حاتم خانى
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 01:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مجتمع مثل المجتمع الكوردستاني لا يمكن ان تلعب الانتخابات دورا كبيرا في تغيير المعادلة السياسية التي تتحكم بها الاحزاب الرئيسية وخاصة ان الحزبان الكبيران لازالا يسيطران على دفة الحكم التي تضع بين ايديهم وتمنحهم كل الوسائل التي تساعدهم على الفوز, وان العوامل المؤثرة على قوة هذين الحزبين وسلطتهما وتأثيرهما لا زالت هي نفس العوامل دون اختلاف يذكر على مر السنوات التي مرت على الاقليم منذ تحرره , ومع ذلك ومع هذا الواقع الثابت يصاب الحزبان بالخوف والهلع واحيانا الهيستيريا لمجرد اقتراب الانتخابات وكأنهما يدركان تماما ان هناك اهمالا وتقصيرا كبيرا يلازمهما بحق المجتمع وبحق المواطن وانهما لا يلبيان ادنى شروط الحكم التي تلتزم بها الدول الديمقراطية , وان الميكيافيلية التي نمت ومنذ تقاسم السلطة بينهما لا زالت تؤرق مضاجع اعضاء الحزبين وتشعرهم وكأن السلطة ستتبخر منهما وان عليهما اضعاف المعارضة وتوجيه الضربات اليها بين الحين والاخر , وفي الحقيقة فأن السلطة هي التي تمسك بهذين الحزبين و ليس العكس , ويظهر ذلك بشكل واضح في قراءة متأنية للحالة الاجتماعية و السياسية و الجيوبولوتيكية لواقع الاقليم .
وفي الاتجاه الاخر فان المعارضة الكوردستانية لازالت خجولة في طروحاتها
و في افكارها ولم ترق الى المسؤولية التي يبتغيها المواطن منها و انها تنظر الى السلطة الحاكمة كما كانت تركيا تنظر اليها على اساس انها عوائل و عشائر تحكم البلد وتركز كل ثقلها في الهجوم على هذه العوائل او العشائر وكأنها لم تتبين اي خلل في المسيرة الاقتصادية الناجحة التي تسير في صالح هذين الحزبين لكي تتخذها شماعة تلف حبال نقدها عليها , وانه من الصعوبة اقناع المواطن بأي خلل طالما ان النسبة العظمى من شرائح المجتمع تتمتع بمستوى اقتصادي لم تكن تحلم بها في العهود السابقة , وبالتمعن في حالة هذه الشرائح وهذه الطبقات في كوردستان وتحليلها تصبح مقولة من ننتخب وكأنها ضرب معول من حديد في اسفنجة مبتلة ترتد قطراتها على طارقها , لكون قطاعات واسعة من المواطنين تفكر في اتجاه واحد ثابت في الانتخابات السابقة والحالية وهي انها لا تحب التغيير ولا تطمح اليه , وهذه سمة من سمات الفرد الكوردي نتيجة خوفه من المستقبل ونتيجة خوفه ايضا من فقدان مكتسباته التي حصل عليها خلال هذه السنوات . ويمكن تلخيص هذه الاتجهات الثابتة بأنها :
1- الاتجاه الحزبي : وهو الذي يطغى حاليا على بقية الاتجاهات والغلبة هنا للاحزاب الحاكمة
2- الاتجاه العشائري : الذي سيصوت اما لزعيم العشيرة ( الاغا ) او لاي فرد ينتمي لتلك العشيرة , ومع ان معظم المرشحين يستخدمون لقب العشيرة في دعايتهم الا ان هذا الاتجاه اضعف بكثير عن الاتجاه الاول .
3- الاتجاه الديني : لا زالت فئة قليلة تنحو في هذا المنحى فأما انها ستصوت لرجل الدين المرشح او ان الاحزاب الدينية ستكسب صوته .
