سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 08:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
* لماذا نحن متخلفون (20) .
لماذا نحن متخلفون ؟..نحن متخلفون لأن كل إبداعات التخلف وجدت سبيلها فى تربة خصبة تنتج التخلف لتمنح ظروف مثالية قلما تتوافر لشعوب أخرى من خلال إطلالات ثقافة متحجرة تمدها بكل إمكانيات النماء ,ومن هنا نخوض فى هذه السلسلة"لماذا نحن متخلفون " لنكتشف ينابيع تخلفنا التى أتصور أنها مازالت تحمل الكثير لتقدمه من مصادر التخلف.!
هل نتصور إنسان مسحوق مهدور الكرامة قادر أن يخرج من تخلفه ليبنى إنسانية وتطور وحضارة أم سيكون مهموماً بلملمة كرامته المُهدرة هذا إذا كان واعياً بمدى إنتهاك كرامته وإنسانيته لتزداد المآساة عندما نرى أنه لا يدرك مدى إنغماسه فى مستنقع الذل والمهانة ,وترتفع أسقف المصائب والفواجع عندما تجد من يتباهى بحالة الإذلال والمهانة ليعتبرها عزة وشرف وكرامة جدير أن يتباهى بها , فمن هنا يكون قد وصل لحالة من الهوان لا يُجدى الجدل حينها فقد سقط للدرج الأسفل من التخلف ولا سبيل للنجاة سوى تجهيز القبور .
المرأة هى كل المجتمع لتشكل نصفه حضوراً وتشكل النصف الآخر تأثيراً فهى الأم والزوجة والإبنه التى ستربى وترضع أجيال من ثدييها وقريحة فكرها ووعيها وسلوكها ,فبأى وعى تُرضع ؟!!
ماذا عن المرأة العربية و مكانها فى خريطة الوعى والحرية والكرامة فهل هى متواجدة أصلاً أم تم محوها من خريطة الحياة . المرأة العربية موؤدة فهى تعيش بيننا ولكن تم دفن كرامتها وإنسانيتها ليأتى سؤالنا : هل يمكن للموؤدة أن تكسر دوائر التخلف أم ستشيد بروج ومروج للتخلف.
تتغلغل فى جينات المرأة الثقافية كل ما يمكن أن تتحمله تلك الجينات من ترسبات إهدار الكرامة والإحساس بالدونية ,فالثقافة العربية الإسلامية تصدر لها زخم كبير من مفردات العبودية والإذلال والإحتقار لتجد سبيلها فيها فماذا يكون موقفها سوى الإذعان لتلك الثقافة المقدسة العاتية لتفقد المرأة الإحساس بكرامتها وإنسانيتها وحقها كإنسانة فى الحرية والكرامة .
قبل أن نخوض فى عرض زخم التراث الإسلامى الذى يتسلل إلى آذان المرأة والرجل منذ نعومة الأظافر ليشكل وعى وثقافة ومنهج حياة يؤسس بجدية لمجتمع التخلف تَجدر الإشارة إلى أن الأديان والمعتقدات المختلفة نالت من المرأة ككيان وإن تفاوتت بالفعل فى حجم الإنتهاك والمهانة فمنذ أن خرج الرجل من عصر المشاعة وعرف معنى التملك والمنافسة وأدرك طريق الإستحواذ والهيمنة كانت المرأة ضمن ما أستحوذ عليه كقوة منتجة فى الحياة ، فصارت منذ ذلك الحين ، ربة المنزل والعاملة فى الحقل وعنصر المتعة الجنسية ومنتجة الأبناء لتتأسس الأديان والمعتقدات كإعلان للإنتصار النهائى لعصر السيادة الذكورية وتعضيد أركانها.. وبالتالي فليس موقف الإسلام بالمستهجن والغريب لو نظرنا إليه فى سياق عصره ليكون إعتناءنا بنقد الفكر والثقافة الإسلامية من منطلقين الأول هو همنا بحالنا فهى قضية حياتنا التى تشغلنا وتعنينا , فلن نعتنى بحال المرأة الهندوسية أو البوذية وما يعتريها من إمتهان أو كرامة فحرىّ بنا أن ننكب على مصائبنا وبلاوينا , أما المنطلق الثانى أن النقد لا يأتى من صالونات فلن يعنينا نقد نظرية وفكر لا يوجد له أثر على أرض الواقع كمثال المرأة فى المسيحية التى لا تسير على هدى التراث المسيحى ,, ففى الكتاب المقدس مثلاً حرص شديد أن تغطى المرأة رأسها أثناء الصلاة وتمتنع عن إطلاق صوتها داخل الكنيسة ورغماً عن ذلك فلا يوجد إلتزام من جانب المرأة والرجل بالتعاطى مع هذا الطقس بهذه الصرامة بالرغم أننا أمام طقس وليس عُرف .
