أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - عوائقُ التغييرِ














المزيد.....

عوائقُ التغييرِ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



فيما استطاعت إنجلترا وهولندا وفرنسا بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، هدم العوائق ما قبل الرأسمالية والانطلاق في الحداثة بتغيير المُلكية الزراعية الكبيرة وزحزحة العلاقات الاقطاعية في الريف والمدينة وخلق ثقافة وعلاقات اجتماعية حرة وتغيير فضاء أجهزة الدول لمختلفِ الطبقات المالكة والتجارية وحتى العاملة فيما بعد، في حين لم تستطع ألمانيا وأسبانيا وإيطاليا والعديد من الدول الأوروبية القيام بذلك، حيث بقيت المُلكيات الزراعية والقوى الحكومية والعسكرية ذات النفوذ رافضة التخلي عن امتيازاتها.
ولهذا فإنها في التاريخ التالي ومع زحام التجارة والحداثة بين هذه الأمم التفتْ على الثقافة الديمقراطية والحريات، وراحت تؤسسُ عالماً استبدادياً مموهاً بتطور حديث، وأعلت نزعاتها القومية التعصبية وثقافاتها المذهبية المحافظة، وادعت أنها تسلك سلوكاً إنسانياً حقيقياً وأنها بقيت بلداناً لا تعرف الصراعات الاجتماعية وتباين الطبقات المقيت، فيما صورتْ الدولَ الرأسمالية الديمقراطية بأنها اتجهت للاستغلال وصراع الأغنياء والفقراء (غير الإنساني).
هذه النزعة القومية الدينية الرافضة للتحديث واختلاف وصراع الطبقات، وإبقاء الجوهر القومي المذهبي الخالد، أدى إلى تفاقم تناقضات التطور ونشوء الفاشيات والدكتاتوريات والحروب حتى جاءت كوارث الصراعات في القرن العشرين بنتائج وخيمة.
وقد كررت بلدانُ الشرق هذا السير على ذات الدروب الملغمة، كما فعلت اليابان في بداية تطورها الحديث محافظةً على مَلكيات طبقة المحاربين وهيمنتها على التطور الاجتماعي السياسي، فكان خوضها الحروب عبر تلك الهيمنة فجاءت الحربُ العالمية الثانية تحطيماً هائلاً لهذه الإشكالية.
مثلما بقيت جنوب أفريقيا عبر مُلكية البيض للثروة المحتكرة رهينة الجمود السياسي الطويل من أول القرن العشرين حتى نهايته، وهو ما مشت عليه أغلب دول العالم النامي، إلا بعض الاستثناءات التي زحزحت هذه القيود، مثل استراليا التي لم تكن بها عوائق ما قبل رأسمالية في تاريخها الاجتماعي البكر فانطلقت بتطور لا يعيقه شيء ومثل الهند التي تركتْ كافةَ أشكال العلاقات الاقطاعية والرأسمالية تنمو بحرية حسب أوضاع السكان وإراداتهم.
وقد عاشت الدول العربية والإسلامية على إبقاء العلاقات ما قبل الرأسمالية مسيطرة على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فدائماً ثمة طبقات وجماعات قديمة تعيش على امتيازات اقتصادية واجتماعية وثقافية رافضة تغييرها، وتحاول الالتفاف عليها وتقديم حلول غير حقيقية عنها، وترفض التطور الحديث ليس لأنه ضار بل لأنه يغير تلك الامتيازات.
فامتيازات الطبقات القديمة في مُلكيات الأرض والهيمنة على السلطات وسيادة الذكور في الأحوال الشخصية وما يترتب على ذلك من غياب المساواة وتعقيد التطور وصراع الأجناس وإنهاك تطور العائلة، كل هذا خلق عوائق كبيرة في التطور الحديث، وصعّد صراع الأديان والمذاهب، حيث تجد تلك المصالح الاستثنائية في أشكال الوعي المقدسة تمويهاً لانانيتها الطبقية والقومية والجنسية ومواداً متخلفة تماثل تخلفها.
وقد أدت هذه العوائق إلى التطورات الكارثية في الصراعات القومية وتفجر الحروب الدينية الحالية، حيث يغدو الصراع الطائفي بين جناحي المسلمين كصراع ديني في حين إنه صراع أنظمة اجتماعية متخلفة عجزت عن معالجة تطورها التاريخي بإلغاء الامتيازات للملاك الزراعيين والمسئولين السياسيين والقادة القوميين.
وهي مثل الألمان والإيطاليين والأسبان في تطورهم السياسي الذين رفضوا معالجة تاريخهم الاجتماعي الاستبدادي ونَحوه إلى تأجيج التعصب القومي والطائفي وإنكار التطور الديمقراطي الإنساني الشامل للبشر، ولا عجب أن يأخذ الشرقيون هنا عناصر من تلك الثقافة القومية العنصرية أو الدينية المتعالية ويدمجوها في ثقافتهم، فتكون(الحداثة) المنسوخة مترافقةً مع خرافات العصور الوسطى وتعالي القبائل وتقديس الدم.
وتقود الحروب إلى نسف هذه التصورات بأشكال مأساوية عبر زوال الكثير من الناس وهدم المنجزات البسيطة المادية التي أقامتها هذه الأنظمة، وتهدم الفجائعُ البشرية حالات التعالي والغرور والادعاء بأفضلية مذهب وجنس وقومية، ولا يبقى على الأرض سوى الحطام.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياعُ المقاييس والعدالة
- الذكورةُ والصحراءُ
- تيارات اجتماعية وليست فقط جماعات
- المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً
- الوعي والتغيير
- صراعٌ غيرُ بناءٍ
- المذهبيةُ في الفكر
- المرجعيةُ الفكريةُ ل«حزبِ الله»
- مهزلةُ أوباما السورية
- نموذجانِ مأزومان
- جمودٌ مطلقٌ
- المثقفون والتحولات
- رأسماليةُ الدولةِ العسكرية
- تذبذبٌ حارقٌ
- قراءةٌ غيرُ موضوعية للتاريخ
- مسرحُ الخليجِ والديمقراطية
- القوميةُ والمذهبيةُ
- إخفاقُ الليبراليةِ العربيةِ الأولى
- علاقاتٌ تاريخيةٌ بين الانتاجِ والسكان
- تأييدُ الغرب للإخوان


المزيد.....




- النيجر.. إطلاق سراح وزراء سابقين في الحكومة التي أطيح بها عا ...
- روسيا تشهد انخفاضا قياسيا في عدد المدخنين الشرهين
- واشنطن تدرس قانونا بشأن مقاضاة السلطات الفلسطينية بسبب هجمات ...
- هل يمكن للسلطة الجديدة في سوريا إعادة ترتيب العلاقات مع بكين ...
- الرفيق جمال كريمي بنشقرون يناقش غلاء الأسعار وتسييس القفة ال ...
- إسرائيل تعدل إجراءات الإنذار استعدادا لهجمات صاروخية كبيرة و ...
- القضاء الأمريكي يرفض نقل قضية ترحيل الطالب محمود خليل المؤيد ...
- باراغواي تستدعي السفير البرازيلي لديها وتطالبه بتوضيحات حول ...
- موسكو: سنطور الحوار مع دول -بريكس- ومنظمات أخرى لبناء الأمن ...
- تبديد أسطورة فائدة أحد مكونات النبيذ


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - عوائقُ التغييرِ