أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماري اسكندر عيسى - حوار مع الروائي هاني الراهب قبل وفاته















المزيد.....



حوار مع الروائي هاني الراهب قبل وفاته


ماري اسكندر عيسى
(Mary Iskander Isaa)


الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


حوار مع الروائي هاني الراهب حول روايته " رسمت خطا" في الرمال "

دمشق – ماري عيسى


في دمشق وقبل وفاته بفترة قصيرة في العام 2000 حالفني الحظ لاجري الحوار مع الروائي السوري المبدع هاني الراهب حول روايته "رسمت خطا في الرمال " ..نشر الحوار في جريدة النهار اللبنانية ..لكن كون الجريدة اللبنانية "النهار" ممنوعة من الدخول إلى سوريا ..فكثيرون لم يتسنى لهم قراءة هذا الحوار ..لذلك ارتأيت ان اعيد نشره اليوم لما يطرح في حواره من أفكار استنهاضية ..واشكالية ..جديرة بالوقوف عندها..تمنيت لو كان حاضرا في الربيع العربي ...ليرى حال الشعب العربي ومعاناته في معركته من اجل الحرية والكرامة...
الحوار التالي كما تم ونشر...اعتقد انه جدير بالقراءة بعد مرور حوالي ثلاث عشر عاما على رحيل الروائي هاني الراهب الذي رحل في 1-5-2000...وترك لنا إبداعاته: المهزومون، الوباء ، والف ليلة وليلتان..وغيرها ..وروايته الاخيرة "رسم خطاً في الرمال"....
يقول الروائي د. هـ. لورنس " الرواية هي الكتاب الوحيد المضيء عن الحياة , إنها تساعدك على ألا تكون ميتا" في الحياة , وهي توازنك ضد الرياح الدمار التي تهب عليك من جميع الاتجاهات " , وربما تكون رواية الدكتور هاني الراهب " رسمت خطا" في الرمال " الصادرة " عن دار الكنوز الأدبية محاولة توازن لإنسانية الإنسان العربي أمام رياح القهر الذي تسبب به اكتشاف النفط . وإذ يرسم هاني الراهب خطا" في الرمال في رواية إبداعية و توثيقية من ثلاثمائة صفحة لثلاثة آلاف سنة فإنه يطلق صرخة قوية و استنهاضا" للإنسان العربي كي يتحرر من عبودية البترول الذي كان لنا كعرب لعنة بدل أن يكون مادة فعالة لصناعة حضارة عظمى , " أنا لاأعرف الحروب و لا قصصها , و لا أحب الحرب , ولا السياسة . و خير لك أن تكتب عن تحولات الروح في هذا الزمان و عن الخاتمات الشقية لعلاقات الناس و نوازعهم الحيوانية في عصر البترولوجيا , و عن اليباب و اليباس و الاندحار وموت المغامرة و سندباد .. " , فالنفط جعل القومية العربية في تشرذم , و سبب آفات إنسانية و نفسية للعربي , وهو إذ كتبها عن الكويت بعد تجربة عشر سنوات معهم فإنه لا يقصدهم فقط بل يقصد العرب جميعا" و هذا الكلام له و يستنتجه كل قارئ لروايته ... " بضعة آلاف تلملموا من عشائر الصحراء , رسم انكليزي حولهم خطا بقلم رصاص , وقال كونوا نفيطية جيم . يتكلم المثقفون عن صدمة الحداثة , أنا أتكلم عن صدمة القدم : عن بدو زادهم النفط بداوة " .
وهاني الراهب يحمل دكتوراه في الأدب الانكليزي من جامعة اكستر بانكلترا , له عدة روايات أهمها " المهزومون " العام 1961 , " ألف ليلة و ليلتان " 1977 التي تدرس الآن في أكثر من ثلاثين جامعة , " الوباء " الحاصلة على جائزة اتحاد كتاب العرب 1983 , وروايته الجديدة التي لاقت ضجة إعلامية واسعة و ردود أفعال مختلفة " رسمت خطا" في الرمال " و كانت المحور الرئيسي في الحوار التالي معه :
*في روايتك سيرورة تاريخية تحكي عن ثلاثة آلاف سنة , كما أنها تتناول قضايا فكرية في الثقافة العربية المعاصرة بدأ بها طه حسين , ثم علي عبد الرازق , كيف جاء هذا في روايتك ؟ و بمعنى آخر هل كان هذا مقصودا" أم صدفة ؟
**" رسمت خطا" في الرمال " رواية تحكي قصة ثلاث آلاف سنة هذا صحيح , لكنها ليست تاريخية , ولايمكن أن يأتي في الرواية أي شيء صدفة , فالجانب الإبداعي في الرواية عمل وعي بالتأكيد , حتى عندما تنزلق من القلم سطور و صفحات لا تكون واضحة للمؤلف , فالمؤلف يعيد قراءته , ويحكم وعيه فيها , وأؤكد أنه ليس في هذه الرواية أي شيء غير واع على الإطلاق . لكن بالنسبة للشق الخاص بالجانب الفكري في الثقافة العربية المعاصرة الذي بدأه طه حسين في كتابه ( في الادب الجاهلي ) , وعلي عبد الرازق في كتابه ( الإسلام و أصول الحكم ) , فأنا لا أعتقد أن الثقافة العربية أهملت كثيرا" التصدي لتراثنا بمعنى اكتشاف أمور الدين و تنقيته مما ألحق به خلال العهدين الأموي و العباسي بشكل خاص ثم العهد الفاطمي , لأن الإسلام الذي وصل لبعض هذه الدول الثلاث ليس هو الإسلام الذي جاء به محمد , بل هو إسلام طبقة حاكمة جاء بأئمة و قولتهم الأقاويل , ودس به أشياء كثيرة بحيث تستخدم النص الديني لإدامة سلطانها , إذ هل هناك إسلام سوى الذي يدعو إليه الأسلاميون هذه الأيام ؟
يتابع هاني الراهب : " رسمت خطا" في الرمال " تقول نعم , هناك إسلام محمد الذي غيبته قريش وجاءت بإسلام الردة القرشية . وفي فصل " الخليفة " نقرأ : " بكتابه روض محمد جاهليتهم . ولهم على الله الذي نطقوا باسمه و جهلوه ..بسيفه ردهم أبو بكر إلى الإسلام . بدرته صنع عمر بن الخطاب منهم امة و امبراطورية " .
