أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار البلشي - طقوس ما قبل الخروج من المنزل














المزيد.....


طقوس ما قبل الخروج من المنزل


عبد الستار البلشي

الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


استيقظ من نومه وانسل بخفة من الفراش، وبخطوات مترفقة حذرة اتجه صوب أحد أركان الغرفة. حيث انتصب قائما هناك بعد أن استدار ميمما وجهه شطر السرير. وأخذ يصفق جانبى صدره بضربات متتابعة من كفيه ثم صاح:
ـ كو كو كو كو.. كو كوووووك.

تقلبت الزوجه في الفراش. تمطّت طويلا. ثم تثاءبت بصوت مسموع، كاشفة عن كامل إفاقتها، فكف عن الصياح.
ومن فوق وسادتها، ألقت نظرة إلى النافذة، رأت نور الفجر يتسرب من خصاصها. تمددت بطول السرير وأخذت تتقلب يمينا وشمالا فى دعة، ثم شدّت جسمها بقوة حتى انحنى ظهرها للخلف ـ فى ليونة ـ كالقوس. استرخت طويلا وأسبلت عينيها متنهدة فى راحة، و بكسل وتراخ اعتدلت جالسة، ثم قالت بسخرية خفيفة وهي تهز رأسها:
ـ صباح الخير يا دعا أمى.. ربنا يبارك لي فيك.
وقبل أن يرد تحية الصباح بللت شفتيها بطرف لسانها، ثم أردفت باسمة فى جحود:
ـ لم يعد لي فيك من الديك سوى صياحه.

رد عليها التحية، متجاوزا عن كلمتها الأخيرة، التي اعتاد تقبلها كمتلازمة لمزاجها السىء فى لحظات صحوها الأولى. وظل واقفا في مكانه مشدود القامة مفرود الذراعين إلى جانبيه، في انتظار ما تنبس به شفتاها. فأشارت له بسبابتها أن تعال. توجه إليها بخطوات ثابتة مستقيمة حتى دنا منها بالقدر الذى لا يرهقها عند الكلام. فسألته في صوت خافت:
ـ جهزت الحمام ؟
فرد بلهجة تقريرية وبصوت عال لا يناسب المقام:
ـ الحمام جاهز من ليلة أمس يا...
رفعت كفها قاطعة كلامه، وقالت:
ـ طيب.. طيب، جهز الفطار حتى آخذ حمامي.
ـ حاضر.
قالها مشفوعة بإيماءة من رأسه، دون أدنى حركة من باقي أعضاء جسمه.
شملته بنظرة عابرة، وهي تبحث بقدميها عن خفّها حتى وجدته ودستهما فيه.
انتصبت قائمة وهى تتمطى ثانية باستمتاع، وتتثاءب عميقا وبصوت مرتفع. ثم تلوت مطوحة صدرها للخلف، فبرز نهداها العفيان مقتحمين كاملي الاستدارة. ومسلوبا حدق فيهما تحديق من لم يكن فى ضيافتهما الطويلة ليلة أمس. غضت الطرف ـ فى كبرياء وزهو ـ عن نظرته ولفت الروب حول جسدها العامر، ومضت تتهادى بخطى بطيئة إلى الحمام.

*****

همس لنفسه وهو بسبيله إلى المطبخ: يبدو أن مزاجها متكدر زيادة عن المعتاد هذا الصباح، ثم استدرك في استكانة مشوبة بالأمل: لكنها لن تلبث طويلا حتى تروق وتستعيد مزاجها الطيب.

انخرط فى إعداد الإفطار بهمة ومتعة حتى أنجزه في وقت يسير رغم تنوعه. قام بنقله إلى المائدة وكله آذان مشرئبة صوب باب الحمام.
وما أن انتهى من رص الأطباق على المائدة، حتى سمع تكة مزلاج باب الحمام، فتجمد واقفا حيث انتهت به آخر حركاته.

عندما وقعت عليه عيناها وهى خارجة من باب الحمام بادرته، وهى تشد الروب على وسطها، بقولها:
ـ لماذا تقف هكذا كالتمثال ؟! اجلس لتأكل حتى تلحق بعملك.
جلس لكنه لم يبدأ الأكل إلا بعد أن جلست وقالت:
ـ بسم الله...

*****

لدى خروجه وقبل أن يتجه إلى باب الشقة، طلبت منه الرجوع بعد نظرة ألقتها على ربطة عنقه وحذائه. فلما رجع إلى حيث تقف تماما، قامت بإحكام ربطة العنق حول رقبته وعدلت من ميلها. ثم أقعت على الأرض وقامت برفع ساقه، ووضعت حذاءه على فخذها ـ فردة تلو الأخرى ـ ثم فكت رباط كل فرده وأعادت ربطه من جديد، وهى تقول ضاحكة:
ـ متى ستتعلم ربط حذائك؟

ابتسم فى خجل، فضربته برفق على مؤخرته، فيما كان يتوجه إلى الباب، مؤكدة عليه بضرورة عدم التأخير. فالتفت إليها وقد أشرق وجهه بالامتنان والرضى. وعندما تخطى عتبة الباب، الذى سبقته إلى فتحه، بدا وجهه، وهو يستقبل الشارع، أكثر إشراقا وأكثر رضى.



#عبد_الستار_البلشي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العائد
- الموت فى الظهيرة
- وقت أن صاح الديك
- سالم
- العرس
- مطاردة
- حكاية الرجل و النمر الذى تحول كلبا
- صباح باللبن


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار البلشي - طقوس ما قبل الخروج من المنزل