غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4205 - 2013 / 9 / 4 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حــرب الإشــاعــات.. والــعــد الـتراجـعـي
حرب الإشاعات, جزء من لعبة نتف الزهرة التي تحدثت عنها بمقالي المنشور البارحة بالحوار المتمدن :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=376284
ورقة من هذه الزهرة المنتوفة تقول : أمريكا سوف توجه ضربة قاسمة لزعزعة بشار الأسد.. تتبعها أخرى تقول أنها تتريث بالضرب, بانتظار مشاورة الكونغرس الأمريكي, ذي الأكثرية الجمهورية, والتي غالبيتها تشجع الضربات القاتلة القاسمة. ونصرة المقاتلين الإسلامويين والسعوديين وغيرهم...
إشاعات.. إشاعات... ومن إشاعات نتف الزهرة.. أنه في حال ضربة أمريكية ضد سوريا... روسيا سوف تكتفي بالاعتراض.. وبالاعتراض فقط... دون الدخول بأية حركة ردة فعل حربجية مباشرة... وقد تكتفي برد ديبلوماسي أممي.. أو قد لا تكتفي؟؟؟... بالإضافة أن المعارضين السوريين المحترفين المتاجرين المحاصرين في الفنادق القطرية والاسطنبولية, لديهم القناعة والوعود الأمريكية ــ الإسرائيلية ــ الفرنسيـة ــ العربانية .. بأن هناك ضربة قوية قاصمة, يرافقها تدخل على الأرض من قوات تركية ــ عربية وتشكيلات مختلفة, سوف تصل حتى القصر الجمهوري بدمشق, لتقلب النظام, أو لتعتقل الرئيس بشار الأسد.. وتغتاله حتما.. حسب السيناريوهات التي تحلم بها هذه المعارضات.. إذ أنها قد اقتسمت الكراسي والمناصب الموعودة... ولكنني لم أسمع أحدا من هؤلاء السياسيين (الشرفاء) الذين واكبوا سنينا السلطة السورية الحالية, وانتفخوا من مؤسساتها وشاركوا بكل قواعدها ونسيج فسادها, ونهبوا ما نهبوا, وانتفخوا حتى الاختناق من كل ثروات الفساد.. ولما تحركت الرياح العاصفة ضد الباخرة... غادروها واعلنوا انشقاقهم, هاربين مع ثرواتهم طبعا... وصاروا زعماء معارضة...لم أسمع منهم أي اعتراض على تهديدات اجتياح بلدهم من غرباء.. وترويع أهلهم.. وزيادة النكبات والخراب على نكباتهم... لهذا السبب إني اعتبرهم شــركاء في النكبة السورية, وكل ما أصابها من نكبات ومـــآس إنسانية, من خمسين سنة, حتى هذه اللحظة المريرة الحزينة.. حيث يـتـعـنـتـر ضد ســوريا وشعبها الصامد الطيب, كل مغامري الأرض المغامرين المتاجرين, وكل من يحمل لحية مغبرة.. يريد أن يصبح فيها أميرا.. أو قائمقام!!!...
إشــاعــات.. إشـاعات.. أمسحها ولا أصدقها.. لأنني عندما أتحدث, عبر سكايب أو الهاتف المحمول أو العديد من الوسائل الاتصالية الأخرى, مع أصدقائي من الشباب أو الأهل في دمشق أو حلب أو حمص أو دير الزور أو اللاذقية.. لا أرى هؤلاء الشباب ينتظرون الدعم أو قوة المقاومة والصمود ضد الاعتداء والتهديدات الأمريكية أو الإسرائيلية أو العربية أو التركية أو الفرنسية وغيرها وغيرها.. لا أراهم ينتظرون الدعم من السماء ولا من الأخوة أو أبناء العم, أو من روسيا.. أو من أي من أحرار العالم الذين ينادون لا للحرب ضد ســوريــا. ولكنهم يعرفون أنهم رغم عدم تعادل القوى ضد قوى الغزو والاعتداء والضربات الكبيرة أو المحدودة.. قــوتــهــم تكمن بقوة الصمود والولاء والدفاع عن وطنهم وأرضهم.. وكرامتهم.. رافضين كليا أن يصبحوا عبيدا أو لاجئين...وأنهم بعد اليوم لن يسمحوا لهذه القوى المهددة المخربة الغازية, الكامنة على أرضهم, والأخرى الآتية من البحر والجو والأرض والجوار.. أن تدخل و تستقر دون دفاع.. مهما كان الثمن.. وأن المعايير قد تغيرت... حتى ممن كانوا منذ سنين مريرة طويلة, غير موافقين مع هذا النظام.. وحاربوه فكريا وسياسيا, وحتى من مكثوا سنينا في السجون. لن يقبلوا غزو الإسلاميين لهم.. لا هم ولا عرابيهم من العربان والعثمانيين.. وغيرهم من الأمريكان أو الأوروبيين... وكل الإشـــاعــات سوف تغيب وتصمت, عندما تصل الحرب الحقيقية على أرض الواقع.. كما يردد الشباب السوري على ألأرض السورية.. رغم كل ما عانوه خلال سنتين ونصف السنة من نكبات وموت وتهجير قسري.. وإشاعات وتهويلات وفظائع لم يعرفها هذا البلد الحضاري العظيم من قرون طويلة حتى هذا اليوم... وخـاصة بعدما رأوا ولمسوا أهوال هؤلاء المحاربين الذين هددوا حياتهم وخربوا قواعد بلدهم, ولم يحملوا معهم سوى الخراب والموت والتصحر والتأخر... ولا شيء من علامات أية حضارة أو حرية أو ديمقراطية مأمولة... سوى خراب يتبعه خراب... وموت يــجــذب الموات.. وموات كل علامات الحياة...
