% في البحرين، 31% في السودان، 28% في عمان، 26% في المغرب، 25% في اليمن وتونس، 23% في لبنان، 17% في السعودية، 15% في غزة والأردن والجزائر، 14% في العراق، بينما تصل النسبة إلى 15% في أفغانستان، 16% في إيران، 28% في تركيا، 29% في الهند، 43% في كوبا، 44% في جنوب إفريقيا وماليزيا، 51% في أندونيسيا، 52% في فنزويلا، 59% في البرازيل و 51% في إسرائيل.
أما نسبة النساء غير العاملات فقد بلغت نسبتهن 90% من تعداد النساء فوق الخامسة عشر، تراجع في مساهمة المرأة تزامن مع تفسخ في قوة العمل الزراعي وإنحسار كبير في مساهمة المرأة الريفية العاملة، ذلك أن حصة مشاركتها في الزراعة عام 2010 لم يتجاوز 23% من نسبة إجمالي قوة العمل في الريف السوري في حين بلغت هذه نسبة 60% عام 2000.
يحلل هذا الإنحسار وفق عاملين، الأول ويتمثل بالتراجع العام لدور المرأة التي إنكفأت نتيجة لظروف العمل الزراعي وإكتفت بالتدبير المنزلي الذي شكل عام 2010 نسبة 60% من إهتماماتها، أما العامل الثاني فتمثل بتوجه عدد من النساء نحو قطاع الخدمات والخدمات الخاصة والمجتمعية كنتيجة لتردي أوضاع المجتمع الريفي وتردي أحوال الإقتصاد الزراعي، فقد بلغت نسبة نساء الأرياف العاملات في قطاع الخدمات 39% مقابل 46% في قطاع الأعمال الزراعية و 15% في القطاعات الأخرى.
حقائق ومؤشرات (6) لماذا توجهت المرأة الريفية نحو قطاع الخدمات والخدمات الخاصة والمجتمعية؟ لإنه المجال الأوسع لتشغيل المرأة التي لا تملك من المستوى التعليمي إلا حده الأدنى هذا إن ملكته، غير أن هذه الإعاقة ليست خاصة بالنساء بل حالة المجتمع السوري بشكل عام والريفي منه بشكل خاص، فحصة الريف من الأمية عالية جداً وقد بلغت زروتها لدى العاملين في الزراعة ووصلت إلى نسبة 39% في دير الزور و 32% في الرقة و 27% في حلب، مع تباين كبير في المعدل بين الرجال والنساء تجاوز الضعف، ومن محافظة لأخرى فقد قاربت الأمية لدى النساء العاملات النسبة 50% في كل من الرقة، دير الزور، بينما لم تتجاوز 5% في كل من السويداء، طرطوس، الحسكة، وريف دمشق.
على المستوى العام تجاوزت أمية النساء النسبة 22% من عموم النساء و78% من عموم الأميين العاملين (ذكوراً وإناث) ممن زادت أعمارهم عن 15 عام، لتفقد هذه المشاركة الضعيفة جدواها الإقتصادية والإجتماعية.
هل هو عيب إجتماعي أو سوء سياسات؟ في واقع الأمر هو محصل للسياسات التعليمية والتربوية المعتمدة وتحديداً في المحافظات الشمالية، حيث إنعكاساتها على المستوى الثقافي والمعرفي في الريف الذي تباين بجميع مؤشراته بين محافظة وأخرى، تباين يترجم لب السياسات الإجتماعية والإقتصادية التي إنتهجتها الحكومات المتعاقبة والتي إنصبت آثارها الكارثية على الفقراء والطبقة العاملة بشكل عام وعلى المجتمع الفلاحي بشكل خاص. فنسبة قوة العمل المؤهلة تأهيل ما بعد الثانوية (معاهذ أو جامعات) لم تتجاوز في كل من ريف دمشق، حلب، حماة، إدلب، الحسكة، دير الزور، الرقة بالتسلسل النسب: 14.2، 12.2، 15.3 14.5، 15.1، 17، 9.7%، بينما نجد نسب تكاد تصل إلى الضعف في دمشق، حمص، اللاذقية، طرطوس (23.7، 19.8، 23.8، 31.3%) أما درعا والسويداء والقنيطرة ونتيجة قربهم من العاصمة فنجدهم يحققوا النسب التالية (17.9، 23.1، 24.9%).
حقائق ومؤشرات (7) بالأمس كنا نأكل من ثمار وخضراوات كفرسوسة وعنب داريا وبندورة دوما وزيتون جديدة عرطوز وبطاطا يبرود وتفاح الزبداني ومشمش جرمانا ...، واليوم عدد العاملين في الزراعة الميدانية في محافظة ريف دمشق لا يتجاوز 3.8% من مجمل قوتها العاملة.
حقائق ومؤشرات (8) وفق جميع المؤشرات الإقتصادية ومؤشرات التنمية البشرية تصنف سوريا بموجب التصنيف العالمي للأمم المتحدة ضمن الدول الفقيرة قليلة التقدم. وعلى عكس الخطاب السياسي وما يفترض من حكوماتنا أن تعمل بموجبه لنقل سوريا نقلة نوعية لتتمكن من مواجهة تحدياتها في التنمية وفي المقاومة جائت الممارسات السياسية ونتائجها لتدفع بسوريا نحو مزيد من التخلف.
لقد تراجعت سوريا 47 مرتبة في سلم التنمية البشرية خلال 20 عاماً، لتحتل عام 2011 المرتبة 119 في سلم 187 دولة بدل المرتبة 72 التي إحتلتها عام 1991، كانت تسبقها إيران ويتبعها الصين واليوم يسبقها غوايانا وبوستوانا ويتبعها نامبيا وميكرونيزيا. في حين تتقدم كوبا من المرتبة 62 إلى المرتبة 51 وإيران من 92 إلى 88 وإسرائيل من 21 إلى 17.
حقائق ومؤشرات (9) يتميز المجتمع السوري بصفتين ملازمتين تعملا بخلاف ضرورات التنمية الشاملة: النمو السكاني المرتفع والعطالة العالية للقوة المنتجة، فوفق المكتب المركزي للإحصاء تجاوز معدل النمو السكاني عام 2010 نسبة 2%، وهذه النسبة من النمو هي ضعف المعدل الوسطي للعالم (1.15%) وجاور وسطي النمو السكاني في الدول العربية (2.2%) وتقارب مع المعدل الوسطي لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (2%) وتساوى مع الهند (2%) وتتجاوز باكستان واليمن (1.8%) وتفوق على الجزائر (1.5%) ويكاد يصل لضعف النمو السكاني في إيران (1.1%)
وخلافاً للضرورات الموضوعية التي تستوجب توفير قوة عمل كافية لمواجهة هذا النمو السكاني المرتفع نجد المجتمع السوري في حالة من العطالة المرهقة، ففي عام 2010 وصلت نسبة السكان ما دون الخامسة عشر إلى 40% من تعداد السكان، في حين لم تتجاوز قوة العمل المنتجة نسبة 40% من القوة البشرية (15 سنة وما فوق) المؤهلة للإنتاج و 25% من التعداد العام للسكان، أي أنه يتوجب (وسطياً) على كل فرد عامل ومنتج توفير مستلزمات الحياة لثلاثة أفراد آخرين. لقد بلغ معدل الإعالة في المحافظات السورية النسب التالية : طرطوس 3.24، اللاذقية 3.37، حماة 3.47، دمشق 3.6، حمص 3.38، ريف دمشق 3.8، السويداء 3.93، حلب 4.66، الرقة 4.68، الحسكة 4.95، إدلب ودرعا 5، القنيطرة 5.1، دير الزور 5.5
هذا المستوى العالي من النمو السكاني والتباين الكبير في مستوى الإعالة يجعل الشك يدور حول مصداقية السياسات التربوية والتعليمية والتوعية الإجتماعية من ناحية ووسلامة سياسات التنمية البشرية والإقتصادية من ناحية أخرى، ويدفع للبحث عن علاقة هذه السياسات مع الأزمة السورية
حقائق ومؤشرات (10) وأما العطالة فتكمن في البطالة وتدني المستوى التعليمي للقوة المنتجة، وإحصاءات عام 2010 تظهر ما وصلت إليه سوريا من الأمية، حيث بلغت نسبة "الأمي وشبه الأمي الملم بالقراءة والكتابة" نسبة 32.6% من القوة البشرية (فوق الخامسة عشر من العمر التي بلغ تعدادها نحو 12 مليون نسمة) وتجاوزت نسبة 60% إذا ما اخذنا بالحساب الذين انهوا بشق النفس الحلقة الأولى من التعليم الأساسي (المرحلة الإبتدائية).
