أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مختار سعد شحاته - بين نظريتين: الأنصاف والمؤامرة.















المزيد.....

بين نظريتين: الأنصاف والمؤامرة.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 22:48
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نظرية المؤامرة:
تختمر في عقول الكثير تلك النظرية، ويؤمن فيها نوع من الناس غاية الإيمان، فيعزي كل شيء إليها، ويكفيك أن تتأمل وضع بلدان ما عُرِف بالربيع العربي لتكتشف حجم المؤمنين بتلك النظرية، بل لعلك تندهش حين تراها أساسًا مبدئيًا لكل الأفعال الصادرة عنهم، ولكل ردود الأفعال أيضًا، والأمر في غاية البساطة إذا ما نظرنا من زاوية إنسانية بحتة، فقط مجموعة من هؤلاء الأنصاف التي رأت صالحها العام في الإيمان بتلك النظرية، إيمانا منها بأنها لن تقدم جديدا خارج فكاكها، لذلك تغرق نفسها في تفاصيل النظرية إلى حد يصل ويبيح لها اختراع الشواهد على الأرض لتأكيد سعي هؤلاء المتآمرين خلف نشر تلك النظرية، وحقيقة الأمر ومن وجهة نظر شخصية؛ فإن لكل منّا نظرية مؤامرته الخاصة جدا، والتي لها أبعادها المختلفة، بما يمكن به أن يدفع دون وعي نحو تأصيل النظرية المؤامراتية بقدر ما. نعم كلنا وقع ضحية لهذه النظرية التي تغلغلت في كل حياتنا بأشكال وصور متباينة ومغايرة حسب مقدراتنا الشخصية أحسب ازماتنا الفكرية والأدبية والاقتصادية، أي أننا جميعا ضحايا فاعلة لنظرية المؤامرة.

حين سيطرت الرأسمالية:
لى الحق الأصيل كما للجميع في التملص من شبهة الوقوع في شرك النظرية، لكن هنا سأتبنى النظرية إلى حد مسرف، وستغذيني خلفيتي اليسارية في ذلك بسهولة مطلقة، سأنمذج نفسي ضحية لها، وأدعي عدم الفهم لما وقعت فيه، وهو ما سيجعلني انظر إلى زاوية أخرى عجيبة من النظرية، وهو كون تلك المؤامراتية أمرًا يستحق الاحترام، إذ تنبني على خطط طويلة الأمد، لتنتج في نهايتها وضعا يخدم أصحاب النظرية وفاعلها الأصلي. وفي مؤامرتي يبدو أخطبوط الأمبريالية الجديدة، وأذرع الرأسمالية الخفية هي كل من يمتلك أدوات الصناعة هنا، ذاك الاخطبوط، وتلك الأذرع التي أتقنت لعبتها للإيقاع بكل من خالفها النظرية والتوجه، ولكي تضمن من خلالها سيطرة حقيقية على كل مقاليد الأمور مهما تسترت بستر عديدة لا يبان من خلفها حقيقتها وطمعها المفرط في السيطرة، ستنبني الخطة على سحق الجميع ممن تجيش في جانب عداوتها، وتبدأ نسج الخيوط بنعومة مذهلة، فبعدما انتهى العالم بين يدي أدواتها من شركات عالمية عابرة للقارات أخذت تتوغل في منمنمات الحياة، وحالفها قدر من القفزات النوعية في وعي الشعوب وتحررها، بدأت الخطة في صنع عدو جديد، فقد تم بناء النظرية ذاتها في حقيقتها على وجود الند والطرف المعادي، لكن كونها نجحت بشكل ما في إقصاء ذلك الطرف، وصارت لها ساحة العالم مفتوحة أمام خطتها، جاءت الإشكالية وهي غياب الطرف المعادي للنظرية، والذي يمنح لها الحق في شنّ حروب هنا وهناك، وتحريك آليات عسكرية ضخمة تتبع لمؤسسات أممية لأجل إضفاء طابعا دوليا لها، بما يضمن في النهاية رضوخًا لكل النتائج بالضر أو النفع حسبما اتفق للمراقب المحايد، وما حدث في بلاد الأفغان والشيشان ثم العراق ليس ببعيد.