4- الاتجاه الذي لن يحضر الانتخابات ادراكا منها ان لا تغيير سيحصل وان الثوابت في الفساد الاداري والمالي ستبقى على حالها ان لم تزداد الى الاعلى . وفي الحقيقة ان حضور الانتخابات افضل من عدمه لأنه يمكن لهذه الفئة او غيرها ان تساهم في التعديل الطفيف الذي يمكن ان يجري على المعادلة السياسية فيما لو ساهمت هي الاخرى في الادلاء بصوتها , ولهذه الفئة والفئات الاخرى التي تمنح صوتها جزافا لمجرد المشاركة , لابد من توضيح بعض النقاط التي تساعد الناخب في الاقتناع بأن صوته مهم جدا في الاقتراع .
اذن من ننتخب ؟؟؟؟
معظم المرشحين ان لم يكن جميعهم لا يحملون سوى الشعارات البراقة وليست لديهم اي برامج يمكن ان تقنع الناخب , فمرشحوا الاحزاب الحاكمة الرئيسية ( البارتي واليكيتي ) لا يطمحون سوى المشاركة في الكعكة المطبوخة سلفا وليست لديهم هموم المواطن او مشاكله وان مشاركتهم هي في الاساس اقتناص المنافع الشخصية التي يمكن الحصول عليها بالوصول الى قبة البرلمان , وهذا واضح تماما من جميع الانتخابات التي مرت , وبالعودة الى تاريخ هؤلاء المرشحين والاطلاع على سجلاتهم القديمة , فستتوضح صورة اخرى غير تلك التي يبدو فيها وكأنه سيخدم المواطن , حيث ان الكثير من تلك السجلات لا تخلو من وقوف هذا المرشح او ذاك اما الوقوف ضد التطلعات القومية للشعب الكوردي والتمتع بخصال النفعية الوضعية وليست لديهم اي محددات في تأييد الحزب الحاكم ايا كان هذا الحزب , او ان سجلاتهم الشخصية لا تخلو من شائبة بحق المواطن الكوردي . والغريب في مرشحي الاحزاب الحاكمة هو ازدياد العنصر النسائي بشكل ملفت للنظر وفي مجتمع لم تعتق فيه العشائرية او اواصر الارتباط العائلي القوية .
اما مرشحوا المعارضة فهم لا يختلفون كثيرا عن سابقيهم من حيث وقوفهم في البرلمان لصالح احزابهم وعدم خروجهم عن اطار برامج هذه الاحزاب . اما القوائم المستقلة فلن تكون اوفر حظا من المواطن العادي الذي لا يصل صوته الى المسؤولين .
ولكن للوقوف ضد دكتاتوريات الاحزاب الحاكمة ولتقييد طموحات من دخل الانتخابات في سبيل المنافع الشخصية او استعادة امجاد الاغوات من مرشحي زعماء العشائر وللاستفادة القصوى من صوت الناخب وللمساهمة في ردع تنفيذ المشاريع الفاسدة ولوضع رقيب قوي على المخططات الفاشلة للحكومة فان الافضل ان تكون هناك معارضة قوية حتى لوكانت هذة المعارضة تخدم بسلوكياتها منفعة احزابها او تجمعاتها او حركاتها فأن معارضتها للحكومة وعينها الساهرة على كافة اخطاء هذه الحكومة واستغلال هذه الاخطاء لصالحها لابد ان تنصب في النهاية لصالح المواطن , وهنا لا يهم من تكون هذه المعارضة , حزبا سياسيا او حركة سياسية او تجمعا اقتصاديا او اجتماعيا , فالمهم انها تخدم المواطن بتعرية سلبيات الحكومة والاحزاب الحاكمة ولا سيما لوكانت هذه المعارضة قوية وتتمتع بشعبية اكبر مما هي عليه الان , وفي المحصلة النهائية لن يضيع صوت الناخب هباءً منثورا وقد تتحقق بعض طموحات المواطن المغلوب على امره او البيشمركة الذي ناضل وجاهد وكافح في سبيل ان تنعم الاجيال التي بعده بالراحة والامان والمعيشة الفاضلة
#حاتم_خانى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