لم يأتي إنعدام هذه الحالة الثقافية والمعرفية مصادفة بل كانت جزءاً من الأمية العامة التي تكاد تكون أمية مجتمع وأمية قوة العمل (البالغة نحو 5 مليون نسمة)، فنسبة الأميين و شبه الأميين من قوة العمل تجاوزت 23% أما الذين توقفوا عند المرحلة الإبتدائية ولم يتابعوا الحلقة الثانية من التعليم الأساسي فبلغت نسبتهم 36% و 13.8% ممن أنهوا هذه الحلقة، أي أن نسبة 73% من قوة العمل غير قادرة على التعامل مع التكنولوجيا والتكنولوجيا المتقدمة.
حقائق ومؤشرات (11) تكمن خطورة البطالة ونقص فرص العمل عندما تمس الشرائح الشابة الأكثر عرضة للتداخلات الإقتصادية الإجتماعية المركبة، ففي نهاية عام 2010 بلغت قوة العمل الفنية والشابة للشرائح 15-19 20-24، 25-29، 30-34، 35-39 بالترتيب نسبة 17.5%، 11.9%، 14.45%، 14.5%، 13% من إجمالي قوة العمل، حيث شكلت نسبة لبيئتها العمرية (15 سنة وما فوق) النسب 34.7%، 48%، 53.5%، 55.3% بالترتيب.
يقابل قوة العمل هذه عدد من العاطلين، حسب الإحصاءات الرسمية بلغ حجمهم 8.6% من إجمالي إحصاء قوة العمل (5.05 مليون نسمة)، مع الإشارة إلى تباين في مؤشرات العطالة (الرسمية) والمؤشرات العالمية حيث ترتفع هذه النسبة إلى 15% و 20% حسب بعض التقديرات (تقرير الفقر في سوريا لعام 2004).
شكل حجم العاطلين والطالبين للعمل حسب الترتيب العمري نسبة لأقرانهم العاملين المعدلات التالية: 24.6%، 26.25%، 15.45%، 7.3%، 4.3%. تباينت هذه النسبة (الرسمية) جغرافياً من 4.9% في حلب إلى 19.2% في القنيطرة كما جاورت حدّ 12.5% لدى الذكور من الفئة العمرية 30-40 الأكثر إنشغالاً بتكوين الأسرة وتلبية إحتياجاتها المادية والمعاشية، و21% لدى الشباب من الفئة العمرية 20-30 المؤهلة لتقبل فكرة المغامرة والهجرة إلى دول الخليج أو الإغتراب إلى أوروبا وأميركا، وتحديداً الفنيين والجامعيين منهم حيث وصلت بهم البطالة بالترتيب إلى نسبة 13.4% و 9.9%.
حقائق ومؤشرات (12) إحصاءات عام 2010 تشير إلى تناقص في عدد سكان الريف على إمتداد الفترة 1960-2010 من 63% إلى 46.5% من إجمالي عدد السكان في سوريا، أما قوة العمل البالغ تعدادها 2.2 مليون نسمة والتي تشكل نحو 43.6% من قوة العمل الوطنية فتوزعت أنشطتها الإقتصادية بين الزراعة والأنشطة الإقتصادية الأخرى.
بلغ عدد العاملين في الزراعة الميدانية 724 ألفاً فقط ( 639 من أبناء الريف و 85 ألف من ابناء الحضر)، أي أن قوة العمل الريفية العاملة في الزراعة الميدانية لم تتجاوز نسبتها 12.6% من حجم قوة العمل الوطني بعد أن كان حجمهم يمثل 30.6% عام 1960 (منظمة العمل الدولية، مؤشرات سوق العمل).
هذا العدد من ابناء الريف العاملين في الزراعة الميدانية لا يشكلون سوى 29% من قوة العمل الريفي، أي أقل من ثلث طاقة العمل حيث إختار الآخرون أن يعملوا في الأنشطة الإقتصادية الأخرى إما محلياً أو في المدن والمدن الكبرى والمراكز الصناعية، حيث جاء توزيعهم كما يلي: (10.5%) في الصناعة، (20%)، البناء، (9.8) في التجارة والفنادق والمطاعم، (6.8%) في النقل والتخزين، (22.85%) في الخدمات (1%) في المال والعقارت (2.6%). فما هي أسباب نزوح القوة العاملة وهجرتها للأرض بعد أن كانت تمثل مصدراً أساسياً للثروة الشخصية والثروة الوطنية.
حقائق ومؤشرات (13) يبقى السؤال حول التناقض بين الخطاب السياسي والواقع الوطني، فكيف يمكن بعد خمسون عاماً من طرح التقدمية نهجاً والتحرر الوطني هدفاً أن تتنامى الأمية وتستشري وتفعل فعلها على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي، فإحصاءات عام2010 تظهر أن نحو 40% من الشباب تركوا صفوف الدراسة قبل الإنتهاء من مرحلة التعليم الأساسي بعمر لا يتجاوز الخامسة عشر، 26% منهم تركوا بسبب عدم قدرتهم متابعة البرامج التربوية و38% تركوا لعدم قناعتهم بأهمية التعلم أو فائدته في بناء مستقبلهم، مما يجعل الشك يدور حول سلامة الخطط التربوية وعدم توافق منهجيتها مع الغايات المرجوة منها!
هذه الفئة من قوة العمل بعد تركها المدرسة لجأت لتمارس نشاطها في أعمال البناء والصناعة والاعمال الحرفية والتجارة الصغيرة بكفاءاتها المتدنية، ولتعمل دون عقود عمل أو ضمانات إجتماعية أو صحية، وبأجر يتراوح بين 50 و 75 ليرة سورية للساعة.
هذا الفشل الحكومي في إحداث تغيير نوعي على المستوى الثقافي والتربوية إنعكس سلباً على جميع الأنشطة الإجتماعية والإقتصادية، في مجال الزراعة والصناعة وفعاليات البناء والخدمات، كما إنعكس على المستوى الوطني بإزدياد هجرة الأرض وفقد المجتمع الزراعي بناءه وإستقراره، وإنسلاخ المرأة عن سياق التطور العام وإنفصالها عن الأنشطة الإقتصادية وإرتدادها نحو المنزل بأطره االتقليدية الهرمية وخسارتها للدور الوطني الذي كان يفترض أن تلعبه في عملية التنمية الشاملة!.