إذا" الرواية تتبنى هذا الشيء , وبالوقت نفسه تقارن ماحدث في الماضي بما يحدث الآن في الدول النفطية التي أعلنت نفسها وصية على الإسلام , واعتبرت ان هذا الإسلام هو الإسلام البديل جاءت به الخلافة الأموية ثم العباسية و الأحزاب السياسية الخ ... , و أعطي مثالا" بسيطا" هنا و هو أن عمر بن الخطاب لم يكن سنيا" , و كذلم علي بن أبي طالب , هؤلاء كانوا مسلمين ... , و الصراع و الخلافات و الانقسامات الآن ليست بسبب عمر و لا علي , بل هي بسبب الذين جاءوا منذ مئات السنين و استفادوا .
فبعد مقتل عمر اكتشفت قريش أن : " محمدا" قد مكر بهم , علمهم عبادة الله و هم في الحقيقة يعشقون و يعبدون اللات و العزى , تذكر الطلقاء هزيمتهم أمام محمد و كتابه و خليفتيه , وأقسموا انها لن تمر , تذكروا جاهليتهم , أخذتهم وحشية الجاهلية , وفي هجعة سرية دمدم أبو سفيان : تلقفوها يابني أمي تلقف الكرة , فواللات و العزى مامن جنة و لا نار ...".
وهكذا أنشأ القرشيون سلالة من الخلفاء , أبدعوا الحجاج بن يوسف , ضربت الكعبة بالمنجنيق حتى انهدمت , استباحوا نساء مدينة محمد ثلاثة أيام ... قصبوا لحم عبد الله بن الزبير , قتلوا محمد بن أبي بكر و قبروه في بطن ناقة , فرموا جسد الحسين بن علي , بنوا حول كتاب الله أسوارا" و دهاليز ..." وبقيت أشواقهم " تتترى عشقا" للات و العزى .... ".
ويتابع الراهب سرد رؤيته المتحدية : الرواية تقول أيضا" ان الإسلام الحقيقي لم يدم طويلا" و إنما قامت عليه ثورة مضادة من قريش نفسها , وصار الوضع غريبا" من وجهة نظر نفسية وروحية , وهي ان العرب الذي جاء الإسلام ليخلصهم من عبادة الأوثان , لجأوا في لاشعورهم إلى عبادة الأصنام , وثابروا في ممارساتهم اليومية على عبادة الله , إذا" ليست الحالة التي نراها الآن إلا استمرارا" للوثنية الجاهلية لكنها ملبسة بلباس الإسلام .
لاأعلم إلى أي درجة سيشير هذا الطرح السخط , الإسلاميين و التقليديين لكن أقول هذا الإسلام الذي تجري الخلافات بشأنه الآن هو إسلام الدولة , الإسلام البديل , إسلام الثورة المضادة الذي جاء به محمد .
