|
مَنْ الخائن نحن أم الحزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د.)؟
عزيز ميرسيني
الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحمل الشعب وطأة المعاناة من حزب النظام (ب. ي. د.) إلى حد الانتحار. لم يتعاون مع حزب النظام، قيد أنملة إلا شريحته الدنيا، شريحة من عالم المخدرات والجريمة والنهب والسرقة والسلب علاوة على النخبة الانتهازية بجميع أصنافها ودرجاتها. بقيت الأغلبية الساحقة صامدة في وجه النظام وحزبه كالطود لا يزحزحها المؤثرات الفتاكة، وكأنها حصنت بمناعة طبيعية كما الذهب لا تؤثر فيه التقلبات والتغييرات بطول الزمن. هذا يعطي صورة جلية عن أصالته التي أشادت بها الشعوب المجاورة والبعيدة التي تعاملت معه. فأعطت المغاربة به مثلا بقولهم "الكرد لا يذل". وشهد التاريخي الإسلامي أن شعبين من شعوب الأمة الإسلامية لم يقبلا بالنظام العبودي الموجود في الإسلام، هما الكرد والأفغان، ناهيكم عن جوانبه القتالية والشجاعة والجرأة. لا يدري أحد بما عاناه ويعانيه هذا الشعب في كردستان الغربية من عذاب وإيذاء يجريهما عليه هذا الحزب إلا الشعب نفسه. فوطأة المحنة شديدة تخرج عن حدود الوصف. صمت بإباء وصبر بعزيمة لا تجاريها عزيمة. عندما سنحت له الفرصة لينجو بنفسه من هذا العذاب المميت الجاري بحقه، توجه بقوافل لفت بها أنظار العالم عليه. حينها أدرك هذا العالم عن معاناته وهو صابر عليها. وكذلك أدركت الدنيا بعظمته وتحمله وجلده، فصار حديث الساعة، ولكن سوء تقسيمه وتوزيعه بين دول عدة سرعان ما كف العالم عن الحديث الذي بدأ به، وتركه مرة أخرى عرضة للمعاناة والموت المحقق؛ وذلك لمصالحها مع الدول المقتسمة. فيما مضى كنا نراه يذبل يوما بعد آخر بين يدي جلاد السلطة بحجة الوطنية ومقاتلة أعداء الكرد من السلفيين والقوميين ومن لف لفهم، بينما كنا نراه كيف يجلس هذا الحزب مع أعداء الشعب ويخطط معه في القضاء عليه باسمه (الشعب) وبانتحال الحرص على وطنية الشعب. لم نكن عمليا في ردنا عليه وتعريته. كل ما قدمناه لا يخرج عن طور التعبير عن المعاناة وشدة الألم، وإلصاق الخيانة بهذا الحزب. وعلى صعيد آخر اللوم والعتاب والانتقاد للحراك الكردي على تقاعسه. هذا ما قمنا به لم يفد الشعب المعاني ولم يستفد منه إلا اليسير اليسير. بالرغم من علمنا بذلك، لم نغير من أسلوبنا هذا على مر العقود. وكأن مداركنا لا تتعدى حدود ذلك مع توفير المجال الشاسع في تجاوزها بأشواط كبيرة جدا. ما شخص أحدنا أن هذا الحزب هو حزب النظام ولا علاقة له بالكردية إلا لإجهاضها، وتدميرها. إلى اللحظة نحسبه على الحركة الكردية ونعتبره إما خائنا أو مخطئا، هو وأنصاره وأتباعه يعتبرونه وطنيا يقود شعبا جاهلا من الوقع في الهاوية إلى جنات النعيم. هذا العمل الذي همشناه أو أغفلناه وحتى إذا اعتبرنا أننا لم ندركه لا يبررنا من تحمل المسؤولية والمشاركة مع حزب النظام هذا في إيذاء الشعب في هذا الجزء. كسؤال بسيط أود طرحه علينا جميعا لكيلا يتهمني القارئ الكريم بالمبالغة والاتهام بشراكتنا مع حزب السلطة من غير حق. هل يبرر الطبيب فيما إذا جهل علة مريضه؟ ونحن في حالتنا هذه أشبه بالطبيب فإذا احتجينا أننا كنا نجهل العلة، لن يقبل منا ذلك مريضنا، سيرد علينا كان عليكم مصارحتي بجهلكم ذاك. للأسف، لم نصارح يوما لمريضنا أننا نجهل علته، وكل واحد منا كتب ويكتب بقدر التلال من الأوراق في معرفته للعلة واضعا العلاج ومؤكدا عليها، وفي واقع الحال، يضلل ويغرّر بالمريض. لدى البحث في مقالات كتابنا الأجلاء والمناهضين لحزب النظام نجد الاتهامات بالخيانة والعداوة والعمالة. وفي واقع الأمر لا يمكنني أن اعتبر بعثيا مثل محمد طلب هلال خائنا للقضية الكردية أو عميلا، فقط يمكن وصمه بالعداوة، لكونه ليس كرديا. وكردية الفرد لا يخوله أن يكون قوميا محبا لأبناء جلدته، وهذا المفهوم انتهى مفعوله عندما تحولت الرأسمالية إلى الإمبريالية. في عصر الإمبريالية ليست للقومية أو العرق أو الجنس أو الدين أو العقيدة وغيرها