أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 20















المزيد.....

اختفاء رباب ماردين 20


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 14:22
المحور: الادب والفن
    


من هو وسام؟؟

جمدت في مكاني والذهول مطبق على حواسي ولم أستطِع التفوّه بحرف واحد من شدة المفاجأة.
وقف وسام هناك، قبالتي، يمسك بيدي ويتحسّسهما برقة. بعد لحظات... تمتمت قائلة: "هل أنت... جاد؟؟"
"لم أكن جادّا في حياتي أكثر من هذه اللحظة."
"فاجأتني."
"أعرف أنها مفاجأة. إنها مفاجأة لي كذلك. ولكنني أدرك الآن أني وجدت الإنسانة التي أرغب أن تشاركني حياتي وعمري، فرحي وحزني... وكل شيء."
ابتسمت مترددة. "لا أدري ماذا أقول لك يا وسام. هل أنت متأكد مما تقول؟"
"متأكد تماما."
فكرت في الحديث الذي سمعته قبل ذلك بدقائق قليلة. رفعت اليه نظري وسألته في ارتياب: "وماذا عن كلوديا؟"
"كلوديا؟!" فوجئ وسام الى درجة الصدمة. "وما دخلها في الموضوع؟"
"ألم تعِدها بالزواج؟"
"من قال لك ذلك؟"
"لا يهم."
رأيته يهز رأسه وجذب مني يديه. "لا بد أنها أخبرتك ذلك بنفسها." قال بلهجة مشبعة بالخيبة. "إنها فتاة مراهقة ومندفعة. منذ مدة وهي تلاحقني وتلحّ علي بالزواج، خاصة بعد أن قرر والدها أن يتركوا المنزل. مسكينة! لا أدري ماذا أصنع معها. فأنا لا أريد تجريحها، ولكنني حتما لا أستطيع أن أتزوجها، فهي مثل أختي الصغيرة."
"اذن لماذا تعدها بالزواج؟" سألته.
"لأنني... أشفق عليها وأخاف أن أسبّب لها جرحا لا تحتمله. تعلمين أنها صغيرة وشديدة الحساسية."
"ولكنك بهذا لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا."
"أعرف. أعرف ذلك، ولكن..."
"إن كنت حقا لا تنوي الزواج منها..."
"طبعا لا!"
"اذن يجب أن تضع حدا لهذه المسألة بأسرع وقت. ذلك لصالحها وصالحك."
"فعلا. هذا ما عليّ فعله. ولكن... لم تقولي لي... هل تقبلين الزواج بي؟"
أطلقت تنهيدة من صدري وقلت وأنا أزن كلماتي: "أنت إنسان رائع يا وسام وترغب بمثلك آلاف البنات، وانا أكنّ لك كل احترام وإعجاب. ولكن... أعترف أنني لم أتوقع يوما... أن ترغب بي للزواج. خاصة أنك... كما قلت لي في السابق تقدس الحرية."
"هذا صحيح. ولكن بعد أن عرفتك... تغيرت."
خيّم علي الصمت وساورتني أفكار كثيرة، غامضة. تساءلت في نفسي: لماذا يطلب مني هذا الرجل الزواج وقد كان يعِد كلوديا بنفس الشيء قبل دقائق معدودة؟؟
رأيته يرميني بنظرة صلبة. "ألا تصدقينني؟" سأل.
"المسألة ليست كذلك." أسرعت في الرد. " ولكنني أحتاج لبعض الوقت للتفكير... مثلما تحتاج أنت."
"كوني واثقة،" قال بلهجة صارمة. "أن ما قلته لك نابع من قلب أحبّ بصدق وذهن فكر واختار وليس تهوّرا."
"حسنا. أمهلني بعض الوقت."
في تلك الليلة، لم يُطبق لي جفن. بقيت في فراشي راقدة... هائمة، تائهة بأفكاري المتلاطمة في عتمة ليلي الطويل.
من هو وسام؟!
سؤال عاودني وآرقني طوال الليل. ولم أجد له جوابا.
.............................................................

