|
الشاهد الوحيد ،،، أُعدم
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4232 - 2013 / 10 / 1 - 23:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشاهد الوحيد ،،، أُعدم كتب مروان صباح / قال ألبير كامو ذات وقفة فلسفية ، لسنا ننشد عالماً لا يُقتل فيه أحد بل لا يمكن فيه تبرير القتل ، فإذ، طوى المرء صفحات طويلة من القتل في العصور الجاهلية ، بالتأكيد ، يصعب بل يستحيل طوي بذات الخفة والمرونة لقتل يحدث في عصر الحداثة والرقي البشري ، وإن كان لدى الإنسان عقدة أبدية كما يبدو تعُّود إلى الزمن الذي قتل الأخ الأول ، أخيه الأول ، مما دفع الغراب بعد رصد انتقائي لحّال القاتل ومراقبة عجزه في اتمام الجريمة التى غاب عنها الشهود كلياً ، أن يكون سيد الموقف دون منازع للجريمة الأُولى بالإضافة للمعلم الأول للإنسان في مواراة جثة المغدور بباطن الأرض ، هكذا ، بدا واضحاً ، يفسر سبب نعيق الغراب طيلة الليل التى كما تبدو مليئة بالكوابيس والأشباح ، حيث خيم عليها العتمة ، وزادت من كثافة نعيقه كلما رأي الإنسان مستغرقاً بنومه ، متناسياً فعلته التى أصابت الضمير الإنساني إلى يومنا هذا ، انها أشبه بصيحات توشك أن تُنطق بكلمات ، تعتقت ، أرادت ومازالت تريد القول ، لم يكون فقط معلماً ، مساعداً ، بقدر أنه الشاهد الوحيد الذي أعدم نطقياً عن الكلام . أولى خيوط البحث تكشف عن حمولة تنوء سلسلة جبال منها ، حيث ارتبط الهروب بالجريمة وانقسمت الحياة إلى قسمين ، جزء يُمثّل الغاب والأخر يحاول أن يترجم معنى الإنسانية ، ومن قساوة الدنيا على ساكنيها ، الحكم عليهم بالاحتكاك الذي من وظائفه افراز البشر ضمن ، الصالح من الطالح ، دونه ، لا يمكن معرفة أين يقف كل امرئ طالما لم يخوض امتحان الحياة التى تحمل في طياتها جملة اختبارات تتطلب تحدي أو انبطاح ، رغم أن حجم التشابك والتضليل تفاقما في هذا العصر ، مرات عن سابقاته ، حيث أصبحت الحداثة والتطور بديل مخادع تماماً لأدوات التجميل التى شكلت أقنعة جعلت الناس يتوارون خلفها بمهارة التلون الحربائي ، لهذا لم تكن الحداثة التى نعيشها تحمل في مضمونها وواقعها دافع نبيل ، منطلقة من القيم والأخلاق التى تسعى بارتقاء الإنسان بقدر ما هي المسألة تفُوق مادي يُترجِم عن حالة غرائزية للبقاء والتعالي على الأخر ، تماماً كما أثارت العاصفة الاعلامية الّتِباساً لموت مخترع الديناميت ألفرد نوبل عندما توفي شقيقه وقامت صحيفة فرنسية بنشر نعي لألفرد عن طريق الخطأ ، موجهة جملة اتهامات وتنديدات لاختراعه الديناميت دون اجراء تحقيق عن حقيقة الشخصية التى غادرة الحياة ، فعلاً ، مما جعلها تعتقد أن غياب سطوة نفوذه المالي يعطيها الفرصة والفسحة الآمنة في قول الحقيقة طالما كانت تتجنبها مادام على قيد الحياة ، حيث عنونت الصحيفة الصادرة في وقتها مانشيت ( تاجر الموت ميت ) وأضافت بأن نوبل أصبح غنياً من خلال ابتكاراته في قتل الناس ، الأمر الذي اعاده إلى ذاته وبنفس الوقت كان مخيب لآماله عندما قرأ الخبر وأرتابه القلق بشأن ذكراه بعد رحيله ، كيف سيمضغونه الناس وعلى أي نكهة ، إلا أن ، مما لا شك ، ما كُتِبَ وهو حي ميت في ذلك النهار كان الدافع الحاسم بتأسيس جائزة نوبل دون أي تمييز لجنسية الفائز تماماً كما الديناميت لا يُميزّ القتل بين الجنسيات ، كأنه اراد الاعتذار بأثر رجعي للذين قتلوا بسبب اختراعه بالإضافة لمن سيمتون لاحقاً ، حيث طابور الموت قائم وطويل مادام العقل البشري