صناعة الأنصاف:
تندفع هكذا تلك الآلية في نعومة، تضمن من خلالها خلق المناخ المناسب الذي يهيىء لتدخلاتها السافرة في مكان ما في حقبة ما، ومن خلال ذاك الغطاء الأممي. هنا فقط سيلزمها بضع أجيال، وهي بذلك تخبر عن نفسها بكونها صاحبة تخطيط بعيد للغاية، فقط ستقوم بخلق وسط له ثقافة ما ربما هي ثقافة الأنصاف، وستقوم بنشر وغلغلة تلك الثقافة في مفاصل خطتها لتضمن لها نجاحًا ساحقا، ليأتي اليوم الذي تتصدر فيه الأنصاف كل المشاهد أمرًا طبيعيا لا ينتبه له الكثير، ولا يدرك حقيقة كونهم أنصافًا مشوهة غير كاملة إلا النادر، وسيكفيها وقتها ان تشكك فيه أو تخون أو تتهمه وبذلك تضمن في مجتمعات الأنصاف تلك أن تستهلك أفكار التخوين والعمالة بسهولة بما يخدم نظريتها الأولى في السيطرة، بل إنها لن تمانع في خرق أبجديات الإنسانية الخام والخصوصية الشخصية للأفراد، وتسوق لها بشراهة. هذا كله ما يجعل المتأمل الواعي للمشاهد المتكونة ان الانصاف تتصدر، وان تلك السياسة والثقافة مستمرة حتى تحدث معجزة ما، أو أن يتخلى هذا الاخطبوط وأذرع الرأسمالية عن خططه وذاك هو عين المعجزة متى حدث. خث مثلا في مجال الأدب، وحاول أن تتبع سيرة أحدهم ستجد إما شخص اعتمد على وظيفته في التسويق لموهبته النصف، فمثلا إن كان باحثا في البرديات والوثائق التاريخية، فما المانع من اقناعه بكتابة نصوص أدبية وإقناعه بانها نمط من عمل أدبي رصين، وواحدة تلو الأخرى، قد يصيب في واحدة على الأكثر منها بينما ينزلق لطبيعته البحثية رغما عنه، ثم سينشغل العالم عن كونه في حقيقته مجرد باحث قد جمع مادته من برديات وحكايات أبدعها مبدع حقيقي ووثقها في برديته المكتشف أو وثيقته التاريخية، والأمر هنا لا يختلف عن حالات مشابهة في الفن بل يعج هذا المجال بالأنصاف، مثلما يتخم به المجال السياسي، فترى أنصاف متعلمين لا مثقفين تحولوا بين عشية وضحاها إلى محللين او ناشطين وتبدأ عدوى الإسهال السياسي بخراءها الفكري في التعفن كلما طالعونا في حوارات متلفزة أو منشورة، والأمر قد صار أصيلا في كل صور الميديا والإعلام المقروء والمنظور والمستمع، ففيه حدث ولا حرج.