حقائق ومؤشرات (14) هذا الضياع في إدراك راسمي السياسات الداخلية لأهمية الثروة البشرية وعدم فهمهم العميق للقوانين الجدلية المادية وأهمية الفعل التراكمي في إحداث التغيير النوعي، وضع هذه الثروة البشرية على الكفة الهابطة من ميزان التنمية الشاملة، فإذا ما وضعنا جانباً قضية الهجرة البعيدة أو نزوح العقول والأدمغة للإستقرار في أوروبا واميركا الشمالية بدل عودتها إلى سوريا، فإن هجرة قوة العمل والكفاءات نحو البلدان المجاورة وبلدان مجلس التعاون الخليجي كانت "خسارة وطنية" بحد ذاتها.
توضح بيانات المكتب المركزي للإحصاء لعام 2004 أن عدد المهاجرين من سوريا إلى دول الجوار ودول مجلس التعاون الخليجي بلغ نحو 5.5% من القوة البشرية التي تجاوزت أعمارها 15 عام، وشكلت القوة العاملة منها نسبة 6.5% من القوة العاملة في سوريا، 60% من هؤلاء المهاجرين من الاميين أو ممن أكمل الحلقة الأولى من التعليم الاساسي، ونحو 60% من مجموع المهاجرين من الشباب الذين تراوحت أعمارهم بين 20 و 40 عام، أما الجانب المقلق أنه بين 13% إلى 18% من الكفاءات العلمية في سوريا إندفعت بطريقها نحو الهجرة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، 125 الفاً من حملة الشهادات الثانوية والمعاهد الفنية و 43 ألف من حملة الشهادات الجامعية و700 فرد من حملة الماجستير و 840 من حملة شهادة الدكتوراة .
ظاهرة أجمع محللو السياسات الإنمائية على أنها خسارة على المستوى القومي، إلا حكوماتنا التي لم تشغل بالاً لهذه الظاهرة ولم يثرها أي قلق أو إهتمام لفهمها ومعالجة أسبابها، لا بل وظفتها في عملية التسويق السياسي لتجميل فشل سياساتها التنموية، حيث اعتبرت الهجرة مصدراً للقطع الاجنبي وباباً لسد بعض نوافذ الفقر الذي تعاملت الحكومات معه كظاهرة إجتماعية طبيعية.
حقائق ومؤشرات (15) إن المؤشر الأهم لسوء السياسات الزراعية يمكن تمثيله بما أنجز من سدود تخزينية صغيرة إلى متوسطة كمساهمة في توفير المياه اللازمة لحماية المحاصيل الزراعية أو إستصلاح الأراضي، فبإستثناء سد الفرات (في حوض الفرات) الذي شكل قفزة نوعية في تاريخ سوريا السياسي والزراعي والذي يشكل 76% من الطاقة التخزينية لمياه السدود، لم ترى الأحواض الزراعية أي تطور حيث شكلت السدود المتوسطة في حمص وحماة ما نسبته 2.73% من الطاقة التخزينية، أما السدود السطحية فجاء تخزينها وفق الأحواض المائية كما يلي: حوض بردى والأعوج 0.04% ، حوض العاصي 0.75%، حوض البادية 0.25%، حوض الساحل 2.93%، حوض الفرات 10.57%، حوض دجلة والخابور 5.6%، وحوض اليرموك 1.21%.
حقائق ومؤشرات (16) تاريخياً تم الإنجاز النهائي لسد الفرات عام 1968-1978، أما السدود المتوسطة فقد أنجز سد قطينة عام 1939، سد الرستن ومحردة عام 1960 وسد تلدو عام 1975، وجميع المشاريع التي نفذت لم تفي بالحاجات الحقيقية لتحسين الاحوال الزراعية والمساحات المزروعة، ففي الفترة 1971-1980 زادت الطاقة التخزينية (0.58%)، 1981-1990 (4.6%)، 1991- 2000 (12.27%) و 2001-2010 (3.64%).
حقائق ومؤشرات (17) ينعكس إهمال القضية الزراعية في جوهر السياسات الحكومية والسياسات المصرفية التي وجهت جلّ نشاطها لدعم النشاط التجاري القاتل لفرص العمل بدل الأنشطة الأخرى المولدة لفرص العمل، ففي عام 2010 مثلاً قدم للنشاط الزراعي قروضاً وصلت إلى 149 مليار ل.س. كما قدم للنشاط العقاري 177 مليار ل.س, و 102 مليار للنشاط الصناعي في حين قدم للنشاط التجاري ما يزيد على 575 مليار ل. س. متجاوزاً بذلك 35% ما قدم لمجموع الانشطة الثلاث.
كما انعكست هذه السياسات الإقتصادية المنحازة بالسرعة التصاعدية لتسليف القطاع الخاص مقارنة مع القطاع العام فقد حظي القطاع العام عام 2008، 2009، 2010 بقروض بلغت قيمتها بالتسلسل 592، 619 و 692 مليار ل. س. بمتوسط تصاعدي 100 مليار سنوياً في حين كان نصيب القطاع الخاص 390، 496 و620 مليار ل.س. بمتوسط تصاعدي 230 مليار سنوياً.
حقائق ومؤشرات (18) خلافاً لما يحاول البعض ترويجه أن أسباب فقر وتخلف بعض المناطق تعود بمجملها للبيئة الإجتماعية الثقافية ودور الفكر الماورائي أو النزعات السلفية وليس لإهمال الدولة، فإن الحقائق والبيانات تظهر مدى إدراك مختلف الأسر السورية حتى الفقيرة منها بأهمية المعرفة وحرصهم الحثيث على تعليم أبنائهم، حقائق لا تتمايز من محافظة لأخرى ولا تتباين بين الريف والحضر.
إن مراجعة بسيطة لبيانات المكتب المركزي التفصيلية لإحصاء عام 2006، والتي تؤكدها بيانات منظمة اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية التي أظهرت أن المعدل الوسطي الصافي لعدد التلاميذ ضمن السن النظامية (6 سنوات) الملتحقين بالصف الأول من مرحلة التعليم الأساسي تجاوز نسبة 94% في فترة الأعوام الممتدة بين 1991 و 2010.
أما معدل الالتحاق الصافي بالمدرسة وصل حده الأقصى 99.5% في اللاذقية، وحده الأدنى 94% في الرقة و 93.8% في دير الزور. أما التسرب السنوي في الحلقة الأولى، فسجل بأعلى حد له (3.7% إناث) في محافظة الحسكة، وعدم الالتحاق الكلي بالمدرسة (6.3% ذكور) في محافظة دير الزور، بينما سجل أعلى معدل للتسرب في الحلقة الثانية في محافظة حلب (31.3% إناث و 23.5% ذكور) وأعلى معدل لعدم الالتحاق بالمدرسة (10.3% للإناث و 4.3% للذكور) في محافظة الرقة.
غير أن اليونسكو تعود لتقدم لنا حقيقة أخرى تتناول المعدل الإجمالي الخام لالتحاق التلاميذ بالمدرسة (ضمناً من التحق بالتعليم بعد تجاوزه السن المعيارية) حيث يتجاوز المعدل الوسطي للحلقة الأولى النسبة 112% في الفترة الممتدة بين عام 1991 و2010، كما تجاوز معدل من أتمّوا المرحلة الابتدائية النسبة 108% خلال السنوات العشر الأخيرة (حسب ذات المصدر)، مؤشر لا بد من أخذه بالاعتبار في دحض ما ينسب لبعض الشرائح الشعبية من أن سبب فقرها يعوج لرفضها تعليم ابناءها.
في الشأن الاجتماعي وحول النظرة للفتاة والمرأة لم تشر هذه البيانات (الوطنية والدولية) إلى أية نظرة أسرية تفرق تربوياً بين التلميذ والتلميذة، فمعدل التحاق الإناث بالمدرسة عام 2006 تساوى بين الذكور والإناث وتجاوز 93.5% في مرحلة الحلقة الأولى في كل من الرقة ودير الزور (المحافظات ذات التسرب الأعلى) لا بل تجاوز 98% للإناث في كل من درعا وحماة!!!، حقيقة تكررت في الحلقة الثانية مع تباين بسيط وصل الفارق فيه إلى 6% في الرقة لمصلحة الذكور، حيث لعب الفقر والحاجة دورهما في التسرب قبل الأسباب الاجتماعية.
