|
أوباما في الفخ السوري
محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 4207 - 2013 / 9 / 6 - 05:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من نافل القول أن الصراع على سوريا هو موضوعٌ قديمٌ جديدٌ .فقد ختم الرئيس الأسد الأب كتاب باتريك سيل عن : حافظ الأسد بجملة واحدة _ومازال الصراع مستمراً هل أدرك الأسد الأب بحدسه السياسي أن الموقع الجيوستراتيجي لسوريا سيجعلها على الدوام محطّ صراعٍ بين الدول الكبرى على مرّ التاريخ ؟ لكي نستطيع الحكم على مايجري في سوريا أو من أجل رِبح سوريا علينا تشكيل صورة جاهدين أن تكون الأقرب إلى واقع الحال بعيداً عن الرغبات التي تأخذ عند الكثير من المحلّلين السياسيين شكل التحليل الموضوعي الذي هو في نهاية الأمر أبعد مايكون عن الموضوعية والشواهد على ذلك كثيرة وهي لمن يريد متابعتها موجودة على صفحات الجرائد وفي مواقع التواصل الإجتماعي والمنابر الحرة وعلى شاشات التلفاز وأمواج الأثير علينا في البدء طرح السؤال الكبير والذي أراه مهماً جداً والذي هو لماذا سوريا ؟ تتمتع سوريا منذ الأزل بموقع جيوستراتيجي هام جداً إذ أنّها تقع في قلب العالم القديم وممراً يصل بين قارّاته الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا فقد كانت في الماضي نقطة وصلٍ ممتازة في طريق الحرير الشهير تاريخاً ومن يراجع التاريخ يجد أن سوريا كانت على الدوام جزءاً وربما الجزء الأهم في كل الإمبراطوريات التي قامت عبر التاريخ بدءاً من سومر في التاريخ الموغل في القدم وحتى فرنسا في العصر الحديث والتي مازالت تحلم بأن تعود إلى سابق عهدها في بسط هيمنتها على سوريا وإن بشكلٍ مختلفٍ في هذه المرّة أضف إلى ذلك الآن إكتشاف هذا الكم الإحتياطي الهائل من النفط والغاز تحت أرضها وجرفها القاري والتي باتت تشكل مع المخزون الهائل في العراق وإيران من النفط والغاز بلداً يسيل لعاب الدول الكبرى لجعلها تحت سيطرتها أو على الأقل لتكون شريكتها في هذا الغاز والنفط وعلى الرغم من كل ها نجد أن عامل الأمن الإسرائيلي يلعب دوراً كبيراً ومتميزاً في هذه المرحلة بعد الإدعاء أن سوريا تمتلك أسلحة كيميائية تجد إسرائيل أنه لابد من حرمان سوريا منه لأنه يشكل قوة ردعٍ إستراتيجية كبيرة لسوريا في الصراع معها لم أستغرب وأنا الذي قال لأحد الأصدقاء ممن يعملون في الحقل السياسية رفيع المستوى إني أرى الصين ترفع الفيتو قبل روسيا في الجلسة الأولى لمجلس الأمن حول سوريا وكانت لدي الأسباب التي تجعلني أرى ذلك أخطأ معمر القذافي كثيراً وربما كان هذا الخطأ هو ما أودى به هذا الخطأ الذي تمثل في مجاراة أمريكا ومساعدتها على مطاردة النفوذ الصيني في إفريقيا وكانت البداية في السودان ولاأعتقد في هذا المقام أن روسيا والصين قد تمّ خداعهما عندما قرّر الغرب مهاجمة ليبيا متجاوزاً الصلاحيات التي فوضه بها مجلس الأمن وإنما كانت إغماضة عين من الدولتين روسيا والصين سمحت للغرب من التخلص القذافي الذي آذى هاتين الدولتين كثيراً بتعاونه مع الغرب بشكل كامل بعيداً عنهما وهذا مالم يفعله بشار الأسد إلى الآن لماذا الصين ؟ إذا نظرنا إلى الصين من منظور إستراتيجي نرى أن مستقبلها يتحدّد في منطقتين إثنتين : الشرق الأوسط حيث مكامن الطاقة الهائلة وسوريا جزءٌ أصيل منها إفريقيا حثي ترى الصين أن إفريقيا هي سلة غذاءالعالم على المستويين المتوسط والبعيد وكذلك هذه الإفريقيا هي القارة البكر حيث لم تستثمر إلى الآن بالشكل الواسع خاماتها المعدنية بما فيها اليورانيوم وسوريا هي البوابة الرئيسية للدخول إلى العالم القديم (الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا )والأرض الأكثر من رائعة لتكون نقطة إرتكاز صناعية على المستويين المتوسط والبعيد فإذا ما أقيمت صناعات صينية على طريقة اليابان في كوريا الجنوبية