*في شخصية ابو الفتح الإسكندري دعوة للعودة إلى ممارسات عمر بن الخطاب في العدالة , وفي مكان آخر يخاطب الخليفة أفقزاد : " نحن سعداء في تخلفنا , نحن نعشق تخلفنا , تريدين تفتيح أعين رعيتي على العدالة الجميلة ؟ لن يبقى شيء من الإسلام الذي أحكمهم به , يجب ان يفهموا أن الإسلام يعني قطع الأيدي و قطع الأعناق " لماذا عمر بن الخطاب ؟
**عمر بن الخطاب لم يكن عبدا" للنص , وإنما كان يضع نصب عينه مصلحة الجماعة الإسلامية , فعندما كان النص يتفق مع مصلحة المسلمين , كان يأخذ بالنص حرفيا" , وعندما كان النص لايتفق تماما" مع مصلحة المسلمين كان يأخذ بروح النص , مثلا" " أما السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما ..." , أحيانا" عمر كان يطبق هذا الشيء عندما يتفق الواقع مع النص , اما عندما يختلف و تكون هناك أمور و عناصر أخرى فكان يحقق العدالة دون الحاجو لقطع اليد , وعمر الغى العمل بنصوص قرآنية مثل " المؤلفة قلوبهم – زواج المتعة ...." إسلام عمر كان يكتشف و كان منفتحا" , وكان يجرد القرآن بمعنى أنه يأخذ بمعانيه العظمى و ليس بنصه الحرفي . الذي حدث أنه بعد عمر استعبد الإنسان لأجل النص , و جاء إسلام يحرم كل شيء , وتعتمد عليه الدول النفطية , إسلام يعطل الحياة و يعقدها , ويجمد الإنسان و يبعده عن العصر , بينما كان الإنسان حركة حضارية و تاريخية عظمى , وهذا يأخذنا لنقطة أخرى وهو أن الإسلام يجب أن يدرس كحركة تاريخية , لها مسبباتها و مؤثراتها و تفاعلاتها , وما فعله في التاريخ هو المهم , حيث اننا الآن لا نعرف من الإسلام شيئا" إلا أنه حركة ميتافيزيقية , وأن اله تعالى انزل الإسلام وهو شيء خالد , يجب أن نعترف أن لكل دين ظروفه و بيئته . المسيح ضد الأغنياء و يمنع دخول الإنياء إلى ملكوت الله , و الإسلام يبيح لهم دخول ملكوت الله , هل هذا يعني ان الإسلام و المسيحية متناقض ؟ الجواب طبعا" لا , لكا هذا له مرحلته التاريخية المختلفة عن المرحلة التاريخية للآخر , إذ يجب أن تدرس الأديان باعتبارها حركات تاريخية , تتأثر و تتفاعل و تستجيب لبيئة معينة , وليس باعتبارها أحكاما" مطلقة إلى مالا نهاية .
*وإلى جانب الدعوة للعدالة و الحرية عندما تستحضر قول عنر بن الخطاب " متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" " هناك دعوة و إظهار واضح للديمقراطية ؟
**الرواية تتبع ظاهرة الديمقراطية عند العرب من أيام بلقيس ملكة سبأ , حيث اورد القرآن الكريم أكثر من نص للدلالة على ديمقراطية هذه الملكة , وتورد الرواية سيرة عمر بن الخطاب بعد سيرة الملكة بقوله " متى استعبدتم الناس ..." التاريخ العربي تاريخ مجازر و استبداد و طغيان لكن يظل فيه جذور من الديمقراطية , الدعوة ان ندرس تراثنا جيدا" وأن نكون صادقين مع مانكتشفه من حقائق , في تاريخنا أحداث يندى لها الجبين خجلا" , وسير الخلفاء عموما" هي سير قتل و طغيان و إفساد ذمة , وإرشاء مال , وتسميم الأعداء , وعبث بالنص القرآني كما فعل بنو أمية و بعدهم بنو العباس .
*وهل هذا ماأردت الإشارة له من خلال شخصية الحجاج بن يوسف الذي يرد ذكره في الرواية ؟
**تماما" فالحجاج بن يوسف غير خمسين كلمة في القرآن , والقرآن هو قدس الأقداس عند العرب , يأتي أحد الولاة و يغير فيه خمسين كلمة , وهذا عدا ماغيره العباسيون و غيرهم , فمن ناحية ينصبون النص الديني كقدسية و من ناحية يعبثون به , من ناحية يطالبون الناس بالانصياع للخليفة على أنه ظل الله على الارض , ومن ناحية اخرى يقومون بأنفسهم بخرق كل مقدسات الدين , عندما مزق الخليفة الاموي الوليد بن يزيد القرآن , وقال له : " إذا ماجئت ربك يوم حشر فقل يارب مزقني الوليد " فهل قرأنا هذا ؟ وأقول هنا علينا أن نقرأ هذا التاريخ ! نحن نقرأ تاريخنا و كأنه صفحة بيضاء جميلة نقية خالية من الأخطاء , فعثمان لم يخطأ , بينما عثمان في النصف الثاني من حكمه أوشك أن يخرب الدولة الإسلامية الحديثة , المبشرون بالجنة تحارب ثلاثة منهم و هذا يعني أن واحدا" أخطأ بالتأكيد ! فكيف يبشر بالجنة ؟ ! يجب أن نذكر هذه المخازي إلى جانب المفاخر , فلا نقول عند ذكر معاوية " رضي الله عنه " , يجب ان نقيم تقييمات موضوعية , واذكر على سبيل المثال أنه حتى الآن لم تنته معركة " صفين " بين معاوية و علي , لماذا ؟ لأننا لم ندرسها دراسة موضوعية و نتبين الأسباب باعتبار ان هذا شيء مضيء في حين أن الحقيقة أن معركة صفين ماتزال قائمة حتى الآن , فكيف يكتب لنا نحن العرب أن ننجح في حياة جديدة و نحن مانزال عالقين في معركة صفين .