الحالة الإسلامية تختلف فكل مفرداتها الثقافية مازالت حاضرة بقوة فى واقعنا ويتم تفعيلها وتنشيطها دائماً لتجد سبيلها للوعى والإدراك فلا تقف عند كونها تراث لعصر قديم بل تسقط على الواقع بكل حمولتها لترسم ملامحه وتصهر الجميع فى بوتقته لنحظى على حالة تخلف تتمثل فى إمتهان وإهدار كرامة المرأة وسحقها .
لا نستطيع أن نقول أن سحق المرأة يسير بوتيرة ونسق واحد فى كافة المجتمعات الإسلامية فهناك تباينات بالفعل مابين الإغراق والتخفيف ولكن نستطيع أن نؤكد أن هناك روح إنكسار وإنسحاق كامنة فى المرأة فالتراث يمكن أن لا يكون فاعلاً بضراوة ولكن يبقى نهجه فى النفوس مُؤسساً للإمتهان .
دعونا نعرض بعض زخم ثقافتنا المُشبعة حتى النخاع بكم هائل من الإنتهاكات لكرامة المرأة ولنسأل بعدها. هل بعد كل هذا الإنتهاك يمكن أن نأمل أو نتصور تبدل الأحوال و توسم أمل نشوء مجتمع حر إنسانى يتخلص من أدران تخلفه .
- " وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ".
قد يكون الوعظ والهجر فى المضاجع أسلوب و رد فعل طبيعى تجاه حالة نشوز إمرأة أى إمتناعها عن معاشرة الزوج فى الفراش وعدم طاعته ولكن ما معنى الضرب سوى أنه يمثل قمة المهانة والإهدار البشع لكرامة المرأة ولأسأل سؤالا جانبياً كيف تتحقق فعل معاشرة بعد الضرب والإذلال . !!
نحن أمام عملية ضرب وليس مداعبة ليُفسر ابن كثير الضرب بقوله " الذى لم يَكسر فيها عضوا ولا يؤثر فيها شيئا"، وعند الآلوسي الضرب غير المبرح هو الذي "لا يقطع لحما ولا يكسر عظما"، ليجمع المفسّرون والفقهاء على جواز الضرب .. فماذا نقول عن هذا الذى لا يجد بأساً من الضرب طالما لا يُكسر عظماً وينزع لحماً !! ,فهل وصلت الأمور إلى هذا الحد من المهانة ,,وحتى لو تصورنا أن الأمور لن تصل لتقطيع اللحم وتكسير العظم بالرغم أن الآية لم تحدد مستويات الضرب , فألا نفطن لمعنى الإنتهاك من فعل الضرب ذاته أم هذا الأمر لا يحرك ساكناً فى نفوس بليدة قاسية لا تدرك معنى إهدار الكرامة .
دعونا ننظر فى المقابل لموقف الإسلام من نشوز الرجل الذى يعنى هجرانه لفراش الزوجية لنجد الأمور متميزة فى برجها العاجى ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا والصلح خير)النساء-أى أن المرأة إذا خافت نشوز الرجل فعليها بالسعي إلى الصلح والتنازل إلى الحد الذي يرضي الزوج عنها فالصلح خير فلا عظة ولا هجر في مضاجع ولا ضرب ولا هم يحزنون.!