حقائق ومؤشرات (19) قي تتمة ما سبق ذكره من بيانات لا يمكن نفي التسرب السنوي كظاهرة تبدأ منذ التحاق التلميذ بالمدرسة، حتى إنهائه المرحلة الثانوية، وهي تتباين من سنة لأخرى ومن صف لآخر، ففي الأعوام الممتدة من 1991 إلى 2010، تراوح المعدل الوسطي العام للتسرب الكتلي بين 3% و7% للحلقة الأولى وبين 2% إلى 28% للحلقة الثانية، تسرب شكل كتلة هامة من التلاميذ الذين تركوا المدرسة في سن مبكرة، تجاوز معدلها الوسطي التراكمي 22% من تلاميذ الحلقة الأولى و 40% للمرحلة الثانية.
أما القفزة الحقيقية حيث تخسر المدرسة عدداً ملموساً من تلامذتها فتحصل في الفترات الانتقالية لأسباب جديرة بالدراسة، ربما تجد معززاً لها تغيير الموقع الجغرافي للمدرسة. لقد تراوح التسرب من الصف السادس إلى الصف السابع المعدل 28% عام 1992 و 3.4% عام 2004، كما بلغ التسرب بين مرحلة التعليم الأساسي والمرحلة الثانوية المعدل 52.2% عام 1992 و 19.1% عام 2004، تسرب يضع في مقدمة أسبابه الدوافع الاقتصادية التي تعمل البرامج التربوية على كبحه أو التسريع فيه.
حركة التسرب هذه تتراجع فيما نلحظه في السنوات الانتقالية (التاسع والبكالوريا) من مؤشرات، فمعدل المتقدمين للامتحان العام يفوق معدل المسجلين في المدارس ويتجاوزه بنسبة 10.8 % من تعداد نهاية مرحلة التعليم الأساسي (عام 2003)، ونسبة 69.5% من تعداد نهاية التعليم الثانوي عام 1991 و 0.12% عام 2009 بشكل متوازن عكساً مع سعة التسرب في الأعوام ذاتها.
حقائق ومؤشرات (20) في عملية مقارنة لتوضيح الخلل في السياسات الحكومية نستعين بما أوضحته بيانات الحسابات القومية لمنظمة التعاون والتنمية وبيانات اليونسكو لعام 2010 (الأكثر تفاؤلاً من بيانات المكتب المركزي للإحصاء) حيث يتضح أن نصيب تلميذ المرحلة الابتدائية من الإنفاق العام بلغ 16.7% من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي GPD، أي ما يقارب 24000 ل.س. ليقابله 12000 ل.س. في اليمن، 17500 ل.س. في الجزائر، 23000 ل.س. في المغرب، 27500 ل.س. في الأردن، 35000 ل.س. في مصر وتونس، 75000 ل.س. في لبنان، 175000 ل.س. في السعودية، و 35000 ل.س. في إيران، 85000 ل.س. في فنزويلا، 135000 ل.س. في كوبا، وبمثل التباين جاء نصيب الطالب في مرحلة الدراسة الثانوية.
أما إذا ما نظرنا لنسبة التلاميذ إلى معلمي مرحلة التعليم الأساسي فنجد أن المعدل في سورية كان شبه ثابت خلال عشرين عاماً ولم ينخفض عن 25.6 تلميذاً لكل معلم، 2010، في حين أخذ هذا المعدل القيمة 11.1 في السعودية، 13 في «إسرائيل»، 14.2 لبنان، 16 إندونيسيا، 17 في تونس، 20 في إيران، 23.2 في الجزائر، 25 في الضفة الغربية، 26 في مصر، 30 في اليمن، علماً بأن معدل 25.6 قد تحقق في فنزويلا عام 1987 وفي كوبا عام 1975.
حقائق ومؤشرات (21) بلغ معدل النمو السكاني عام 2010 ما يلي: 1.28% في مدينة دمشق، 1.55% في طرطوس، 1.64% في اللاذقية، 1.67% في السويداء، 2.24% في حماة، 2.26% في حمص، 2.35% في الحسكة، 2.5% في إدلب، 2.55% في الرقة، 2.6% في حلب، 2.9% في درعا، 3.2% في دير الزور، 3.3% في ريف دمشق، و 3.6% في القنيطرة، ومعدل وسطي عام بلغ 2.45%.
فهل كان لهذا النمو المرتفع دور في الشأن الاقتصادي والتزاحم على فرص العمل وزيادة نسبة الفقر الذي بلغ 5.3 مليون شخص عام 2004 (تقرير الفقر في سورية 1996-2004). مما لا شك فيه أن مجتمعنا بحاجة ماسة لتفعيل دور التربية والثقافة والتوعية للحد من المغالاة في التزايد السكاني الذي بات يشكل على المدى البعيد محلياً كما عالمياً عبئاً على التخطيط وسياسات التنمية البشرية، ولكن هل كان هذا العامل الفاعل الحقيقي في الأمية والبطالة والفقر في محافظات غلب عليها الطابع الزراعي؟
لننظر للكثافة السكانية في 1 كم2 وفق الترتيب السابق لمعدلات الإنجاب في مختلف محافظات القطر، فقد بلغ معدل 3030 مواطناً في مدينة دمشق و 415 في طرطوس، 435 في اللاذقية، 66 في السويداء، 158 في حماة، 44 في حمص، 64 في الحسكة، 242 في إدلب، 48 في الرقة، 260 في حلب، 270 في درعا، 37 في دير الزور، 160 في ريف دمشق، 47 في القنيطرة، مع معدل وسطي عام بلغ 114 فرداً لكل 1 كم2 من الاراضي السورية.
معدلات تشير إلى أن المحافظات ذات الطابع الزراعي التي أظهرت الأحداث انخراطها الواسع بأعمال التمرد والعنف هي المحافظات الأكثر خلواً من السكان والمواطنين، وأن النمو السكاني المرتفع لم يكن السبب بامتصاص شواغر العمل كما لم يكن بالإمكان أن يشكل عبئاً تنافسياً على فرص العمل الجديدة (إن وجدت) في هذه المحافظات، على العكس من ذلك فقد كانت هذه المجتمعات المصدر الأساسي لقوة العمل في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الأكثر صعوبة كالبناء والنقل والخدمات، وهنا بيت القصيد ذلك أن غياب فرص العمل في أرضها أنتج الفقر والبؤس الذي دفع بكثير من شبابها لترك التعليم والهجرة إلى أسواق العمل في المدن الكبرى والمدن المجاورة ليعملوا في شروط تزيد من بؤسهم وفقرهم.
حقائق ومؤشرات (22) لمقارنة مدى الاهتمام الحكومي في تحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير التكافؤ في فرص عمل للناشئة من مختلف المستويات يمكننا الإسترشاد بتوزيع نسب التشغيل الحكومي لعام 2010، حيث جاءت المعدلات في حلب 15.3%، إدلب والرقة 20.9%، ريف دمشق 25.7%، دمشق وحماة والحسكة 26.5%، دير الزور 28.5%، درعا 31.3%، حمص 34.5%، السويداء 35.4%، اللاذقية 43.5%، طرطوس 49%، القنيطرة 52.7%، تباين يعبر عن اختلاف في سياسة امتصاص البطالة من قوة العمل الناشئة ذات التاهيل العلمي المتدني.