*هناك محاولات لكتاب و مفكرين آخرين لإعادة النظر بدراسة الإسلام من وجهة واقعية و منطقية و تاريخية , لكنهم وجهوا ردود فعل صعبة كالتكفير و غيره , وسؤالي هنا إلى أي مستوى أنت مستعد لردود الأفعال؟
**أنا مستعد لجميع ردود الافعال , لاننا إذا لم نتحرر من عبودية النص , و من جمود التفاسير التي قدمها الأئمة عبر التاريخ فلا أمل لثقافتنا بالاستمرار على الإطلاق . يجب ان نتلمس أن هذا النص ماإن ينتقل إلى أفق الحياة الإنسانية حتى يغدو بشريا" , وإن هذا النص جاء استجابة لحالة معينة و يجب أن لا تقترن الاستجابة نفسها بحالة اخرى , وأن نأخذ بروح النص و ليس بحرفيته , لأن مايريده الإسلام و المسيحية ليس إلا الحرية و العدل . إذا" إذا حققنا الحرية و العدل ولكن بغير الأسلوب الذي تكلمنا به الآن , فما الخطأ ؟ فالإسلام البديل الذي بدأت السلطة الحاكمة بعد الخلفاء الراشدين بصنعه , إسلام لانريده لأنه إسلام يلغي العقل و يجب أن نتخلص منه بالعودة إلى المنابع الأساسية سواء بالنص القرآني او التطبيق العمري بشكل خاص , لم يعد بالإمكان ان نثق بتجربة الحكم في تطبيق مكارم الأخلاق , ونستطيع أن نلحظ دعوة نصر حامد أبو زيد , غن و هذه هي المشكلة : إن الإيمان بالنص يعطيك أجوبة نهائية غير قابلة للمراجعة وإعادة التأويل و التفسير , وهذا هو الجمود المطلق . أذكر أن اسماعيل أدهم كتب مقالا" بعنوان " لماذا أنا ملحد ؟ " فرد عليه محمد فريد وجدي بمقال عنوانه " لماذا انا مؤمن ؟ " . هكذا نريد , افتحوا العقول , وناقشوا , نحن لانعرف عن محمد شيئا" إلا أن الله تعالى منذ بدء البشرية جعله سيد المرسلين , و أنه عندما كان في الرابعة أو الخامسة جاء ملاك شق بطنه و ظهره , أما حياة محمد منذ تعلم الكلام إلى ان تزوج بخديجة فغير معروف عنه شيء , أين ذهب بعد زواجه من خديجة إلى ان جاءه الوحي ؟ أين التفاصيل المتعلقة بحياته ؟ عندما تقرأين سيرة محمد تقرأين أن هذا شيء خارق للطبيعة , ومحمد ليس خارقا" للطبيعة , محمد هو ابن الإنسان مثله مثل المسيح , ابن بيئته و تاريخه و عصره , يجب أن نفهم رسالة محمد و نبوته بلا هذه المعطيات , وان نقرأ نبوة محمد جيدا" و نفهمها حتى لايبقى الغرب يتهمه بالصراع , الغرب الذين لا يفهمون محمد يقولون عنه انه مصاب بالصرع , و نحن نعرف أنه حسب كتب التراث هذا شيء رباني , ونحن نريد معرفة الحقيقة .
*في مجتمعاتنا ظهرت تيارات فكرية جديدة دعت لفصل الدولة عن الدين , ماذا تقول في هذا ؟
**الدين أساسا" هو مسألة عبادات وعلاقة الإنسان بخالقه , و هذه الناحية يجب ان تترك لوجدان الإنسان , وقد ظهر الآن و بالتحديد في القرن العشرين شيء لم يكن معروفا" هو القانون , يمكن للحياة أن تمشي عليه , و يلتقي عنده المسلم و المسيحي و اليهودي و البوذي ... , أما إخضاع الحياة المدنية و القانونية و القومية و الاجتماعية إلى نصوص دينية ليس لها ميزة إلا أنها أكسبت صفة القداسة بسبب تواتر الزمن عليها فليس أمرا" منطقيا" , لان تلك النصوص ليست إلا من صنع الأئمة و هؤلاء بشر مثلهم مثلنا , فلماذا نفترض أن تفسيرهم للإسلام هو الشيء الذي يجب أن يحكم حياتنا ؟ الدين هو مسألة شعور و عبادة بين الإنسان و خالقه و كان هذا في العصور التي مضت محاولات لإصلاح المجتمع , وعلينا نحن أن نأخذ بالمبادئ التي يريد الدين ان يصحح بها الحياة و يقدم حلولا" لها , أما أن يفرض على أي دولة أو أي شعب في العصر الحديث نظام باسم الشريعة مثلا" خاصة عند الذين يقولون أن الشريعة هي الحل , فهذا امر يدعو للريبة , لأن ماهي الشريعة ؟ ليس هناك شريعة , الشريعة هي كلام هؤلاء الأئمة الذين هم بشر مثلنا , فلماذا نحكمهم في رقابنا ؟ الشريعة هي ما عمل به رسول الله و ماجاء في القرآن الكريم و ماطبقه عمر فقط , حتى احاديث النبي التي أثيتها بنو أمية , رفضها عمر بن الخطاب . فعندما كان أبو هريرة يقول : " قال رسول الله " , كان عمر بن الخطاب ينهض له و يسكته , و بعد عشرين او ثلاثين سنة جاء بنو أمية و سجلوا احاديث أبو هريرة و اعتبروها أحاديث محمد , عمر بن الخطاب كان يرفض أن تسجل هذه الأحاديث , وكانت عائشة زوجة النبي تكذب أبو هريرة كلما تكلم , ومع ذلك نجد ان هناك سبعة آلاف حديث عن النبي رواها أبو هريرة الذي عاش مع النبي سنتين , بينما علي بن أبي طالب الذي عاش مع النبي 32 سنة لم يرو عنه أكثر من 20 – 25 حديثا" , فمن الأجدر بالتصديق علي أو أبو هريرة ؟ أبو هريرة عاش مع النبي 700 يوم و أورد 7000 حديث , بمعدل عشرة احاديث كل يوم , فهل يعقل أن يحفظ أبو هريرة هذه الاحاديث و لمدة ثلاثين سنة بعد وفاة الرسول ؟!.
