أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نذير الماجد - التانغو الاخير لعاشق يكره الأسماء














المزيد.....

التانغو الاخير لعاشق يكره الأسماء


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 4205 - 2013 / 9 / 4 - 09:50
المحور: الادب والفن
    


من مشهده الذي اختزل القصة بعبثها وجنونها اكتملت رقصة "التانغو".. التانغو طقس.. هو يوحي بالسأم والضجر، شأن كل فن نبيل..

لم يتبق سوى رقص وكثير من ماء النسيان.. أخذ بطلنا أمام لجنة التحكيم بين أجساد النبلاء التي يسري في عروقها الدم الماسي والتي تتحرك على وقع رقصة التانغو، أخذ يرقص على وقع آخر من زمن ليس من هذا العالم.. وتحت تأثير عصير عنب محضر من الجنة أعاد صياغة موسيقى الجسد..

رقصة التانغو الأخيرة في مسلسل اليأس الذي بدأ بصرخة اللعنة وانتهى بغضب لجنة التحكيم.. اللجنة التي استشاطت غضبا من بهيمي صعلوك لوث حفلة الكبار.. إنها التانغو الأخير في باريس، المدينة التي تئن من غزو الفئران " الفئران أكثر من الناس في باريس" كما يقول البطل.. التانغو الأخير بعد جولات الحب التي تبدأ بعنف سادي وتنتهي بفأر ميت... والكل لا يعرف الكل.. إذ ما من شيء إلا وهو سائل.. هيولى.. متغير.. متحرك، ما عدا الموت..

البطل "بول" أرمل.. وجدت زوجته "روزا" في غرفة من غرف الفندق الذي بات فيه بدل الليلة خمس سنوات، وجدت مقتولة ودمها يلطخ الجدران والماء وكل شيء.. بدت الغرفة سابحة بالدم.. ذاك أن الموت في عالم بدأ باللعنة وانتهى برصاصة قاتلة هو الثابت الوحيد.. هو الحقيقي الصامد في وجه التقلبات والحركة المجنونة.. هو اللغة التي يفهمها جميع البشر.. جميع العاشقين.. وحده الموت يستدر الدموع ويمنح الحياة معناها وحقيقتها العبثية..

"التانغو الأخير في باريس" كئيب حد استحالة الحب إلى شقاء وردي.. شقاء كاذب وزائل هو الآخر.. الحب، العشق، الشهوة.. طبيعتنا البدائية.. هو التوحش الوحيد الذي يشهد على انسانيتنا الهشة.. انساننا بتعاسته المتأصلة ووحشه الكامن دائما...
أما البطل "باول" في فيلم "التانغو الأخير في باريس" فليس سوى وحش مائي انسكب في قالب رجل.. إنسان يعرف أن اللغة والأسماء والحب والحياة طقوس ينبغي أن تصاغ من جديد.. " إنني أكره الأسماء... لا أسماء في غرفتنا"... الغرفة التي شهدت لقاءه بصاحبته الحسناء دون تعارف.. دون اتصال.. حتى الجنس، هو مآل عنفي، أو هو كذلك، أو ينبغي أن يكون..

السادية ليست خيارا وإنما قيمة تسترد ما ضاع من بدائيتنا.. ما تبعثر من نقائنا الأول.. باول منذ البدء يصيح: اللعنة.. وهي البداية التي اختاراها المخرج لكي تصدم.. لكي توحي بالصدمة.. والسأم المتفجر منذ بودلير ورامبو وحتى الحركة الطلابية في 1968م.. في البدء كان العنف، الوحشة، انعدام البركة.. بول يصيح باللعنة قبل لقاءه السادي بفتاته الحسناء.. وهي الفتاة التي تتحرك على مدار الفيلم بازدواجية الشخصية.. لها شخصيتان: الأولى عشيقة في فيلم سينمائي لمخرج أحبها فأراد أن يتزوجها، والأخرى صديقة عابرة لشخصية البطل بول، فتاة تلعب دور المازوشية التي تهرب في الأخير من عذابها اللذيذ بعد آخر رقصة تانغو بقتل عشيقها البطل الذي لم ولن تعرفه.. وبعد أن خاضت معه معارك الجنس الموغل في ساديته..الجنس وسيلة لبقاء النوع وهو في الآن نفسه وسيلة ناجعة لتهشيم غشاء التصنع الإنسانوي..

الجنس بوصفه علاقة ينبغي أن يستفرغ من كل تواصل بشري.. ينبغي أن يوغل في بدائيته الكامنة...التانغو الأخير تفجير لهذه البدائية.. تفجير للتوحش الكامن في كل واحد فينا... وهو بالمثل إدانة للحضارة المتكئة على قمع وتزييف ومرض انساني مزمن.. وهو أخيرا عودة للأشياء في سديمها الأول.. عودة أو دعوة لأشياء تكره الأسماء.. تكره الثبات والقولبة.. إنها التانغو الأخير في بارييس، من إخراج بيرناردو بيرتولسي..



#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة.. حين تفكر بالجسد
- يوتوبيا البلاهة !
- التنوير في مدينة العمى
- الملائكة التي تشتهي ولا تجد
- دون كيخوته السلفي
- بومة منيرفا
- سبر العالم عبر الأسطورة
- الطير هو الطير
- فايدروس
- هكذا رقص زوربا
- رحيل أركون وبقاء الأركونية
- عبثية أن تكون حيا
- لا تبن لك بيتا
- البغدادي يلقي الضوء ويرحل
- سعودة الحداثة !
- المشروع التغييري والمسكوت عنه: الشيخ الصفار أنموذجا
- حين يكون -جان كالاس- سعوديا !
- التصوف كخطاب تنويري
- التشيع والشيرازي وفلسفة التاريخ *
- عندما يتحول التاريخ إلى دين -3-3-


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نذير الماجد - التانغو الاخير لعاشق يكره الأسماء