|
عمّو أنا عايشة؟ ، عمّو أنت عايشة
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 15:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يصعب على المرء ، بماهو إنسان ، أن يرى منظر تلك الطفلة البريئة ، وهي ترتجف بين يدي أحد المسعفين ، إثر إصابتها بسلاح بشارالأسد الكيماوي المحرم دولياً وإنسانياً ، صباح الأربعاء في 21.08.2013 وتسأله : " عمّو أنا عايشة ؟، فيجيبها بكل مسؤولية وأبوّة " عمّو لاتخافي إنت عايشة " ، دون أن يتوقف عند مفهوم / مفردة / كلمة " عمّو" التي جاءت على لسان كل من الطفلة والمسعف .
إن مانرغب أن نشير إليه حول هذا الموضوع ، الذي يتقاطع على صعيده البعد السوسيولوجي ، مع البعد البيولوجي ، مع البعد الإنساني ، مع البعد الديني ، مع البعد الوطني هو : إن البعد البيولوجي لمفهوم " العم " وبالتالي " عمو" هو بعد معروف ، سواء في اللغة العربية أوفي اللغات الأجنبية ، من حيث ينادى على أخ الأب في كافة المجتمعات (عمّو ، Onkel، uncle) ، ولكن ماتمتاز به اللغة العربية ، وبالتالي الثقافة العربية الإسلامية عامة ، هو بصورة أساسية ، البعد الإجتماعي ، من حيث أن جميع المواطنين في بلداننا ، قد رضعوا مع حليب أمهاتهم موضوعة " إنما المؤمنون إخوة " ، ومفهوم المؤمنين تنسحب هنا دينياً ولغوياً ،على كافة أتباع الأديان السماوية ، وبالنسبة لنا في سورية ، على كافة المواطنين من مختلف انتماءاتهم ومشاربهم وآرائهم . إن مثل هذه الأخوّة إنما تنطوي تطبيقياً على الأبعاد التالية : 1. البعد البيولوجي ، من حيث أن أخ الأب هو بانسبة لكل من الأبن والإبنة هو" عمّو " ، 2. البعد الإجتماعي ، من حيث أن جيل الأب بالنسبة لجيل الأبناء هم أيضاً بمثابة " عمو" ، 3. البعد الأخلاقي والإنساني ، من حيث أن كل إنسان ، يتعاطف مع الطفل ويحميه ويحبه هوبدوره"عمو" 4. البعد الوطني ، من حيث أن أبناء الوطن الواحد ، إنما تجمعهم أبوة وأخوة المواطنة ، التي تجعل كل مواطن أباً لكل طفل من أطفال الوطن ، وبالتالي فهو بالنسبة إليه " عمو " . ولابد من أن نشير هنا إلى أن اللغة العربية ، تفرق بين مفهوم " الوالد " ، وهو الأب البيولوجي ، ومفهوم " الأب " وهو الوالد الاجتماعي ، والذي يمكن أن يكون الوالد أو غيره من الأقارب ، تماماً كما حصل مع رسولنا الكريم ، حيث أن أباه البيولوجي ( والده ) هو "عبد الله " ، ولكن أباه الاجتماعي هو بداية جده " عبد الطلب " ، ونهاية عمه ( عمّو) " أبو طالب " . وبالعودة إلى حالة تلك الطفلة البريئة ، التي رأيتها من جهتي عبر التلفاز، أكثر من مرة ، وهي ترتعش في فراشها بين يدي أحد المسعفين ، وتسأله متلعثمة ومرتجفة تحت تأثيرغازالسارين : " عمو أنا عايشة ؟ " فيجيبها المسعف بحنوالأب وحنانه : " عمو إنت عايشة " . إن استخدام هذه الطفلة البريئة لكلمة " عمو" ، وهي لاتعرف من هو هذا العمو ، وفيما إذا كان مسلماً أو مسيحياً ؟ عربياً أو كردياً ؟ سنياً أو شيعياً ؟ مدنياً أوعسكرياً؟ يسارياً أو يمينياً ؟ تقدمياً أو رجعياً؟ ، إنما يشير إلى إنه بالنسبة إليها ــ كنصف واعية ــ هو فقط " المنقذ عمّو " دون زيادة أو نقصان ، إنه اليد الرحيمة التي تمنع سكين المجرم بشارالأسد من أن تصل إلى عنقها ، وبالتالي إلى روحها ، إنه " عمو " وبس .