*شخصيات الرواية منها ماهو واقعي موجود , ومنها ماهو متخيل , ومنها ماهو مؤسطر , و كذلك المكان يوحي بأنه تارة شبه الجزيرة العربية و مرة أخرى الباكستان و مرة أخرى آسيا , ماذا اردت من ذلك ؟
**رواية من هذا النوع تريد أن تستحضر ثقافة باكملها , محتاجة إلى تقنية غير التقنية الواقعية كي تعبر عنها , لأنها كما ذكرت هناك ثلاثة آلاف سنة منذ أيام بلقيس و حتى تدمير العراق , وهناك انساق كثيرة تتكرر " تغيب و تختفي " , لكن قسما" منها يبقى ظاهرا" مثل الخليفة , و سألت نفسي كيف يمكن أن أكتب رواية عن هذه الثقافة و هذا التاريخ الطويل , إذا اردت أن أكتب رواية بالأسلوب الواقعي فسأحتاج لآلاف الصفحات , و لن يكون عندها فن روائي و إنما مقدرة سردية أو حكائية , و إلى جانب السعي لبلورة وعي حديث و جديد و تقدمي بتاريخنا , كان هناك سعي لإنجاز فن أيضا" , فالفن ضروري للنشاط الثقافي و إلا ماذا يميز الرواية عن غيرها ؟ و الفن الروائي تطلب هنا تفاعل الفن مع ضروريات المعرفة لينتج هذا الشكل الذي لمسته , وهو شكل ليس غريبا" عن ثقافتنا , فهناك نصوص نثرية منذ القرن الثاني عشر هي : ألف ليلة و ليلة , و سيف من زي يزن , و سيرة بني هلال , والزير سالم , وعنترة الشخصية الواقعية التي صارت أسطورية . هذا كله موجود عندنا و يسهل علي ان أجمع أكبر كمية ممكنة من المعرفة في أقل مايمكن من الجهد الفني و الصفحات . عندما يكون باستطاعتي التعبير عن شيء مهم بخمس جمل فلماذا أكتب خمسين صفحة .
*كأنك تتقصد زج القارئ في متاهة ووضعه خارج اليقين في تحديد الزمان و المكان أو إظهار الأحداث خارج الزمن ؟
**أنا شخصيا" أعاني من نكبة العادات سواء في الشيء المتوارث أو اليومي و حتى الثقافي , وعادات القراءة هي جزء من العادات التي أعاني منها لان العقل العربي مع الأسف الشديد مايزال حتى الآن مستنقعا" في العادات , لايستطيع أن يخرج عنها , و الكتابة و الرواية و الثقافة عموما" مستقرة أيضا" في مواضع ثقافية معينة لاتخرج منها , وكما قال النفري : " العلم المستقر هو جهل مستقر " . أبرز تيار روائي عربي معروف لدينا هو التيار الواقعي , أي يجب أن تعرف زمن الحدث , هل هو صباح أو مساء أو ظهر ؟ و كذلك السنة و الفصل , و يجب متابعة الحدث زمانا" و مكانا" وذروة و نهاية و هذا مللت منه و ضجرت , وأنا دائما" في حالة بحث عن أشياء جديدة , و في كل الأشياء , حتى صباح الخير .
ليس فقط لأانني ضجر أو متمرد بل الأمر أكبر , و هو إنسانيتي مهدورة عبر هذه الفترات , ولطالما تساءلت و بعد هذا العمر إلى أي درجة أنا فرد , أنا فرد في شخصيتي ليس أكثر من 10% , و 90% من شخصيتي هي مكونات مسبقة لأجدادنا السابقين , لا أستطيع أن أفعل مايحلو لي لأني مكبل بتعقيدات و تراثيات و مورثات الأجداد . وأنا استهدف محاصرة القارئ و أحاول عدم استرضائه بل أحاول أن أهزه و أحفزه على مشاركتي في الصراخ لأنه هو أيضا" يريد أن يكون نفسه , نبحث معا" عما هدر منا إنسانيتنا و فرديتنا . لا أكتب له مايريده ليقول هاني الراهب كتب رواية جميلة , أنا أريد أن يقول القارئ ان هاني الراهب كتب رواية استفزازية و أنا منزعج منه , لكن يجب أن انجح في أن أهز قناعات القارئ و اهتمامه , و اعتقد أني قد نجحت في هذا فأينما أذهب أجد من يريد أن يستسفسر لماذا هذا و ذاك , و انا سعيد بالطبع لأنني خلخلت عادات السكون و الاستنقاع .