قداسة الزوج ورغباته الجنسية قضية لا يعلو عليها أى قضية فى التراث الإسلامى ليخيل لك أن المرأة مخلوق لغرض الإستمتاع والإمتهان وفى المقابل لا تجد أى إلتزام من الرجل لحاجات المرأة , فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : (إذا دعا الرجل إمراته فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح ) وعند مسلم ( ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها )
لن نعتنى بأن التراث الإسلامى سخر الأسطورة لخدمة وتمجيد حاجات الرجل ,فالملائكة المُفترض أنها نورانية وذات شأن عظيم لا عمل لها سوى أن تسب وتلعن المرأة التى أبت دعوة زوجها للفراش لتمارس عملية اللعن بحرقة وحرارة حتى الصباح!!.. حسنا ولكن ماذا عن الرجل الذى يأبى دعوة إمرأته للفراش ((للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ))البقرة2
يؤلون: (يحلفون بعدم ممارسة الجنس مع نسائهم) - فاءوا : ( رجعوا ومارسوا)
هنا نجد أن من حق الرجل هجر زوجته لمدة أربعة أشهر وفى حال رجوع الرجال إلى نسائهم فالله غفور رحيم أما إذا أراد الرجال الطلاق فالله سميع عليم , وهنا لن نجد ملائكة السماء تلعن و تسخط على إمتناع الرجل فهى مُبرمجة على المرأة فقط .!
- نعم للإحترام ولا للعبودية .
الفكر الإسلامى يسير بمتلازمتين الأولى أن الرجل إله متوج بهيمنته وسيادته ورغباته ليرافق هذا إنسحاق للمرأة فلا يكتفى بالطاعة فهو يطلب العبودية والإنسحاق ومحو الكرامة كمتلازمة مع سيادته ... جاء في سنن الترمذي وابن ماجة ومسند احمد عن عمرو بن الاحوص قال: حدثني أبي انه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عندكم عوان « قال الترمذي حديث حسن صحيح ومعنى عوان عندكم أى أسرى في أيديكم.
وذكر آهل اللغة في تفسير (العوان )قولهم العوان هو الأسير وهو كل من "ذل" و "استكان" و "خضع " - إذن الوصية بالخير للنساء كونهن فى منزلة الأسرى. !
عن أم المؤمنين عائشة :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النكاح رق فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقها, فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته" -كتاب المبسوط للإمام أبو بكر محمد بن آبي سهل السرخسي.
المرأة في هاذين الحديثين أسيرةٌ الرجل لا شريكته وعملية النكاح هي عملية استعباد واسترقاق لا مشاركة في تكوين أسرة ويؤكد هذه الرؤية البيهقي فى حديث آخر بقوله : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النكاح رق, فلينظر أحدكم أين يضع كريمته" .!
لا تكتفى الأمور بهذه الرؤية البشعة للنكاح فالتمرغ فى الإذلال والخنوع وارد دوماً فقد جاء بمسند الإمام احمد عن انس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها, والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه "! - وتتماهى المشاهد فى تقديم الذل والإمتهان ففى حديث معاذ بن جبل عندما بعثه الرسول إلى اليمن جاءته امرأة ومعها أولادها فسألته قائلة: لقد تركت أبا هؤلاء الأولاد في البيت فما هو حقه علي؟ فقال معاذ: والذي نفس معاذ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت إليه فوجدت الجذام ( وهو مرض تتساقط منه الأطراف) قد خرق لحمه وخرق منخريه (أي انفه) فوجدت منخريه يسيلان قيحاً ودماً ثم ألقمتيهما فاك, لتمصي ما به من قيح وصديد, ما بلغت حقه عليك. !
يصورون هذا الإمتهان بأنه شئ رائع فهو يعطى معنى الوفاء للزوج لو كان مريضاً ولكن الوفاء والحب لا يعنى مص ولعق القروح !! ..ورغماً عن ذلك فإن أداء هذا الفعل لم يفي حق الرجل فى النهاية !!- ولكننا نسأل هل يوجد حديث واحد يَذكر فيه رعاية الرجل لإمرأته المريضة ليلعق قروحها أم أن الشرع يُصرح له حينها بالزواج بل لا يرهقه ويورطه بإستحضار طبيب لها .!!
مشهد آخر من فرط رغبته فى تصدير مشهد الرجل السيادي السادي يصل إلى حالة من الشطط ليجعل عبادة الله لا تتحقق إلا بعبادة الرجل ليشترك الرجل مع الله فى الربوبية فيقول محمد : "والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها " و جاء في سنن ابن ماجة : "لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها " وفي مسند أحمد "من عظم حقه عليها" .