كانت حصة النساء في التوظيف الحكومي نسبة إلى الرجال: الحسكة 19.6%، الرقة 21%، درعا 29.6%، ريف دمشق 30.7%، إدلب 30.3%، القنيطرة 30.4%، حلب 31.9%، حماة 34.7%، حمص 36.4%، دير الزور 36.7%، دمشق 44%، السويداء 51.8%، اللاذقية 56.3%، طرطوس 56.6%، هذا الخلل يعيد توازنه القطاع الخاص المنظم وغير المنظم ولكن ضمن شروطه المدقعة.
أما الفئات غير مكتملة التعليم من أمي، ملم بالقراءة والكتابة ومن أنهى الحلقة الأولى أو الثانية من التعليم الأساسي فقد جاء معدل إجمالي التشغيل الحكومي كما يلي: حلب 5.1%، إدلب 6.5%، الرقة 8.3%، دمشق 9.45%، حماة 9.8%، دير الزور 10.2%، الحسكة 10.7%، السويداء 11.3%، درعا 11.6%، ريف دمشق 13.1%، حمص 13.4%، طرطوس 14%، اللاذقية 16.6%، القنيطرة 20.8%، مع بعض الغبن بالنسبة للنساء في المحافظات ضعيفة الروابط مع العاصمة.
بالنسبة للفئات العمرية الشابة (15-39) لم يحقق التشغيل الحكومي العدالة في التنمية كما في التشغيل حيث تمايزت محافظات عن محافظات أخرى وقد جاءت نسب التشغيل الحكومي لهذه الشريحة العمرية كما يلي: حلب 6.8%، إدلب 9.2%، الرقة 10.1%، الحسكة 10.9%، حماة 13.5%، دير الزور 13.6%، دمشق 14.3%، ريف دمشق 14.4%، حمص 16.8%، السويداء 18.7%، اللاذقية 21،5%، درعا 20%، طرطوس 22%، القنيطرة 27.1%.
إن كارثة العطالة تتجلى حين يتم مقارنة طالبي العمل من الشريحة العمرية (15-39) مع أقرانهم العاملين، مقارنة ربما تفسر الهم الكبير للمجتمع السوري والعجز الكبير للحكومات السورية كما تفسر طرق إستثمار البطالة، فتوزيع العاطلين عن العمل (من سبق له أن عمل ومن لم يعمل مسبقاً) في المحافظات جاء وفق الترتيب التالي: حلب 7.4%، حماة 8.8% ريف دمشق 9.3%، الرقة 11.6%، حمص 12%، درعا 12.6%، إدلب 12.3%، دمشق 16.2%، دير الزور 23.3%، السويداء 25.4%، الحسكة 29%، طرطوس 29.8%، الاذقية 30.1%، القنيطرة 38%.
هذا التباين بين المحافظات في نسب البطالة والتأهيل العلمي ونسب التوظيف الحكومي يوضح جانباً من جوانب الخلل في التنمية الشاملة الإقتصادية والإجتماعية، خلل وجد ترجمت له في مثلث البؤس الفقر والأمية والبطالة، المقدمات المادية لإندفاع شرائح واسعة من أبناء المحافظات نحو العنف والفوضى، حقائق دون الأخذ بها لا يمكن لسوريا أن تخرج من أزمتها، واي معالجة سطحية ستخفي الحقيقة مؤقتاً لكنها لن تمنع الحمى من أن تنتشر من جديد.
حقائق ومؤشرات (23) يظهر التقرير السنوي الصادر عن مديرية البحث العلمي في جامعة دمشق عام 2009، أن المبالغ التي أنفقت تحت بند البحث العلمي لم تتجاوز 30 مليون ليرة سورية (مخصصات البحث العلمي) و 78 مليون ليرة سورية للبنية التحتية (ابنية ومخابر)، فإذا ما عوملت باقي الجامعات الحكومية بذات النسبة فأن القيمة التقديرية للبحث العلمي في الجامعات السورية لا تتجاوز 400 مليون ليرة سورية (ما يعادل 8 مليون دولار أميركي سعر 2010).
أما إجمالي ما انفق في سوريا (جميع المؤسسات ومراكز البحوث الجامعية وغير الجامعية وبمخلف إختصاصاتها) فلم يتجاوز 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي أي ما يعادل 110 مليون دولار أميركي (تقرير المعرفة العربي لعام 2010-2011).
أما معدل ما أنفقته إسرائل عام 2009 على البحث العلمي والتطوير فقد وصل إلى 4.27% من الناتج المحلي الإجمالي (GPD%)، وهذا يعادل 8.3 مليار دولار اميركي متجاوزة معدل إنفاق الولايات المتحدة الأميركية البالغ 2.8% من ناتجها المحلي الإجمالي، في حين كان لتونس أعلى نسبة إنفاق بين الدول العربية حيث بلغت 1.1% (0.48 مليار دولار)، بينما وصل معدل الإنفاق 0.8% (2.5 مليار دولار) في إيران الأعلى بين الدول الإسلامية..(إحصاءات اليونسكو).
لسهولة القياس يرسم مؤشر الإنفاق كحصة للفرد الواحد من مجمل عدد السكان، وبالتالي فإن ما أنفق على البحث العلمي يكافيء 1100 دولار للفرد الواحد في إسرائيل و 48 دولار للفرد الواحد في تونس و 35 دولار للفرد الواحد في إيران و 0.25 دولار للفرد الواحد في سوريا
حقائق ومؤشرات (24) تذكر المجلة العلمية نيو سيانتيست NewScientist أنه رغم كل العوائق الموضوعية المانعة لتقدم إيران، فقد سجلت تقدما مذهلاً ونمواً فلكياً في مجال العلوم والبحث والإنتاج العلمي، وتفسر هذه القفزة للعزلة التي شهدتها هذه الدولة خلال حرب الثماني سنوات بينها وبين العراق والتي دفعت بها نحو المزيد من التركيز في تطوير المؤسسات التعليمية وزيادة إنتاجها العلمي. لقد قفزت إيران بالعدد الإجمالي للأوراق العلمية التي نشرت في مجلات عالمية مرموقة من 763 عام 1996 إلى 13238 ورقة علمية في عام 2008، محققة بذلك زيادةً بمعدل 18 ضعافاً وهو الأعلى في العالم.
حقائق ومؤشرات (25) إن نتائج البحث العلمي وثمار ما ينفق عليه من مبالغ نجد ترجمتها العملية في عدد براءات الإختراع المسجلة وما يصدره كل بلد من تكنولوجيا متقدمة كمؤشر عن مدى النجاحات التي حققها هذا البلد على صعيد البحث العلمي، منها صادرات التكنولوجيا المتقدمة، المنتجات ذات الكثافة العالية من حيث التطوير، البحوث في مجالات نوعية مثل الفضاء الجوي وأجهزة الحاسوب والمنتجات الصيدلانية والأدوات العلمية والأجهزة الكهربائية. ضمن هذا الإطار فقد حققت إسرائيل من صادرات للتكنولوجيا المتقدمة ماقيمته نحو 8 مليار دولار عام 2010، بينما حققت الهند 10 مليار، تركيا 1.7 مليار، كوبا 750 مليون، إيران 600 مليون، باكستان 300 مليون، سوريا 85 مليون (صادرات أدوية بيانات 2008)، مصر 100 مليون، لبنان 300 مليون، الجزائر 500 مليون، تونس 600 مليون، والمغرب 900 مليون. وقياساً على التعداد العام للسكان يمكننا أن نلحظ الهوة الكبيرة في مجال البحث العلمي بين سوريا ودول تقاسمها سياسات الحصار أو تتشارك معها في الظروف التاريخية أو كيان يهدد أمنها وإستقرارها.