ماكان لهذه الطفلة الضحية ، وما كان لهذا الـ " عمو " ، أن يتصورا ، أن كيماوي يوم الأربعاء في 21 آب 2013 ، الذي قتل أكثر من 1500 شخص من أهالي الغوطتين ، معظمهم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين العام والعشرة أعوام ، سوف يدفن في جنيف يوم 14.09.2013 ، في الوقت الذي سوف تبقى فيه طائرات وصواريخ ودبابات وبراميل وقنابل الأسد العنقودية والفسفورية ، تصول وتجول ، في سماء سورية ، دون حسيب أو رقيب . يبدو إن الدول الكبرى ، بمختلف ألوانها وأشكالها وأقاويلها ، ليست بحاجة ، بالنسبة للحالة السورية ، إلى أن تبحث في زوايا القوات المسلحة السورية ، عن " سيسي " ما، ينقذ إسرائيل من تصوراتها المريضة حول الأهداف المشروعة لثورة آذار 2011 ، والمتمثلة أساساً وقبل كل شيء ، والتي بحت حناجر شيبها وشبابها ، رجالها ونسؤها ، صغارها وكبارها ، وهم يرددونها بهتافاتهم ليل نهار بـ " الحرية والكرامة " ، وهي أهداف إنسانية لا أظن أن إنساناً سوياً يعارضها أو يخاف منها ، سواء على نفسه ، أو على غيره ، على الأقل على المدى المنظور . إن عائلة الأسد ، وفرقتها الرابعة وحرسها الجمهوري وشبيحتها ، وكبار ضباطها بقيادة الجنرال الروسي " لافروف " ومعاونه السوري الفريق بشار الأسد ، تقوم بالنيابة عن الشرق والغرب ، وأيضاً بالنيابة عن إسرائيل ، بهذه المهمة " السيسية " ضد الجماعات الإسلامية في سورية ، والتي يحلو للبعض في الداخل والخارج ، أن يطلق عليها صفة الجماعات الإرهابية ، انطلاقاً من أنه قد يحتاج إلى هذا التوصيف بالمستقبل ، إذا ماأصبحت ثورة شباب آذار 2011 على أبواب القصر الجمهوري ، وأصبح بإمكان الشعب السوري أن يقرر مصيره بنفسه ، رغم أنف الجميع . لاتخافي يا " عمّو " ( ... ) لامن غاز السارين ، ولا من غاز " السيسي ن " فالثورة قادمة لإنقاذك . ــــ انتهى ــــ
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الضربة الأمريكية المتوقعة بين القبول والرفض
-
أسمع كلامك يعجبني
-
دمشق أم الربيعين
-
الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها
-
خواطر حول الربيع العربي ( 4 )
-
خواطر حول الثورة السورية (3) مؤتمر التناقضات في الدوحة
-
خواطر حول الثورة السورية (2) / G8
-
خواطر قابلة للنقاش حول الثورة السورية
-
ماوراء جنيف وما وراء الوراء
-
ثورة آذار 2011 ومؤتمر جنيف2
-
علم الإجتماع في الوطن العربي
-
خواطر حول الإخوان المسلمين والثورة السورية
-
عامان والثورة مستمرة
-
في سورية : انتفاضة أم ثورة ؟
-
ثورات الربيع العربي بين الرأي والرأي الآخر
-
بشار الأسد وحكاية العصابات المسلحة
-
نداء أخوي ثان
-
المعارضة السورية في ميزان النقد ، مساهمة في التحليل والحل
-
الدفاع عن الرسول : نعم ولكن!
-
النظام السوري إلى أين؟
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|