ذهبت الى النادي واتّجهت نحو بركة السباحة. كانت الساعة قد اقتربت من الحادية عشرة. بقيت مع السيدة ماردين قرابة الساعتين ثم طلبت منها إذنا لقضاء حاجة وجئت أبحث عنه. كان عليّ أن أخبره. لقد أثقلت علي أفكاري وهواجسي ليلة أمس وعلي إفضاءها.
لم يكن عند البركة. أين يمكن ان يكون؟ ربما لم يأتِ الى النادي بعد.
عدت الى البيت. وحين كنت أعبر الحديقة صادفته خارجا من البيت.
"ها أنت هنا." قلت. "لقد ذهبت للبحث عنك في النادي وأنت هنا."
تعجّب مني حسام. وقبل أن يسأل شيئا أسرعت بالقول: "هناك أمر مهم يجب أن أخبرك به."
"ما هو؟"
"ليس هنا."
فكر قليلا وقال: "حسنا. إركبي الى الهضبة اليوم بعد الظهر. سأنتظرك."
"حسنا. الساعة السادسة والنصف."

* *
*

كان في انتظاري هناك.
قفزت من حصاني وربطته بجذع شجرة بجانب حصانه.
"ماذا أردت أن تقولي؟" سأل عند وصولي.
"أمر اكتشفته ليلة البارحة. وأظنه مهما." قلت.
ابتسم ساخرا، ثم سأل: "وماذا اكتشفت؟"
قلت دون مقدمات: "اكتشفت وجود علاقة عاطفية بين أخيك وسام وبين فتاة صغيرة السن."
ضحك حسام كثيرا من كلامي. "أهذا هو الأمر المهم؟!" قال، ثم أضاف: "أخي يقيم علاقات عاطفية وغير عاطفية مع فتيات من كل الأعمار منذ أن كان فتى في الخامسة عشرة."
"ربما."
"إذن؟"
"ألا يهمك أن تعرف من هي تلك الفتاة؟"
سأل في غير اكتراث: "ومن تكون؟"
"كلوديا."
ارتفعت حاجباه الى الأعلى. "إنها تكبر يوما بعد يوم وتصبح أكثر جمالا." قال.
"انهما يتكتمان على الموضوع لسبب ما. ولكن وسام وعدها بالزواج، وهي تلحّ عليه ان يعجل بإعلان الخطوبة."
رأيته ينظر الي باهتمام. "وكيف أنت عرفت بالأمر؟" سأل.
ارتبكت قليلا. ثم أجبت: "لقد سمعت حديثا لهما بمحض الصدفة."
"ما أفظعك!"
"أنا جادة. كان ذلك بمحض الصدفة. ليلة أمس بعد أن افترقنا أنا وأنت شرعت أبحث عن وسام، ولم أجده في أي مكان. فقيل لي إنه كان خارجا مع كلوديا الى الشرفة. وحين خرجت لم أجد أحدا. ولكنني سمعت أصواتا من خلف الشجيرات القريبة. ومن شدة دهشتي لم أملك إلا أن أتنصت عليهما."
"أنت تدهشينني يوما بعد يوم، يا آنسة مدنية!"
"أتظن أنها كانت وقاحة مني؟"
"بل هي جرأة. المهم، ماذا سمعت؟"
"كانت كلوديا تلومه لاهتمامه بغيرها من النساء اللاتي كن في الحفلة، وكان وسام يهدئها بأنه يلاطفهن فقط وأنهن مجرد صديقات عاديات. وسمعت وسام يبدي قلقه من احتمال انكشاف علاقتهما قبل الأوان فيندما. لم أفهم لماذا. وكان يوصيها بألا تدعَ أحدا يشك فيهما. أما هي فقد كانت تلح عليه بأن يعلنا الخطوبة ويتزوّجا بأسرع وقت."
"الى هذا الحد؟"
"نعم. كانت مصرة على ذلك."
"وماذا كان جوابه؟"
"أن تصبر وتنتظر حتى تهدأ الأمور في البيت."
هزّ حسام رأسه ومشى سارحا نحو الدرابزين وأخذ يتأمل سارحا نحو البحر.
اقتربت ووقفت جنبه. قلت: "وبعد ذلك الحديث... حدث شيء آخر."