لقد أصبح حق الرب فى العبادة مرهوناً بحق زوجها وعليك أن تقتنع بهكذا منطق ,فالله صاحب الخلق والوجود والعبادة يرهن حقه فى العبادة بأداء حق الزوج .. هل لنا أن نسأل عن وجود أى إشارة عابرة تعتنى بأن الرجل لا تُقبل عبادته لو لم يفى المرأة حقها .. يبدو اننا واهمين فالتراث لا يصدر إلا المهانة والإنتقاص للمرأة وكل المجد للرجل .
تأكيداً لهذا النهج نجد حديث صحيح بسنن بن ماجة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإخوان متصارعان ".. تخيلوا كيف أن صلاة الزوجة وقيامها بالفريضة التي هي عمود الإيمان فى الإسلام وعلاقتها مع خالقها ليست بذات قيمة ويتم نسفها في حال سخط زوجها عليها والسخط هنا ليس لأنها تعصى الله بل لأنه الباشا الرجل ساخط على سلوك أو موقف معين لتوقف فعل الصلاة , ولنا أن نسأل أيضا هل هناك أى إشارة عابرة عن إيقاف صلاة الرجل لسخط المرأة وغضبها من سلوكه .!
حسنا فلندخل معترك آخر أكثر صفعاً على الوجوه وما أكثر زخم التراث ..
- لا يقتل رجل بامرأة:
" يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى "-البقرة178:2
تمييز واضح بين الحر والعبد , والحر والأنثى فلا يقتل حر بعبد أو حر بالأنثى !!.. لحسن حظوظنا أننا إستعرنا قوانين وضعية غربية لبلادنا , فالرجل يُقتل لو قتل إمرأة ,ولكن ما يعنينى هو المعنى والمغزى الذى تسرب فى مفهوم الرجال والنساء عندما يمرون على هكذا نص فهل نتصور أننا أمام عدالة وكرامة تؤسس معنى ,أم لا داعى لهذا السؤال الحرج .!
- " النساء ناقصات عقل ودين ".
سأترك قصة ناقصات دين وتلك الحجة الباهتة أن الدورة الشهرية تعوقها عن أداء الصلاة ولتستغرب هل هذا الأمر بيدها أم من خالقها فهو الذى خلقها هكذا وهو من شرع عدم الصلاة أيضاً ! - فلنخوض أفضل في ناقصات عقل فلا نجد أى دلالة أو رأى علمى يقول أن المرأة ناقصة عقل بل على العكس نجد نسوة على مستوى عالى من الذكاء والمهارة , فالعقل والمعرفة لا يرتبط بنوعية الأعضاء التناسلية ورغماً عن ذلك تشيع مقولة ناقصات عقل بين عامة المسلمين مما يترتب عليه الإستهانة بالمرأة وإحتقارها والتقليل من شأنها لتبقى فى إطار واحد لا تخرج عنه وهو الإعتلاء وتقديم المتعة والأبناء ليزداد هوانها ويتسرب فى داخلها العجز والدونية ويزداد فى المقابل صلف الرجل وغروره .
-المرأة عورة .!
عن عبد الله بن مسعود -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من وجه ربها في قعر بيتها" صحيح أخرجه الترمذي، وابن خزيمة وابن حبان - ويقول الغزالي نقلا عن النبى : إنّ للمرأة عشر عورات فإذا تزوجت ستر الزوج واحدة، وإذا ماتت ستر القبر تسع عورات!.
هل يحق لنا أن نسأل عن حال أى إمرأة مسلمة منذ محمد وحتى اليوم تجاوز وعيها أنها "عورة" أم ستهمل وتتناسى ذلك فى أفضل الأحوال ولكن سيظل عالقاً فى أعماقها مهما إرتقت وعياً بأنها عورة لتنتظر من يطرق الباب أملاً في إخفاء عورة من عوراتها، ثم تنتظر حتفها كي يخفي القبر ما تبقى لها من عورات.. هل يمكن تصور مجتمع ينظر فيه الرجل للمرأة والمرأة لذاتها كونها عورة لنتوسم مجتمع إنسانى محترم.. نحن شعوب من خوفها وجبنها لا تستطيع أن تستنكر بصوت عال لتقول لماذا المرأة عورة بل من هوانها تبتلع هذه المسبة والهوان لتخزتنها .. لا تنتظروا من نفوس وعقول مهترئة مهدورة أن تصنع حضارة.