فإننا سنجد سوريا توفر على الأقل مايلي : إختصار زمن وإجور النقل للمادة الخام من إفريقياإلى سوريا بدلاً من نقلها إلى الصين مما يجعلها قادرةً على المنافسة الجديّة مع صناعات الدول الأخرى وكذلك هذا التوفير في نقل المنتجات الصناعية إلى العالم القديم الذي سيشكل قريباً السوق البديل لهذه الصادرات من الصناعة الصينية عن السوق الأمريكية التي وصل دينها العام إلى مايوازي إنتاجها القومي وهذا وعلى الرغم من قوة الإقتصاد الأمريكي يجعل الإقتصاديين يقرون بالقول المؤلم أن أمريكا دولة مفلسة من الناحية الإقتصادية وأصبحت تقترض سنوياً مبلغاً بحدود المئتي مليار دولار سنوياً من الصين لتمويل مشترياتها من الصين مما يشكل عبئاً على كاهل الإقتصاد الصيني فلو أعلنت أمريكا نفسها دولة تعجز عن خدمة الدين الصيني لوقت الكارثة الكبرى على الإقتصاد الصيني وعلى الرغم من طباعة أمريكا للدولار من دون تغطية ذهبية أو إقتصادية والذي يتيح لها التمتع بخيرات العالم من خلال بيع هذا العالم ورقاً لايساوي قيمة الورق الذي إستخدم في إصداره إذاً للصين مصلحة عميقمة في دولة لها أهميتها الإستراتيجية كسوريا أما من حيث أهمية سوريا لروسيا فالكل يعرف القصة ولاداعي لإعادة سردها مما يلفت وقد مرّ مرور الكرام هو أن مجموعة دول البريكس وفي خلال إجتماعها الدوري هذا العام في جنوب إفريقيا إتخذت قرارين خطيرين على مستقبل الدولار الأمريكي هما : السماح بالتبادل التجاري البيني فيما بين هذه الدول بالعملة المحلية كعملة مدفوعة ثمناً للمنتجات التي يتم تبادلهافيما بينها بدلاً من الدولار إنشاء مصرف على شاكلة صندوق النقد الدولي يلبي حاجيات هذه الدول من القروض وبالعملات المحلية عوضاً عن الدولار هذا القراران يشكلان على المستوى البعيد تحدياً خطيراً للدولار ماإن يُطاح به حتى تتم الإطاحة بأمريكا ذاتها أمريكا لاشك تدرك خطورة تفكير دول البريكس ولذلك هي ترى أن مسألة بقائها على رأس العالم هي مسألة حياة أو موت فكيف ستبقى ومنطقة النفط الأغنى في العالم تكاد تفلت من بين أصابعها (سوريا العراق إيران ومنطقة بحر قزوين ) والعقدة الأهم لاشك هي سوريا في ذلك كله كونها الممر الذي لابد منه لغاز قطر وبحر قوزين عبر الأنابيب وإلا فبالناقلات لغاز قطر المكلفة كثيراً مما سيجعله غير منافسٍ بسعره لغاز روسيا وسوريا وإيران وبحر قزوين وأخيرا يطرح السؤال الأهم نفسه بقوة هل قررت روسيا والصين إخراج أمريكا من منطقة الشرق الأوسط مرةً واحدةً وللأبد إما خلال إذلالها بعدم السماح لها بتوجيه ضربة إلى سوريا أو من توريطها في حرب ترى فيها إسرائيل فائدةً كبرى لها من خلال حلمها تجريد سوريا من سلاحها الكيميائي ؟ أعتقد أن أوباما وقع في الفخ السوري وعليه البحث عن حل لأن الحرب على سوريا تأكدت أمريكا أنها ليست نزهة على الطريقة الأفغانية أو العراقية أو الليبية خاصةً أنها ستشكل خطراً هائلاً على وجود إسرائيل ذاتها آمل أنه يجد مخرجاً سريعاً
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاوض أم حوار
-
لماذا سورية ؟
-
المسألة السورية
-
عبثية السؤال والفرض الخاطىء
-
المسلمون والمعرفة العلمية
-
كلاب بافلوف
-
العلاقة الجدلية بين الفكر والمادة
-
أنا مدين للحوار المتمدن بالشكر
-
بالعقل عُرف الله أم بالعقل إنتفى؟
-
لغة الرياضيات ولغة السياسة
-
أمام الله وجهاً لوجه
-
هل علينا تفسير العالم أم فهمه والعمل على تغيير؟
-
همسة لأجل المرأة في عيد الأم
-
الإيمان ب(الله) :حقيقة موضوعية أم وهم ضروري؟ إهداء إلى الكات
...
-
المعرفة واليأس
-
هل تبوح لنا الطبيعة بسرها؟
-
الوجود صوت وصورة وعلاقات تعبر عن مضامينهما
-
شكراً عدنان عرور شكراً برهان غليون
-
لذة وألم أم رياضيات وفيزياء ؟
-
إنه عالم اللذة المتجددة
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|