الأنصاف هم الضحية:
كما قلت لا أمانع إنسانيا من وجود تلك الانصاف، ولا مانع عندي من تكوينها قشرة تظل تحترق، لكن أخطر ما فيها هو احتراقها المفاجيء المخلخل للنظريات المناهضة للرأسمالية واخطبوط امبريالتها المتمثل في هيمنة القطب الرأسمالى على العالم بكل حركاته، ولعل ما يدهش في الوضع القائم هو تدقيقك في طوابير المجيشين ضد هذا الاخطبوط لمحاربته، ستصعق متى علمت بأن تلك الجيوش مدعومة وممولة من مؤسسات في حقيقتها تابعة لأحد هذه الأذرع الرأسمالية بطرف ما، هنا تتحقق نظرية خلق العدو، وما دامت ثقافة الأنصاف وسياستها هي التي باتت أصيلة وسط كل ذلك العبث المصنوع، إذن لا خوف من هؤلاء الأنصاف فهم صنيعة محددة العمر الزمني، سرعان ما أن تنتهي بطارية طاقاتها، ليختفي هؤلاء الأنصاف ليحل محلهم أنصاف أخرى وهكذا دواليك الامر يتابع.
ألم أقل لك عزيزي القاريء أن نظرية المؤامرة أخذت منا كلنا بنصيب ما، لعل ذلك ما يجعلني أكرر بأن ما نعانيه من عبث ما هو إلا نتاج تلك النظرية لكل هؤلاء الأنصاف التي تصدرت كل المشاهد في كل مكان من العالم، فحين سقطت حقبة الثنائية القطبية، وانفرد الأخطبوط الأمبريالي برأسماليته وسيطر على العالم، كان عليه ان يضمن طاقة دافعة له، فعمد مباشرة إلى اختراع ثقافة الانصاف ونشرها بشكل شره في العالم، بل ومولت هؤلاء لخلق مناخ لصراع صوري يبيح لها مزيدا من التوسع والسيطرة، ويوازن الفكرة في ذات صانعيها إذ يرون ان يحاربون طرفا وعدوا ما. وفقط راقب كثير من مداخلات الكثير على شبكات التواصل ستعلم مدي صدق نظرية الأنصاف، وكيف انتصرت بها الرأسمالية او ضمنت لنفسها انتصارا تاما في كل حروبها المفتعلة المستقبلية. حقيقة الامر هؤلاء الأنصاف هم أول الضحايا واكثرهم تشوها وهم كثر في كل مجال. ولعل أصعب ما فيها وما يمثله من خطورة حقة، هو عدم إدراك هؤلاء الأنصاف لكونهم أنصاف لا أكثر، ولا أستثني من ذلك أحدًا، فلربما أنا الآخر أحد هؤلاء الأنصاف دون أن أنتبه، وهو ما سيلزمني في الفترة المقبلة من تدقيق جلي في تفاصيلي الفكرية والاجتماعية لأخرج منها كل هؤلاء الأنصاف، فلعل ذلك أولى الخطوات للكمال.
صديقي القارىء؛ انتبه فالأنصاف من حولك وهم من يأكلون الكتف أكل السوس بعناية.

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي.
مصر- الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهامش/ القشرة
- يا صديقي.. لا تنس آمنين.
- وداع يليق.. رسالة خاصة إلى د/ البرادعي.
- ورقة شاي.. قصة قصيرة.
- مجرد كلااام.. نص بالعامية المصرية.
- الفكرة/ المرأة.. والمرأة/ الفكرة.
- حائط مبكى الثورة في العاصمة السرية.
- أنا جباااااااان.. وأنت الشجاع.. هذه كل الحكاية!!!
- العاطفة والسياسة
- مسلسلات رجالي دوت كوم/ قلش رخيص.. الحلقة الأولى: الصراحة راح ...
- معركة أخيرة فاصلة.
- -درس تاريخ-..عشر مقاطع من التاريخ، ومقطعان لأمي، ونهاية واحد ...
- حين يكتب التاريخ.
- عم موسى ليس نبيًا.. قصة قصيرة.
- تهيس.. فيلم بالعامية المصرية من 3 مشاهد
- بين رابعة العدوية وشفيقة الجرجاوية
- -شفيقة- و-رابعة- كلتاهما شهيدة العشق.
- في صعيد مصر.
- حين تبت يدا أبي لهب.
- تمردوا يرحمكم الله.


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مختار سعد شحاته - بين نظريتين: الأنصاف والمؤامرة.