حقائق ومؤشرات (26) من حيث الكم العلمي، تطورت الجامعات الحكومية وقدرتها الإستيعابية بشكل مترافق مع توسع جغرافي تجاوباً مع سياسة تحقيق المزيد من العدالة العلمية والمعرفية، وبتحول نوعي في منهجية التفكير السياسي إستحدثت الجامعات الخاصة في بدايات القرن الواحد والعشرين لتساهم حسب رأي المشرع في إستكمال عملية التطور الكمي، ولكن ماذا عن التطور النوعي؟!
في عمليات تصنيف الجامعات في العالم من حيث المكانة والمساهمة العلمية تعتمد المؤسسات المهتمة على عدد من المعايير في عملية التقييم منها: تواجد الجامعة وأعضاء هيئتها التعليمية على صفحات الشبكة العنكبوتية، قيمة المعلومات الواردة في هذه الصفحات ومدى أهميتها التبادلية مع صفحات الجامعات الأخرى، التبادل العلمي الأكاديمي فيما بين أعضائها، القيمة العلمية للأوراق العلمية المنشورة (لخمس سنوات) بين عامي 2007 و 2011، تأثير أهم هذه الأوراق العلمية في مجال تخصصها....
ضمن هذا إطار وحسب مؤسسة Ranking web of university(الإسبانية المستقلة)، عام2010 جاءت جامعة دمشق (الأولى في الترتيب الوطني) في الترتيب 3400، في حين كان ترتيب معهد التكنولوجيا في بومباي الهند 492، جامعة استنبول في تركيا 500، لوس أنديز في فنزويلا 599، جامعة طهران في إيران 645، القاهرة في مصر 796، النجاح الوطنية في فلسطين 1030، هافانا في كوبا 1331، القديس يوسف في لبنان 1813، صنعاء للعلوم والتكنولوجيا اليمن 3706، بغداد في العراق 4341، في حين جاء ترتيب الجامعة العبرية في القدس 213.
حقائق ومؤشرات (27) حسب الموقع 4International Colleges & University وهو يهتم منذ 2005 بتقييم مصداقية نحو 11160 جامعة ومعهد عالي ومؤسسة تعليمية موزعة في أكثر من 200 دولة، جاء التصنيف العالمي لجامعة دمشق (الاولى في الترتيب الوطني) في عام 2010 في الترتيب 4778، في حين جاء الترتيب العالمي لبعض الجامعات التي نالت الترتيب الأول في دولها كما يلي: جامعة بكين في الصين (43)، سان باولو في البرازيل (63)، معهد التكنولوجيا في بومباي الهند (76)، الأناضول في تركيا (153)، الجامعة العبرية في إسرائيل (213)، كاب تاون في جنوب إفريقيا (239)، طهران في إيران (342)، معهد التكنولوجيا في ماليزيا (400)، القاهرة في مصر (707)، لوس أنديز في فنزويلا (794)، النجاح الوطنية في فلسطين (1234)، فييتنام الوطنية في فييتنام (1324)، هافانا في كوبا (1806)، القديس يوسف في لبنان (1813)، الخرطوم في السودان(1837)، هواري بومدين في الجزائر (3548). علماً بأن عدد الجامعات في إيران 265 جامعة ومعهد، وفي كوبا 16 جامعة، وفي فلسطين 12 جامعة ومعهد.
حقائق ومؤشرات (28) وفق ما ورد في تقرير اليونسكو الإقليمي لعام 2008، سجل لسوريا 7500 عضو هيئة تدريسية يعملون في الجامعات الحكومية بنسبة 361 عضو هيئة تدريسية لكل مليون نسمة (بعضاً منهم متفرغ للبحث العلمي)، بينما حققت الإمارات المتحدة المعدل 475، المغرب 600، الكويت 657، الجزائر 768، البحرين 832، مصر 931، الأردن 1198، تونس 1209، لبنان 4857.
ووفق ذات المصدر سجل لسوريا 603 باحث متفرغين للبحث العلمي بمعدل 29 باحث لكل مليون نسمة بينما سجل 782 باحث لكل مليون نسمة في المغرب و 833 في الكويت، 875 في الإمارات المتحدة، 906 في الجزائر، 1350 في مصر، 1400 في تونس، 1700 في الأردن، كما تظهر إحصاءات اليونسكو أن متوسط عدد الباحثين على المستوى العالمي بلغ 1270 باحث لكل مليون نسمة، و 745 في تركيا، 751 في إيران، 1395 في إسرائيل و3081 في الاتحاد الأوربي و 4700 في الولايات المتحدة الأميركية و5190 في اليابان. مهما إختلفت طرق تقييم الباحثين من حملة الشهادات العالية (دكتوراة: مؤهل قيادة بحث علمي) فإن سوريا تبقى بعيدة عن المعدلات المسجلة في محيطها العربي، كما أن صحة هذه المعلومات تتجلى فيما ينشر من أوراق علمية.
حقائق ومؤشرات (29) لقد أظهر تقرير المعرفة العربي لعام 2009 أن نسبة ما نشرته إسرائيل من أوراق علمية بلغ 0.8% من ما نشر في العالم، وهو يساوي نسبة ما نشرته الدول العربية مجتمعة، ووفق إحصاءات البنك الدولي لعام 2009 فقد سجل لسوريا 72 ورقة علمية، في حين سجل 25 ورقة لليمن، 64 لقطر، 70 للعراق، 214 للكويت، 256 للبنان، 265 للإمارات، 383 للأردن، 391 للمغرب، 607 للجزائر، 710 للسعودية، 1022 لتونس، 2247 لمصر، و 222 لكوبا، 354 لفنزويلا، 6313 لإيران، 8301 لتركيا، 19917 للهند، 74019 للصين، و 6304 لإسرائيل (تقرير إحصاء 2010 البنك الدولي للمعلومات).
أما قوة هذا المؤشر فيمكن تلمسه من عدد الأوراق العلمية المنشورة لكل مليون نسمة من عدد سكان كل بلد، وهو يعادل 3.3 في سوريا، 2.4 في اليمن، 6 للعراق، 13 المغرب، 17.4 للجزائر، 27 للسعودية، 28.8 لمصر، 29.3 البحرين، 40 قطر، 65.1 للكويت، 67.8 الأردن، 68.1 للبنان، 108 لتونس، و 12.5 لفنزويلا، 17.6 الهند، 22 كوبا، 59 الصين، 87.1 إيران، 120 تركيا، و 838 لإسرائيل (تقرير إحصاء 2010 البنك العالمي).
حقائق ومؤشرات (30) من جملة المعايير المعتمدة في تقييم نشاط الدول والجامعات في مجال الأبحاث العلمية، عدد الإستشهادات العلميةCITATIONS الواردة في الأوراق العلمية لباحثين آخرين وهو مؤشر مصداقية لقيمة الإضافات العلمية وجدية وجودة هذه الأعمال والأبحاث، ورغم كل ما يمكن أن نسجله من ملاحظات حول هذه المعايير وما قد يصاب به علماء وباحثي دول العالم الثالث من تضييق على نشر إنتاجهم العلمي إلا أنه في إطار الدراسة المقارنة لا يمكن إلا أن نقبل بأن النشر العلمي في المجلات العلمية المرموقة في العالم من أفضل المؤشرات التي تحدد مستوى التقدم العلمي للدول ومؤسساتها التعليمية، وإنعكاس صحيح وسليم لحقيقية ما أنجز من أبحاث علمية جادة على المستوى الوطني كل بلد.