أظن أن الزهرة قد نتفت كل ورقاتها من بداية هذا الأسبوع... وأن الإشاعات صارت تختلط أو تكذب بعض الآمال.. وأن المفاوضات والمناقشات تدور حتما في جميع الأروقات عن المكاسب والخسائر.. ولكن على الأرض لن يتبقى سوى الخسائر...وسوريا سوف تبقى... وســـوريـا سوف تــحــيــا...
الـــعـــد التراجعي أعتقد أنه بدأ وانتهى.. إنــهــا بداية أول نهاية...ونهايات ضعبة أخرى ســوف تتبع.. أو تتراجع هذه الإشاعات, بحرب قاصمة ضد سوريا ودولتها وجيشها... أو تتوقف هذه الحرب التي تشنها كل هذه الجحافل القاعدية والجبهتنصروية وما يسمى الجيش الحر...وتبدأ حرب هذه القوى بين بعضها البعض.. لتقاسم المكاسب والخسائر.. أو تبدأ الصواريخ الآتية من السفن الحربية الأمريكية التي تقترب من الشواطئ السورية, وتقصف عشوائيا المدن السورية والعاصمة دمشق, فاتحة المجال للقوات المشتركة من كوماندوس تركي ــ أمريكي ــ فرنسي ــ عربي وغيرهم عبر الحدود التركية.. أو من جهات أخرى مشتركة. بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المحاربين الإسلامويين والشيشان وغيرهم, والتي تحمل مهمة عرقلة قوات الأمن والدفاع السورية.. وشــن ضربات ضدها. بالإضافة إلى مشاركة الطيران الإسرائيلي ــ الأمـريـكـي بهجمات تدميرية مرعبة شـاملة عشوائية, لدس الرعب والهرب والفوضى...
ولكن المقاومة التي آمل أنها تتحضر وتتنظم.. بالإضافة إلى دقة المدفعية والصواريخ المضادة لهجمات البوارج والطيران, تستطيع نسبيا من تخفيف حدة وشراسة الهجمات... كما آمــل أن يقوم الدفاع المدني والخدمات الطبية والإسـعافية.. بكامل مهماتهم لحماية المواطنين, من كل هذه التعديات الشرسة على البلد, مخففة من آثار مصائبها.
حتى كتابتي بدأت تتأثر هذا الصباح من الشائعات, كأنها أصبحت حقيقة فعلية واقعية...
لذلك آمـل.. آمل لبلد مولدي الذي مزقته سنتان ونصف السنة من حرب غاشمة اعتدائية ضده.. أن يسلم مع شــعــب ســوريـا من الأذى والخراب... آمـل أن يعود العقل والفكر والحكمة, لحكام الدول المعتدية. وأن يسمعوا صوت شعوبهم التي أعطت أكثرية وغالبية أصواتها ضـد الحرب على ســـوريـا.. هذا البلد الذي قدم عبر تاريخ الإنسانية أقدم الحضارات وأولى الأبجديات... ومن الــعــار على الأمم أن تتركه يموت ويتفجر.. في سبيل مطامع وديكتات غاشم استعماري........
الـــعـــد التراجعي.. يدور... ســائر... آمل أن يتوقف.......
وأن تــحــيــا ســوريـا... وأن يــحــيــا شـعـبـهـا..........
بـــالانــــتــــظــــار.......
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