متعطش لرؤية الدماء . لقد سال ويسيل من دماء البشر ما يفوق العقل على استيعابه وتنوعت اشكال القتل لدرجة بات من الممكن احراز قاموس يضم مصطلحات توفر للمرء سهولة الاستحضار والإحصاء ، لكن الأنكى من تلك وذلك اصرار القوى العالمية على ديمومة تطوير آلة القتل التى يذهب ضحيتها على الأغلب اناس مدنيون لا علاقة لهم بما يجري على الإطلاق ، رغم أنها تُصنع تحت عنوان الصناعات العسكرية ، يعني ، من المفترض أن يقابلها عسكريين لا أبرياء ، لنكتشف بأن المتحكم بهذه الآلة أشخاص على اختلاف مواقعهم وانتماءهم ، يُشبهون نوبل بالقصد ، كسب المال تحت أي ذريعة ، بل ديكتاتوريين حتى لو زعموا عكس ذلك وأن العناية الالهية تدفعهم إلى هذا القتل ، حيث يلتف حولهم أهل التبرير ، يسبحون بأفعالهم ليل نهار لحد حجبوا عنهم الحقائق وانعدمت رؤية القرائن وأصبح القاتل ينتظر جائزته عند نهاية الحياة ، أول القيامة ، لهذا نرى من يقتل في افغانستان والعراق والصومال وفلسطين ، يقابله من يقتل في مدن عديدة في الولايات المتحدة وأوروبا وإفريقيا ، وجميعهم باسم الحرية والديمقراطية والأخلاق والقيم والإله . منذ اليوم الأول كانت ومازالت الأرض بما فيها على سطحها من نِعّم الدواب والثمار وما يرتع بباطنها من معادن ، وأمور قد نعلمها وكثير نجهلها ، تكفي البشرية المتواجدين فوقها والقادمين من جبلتها لاحقاً ، وكما يبدو ، المسألة ليست أزمة كفاية بقدر ما هو ، حب التملك بشكله المفرط يصل إلى حرمان الآخر من الحد الأدنى للعيش ، لهذا نسمع ونشاهد لأكثر من 2 مليار إنسان بلا مأوى ، حُفاة عراة ، يقابلهم ذات العدد يكدحون ليلاً نهاراً خوفا أن يصيبهم ذات البلاء ، التشرد كلما نظروا لهؤلاء الجياع ، حيث يركضون نحو الأغنياء ولكن رؤوسهم تلتفت إلى الخلف ، خوفاً من أن يجرفهم نهر الفقر نحو الهلاك ، فعندما يستبد المستبد بمناحي الحياة ، بغض النظر ، إن كانت على صعيد الحكم أو الاقتصاد وغيرهما يصبح غير قادر على استيعاب بأن الأخر ، الأقل مكانةً لديه الحق الاقتناء ما يمتلكه أعلى درجةً . لهذا الأرض ، أشبه بالكعكة التى يغرز ساكنيها الشموع داخلها كي تعكس ابداعاتهم دون اللجوء إلى الهواجس المشتركة بين الخلق بالانقضاض نحو ما يمتلك الآخر ، لهذا ما من داعي أن ينظر من في الغرب إلى ما هو في الشرق والعكس صحيح ، فتلك النظرة ، تكلِفتها باهظة الأرواح ، وتبرئة الذات لا تكون من خلال تقديم المبررات ، لهذا منّ نالوا جائزة نوبل ، من الأجدر في لحظة الاستحقاق أن يفكروا بمن اُزهقت دمائهم في لحظة التعطش الأعمى للمال ، كي لا يكونوا نسخة مطابقة لنوبل لكنهم بقناع الثقافي . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالح القادمة بميزان القوة
-
حلاق القرية وسياسي المدينة
-
مقايضة تنتهي بابتلاع التمساح للطيور
-
كي تنجو
-
عصر ... بلا بيت
-
الإمبراطورية الغائبة بالتسمية ... الحاضرة بالأفعال
-
هجرة الفراشات والدرويشيات
-
سوء الفهم
-
ثورة ناقصة
-
المراوحة الثقيلة بين القومية العربية الاسلامية والقومية المص
...
-
عقوق الأبناء بحق ياسر عرفات
-
أرض الحجارة والرمال
-
القدس صديقة المعرفة وعبد الباري صديق الكلمة
-
جرثومة عصية على المعالجة
-
أهي ثورة تقرير مصير أمّ تحريك تسويات
-
ارهاق مجتمعي يؤدي إلى انتحار وطني
-
بآي بآي يا عرب
-
استغاثة تائهة في الصحراء
-
عقرها حزب الله
-
رحمك الله يا أبي
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|