- المرأة نصف الرجل أو أقل .
(استشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ,إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) البقرة282:2 -فى الشرع الإسلامى شهادة الرجل تساوى شهادة إمرأتين ولك أن تعلم أننا لو إفترضنا أن كل الشهود من النساء فقط فلا يعتد بشهادتهن حتى ولو مائة إمرأة فطالما لا يوجد رجل فى الشهادة فلا معنى لشهادة جمع من النساء ,,هل يرى أى عاقل أن المرأة غير جديرة أن يعتد بشهادتها أم أن الكثير منهن تمتلكن وعيا وذكاءاً أكثر من الرجال ,ولكنها المهانة وإهدار الكرامة التى تجد لها سبيلاً ووعياً فى مجتماعاتنا ,
- قول الرسول (( ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )) و جاء في الإحياء أن النبي قال (لا يفلح قوم تملكهم امرأة)
صفعة أخرى لكرامة المرأة ,لا يمكن تصنيف هذا الحديث سوى بالعنصرية فلا يوجد أى مشهد حياتى يثبته فنحن نرى نساء على درجة عالية من العلم والمعرفة والثقافة والقدرة على الإدارة والقيادة فى كل شبر من أرجاء العالم ولا يقتصر هذا على عصرنا بل فى الأزمنة القديمة .
ليس إعتنائى بإبراز عنصرية الرؤية فبالفعل قد لا نرى فى بعض البلاد الإسلامية هذا التعسف الشديد المُتمثل فى الحيلولة دون ولاية المرأة ولكن لسقوف أيضا ,ولكن ما يعنينا ماذا تمثل هذه الصفعة على وجه كرامة المرأة عندما يتطرق لمسامعها سخرية النبى وإمتهانه لقوم ولوا أمرهم لإمرأة , لتتشكل ترسبات فى نفسية إمرأة أعياها الإضطهاد والمهانة وليزداد صلافة الرجل وعجرفته .
-" الشؤم في المرأة والدار والفرس"
أريد أن أسأل ماذا يفعل مثل هذا الحديث فى نفسية المرأة عندما تسمعه أو تقرأه من كتب التراث بغض النظر أنها قد لا تجده يُردد على لسان أبيها أو زوجها فهل نتصور أن لا يرسب فى النفس ترسبات مرارة تدمر وتشوه .
- المرأة والغائط .!
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ...ولا جنبا(بعد الجماع) إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط(البراز)أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا(بالتراب) بوجوهكم ) -النساء43:4 -" إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء ...ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج(المائدة6:5)- هنا يجب على المسلم لكي يصلي أن يتطهر إذا جامع النساء أو جاء منه الغائط أو لمس المرأة فالمرأة والغائط شئ واحد .!! .. فهل الأمور تحتاج لتعليق .!!
-عن أبي هريرة : قال النبي : تقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار. - المسند للإمام أحمد بن حنبل باب مسند أبي هريرة.صحيح البخاري وسنن النسائي ومنتخب كنز العمال.
لا تعليق أيضا .!!!
- " لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم لعلّه يعانقها ويجامعها في آخر اليوم "
يا سلام !!! .. فليجلدها ويذلها ويهينها ويطلع عين اللى خلفوها ولكن لا يجلدها بإفراط كجلد العبد , ولا يكون هذا رحمة من نبى الرحمة بل لأنه قد يطلبها للجماع فى المساء فيجد ما يتلذذ به !!.
أستغرب من شئ فى هذا المشهد ليس فقط لحجم البشاعة التى فيه فقد إعتدنا على هكذا مشاهد من التراث ولكن إندهاشى أن المرء عندما يكون عصبياً غاضباً من زوجته فحينها يفقد تماماً أى رغبة جنسية فمن هو ذاك الرجل الذى يصل فى حدته وغضبه ليضرب إمرأته بضراوة ثم يرغب بعدها فى الجماع معها !! – هل نحن بصدد الإعتناء بالغريزة فى بوهيميتها .!!