*من الملاحظ انه ببساطة يمكن إسقاط بعض الشخصيات في " رسمت خطا" في الرمال " على الواقع ؟ هل هذا صحيح ؟
**مثل أي شيء ؟
*مثل شخصية الحجاج الذي قد يكون صدام حسين مثلا " ؟
**الرواية فيها جغرافيتان , جغرافية الصحراء و النفط , و جغرافية مدن الأسئلة , مدن الأسئلة المقصود بها أن هناك أناسا" يطرحون أسئلة يحاولون أن يقدموا لها أجوبة , فتنتج حضارة و ثقافة . الصحراء ما زالت في حروف الأبجدية : نفيطية س و نفيطية ج . طبغا " الحجاج بن يوسف هو نموذج الحكم في مدن الأسئلة , الرواية مهتمة أساسا" بالخليفة و شكل الحكم الموجود في دول النفط العربية , لكن هذا التقسيم موجود , إنما التركيز هو على سلالات الحمك التي جاءت بعد اكتشاف النفط حسب مقالة تشرشل الذي قال : " سأضع على كل بئر نفط حكومة عربية " .
*" لقد أوحشتني أيام الغزو , يومها غاب ليل النفط فحضرت شمس الإنسانية " . مسألة النفط مسألة مهمة جدا" , و خصوصا" إذا حاولانا النظر إلى العراق التي تضخ البترول للغرب , فلا يحصون إلا الحرق لأطفالهم و لإنسانيتهم و لمستقبلهم ؟ , ولنا كعرب جميعا" ؟ هل نعتبر هذه الرواية صرخة ؟ و لأي شيء ؟
**الرواية فعلا" صرخة , لقد عشت هذه الأحداث و المرحلة , و أحسست أن إنسانيتي قد هدرت , واردت ان أصرخ بأنني أريد أن أسترد إنسانيتي التي هدرت لأسباب تذكرها الرواية و أهمها ظهور النفط , فظهور النفط تعتبره الرواية مثل ظهور الإسلام , وكان يمكن أن ينتج حضارة عظمى , لكن الذي حدث أنه فعلا" مثلما قال تشرشل صار على رأس كل بئر نفط ( و ليس حقل ) حكومة عربية , فالنخب العربية التي كان من المفروض منها أن تؤسس لمجتمع جديد وإنسانية جديدة وحضارة جديدة , اكتفت بالموقع الصغير الذي تمكنت أن تحتله و تقتطعه من جسد الوطن العربي و تقيم عليه دولة , وكانت النتيجة أننا الآن كلنا ضائعون مذلون مهانون تائهون أو متخمون و في كل الأحوال فاقدون إنسانيتنا , ليتني أستطيع الآن استحضار أمثلة عن هدر كرامة الإنسان في مجتمعات النفط في هذا الحوار , الرواية أتت بأمثلة محدودة في فصل " تطوحات محمد عربي محمدين " هناك ثلاث عشر مجموعة بشرية يحاكمها محمد عربي محمدين بجريمة إهدار الإنسانية ! إن هذا الهدر للإنسانية شيء مروع .
الرواية تحاول ان تطلق صرخة، استفيقوا أيها العرب، لست مهتما" بالشعار السياسي، بل بألا تهدر كرامة الإنسان، الإنسان في سائر أنحاء العالم مصانة كرامته أفضل من الإنسان في البلدان العربية، صحيح ان الإنسان في الغرب قد يكون مضللا" إعلاميا"، ومأسورا" بحكم مستتر لكن إنسانيته مصانة، فهو يحيا كما يشاء، يعمل، يحب ... عندنا النفط اشترى المؤسسات الثقافية بالكامل، ولا يستطيع الواحد ان يقول كلمة واحدة لاتوافق عليها دول النفط , فكيف تنهض الثقافة بدون حرية و بهذه القيود ؟ و إذا لم تنهض الثقافة كيف لنا أن ننهض ؟ .
*مادعوت إليه في الرواية كان يأتي بأساليب مختلفة و معقدة احيانا" ؟ لماذا كل هذا ؟
**وضع إنساني عمره ثلاث آلاف سنة , وحاضره معقد بهذا الشكل لايمكن ان ينطق به صوت واحد , كان لابد من تعدد الأصوات فجاء صوت المرأة إلى جانب الرجل، وأصوات تختلف في الرؤيا، فمحمد عربي محمدين يرى في الحجاج بن يوسف أول الطغاة العرب الحديثين,
يراه فيما بعد صلاح الدين الأيوبي , بينما أصوات أخرى ترى في هؤلاء مجرمين او مغتصبي حكم , برأيي أن هذا التنوع يساعد على تقديم جميع مجالات الثقافة العربية و أقسامها , فعندما تتكلم بلقيس نعرف أننا أمام ملكة عرفت الحرية و الديمقراطية , لكن النفط جعله مواطنا" بدون حقوق , هذه الفئة التي اسمها ( بدون ) موجودة في الدول النفطية كلها و ليس فقط في الكويت , و صوتها يختلف عن صوت الخليفة الذي يعرف و يعترف أن الدين يسير له أموره و مصالحه، ويستغل به الشعب ليخضع له، إن ظاهرة متشابكة بهذا الشكل تحتاج لعدة أصوات تنقل جميع الملابسات من مختلف الزوايا .