ورغم ما ينسب لهذا المعيار من ثغرات من حيث إحتمال التكرار والإقتباس أو عدم الأصالة والمصداقية وإرتفاع الكم مقابل الجودة، لكنه يبقى من مؤشرات الظوهر العامة إذا ما قبلنا بأن عيوب النشر هذه وثغراتها واحدة في جميع أرجاء العالم حتى في الدول المتقدمة مع بعض الإستثناءات.
حسب حسابات "سيانس ميتريكس SCIENCE METRIX"، وبيانات «تومسون رويترز THOMSON REUTERS» كان معدل نمو النشر من عام 1980 إلى عام 2010 كما يلي: إيران في المرتبة الأولى من حيث النمو العلمي إذ ارتفع فيها النشر العلمي بمقدار 11.07 ضعفاً خلال الفترة الواقعة بين عام 1990و عام 2009 مقارنة بإنتاجها العلمي خلال الفترة من عام 1980 إلى عام 1989، تلاها في الترتيب تركيا التي حققت نسبة نمو بمعدل5,47 ضعفاً. أما سوريا فكان نمو إنتاجها العلمي لا يتجاوز 1.52 في حين جاء النمو في بعض الدول العربية كالتالي: العراق 0.47، المملكة العربية السعودية 0.96، البحرين 1.0، مصر 1.0، الكويت 1.06، قطر 1.22، اليمن 1.33، لبنان 1.88، عمان 3.29.
حقائق ومؤشرات (31) يظهر التقرير السنوي لعام 2009 الصادر عن مديرية البحث العلمي في جامعة دمشق، أن عدد أعضاء الهيئة التدريسية (من حملة الدكتوراة) القائمين على رأس عملهم بلغ 1995 عضواً، منضوون في 189 وحدة بحث علمي (80% علمي و 20% أدبي وإنساني) و 16 مركز بحثي (7 للعلوم الأدبية والإنسانية و 9 للعلوم الطبية والهندسية). نفذ 368 من أعضاء الهيئة التدريسية مشاريع للبحث العلمي في إطار مهامهم الجامعية، منها 206 مشروع بحث علمي (ممول ذاتياً ؟؟!! لفترة إنجاز تراوحت بين شهر وأربعة اشهر ؟؟!!) و162 مشروع بحثي ممول من الجامعة لفترة لا تتجاوز السنتين، كما وشارك عدد منهم في 213 برنامج للدراسات العليا. محصلة النشر العلمي وصل إلى 141 ورقة علمية فقط نشرت داخل سورية و 113 نشرت خارج سورية (دون تحديد موطن المجلات وجديتها ومكانتها العالمية وتوافق شروط النشر فيها مع السويات العلمية العالمية...!)، أما خلاصة مشاريع الدراسات العليا فقد أنجز منها 475 رسالة ماجستير و 139 رسالة دكتوراة داخلية.
كما نقرأ من هذا التقرير: • أن ما أنفقته سوريا على البحث العلمي لعام 2009 بكامل مكوناته، لم يتجاوز 30 مليون ليرة سورية و 78 مليون ليرة للبنية التحتية، أما ما أنفقته الجامعة عام 2010 فلم يتجاوز 46% من حصة البحث العلمي من الموازنة الإستثمارية المتناقصة والبالغة 25 مليون ليرة سورية (بدل 30 مليون لعام 2009)، وهذا مؤشر عن التراجع بمعدل "الأعمال العلمية المنجزة"، وعجز المؤسسة التعليمية عن دفع الحركة العلمية نحو الأمام، ورغم محاولة تقرير عام 2010 الإيحاء بزيادة نسبة الإنفاق على البحث العلمي (من حصة الموارد الذاتية) فأن مجمل المبالغ المشار إليها تبقى بعيدة جداً جداً عن ضرورات المجابهة والمقاومة. فوفق بيانات عام 2009 وإذا ما عوملت باقي الجامعات الحكومية (بما في ذلك جامعة الفرات حديثة النشأة) بذات النسبة، حيث يبلغ مجموع أعضاء الهيئة التعليمية 7500 عضو، فإن مجمل ما أنفقته سوريا على البحث العلمي ما تعدى 406 مليون ليرة سورية ( بنحو 8,1 مليون دولار أميركي فقط) وهذا لا يتجاوز 1000/1 مما أنفقته إسرائيل لذات العام (8.3 مليار دولار)، وإذا ما قيس نسبة لعدد السكان فإن الهوة تصل لمعدل 3000/1
حقائق ومؤشرات (32) تقرير البحث العلمي لعام 2009 و2010 يشيران عبر الأرقام والمعدلات إلى ما يلي: • ما نشرعام 2009 لا يتجاوز ورقة علمية واحدة داخل سوريا لكل 14 عضو هيئة تدريسية، علماً بأن التقرير لم يقدم تفاصيل حول مكان إقامة الباحث، هل أجرى الباحث بحثه في مخابر الجامعة أم في المنزل (تمويل ذاتي)، هل للباحث ورقة علمية واحدة أم أكثر، هل كان منفرداً أو ضمن فريق عمل في داخل أو في خارج سوريا، هل نشر بصفته طالب موفد خارج القطر أم يصفته عضو هيئة تدريسية!!! كما لم يظهر التقرير مكان النشر الخارجي الذي غالباً ما كان في دول عربية لم تتجاوز مرحلة اليفاعة العلمية بعد حيث شاع النشر في جامعة أم درمان مثلاً.
• في عام 2009 كان نسبة 11/1 فقط من أعضاء الهيئة التدريسة، ممن أنجزوا جهداً علمياً ولو كان بسيطاً (بحث لمدة شهر ؟!). • إن ما نشر من أوراق علمية (بمجملها) لا يأتي إلا في إطار مستلزمات الترفيع الأكاديمي، وما يعزز هذه النتيجة ان 56% من الأبحاث المنفذة خلال فترة تتراوح بين شهر وأربعة أشهر والممولة ذاتياً (؟)، و22% من هذه الاوراق نشر قصراً لإستيفاء تتمة منحة الإيفاد لمهمات البحث العلمي والمهمات الإطلاعية والتدريبية. لكن يبقى السؤال الأهم حول فحوى البحث العلمي الممول ذاتياً، ما هي مدلولاته، جديته، مصداقيته، أصالته، قيمته العلمية، علماً بأن هذا الشكل من البحث فريد من نوعه في العالم ويعيدنا إلى السؤال الأهم المتعلق بمدى إدراك السلطات السياسية والإدارات العلمية لأهمية البحث العلمي وماذا تفهم منه. • عدد الأوراق العلمية المنشورة من قبل طلبة الماجستير والدكتوراة تكاد تكون شبه معدومة. • من مراجعة عناوين الأعمال والأبحاث والأوراق العلمية، يظهر لنا جلياً العشوائية في التوجهات والفردية في إختيار الموضوعات وعدم إرتباط هذه الأعمال والأنشطة العلمية بإستراتيجية علمية متكاملة في إطار مشروع شامل للتنمية الوطنية، مما يفقد هذه الأعمال أهميتها وقيمتها العلمية إن وجدت. • جاء الإنتاج العلمي في المجالات الأدبية بمعدل 130% من إنتاج العلوم الاساسية والهندسات والعلوم الطبية ظاهرة غير صحية أقل ما تكشفه ضعف الإهتمام بالعلوم الطبية والتكنولوجيا. • إن نسبة رسائل الماجستر والدكتوراة في مجال العلوم الطبية والهندسات لا تتجاوز بالترتيب 55% و 31% من إجمالي الأعمال العلمية، مقابل 44% و 69% من رسالة الماجستير والدكتوراة في مجال العلوم الإنسانية والآداب والعلوم الدينية، وهذا ضئيل جداً مقارنة مع معايير الإنتاج العلمي حيث تغلبت الدراسات الأدبية والدينية على الدراسات العلمية التقنية والطبية. • هذا الإنتاج العلمي لا يتناسب مع عدد الطلاب الجامعيين في كلا المجالين، كما أن إجمالي الإنتاج العلمي في مجال التكنولوجيا والعلوم الطبية لا يتناسب مع حجم الكادر التدريسي والدور المطلوب للتنمية والنهضة الوطنية وهو بعيد كل البعد عن المعايير والمقاييس الدولية للإنتاج العلمي.
