علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 21:02
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن من طبيعة الحياة والعلاقات الإنسانية الأخذ والعطاء ، فاذا اردت ان تستمر في علاقة مع شخص ما لغرض التعايش الايجابي المشترك يجب أن تعطي لهذا الشخص وتبادله بالمكافآت المادية او المعنوية مثلما يبادلك بها لأنه من شأن هذه المكافأة أن تديم العلاقة وتقويها وتجعلها طويلة الأمد ، لذا فالعلاقات المثمرة هي من يسودها هذا التبادل المنتج والرائع ، ولكن اذا كان شرط العطاء المتبادل لطرف واحد او لكلا الطرفين لغرض غاية ذاتية فإن العلاقة ستصبح نفعية ومصلحية ، وسيكون الغرض من هذه العلاقة هو الكسب فقط أي ماذا سأحصل منه بالمقابل حاليا او في وقت لاحق ؟ وبذلك ستخلو هذه العلاقة من مبدأ الانسانية وسيسود هذا التفاعل الأنانية وستنتهي بمجرد تحقيق تلك المصلحة .
إن من المؤسف ان تصبح الكثير من علاقتنا على هذا النحو ، فنجد بعض الاشخاص يقيم الصداقات والعلاقات ليس من أجل التواصل والتشارك في العيش الايجابي مع الاخر بل من أجل الربح فقط : فأنت اليوم صديقي لأنك تحقق لي بعض المكاسب . وذاك الشخص عدوي لأنه يتقاطع معي في بعض المصالح الشخصية . وعدو عدوي صديقي لأنه يؤيد افكاري ورغباتي ويساندني ، فأعقد التحالف معه .
إن هذه القوانين البسيطة للعلاقات النفعية لا تنطبق على العلاقات بين الاشخاص فقط بل تعمم على الجماعات ايضا ، فكم من جماعات تكره احداها الاخرى أو كم من دولة تتعارض مع الأخر في الدين والقيم والقومية وتتحالف مع بعضها تحت شعار المصالح المشتركة !!! لذلك نجد أن المصالح هي ما يحرك طرف او طرفي العلاقة النفعية ، فمصلحتي في العلاقة فوق الكل ، وحاجتي في العلاقة أعز من الآخر ، وعلاقتي بالاخر هي من أجل رغبتي التي هي أهم من رغبات الأخرين .
ويرجع سبب ميكافيلية العلاقات كما يرى عالم النفس الشخصية (رايس) الى ثلاثة عوامل هي :
- سوء الفهم : حيث يتميز الميكا فيلي بالتشوش المعرفي وعدم الاقتناع بجدوى العيش المشترك والتصرف على اساس التبادل المنتج .
- وهم الذات : اذ يعتقد الميكا فيلي بان هذه الطريقة هي من أفضل الطرائق لإشباع الحاجات وتحقيق الاهداف والذات.
- استبداد القيم : والتي تتمثل بالمحاولة ( الدائمة - الخبيثة ) في اقامة العلاقة مع الاخرين بغرض استغلالهم وتحقيق حاجاتي حتى لو كانت بطرق ملتوية وغير إنسانية .
وبذلك فان الطرف الميكا فيلي شخص لديه مشكلات في تكوينه الداخلي فبدلا من ان يعيش تحت أسس العلاقات المثمرة التي تحمل المسؤولية والاحترام والمعرفة بمن نحب والعمل على تلبية حاجات ومتطلبات الاخرين نجده يتوجه نحو كافة مظاهر التوجه المادي والانانية والاستغلال ، وسيبقى هذا الشخص في دوامة العلاقات المصلحية الوقتية مالم يتعلم كيف يحب ويعطي بصدق ونبل واخلاص للآخرين كما يحب نفسه !!!! .
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