*المرأة في روايتك هل تمثل المرأة الكويتية أم المرأة بشكل عام ؟
**اسمحي لي أنا لم أحصر الرواية بالكويت , إنها تشمل جميع النفطيات , الرواية تأتي بأسماء نساء كثيرات : حتشبوت و زرقاء اليمامة و بلقيس و شهرزاد بالإضافة إلى نساء كثيرات شهيرات مما يعطي نوعا" من الوحدة التي تكلمت عنها في السؤال السابق , المرأة ليست امرأة قطرية في الرواية , فلا هي كويتية و لا مصرية . مثلا" بلقيس اصلها يمني عرفت في الألف الأولى قبل الميلاد وفي القرن العشرين هي كويتية , إذا" منظور الرواية للمرأة منظور عربي و مشاكلها مشاكل ثقافة عربية إسلامية تحديدا" . طبعا" توجد في مجتمعات النفط الآن حالات مفجعة إنسانيا" للمرأة , لأن المرأة تضطر باستمرار للبحث عن الحب خارج الحياة الزوجية، لأن الحياة الزوجية قائمة على تقاليد معينة يظنون انها تقاليد إسلامية ,بحيث أن ابن البلد يحب أن يتزوج ابنة البلد , ماإن يفعل ذلك حتى يمضي كل واحد على هواه .
*كنت في إطار علاقة المرأة بالرجل في الرواية تقف إلى جانب المرأة في حريتها ؟ فلماذا كل هذا الإلحاح ؟
**في مجتمعنا الذي تسيطر عليه الآن دول النفط بإسلامها البديل عن الإسلام الحقيقي , علاقة الرجل بالمرأة ذكرية صرفة , علاقة هيمنة شاملة للرجل على المرأة , لايهتم بها إلا كحاجة و ليس كإنسانة لها مشاعرها و أحاسيسها مثلها مثل الرجل , و هي في المجتمع العربي الإسلامي علاقة عداء و تخوين و إدانة. واستغرب كيف يسعد الرجل بالمرأة خاضعة و عبدة , ! أنا لا أستطيع أن أعيش مع عبد , لذلك قد يكون هذا الإلحاح في الرواية على حرية المرأة نوعا" من الأنانية الشخصية , لأن المرأة الحرة هي المراة الوحيدة التي يسعد معها الرجل , يحاورها يناقشها , يختلف معها يتفق , و بغير هذا تنتفي الحياة .
*لماذا لم تظهر المرأة المفكرة السياسية , بل أبعدتها عن السياسة و هذا ماجاء على لسان شهرزاد عندما سألها شهريار عن اخبار السياسة , فكانت تحاول إلهاءه عن الجواب بأمور الجنس و الحب ؟
**هذا لم يكن لأنها لاتعرف بالسياسة , وقد أظهرت هذا , بل كانت شهرزاد لاتريد الكلام بالسياسة مع شهريار لكي لا يصدم بالواقع السياسي , لكنها تضطر أمام إلحاحه أن تقول له من هو الخليفة , و ان هناك خلفاء كثيرين , و نحكي له في السياسة . أي امتناعها في الحديث عن السياسة هو متقصد من أجل شهريار و ليس بقصد التغييب . أضيفي إلى ذلك أن حياة شهرزاد الرئيسة حياة ثقافية بالأساس و ليست سياسية , كما أنه ليس مطلوبا" من كل امرأة أن تعمل في السياسة , شهرزاد هي نموذج للفن الرفيع في الثقافة العربية , هي التي جابهت الموت و انتصرت عليه , و هي نؤمنة فعلا" أن الفن يحمل الحياة و هذا متفق عليه عالميا" . و فوق هذا فالنفط و ليس هاني الراهب هو المسؤول عن تغييب المرأة في العمل السياسي .
*رغم حالات الحب و العلاقات الجميلة في الرواية بين أفقزاد و أبو الفتح الإسكندري , علاقة شهرزاد و مسعود ... لكن لم تستطع أن تمحو السوداوية التي تظهر في الرواية , ما السبب ؟
**توجد علاقات جميلة جدا" بين الرجل و المرأة لكنها ليست بارزة في الرواية إلى الدرجة التي تشبع طموح الإنسان , لأن هذا العصر الذي نعيش فيه عصر النفط و معه إسلامه البديل لا يترك مجالاً لان تنهض علاقة جميلة و سعيدة و ذات معنى بين الرجل و المرأة , و أؤكد على ثلاث نقاط رئيسة مهمة جدا" أن هذا العصر لا يسمح بإقامة علاقة جميلة و سعيدة و ذات معنى بين الرجل و المرأة , بل هي علاقة فيزيولوجية و استعبادية , علاقة لاتضمن من الإنسانية مايشفع لها عند أي إنسان .