من هذه المجمعات والمصنفات للمجتمع البشري أي معنى، فالصلة الجديدة والجامعة هي المصلحة المشتركة. لذا لم يجد لينين أن يبغض الأبيض الجنس الأسود أو أن يفضل دينا على دين؛ إنما الأخوة والقرابة القائمة فيما بينهم هي المادة (الاقتصاد) والمادة في حالتنا هذه المصلحة. فحزب الاتحاد الديمقراطي هو حزب النظام، لا يمكننا اتهامه بالخيانة والعمالة والتشبيح وغيرها. علينا التعامل معه على هذا الأساس. لو أن كتابنا ومثقفونا عاملوا هذا الحزب على ما مرّ معنا أعلاه لما استطاع الرئيس البارزاني ضمه إلينا، ربما دعاه لاجتماعاتنا كضيف، كما سيدعو سيادته على المؤتمر الكردي المزمع عقده في عاصمة إقليمه هولير قنصل تركيا وإيران وممثل حكومة معالي رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي، وكذلك سفير سوريا في بغداد كأصدقاء للشعب الكردي ليدعمونا في تحصيل حقوقنا من الدول المقتسمة لكردستاننا. صمتنا تجاه هذه الأمور المشينة لن يرحمنا لدى الأجيال القادمة. فالخيانة ليست لحزب النظام؛ إنما هي لنا، ونحن هنا نخون قضيتنا وقوميتنا حين نسكت على هذه الحالات، بل نتلهف لحضور مثل هذه المؤتمرات دون أن نشعر بوخزة الضمير أو يسري في دمائنا تيار من الحياء والخجل لتحمر بها خدودنا خجلا ويندى جبيننا له؛ إنما نكتب وكأننا الأبطال المدافعون عن حقوقنا. وأي حقوق ندافع عنها وغدا سيحضر ممثلي مقتسمي أراضينا ليبدوا صداقتهم لنا كضيوف في مؤتمرنا القومي. أي خجل أكبر من هذا نواجه بها المجتمع الدولي. أنا لا أخوّن حزب النظام (ب. ي. د.) فهو حزب يدافع عن برنامجه الموضوع له بكل أمانة وصدق، ويقدم الضحايا في سبيل ذلك. أما نحن على العكس نتقاعس عن واجبنا، بل نضلل جماهيرنا وجموع الشعب في هذه الاتهامات والتوصيفات التي لا تمت إلى أمثال هؤلاء البتة، ونتهافت إلى اجتماع يعقده لنا الإقليم على أنه اجتماع لجمع شمل الكرد في وحدة من أجل تحقيق مطالبه، ويكون عدونا فيه ضيفا صديقا علينا ليزخرنا ويثرينا بالنصائح الأكيد من أجل تحقيق مطالبنا! هلا انتقدنا الإقليم على هذه الإهانة المشينة التي يهيننا بها؟ وكذلك رفضنا دعوته هذه لأنها لا تنم عن الوطنية بشيء، بل هو لخدمة هؤلاء الضيوف الأصدقاء؟ فالخونة نحن الساكتون عن هذه الإهانة وهذه العمالة الواضحة لمقتسمينا وليس حزب النظام حزب الاتحاد الديمقراطي (ب. ي. د.). إذا كنا حقا وطنيين ولسنا انتهازيين ومرائين ومجاملين سنكتب وبشدة في هذا الخصوص ولن نحضر هذا المؤتمر مهما كانت الحجج والذرائع. ولكني واثق أننا انتهازيون ومنفعيون نتهم غيرنا بما نحن عليه، وغيرنا براء مما نكيله إليهم. لنكن جريئين بأننا نخون قضيتنا، ونرائي الإقليم في دعوته هذه من أجل هذا المؤتمر؛ وكذلك لتنتابنا الشجاعة أن حزب النظام سيقتل الشعب بتجويعه وتعطيشه. ولنقم بمظاهرات نحتج بها أمام برلمانات وسفارات دول العالم مبينين أن الشعب الكردي في سوريا بهجرته هذه أكد لكم أن حزب النظام (ب. ي. د.) لا يمثله، كفاكم تفرضونه علينا من أجل مصالحكم مع الدول المقتسمة لأراضينا. وفي الختام أقول لن يحضر هذا المؤتمر إلا مراء وانتهازي... ولن يمتنع عن الدعوة لمظاهرات كبيرة بنين رفض الشعب لحزب النظام (ب. ي. د.) إلا خائن... أدعو جميع الكرد دون تميز للمشاركة معنا وكذلك أصدقاء الشعب الكردي ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وغيرهما للمشارك معنا في هذه المظاهرات التي ستتوجه برسالة موحدة إلى دول العالم. ونرسلها إلى الأمم المتحدة ورؤساء الدول الكبرى أيضا. أدعو الجميع إلى تبني هذه الفكرة والعمل من أجل تحقيقها، والآن وقتها، إذا فوتنا الوقت لن نستفيد بعدها من أية مظاهرة نقوم بها... ----------------------------------- عزيز ميرسيني [email protected]
#عزيز_ميرسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
براءة كرد سوريا الشرفاء من تهديدات الإقليم
-
رسالة المتملقين أم رسالة المتألمين للبارزاني؟
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|