حسين القطبي
الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 01:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من تصريحات اوباما المرتخية، ونظرائة القادة في الغرب، يبدو ان التحرك المحتمل ضد نظام الاسد، ان حدث، فلن يكون على شكل ضربة قاضية، وانما مجرد جراحة تقليم اظافر.
وتماشيا مع المثل الانجليزي الشائع "الضربة التي لا تميتك تقويك"، منحت هذه الايحاءات النظام في سوريا زخما مضاعفا وثقة اكبر بالنفس، انعكس على شكل اطلاق شعارات، وتنويعها، ورفع تون التحدي فيها، كعادة النظم العربية حين تواجه الازمات.
والشعارات في البلدان الديكتاتورية، ليست سوى فرقعات كلام، مثل حبات البوشار، او تشبه مشاعل النار في يد لاعب السيرك، تكاد تنشر شرارها في جميع الاتجاهات، لكنا غير مؤذية للاصابع.
وبسبب تزاحم الشعارات مؤخرا، لم يعد المراقب يعرف بالتحديد ماهيتها، اسبابها، تداعياتها السيكولوجية، هل تهدف لارهاب العدو، مثل "سأحرق نصف اسرائيل"، واشفاع ذلك الشعار التاريخي باسقاط عدد من صواريخ سكود على صحراء النقب، كما حدث في حرب الخليج الثانية 1991.
ام انها لخداع الشعوب العربية وتضليلها، على اعتبارها شعوب بسيطة حد السذاجة، مثل "سوف نضرب حيفا، وما بعد حيفا، وما بعد بعد حيفا"، مع ابتسامة خفيفة لمنح القائد بعض من ملامح القديسين المنقذين والمصلحين.
ام انها تستهدف بناء مجد ذاتي للديكتاتور نفسه، ليدخل عبره التاريخ بهالة غير واقعية، مثل "رمي اليهود بالبحر"، هذا الشعار الذي جعل من عبد الناصر زعيما روحيا، وملهما للقادة، اكثر منه سياسي اذاق شعبه الجوع طوال 18 سنة في السلطة.
ولع الانسان العربي اكثر من غيره بالشعارات، خصوصا في ايام الحروب، والمواجهات الساخنة، قد يكون موروثا بدويا اصيلا، يتجدد بفعل تعلق العربي بالشعر، وولهه بروعة الابداعات الادبية النادرة، ولعل اجمل ما ابدعه الشعر العربي عبر تاريخه هو الملاحم، من نفس جنس هذه الشعارات، مع الاحتفاظ بالفوارق المهارية بين استخدام السيف والبنادق الالية.
الشعارات وحدها، التي لم تقد الى حسم معركة، يوما ما، ولم تغير من موازين قوى، لم تترك ايضا للشعوب سوى الاحساس المر بالهزيمة، وبالاحباط وقلة الحيلة.
ولعل اللجوء للعنف من قبل الحركات الاصولية المتطرفة، اليوم، هو ابرز نتاجات حالة الاحساس بالعقم التي خلفتها تلك الشعارات، بعد ان اتضح انها كانت على الدوام فارغة.
الغرب هو الاخر صار يحس بخواء الشعارات، ويتعامل مع ارتفاع حدة التون على انها ليست سوى فرقعة، تتعالى كلما احس الحاكم بالقوقعة، لذلك اراهم يجيبون عليها ببرود، اخالهم حين يستمعون الى التهديدات، يرددون بمرح، وبسخرية، الكلمات القديمة:
"طير وفرقع يا بوشار... ما بيصير اكتر ما صار...".
وللذين يتذكرون هذه الاغنية اهدي لهم هذا الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=aMivsGb6Dtw
#حسين_القطبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