- "علقوا السوط حيث يراه أهل البيت " .!
هذا الحديث نهديه لمن يقول أن ضرب المرأة كمن يضرب بالمسواك .. لا يا عزيزى أنه بالسوط والذى سيتم إستخدامه فى الجلد الغير مفرط كجلد العبيد وفقا للحديث السابق , لنقول أى حياة هذه وأى رعب هذا يتسلل فى النفوس ليتم التعاطى مع المرأة كالحيوان ..الغريب أن هناك شعوب تدلل الحيوانات ولا تطيق أن يؤذيها أحد .
- " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتأته وإن كانت على التنور "
مشهد آخر من البوهيمية وإهدار الكرامة فالرغبة الجنسية حلت على الرجل فلا تعرف التمهل والإنتظار والتهذيب فلا يعنيها أى ظرف غير موائم فنداء الغريزة ,فالقضيب لا يفهم تلك الأمور ولا يدرك أن المرأة تعد الطعام كما لن يرد على ذهنية الرجل أى مفهوم بإحتمال وتقدير الحالة النفسية والمزاجية والجسدية للمرأة التى لا تسمح لها بالجماع فهذه المفردات الإنسانية غائبة عن الذهن والوعى فليس على المسكينة سوى أن تترك التنور لتلبية نداء القضيب وإلا لن تسلم من لعنات الملائكة التى خلقها الله خصيصاً لهذا المشهد .!
" -تُنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها "
ألا نرى أن هذا الحديث يذكر الهدف من نكاح المرأة وينسى المرأة الإنسانة .. بداية هو نسى الهدف الأول من النكاح وهو اللذة والمتعة وإعتنى بالنكاح كعقد زواج ,فالمرأة تنكح لمالها وهنا إستفادة مادية مُرتجاة , ويأتى جمالها لمتعة إعتلاء جسد بتضاريسه الجميلة , ويأتى دينها كحافظ لملكية الرجل وسيادته ,ولنتذكر هنا موقف الرسول من زوجته سوده فقد صرف وجهه عن سوده بنت زمعة بالرغم أنها كانت أولى زوجاته بعد خديجة حين عزم على طلاقها لأنها فقدت جمالها وبريقها ونسى وصيته بأن المرأة ملعونة بإمتناعها عن زوجها فهنا أوانى جنسية يتم اهمالها وتكسيرها بدون مبالاة للإنتباه لأوانى أخرى .
يهمنى سؤال أين المرأة كإنسانه وحياة وقيمة من كل هذه القصة؟! .. عذراً لا أفهم قصد حضرتك بسؤالك عن معنى المرأة كإنسانة وحياة وقيمة !!!
-الفاحشة عند المرأة و الرجل .
واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (النساء15:4) - (واللذان يأتيانها منكم(الرجال) فأذوهما فإن تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما(النساء16:4)
ما هي الفاحشة التي يعنيها القران هنا ؟ يقول البعض الزنى نقول جاءت في سورة النور الحديث عن عقوبة الزنى واضحة كلمة الزاني والزانية تلك السورة التي نزلت بعد واقعة عائشة زوجة محمد وصفوان ابن المعطل أما هنا فكلمة اللاتي تستخدم لجمع المؤنث ثم لم يذكر عقوبة للرجل في نفس الآية وما يزيد الأمر وضوحا أن الآية التي تليها تتحدث عن الفاحشة التي يأتيها الرجال فالمعنى الأقرب هو ممارسة الجنس مع نفس النوع أي الشذوذ لكن الغريب هنا أن الحكم على الرجال بالأذى ربما بالقول فلم يحدد حجم الأذى ونوعه أما إذا كانت المرأة على الطرف الآخر فالحبس في البيوت إلى أن يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا وهى كلمة لا نجد لها معنى لكن الأغرب والأعجب أن الله يتقبل توبة الرجال(فان تابا للرجال) ولا يقبل للمرأة توبة.!
-" الحصير في البيت خير من امرأة لا تلد.