التفت الي متعجبا. "وماذا حدث بعد ذلك أيضا؟"
"عرض علي وسام... الزواج."
"ماذا؟!" قال مذهولا.
"هذا ما حصل." قلت.
"عندما خرجتما عبر الشرفة؟"
"هل رأيتنا؟"
"نعم. رأيت." قال. ثم أضاف سائلا: "وماذا قلت له؟"
"أن يمهلني للتفكير." أجبت.
"لا أصدق أنه فعل ذلك!" سمعته يقول بصوت ينضح مرارة. وبعد تفكير... سأل مستدركا: "وماذا عن كلوديا؟"
"سألته عن ذلك، فقال لي إنه وعدها بالزواج بعد أن تعلقت به وهو مشفق عليها وخائف أن يجرحها جرحا لا تحتمله."
"أي أنه يخدعها!"
"أتظن ذلك؟"
"وماذا غير ذلك؟! السافل الحقير! لن يتغيّر أبدا!" قال ممتعضا. ثم توجّه الي وقال: "إسمعي يا... لينة،" دق قلبي فجأة أمام أول مرة أسمعه يناديني باسمي الشخصي. "إياك أن تصدقي كلمة واحدة مما يقول. إنه لا يعرف الحب والإخلاص. لا يعرف شيئا سوى التسلية واللعب بمشاعر الناس. منذ كنا صغارا وهو يريد لنفسه كل شيء أمتلكه أنا. هكذا كان دائما. وهكذا امتلك رباب بعد أن أصبحت زوجتي. والآن، يريد أن يمتلكك."
مزيج من أحاسيس الدهشة والحرج عبرتني لسماع كلامه الأخير. قلت: "ولكنني... لست زوجتك ولا ملكا لك."
ابتسم ابتسامة مرتبكة وقال: "تفهمين ما أقصد. قبل أيام، هددني إن اقتربت منك... أن يجعلني أندم. والآن، يعرض عليك الزواج. إنه مستعجل. ألا ترين؟ منذ أن رآنا نلتقي بات مستعجلا. يريد أن يمتلكك بأسرع وقت. هكذا أيضا فعل مع رباب. إنهما كانا على علاقة لسنوات ولم يتزوجها. وبعد أن تزوجتها أنا... بات يريدها."
أثار كلام حسام تساؤلات جديدة في ذهني.
‘منذ أن رآنا نلتقي بات مستعجلا.‘ قال.
تذكرت ذلك اليوم الذي رآني فيه داخلة الى غرفة الجلوس بعد حديثي مع حسام على الشرفة. كان انزعاجه واضحا حين علم أنني كنت أكلم أخاه. أتعجب: أتراه شعر بالغيرة؟ ومنذ ذلك اليوم وهو يتودد اليّ ويتقرب مني أكثر من ذي قبل. لماذا؟؟
‘إنه يريد أن يمتلكك مثلما امتلك رباب.‘ قال لي حسام.
أهو حقا يحبني؟ أم يريد "امتلاكي" كما قال حسام؟ ولماذا يريدني للزواج ويتنازل عن حريته التي يقدسها؟ أهو صادق فعلا بمشاعره؟ أم أنه يتلاعب بي؟ أم يريدني فقط لأنه رأى أخاه يكلمني وربما ظن أنه مهتم بي؟!

يتبع...

























#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء رباب ماردين 19
- اختفاء رباب ماردين 18
- إختفاء رباب ماردين 17
- إختفاء رباب ماردين 16
- إختفاء رباب ماردين 15
- إختفاء رباب ماردين 14
- شركس 100%
- إختفاء رباب ماردين 13
- ضميني
- إختفاء رباب ماردين 12
- اختفاء رباب ماردين 11
- إختفاء رباب ماردين 10
- إختفاء رباب ماردين 9
- إختفاء رباب ماردين 8
- إختفاء رباب ماردين 7
- اختفاء رباب ماردين 6
- الرجل غير العادي
- إختفاء رباب ماردين 4
- اختفاء رباب ماردين 3
- شيء من دفء- قصة قصيرة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 20