الرواية تكشف عن وضع لا إنساني , فعم الخليفة يقتل الفتاة مشاعل بوحشية , لانها أحبت رجلا" و نشأت بينهما علاقة جميلة , يأتي عم الخليفة و يطلق النار أولا" على ركبتها ثم بين فخذيها ثم في عينها , هذا النوع من القتل و هذا النوع من العقوبة و السادية يكشف عن أشياء لا إنسانية صارخة , و هنا دعوة للبدء بعالم جديد , و عصر جديد , تنشأ فيه امرأة قادرة على اختيار الزوج الذي تريد أن تعيش معه , وان يكون هذا مصدر فخر للرجل , لان امرأة واعية و مثقفة اختارت أن تعيش معه و ليس أن تخضع له , بهذا الشكل يمكن أن يكون الرجل و المرأة إنسانين و ليس قطيعا" . حتى في علاقاتنا السياسية لم نكن إلا ذئابا" , فمن يصدق أن العراق يغزو الكويت , و يعرض شعبه للعبادة , ولا ألوم أميركا الآن نواياها معروفة , بل ألوم أنفسنا نحن العرب و ما وصلنا إليه في تردينا بإنسانيتنا إلى درجة لا توصف بأن نغزو بعضنا بعضا" و نعرض أبناءنا للقتل و التدمير و الجوع .
*كيف وصلت إلى هذا المستوى من اللغة العالية ؟
**العمل الواعي في الرواية على اللغة , كان يتناول الأصوات الثمانية في الرواية , و أدركت منذ البداية أنه على كل صوت أن تأتي بلغة خاصة و بأسلوبه الخاص , فهناك أصوات تحكي بلهجة عامية مثل كلمة " شوفي " و هي كلمة فصيحة لكن لكثرة استعمالها يظن انها عامية , و هناك أيضا" شخصية أميركية فلا بد من ان يكون أسلوبها و تركيب الجمل لديها يذكران بالأسلوب الأمريكي , هذا هو جانب الوعي , الأسلوب , صياغة الجملة , الفقرات , النقط , الفاصلة , اختيار الكلمات .... لكن كنت عموما" و أنا اكتب في حالة نفسية و حالة فكرية محبطة تماما" بعد ان أمضيت عدة سنوات في الكويت , و ماذا حدث للإنسان هناك , و كنت أخشى و اتوقع أن تكون لغة الرواية لغة ميتة , رغم أن كل رواياتي السابقة حتى الفاشلة منها كانت لغتها قوية و جميلة و هذا ما قاله النقاد , و تفاجأت بأن كثير من القراء الذين اعتز بآرائهم و منهم علي كنعان و عابد اسماعيل و ميشيل كيلو و كمال أوديب و الناقدة الكبيرة خالدة سعيد أن لغة " رسمت خطا" في الرمال " لغة شاعرية برهافتها و رقتها , و أنا مندهش و سعيد بهذا .
*في المقاطع الاولى من الرواية ظهر السجع و الطباق .. اختفى هذا فيما بعد , فما السبب ؟
**هذا سؤال جميل , تعرفين انني من التراث العربي أخذت شخصية أبو الفتح الإسكندري و عيسى بن هشام هؤلاء بطلا المقامات لبديع الزمان الأصفهاني التي تقوم على السجع , و السجع ليس فقط أسلوبية لغوية في ثقافتنا , إنما هو صفة عقلية أيضا" , نحن العرب نطرب للسجع و هذا جزء من تخلفنا , والرواية ترصد بشكل مستتر تقريبا" كيف تحول عيسى بن هشام من السجع الذي هو البلادة و التكرار و الاستغراق إلى أسلوب مختلف عندما تمرد على خالقه بديع الزمان الهمذاني , أراد أن يكون شيء آخر حديث و معاصر. لا شك أنك تذكرين المعركة التي قامت بين الشعر العمودي و الشعر الحديث , و هذا نوع من الدعوة لضرورة التطور و التطوير في اللغة و الأسلوب ليس مجرد ذلك , بل لأن تطوير اللغة يعني تطوير العقل .
*ماهي مشاريعك الجديدة ؟
**هناك رواية جديدة هي " الأسلاف " و هي بالحقيقة قصة شخصية , لكني أعيد معمارها بحيث تبين أحد أسباب فشل الحب , فـ 90 % من الناس يفشلون في علاقات الحب . و سيصدر قريبا" " خضراء كالبحار" و التي تأتي بعد " خضراء كالمستنقعات " , و " خضراء كالحقول " .
و اخيرا" : إن الرواية بين أيدي قرائها الآن . فهل سينهض بعضهم و يكفر مؤلفها ؟ هل ستطارده الأنظمة ؟ هل سيعتبر زندقيا" و إباحيا" .. ؟



#ماري_اسكندر_عيسى (هاشتاغ)       Mary_Iskander_Isaa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ والبحر لارنست همنغواي مترجمة باللغة الآشورية
- الانتحار- ظاهرة خطيرة في اقليم كوردستان
- لماذا تخلى العالم عن السوريين في ثورتهم
- قراءة في كتاب عن ديوالي دوسكي ..للباحثة تريفة دوسكي
- قراءة في رواية أحلام مستغانمي -الاسود يليق بك-
- معرض اربيل الدولي للكتاب


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماري اسكندر عيسى - حوار مع الروائي هاني الراهب قبل وفاته