أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الرغيف














المزيد.....

الرغيف


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


الرغيف
قصة قصيرة
عبد الفتاح المطلبي
الرغيفُ الذي كنتُ أحرصُ على شراءهِ من صاحبِ الفرنِ المتوقد كلَّ صباحٍ بتّ أصادفُ بعضَ المتاعبِ في الحصولِ عليه ولكنّ السؤالَ الذي يلحُّ على الآخرين ويصفعني دائما بخبث هو لم تسعى أيها الرجل لهذا الرغيفِ بعينهِ فأجيب بدون تردد إن الرغيفَ منمشٌ بالسِمسِم الذي تسفعه النارُ فيغدو أطعمَ من الشهدِ مذاقاً ولهذا أسعى للفرن رغم ناره كل صباح لشراء خبزي المسمسم الشهي و بشأن المتاعب التي بتّ أصادفُها فيمكنني القول أن أولها عينا جاري الذي يقابلني عبرَ الزقاقِ ، كلما أستديرُ بعد أن أطبقُ درفتي بابي بهدوءٍ أراه ينظرُ إليّ يعينيّ تمساحٍ قد غمرَ جسمَه الطويل في مستنقعٍ آسنٍ حريصاً على أن لا يظهر منه غيرُ عينيه البارزتين باتجاهي كما يفعل التمساح الذي يبحث عن طريدة ، في تلك اللحظة كنتُ أنا ضحيته أحاول الحفاظ على مسافة معقولة تعجزه عن التقامي والدوران بي في مستنقعه الآسن وعندما أبتعد ويظن أن مناليَ صعبٌ يغطس في مستنقعه خائبا مستديرا ببطئ كما يفعل أي تمساح ثم يصفق بابه بعنف ويختفي و هو لا يعلم مدى حبي لرغيف الخبز المنمش بالسمسم الذي سفعته النار بهدوء حتى استحق أن يسيل لهُ لعابي .
لم أفكر يوما أن أسبابا تتناسل ليلا في الشارع الذي يقف فوقه فرن الخبز قد جعلت صاحبه واجما مهموما بعد تلك الطلاقة المعهودة في ملامحهِ وفي أخر مرة أجاب على تساؤل نظراتي قائلا:
-هناك ما لايسمح لعجيني أن يختمر ويحصل ذلك في الليل!!! ثم واصلَ حديثه قائلاً:
الذي يحدث في الليل كثيرٌ وكثيرةٌ هي المخلوقات التي ترتاده وأسبابها متنوعة لكنها جمبعا تتحرك بصمت والمهم أن الليل يجمعها ويفرقها النهار ماذا أفعل وليلنا طويل .
أما ثانيَ المتاعب وكدت أنسى ذكره رغم أنه قد أبعدَ عني رغيف السمسم كثيرا وصارت المسافة بيننا لا تُطاق هو أن بعد هذا الحديث القصير الذي جرى بيني وبين صاحب الفرن بأيام فوجئنا بغلق الطرق المؤدية للفرن جميعها بتلك الجُدر الكونكريتية العملاقة التي يعجز القط الماهر في تجاوزها ولم يتركوا إلا منفذا واحدا باتجاه الشمال ولكي أصل إلى فرن الرغيف المنمش بالسمسم علي أن أدور حول زقاقنا والزقاق الذي يليه ثم أستدير دورة كبيرة لطرف الشارع متجها للفرن ولا مجال لإيصال أرغفة الخبز للذين ينتظرونه في البيت وهو ساخن برائحة السمسم المسفوع بالنار وفي هذه الحال فقدنا طعم الرغيف حارا ولكننا واصلنا التلذذ به رغم ذلك من أجل السمسم المسفوع بالنار.
وللحق أقول أنني اكتشفت مدى رغبة الناس برغيف السمسم ولاحظتُ ازدياد الناس الذين يرغبون بشرائه رغم كل هذه الجُدُرِ الإسمنتيةِ وكنا أحيانا ننتظر طويلا لكي نحصل على خبزنا المنمش بالسمسم بين إعداد وجبة عجين جديدة وفرشها على اللوح وإدخالها إلى الأتون وذلك يستغرق وقتاً حتى تنضج وجبة أخرى كانت تتهيأ لاقتحام نار الفرن ، وكنا نتابدل الحديث عن الخبز والخبازين والعجين والعجانين والأفران والفرانين وكنا نذكر في أحاديثنا حتى أنواع أكياس النايلون التي يوضع فيها الخبز وهكذا مرت الأيام تباعا واعتدنا ما آل إليه الأمر لكننا لاحظنا جميعا أن الرغيف بدأ ينكمش ويصغر حجمه بيدَ أنه لازال لذيذا ومنمشا بالسمسم المسفوع بالنار و انتبهنا أيضاً إلى أن الرغيف كلما ضاقت مساحته وصغر حجمه سفعته النار بشدة حتى إننا أضحينا نرى بعضا من جوانبه قد أحرقتها النار وحولته إلى فحمٍ أسود .
لا زلنا نسعى لرغيف الخبز المنمش بالسمسم ومع مرور الأيام كان كثير منا نحن الذين نحب ذلك الرغيف يسأل نفسه عن سر هذه الرغبة وكانت الإجابة ماثلة دائما أمام كل واحد منا ، إذ كان السمسم المسفوع بالنار ينتشر بكثافة على وجه الرغيف ولم يحدث أن شاهدنا فرنا غيره يفعل ذلك بهذه الروعة ،
في ما تلا ذلك من الأيام ازدادتْ معاناتنا من أجل رغيف الخبز وباتت كمية السمسم المسفوع بالنارتتناقص شيئا فشيئا حتى صرنا لا نرى في الرغيف إلا نصفَ السمسم وكثيراً من سفع النار,
الآن نحنُ نعلم ماذا يعني أن رغيفنا صار منمشا بنصف السمسم!!!!



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب الريح- قصيدة
- شجرة ملعونة - قصة قصيرة
- الضحية- قصة قصيرة
- المَخاضةُ - قصة قصيرة
- أزهار جابر السوداني الفجائعية- قراءة إنطباعية
- إخطبوط - تهويمات
- قبائل الأحلام-قصة قصيرة
- حقيقة الأشياء - قصة قصيرة
- مطر أحمر قصة قصيرة
- طقوس - نص مدور
- الخندق الأخير - قصة قصيرة
- بان كي مون
- زمن ميّت- قصة قصيرة
- الطين
- ثلاجة الموتى- قصة قصيرة
- ليلة القبض على المدينة- قصة قصيرة
- قلبي على وطني -نص مدور
- شطرنج - قصة قصيرة
- حلول
- مقهى بوحي


المزيد.....




- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الرغيف