ماهذه القسوة وما تلك البشاعة التى تجعل الحصير أكثر فائدة من كيان إنسانى شاء إلهها الرازق الحكيم أن لا تلد .. ألا يعطى هذا انطباع بالنظرة الدونية للمرأة مشبعة بالقسوة والغباء .
- وكل ده ومش عاجب .!!
عن عبد الرحمن بن شبل قال النبي " أن الفساق هم أهل النار قالوا يا رسول الله ومن الفساق قال النساء قالوا أولسن بأمهاتنا وبناتنا وأخواتنا قال بلى ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا إبتلين لم يصبرن ".
هل وصلت القسوة أن يقذف بالنساء فى الجحيم لأنهن لم يشكرن وإذا إبتلين لم يصبرن وماذا عن الرجال الذين لا يشكرون ولا يصبرون .. شئ غريب كل هذه المواقف الحادة التى لا يوجد ما يبررها .
قدمت بعض من فيض التراث وهناك زخم كثيف لمن يريد أن يبحث , كما يوجد زخم أكثر لمن يهوى الإهتداء بأقوال وفتاوى الأئمة والشيوخ والقامات الإسلامية وما أبشعها ولكنهم نهلوا من روح ونهج التراث الذى يفيض بكل إنتهاك ومهانة وإذلال لكرامة المرأة .
أهمية هذا البحث انه يخوض فى الثقافة المؤسسة المتفردة التى تشكل فكرنا ووعينا وقناعاتنا ليترسب فى أعماقنا أن المرأة مخلوق دوني ولتتحكم هذه الرؤية التى وجدت لها إستيطانا فى الوعى واللاوعى سبيلها فى فكرنا وسلوكنا وثقافتنا مهما حاولنا أن نداريها فى ملابسنا العصرية الأنيقة .
نحن شعوب نتاج ثقافة قديمة برمجت عقولنا فلا نريد أن نبارحها كما فعل اليهود والمسيحيين بل نعشق أسرها ,ولا نحاول الخروج خارج أسوارها بل يصل بنا البؤس حداً أننا نفتخر ونتباهى أننا فى أحضان شرانقها وقلاعها الصلدة الحصينة لتختلط بنا الرؤى وتتشوه وتصل لأن ننظر بعيون مُمجدة لكل ما هو قبيح ومشوه و لنجد فصيل آخر يتغنى بتلك المهانة والإنتهاك ويعتبرها عزة وكرامة .!
ما يجعل المرء يحس بالتشاؤم ليس لكون التراث حاضر فى حياتنا ينتهك من كرامة المرأة فحسب بل لكوننا لا نعى مصدر تدهورنا وتخلفنا فلا ننتبه لكل هذا الزخم من الإنتهاك ولا نتحسسه ولا نستطيع الصراخ برفضه لترتفع منسوب المصائب والفواجع عندما نجد المرأة التى فى داخل بوتقة الإنتهاك قد إعتادت هذا الذل والإمتهان وتعايشت وتأقلمت معه ليصل حال تدهورها بأن تتباهى نسوة بجماليات إنتهاكات التراث وتتباهى به لتعلن عن فخرها وإعتزازها ومتعتها فى خضوعها وإنكسارها وإنسحاقها فهكذا الله خلقها وأراد لها هذا الهوان وهى عابدة طائعة لتلعق كرامتها المهانة .
المجتمع التى تنتهك فيه كرامة الانسان سيُصنف كمجتمع متخلف .. المجتمع الذى تنتهك فيه الكرامة فلا يدرك البشر حجم الإنتهاك الحاق بهم هو مجتمع متخلف ميئوس منه .. مجتمع تنتهك فيه الكرامة لنجد تماهى أصحابه فى مستنقع الإنتهاك بل الافتخار والاعتزاز والاستمتاع بعفونة المستنقع كمصدر كرامة وعزة وشرف فهو مجتمع يستحق ضرب النار .
لا نريدها سوداوية فهناك أمل أن تهب رياح باردة من الضفة الأخرى من المحيط لتصفع عقولنا وندرك حجم الإمتهان الذى نعيشه ولكن هل تجدى رياح فى بروج مشيدة بأرض الرمال – قد تجدى .!
مجتمع بلا كرامة مرأة هو مجتمع متخلف ولنبحث له عن قبر.
دمتم بخير.
- لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)