حقائق ومؤشرات (33) عام 2010 وحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء تراوح متوسط دخل الفرد بين 8350 ليرة سورية (لعامل في الزراعة) و 18100 (لحملة شهادة جامعية) ولم يتجاوز حجم إضافي الدخل من التعويضات 30% من هذا الراتب، أما متوسط نفقات الأسرة وحسب تقديرات عام 2009 فتراوحت بين 25696 (محافظة دير الزور) و 42942 (في دمشق) حيث شكلت نفقات الإحتياجات الغذائية نحو 30-40% من حجم هذه النفقات. فإذا ما اعتمدنا وسطي معدل الإعالة 3.96 (تكافيء رب أسرة وثلاثة أفراد) فكيف كان رب الأسرة يغطي هذا الفارق بين الدخل والنفقات؟ في أسوأ الأحوال شكل هذا الخلل بين الدخل والنفقات مقدمة مادية لتفشي الفساد وتحوله إلى اللصيق الشرعي لعملية الإنتاج بما فيه الإستهتار والتسرب من العمل . في أحسن الأحوال كان رب الأسرة ملزماً أن يعمل عملاً ثانياً لتغطية نفقات اسرته. خطوة مضاعفة المهن أو ساعات العمل هذه تفسر بضعف التنمية وسوء الإدارة الإقتصادية وتجاهل للقضايا الإجتماعية، فهي وإن كانت حلاً لحماية الأسرة من العوز فإنها تعبر عن مشكلة إقتصادية واجتماعية حيث تستهلك من فرص العمل المتوفرة وتشكل سبباً في تزايد عدد العاطلين عن العمل وخاصة الشباب منهم وتحديداً أصحاب المؤهلات الضعيفة. هذه هي حالة السياسات الإقتصادية الإجتماعية التي اتبعت خلال عقود لم تأخذ بالحسبان أهمية التنمية الشاملة البشرية والإقتصادية، وهذه شكلاً من السياسات التي حملت المجتمع السوري إلى أزمته الوطنية الكبرى.
حقائق ومؤشرات (34) في إطار الدعاية السياسية التي اعتمدها النظام في العقود الماضية، كان يتم الحديث الدائم عن مجانية الصحة مع جرعة مقولات عن أفضال ومكرمات السلطة الإشتراكية التقدمية المقاومة على الشعب العربي السوري.... لكن ما هي حقيقة الواقع الصحي في سوريا؟ في عام 2010 بلغة الميزانية التقديرية لوزارة الصحة 9.13 مليار ليرة سورية بما يعادل 465 ليرة سورية للفرد الواحد علماً بأن ما كانت تجنيه الحكومة من ضرائب وحسومات للضمان الصحي تجاوز هذا المؤشر عشرات الأضعاف. أما مقدار الإنفاق الفعلي على الرعاية الصحية التي تشمل مجموع النفقات الصحية العامة والخاصة التي تغطي تقديم الخدمات الصحية (الوقائية والعلاجية)، وأنشطة تنظيم الأسرة، وأنشطة التغذية، والمعونات الطارئة فبلغت حسب منظمة الصحة العالمية ما مقداره 96 دولار للفرد الواحد (نحو 4830 ليرةسورية) لم تتجاوز مساهمة القطاع العام منه سوى 46% بما يعادل 44.5 دولار للفرد الواحد. فكان معدل الإنفاق الحكومي في سوريا اقرب إلى غانا 40 دولار و نيكاراغوا 55 دولار، لكن كم كان معدل الإنفاق في الدول الأخرى؟ في الدول الاقل تقدماً 17 دولار اميركي، البلدان منخفضة إلى متوسطة الدخل 103 دولار، و وسطي العالم العربي 153، في حين جاء معدل الإنفاق في بعض الدول كما يلي: اليمن 15، السودان 25، مصر 46، المغرب 56، تونس 129، الجزائر 139، الاردن 241، لبنان 255، ليبيا 322، إيران الإسلامية 127، فنزويلا 231، روسيا 326، صربيا 337، كوبا 555، تركيا 510، إسرائيل 1317
حقائق ومؤشرات (35) تتشكل قاعدة حكم سلطة نظام 1973 من نحو 400 ألف عسكري (الجيش العربي السوري)، والحجم المتضخم من القوى الأمنية بإختصاصاتها المختلفة إضافة للكتلة الضخمة من حزبيي السلطة وشرازم الأحزاب الحليفة، ومن المتطوعين في "الجيش الوطني" الذي تشكل بعد بدء الأحداث من قوى غير نظامية تجاوز تعدادها 50 ألفاً، قاعدة حكم تجاوز عنصرها البشري ال 6 مليون مواطن، أظهرت الأحداث أنهم لم يسخروا لبناء الوطن وحمايته بل للدفاع عن النظام ورموزه. يمكن إستقراء طاقة قاعدة الحكم هذه من الترتيب العالمي لحجم القوة العسكرية النظامية (الجيش العربي السوري) حيث تشكل ما نسبته 1.87% من عدد السكان و 3.15% من حجم القوة البشرية المؤهلة للعمل و 7.4% من حجم القوة العاملة، ليأتي ترتيبها ضمن 214 دولة وماكرو دولة، الثامنة وفق معيار عدد السكان، والرابعة وفق معيار القوة البشرية، والثالثة مباشرة بعد العراق وكوريا الشعبية وفق معيار حجم القوة العاملة. أما تكلفه قاعدة الحكم، وما تستنزفه من خزينة الدولة ومن الثروة القومية، فيمكن قراءته من مجمل ما ينفق على القوة العسكرية النظامية (الجيش العربي السوري) حيث بلغت ميزانية القوات المسلحة نحو 98 مليار ليرة سورية سنوياً حسب النفقات التقديرية الواردة في الموازنة الموحدة لعام 2010 (109 مليار حسب معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام)، ميزانية تشكل نحو تريليون ليرة سورية من النفقات على الجيش النظامي و 1،5 ترليون ليرة سورية على كامل قاعدة الحكم (جيش+أمن+حزب+جبهة وطنية تقدمية) منذ عام 2000 حتى يومنا، هذا الإنفاق على الجيش النظامي يعادل 3.95% من إجمالي الناتج المحلي متخطياً بذلك معدل الإنفاق في كل من روسيا وكوريا الجنوبية ومصر وباكستان.
#عفيف_رحمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معلولا اللغز السياسي والعسكري
-
شيوعيو سوريا وفقد الرؤية الطبقية
-
الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!
-
وقود الأزمة الوطنية في سوريا وبيئتها الحاضنة
-
هجرة الكفاءات مؤشر فشل سياسات التنمية في سوريا
-
الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية
-
زيرو دولار زيرو روبل
-
تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة
-
-المعارضة وقاعدة حكم السلطة في ميزان الأزمة السورية-
-
جنيف 2 و أوهام التغيير
-
الفساد منظومة ظل الدولة
-
مراهنات النظام وآثارها في تعميق الأزمة الوطنية الكبرى في سور
...
-
التعليم في سوريا ومشكلاته
-
البحث العلمي في سوريا-حقائق ومؤشرات
-
فساد النظام وتجلياته في معالجة القضية السورية
-
الوجه الديني في تكوين الأحزاب اليسارية
-
قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإج
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|