|
دستور جديد وإلا بلاش |
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 03:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دستور جديد وإلا بلاش | مجلة 7 أيام | 13 أغسطس 2013 -- ثورةٌ: تعني دستورًا جديدًا. سقوط حاكم: يعني سقوط الدستور القائم. تلك أبجديات السياسة. واليوم، وقد مرَّ شهرٌ على أكبر ثورة في تاريخ البشرية 30 يونيو 2013، في أعظم يوم في تاريخ مصر الحديثة، لا نود أن نقع في ذات الخطأ القديم الذي ضيّع منّا ثورة يناير 2011 وأورثنا التهلكة. لماذا "يجب" كتابة الدستور، قبل انتخاب الحاكم والبرلمان؟ لأن الدستور،Constitution، هو خطة عامة ترسم حدودَ الدولة الجغرافية، وتصكُّ القانون الأعلى الذي سيحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم ،ويضبط صلاحيات وتخصصات السلطات السيادية (التشريعية- القضائية- التنفيذية)، وينظم حقوق وواجبات الأفراد، ويحجِّم صلاحيات الحاكم. تعالوا نتذكر معًا كيف أجاد الإخوان والتيار الإسلامي حبكَ المؤامرة، وجدْل الأنشوطة حول عنق الشعب المصري، بعد ثورة يناير 2011. في جريدة "المصري اليوم"، بتاريخ 20 يونيو 2011، صرّح د. سليم العوا بأن "المطالبة بوضع دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية يُعدّ تحديًا لإرادة الأمة التي طرحها استفتاء 19 مارس لتعديل بعض مواد دستور 71." وبصرف النظر عن اعتبار العوا أن "الأمة" قد وافقت على ترقيع دستور ساقط، إلا أنه أغفل أن صانع القرار "نفسه" قد أسقط ذاك الاستفتاء بالإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس، أي بعد أيام قليلة، لا غير! نعلم الآن لماذا أصر العوا والإخوان والإسلام السياسي إلى التمسك بالانتخابات البرلمانية، بل والرئاسية (قبل) كتابة دستور جديد يحكم أداء البرلمان، وأداء الحاكم والحكومة. كان العوا يُمنّى النفس بأن يغدو رئيسًا لمصر. فإن لم يكن هو، سيكون غيره من "الأهل والعشيرة" الإخوانية أو المتأسلمة، وأن الأغلبية البرلمانية أيضا ستكون لهم؛ وبالتالي المطلوب هو وجود "الشخص" قبل وجود "القانون"، لكي "يُفصّلَ" هذا "الشخصُ" ذلك "القانونَ" على مقاسه بالتمام. والمنطقي هو العكس، أي أن يوجد أولا "القانون" الذي سوف يحكم "الشخص" و"البرلمان" و"الشعب"، فنضمن التوازن والعدالة والديمقراطية. وبالفعل حدث ما سعى إليه السيد "العوّا". احتلَّ الإسلاميون البرلمانَ بغرفتيه، واحتلوا مقعد الرئاسة. وهو ما يذكّرنا بمقولة السيد "صبحي صالح" الخالدة: "لو أن الإخوان دفعوا للترشح ‘كلب ميت’، سوف يفوز بالكرسي." وبالفعل سرق الإخوان الكرسي الكبير وكراسي البرلمان، بخداع الشعب المتدين بكارت الدين، ومقايضة أصوات الفقراء بأكياس السكر وقناني الزيت، وبترويع الناس برجال خرجوا حاملين أكفانهم لو لم يفز مرسي، وبمنع قرى كاملة من التصويت، وبتزوير بطاقات المطابع الأميرية وعشرات الأساليب الإخوانية الأخرى التي أوصلتهم لحكم مصر. وبعدما استقرت مؤخراتهم على كراسيها، شرعوا (فورًا) في تفصيل دستور محبوك على أجسامهم بمعرفة "مقصّدار" محترف يعرف تفاصيل وأسرار وخفايا وخبايا "الجسم الإخواني المترهل". فهل نكرر الآن الخطأ الرهيب ذاته؟! كيف نقبل "بترقيع" دستور الإخوان الذي لا يضع حدودًا جغرافية لدولة مصر، لكي يسهّل عملهم في منح حلايب وشلاتين للسودان، وسيناء لأبناء غزة، من أجل راحة إسرائيل، حليف الإخوان؟ بتاريخ 28 فبراير 2011، كنتُ أجهل ما سيحدث لمصر من خراب وويل على يد الإخوان، كنتُ مازلت في سكرة الحلم بأننا على أبواب دولة سيادة القانون الديمقراطية النظيفة، فكتبت بعمودي بالمصري اليوم مقالا عنوانه "حلم العودة إلى 1954". جاء فيه: "هل يجوز لي أن أحلم بغدٍ أكثر جمالا يليق بأعرق الحضارات: مصر؟ أن أحلمَ بجمهورية مدنية ليبرالية حرّة؟ تتقلص فيها صلاحياتُ الرئيس وسُلطاته، ليكون القرارُ للشعب متمثلا في برلمان حر؟ مجتمع مدني علمانيّ لا فرق فيها بين امرأة ورجل، مسلم ومسيحيّ، فقير وغنيّ، صاحب سلطة وعديمِها؟ وهنا وجب عليّ أن أضع التعريفَ الصحيح لمفردة "العلمانيةSecularism : "فصل الكهنوت عن السياسة". هكذا تقدمت أوربا حين حرّرت السياسةَ والعِلمَ من سيطرة الكنيسة. الدين لله والوطن للجميع. هكذا ببساطة. لا فيها إلحادٌ ولا كفرٌ ولا لادينية ولا رذيلة، وغيرها من التُّرهات التي التصقت زورًا بهذا المصطلح لمجرد أن جاهلا أساء فهمَها، ثم نقل فكرَه المغلوط لآخرين، وبدورهم ظلّوا يتناقلون الأغاليطَ دون فهم. تلك ثقافة: "قالوا له"، أو ثقافة "الشائعة" التي وضعها المفكر الإنجليزي فرنسيس بيكون في ق 17، ضمن "الأصنام الأربعة" التي تستعبد الإنسانَ وتعوّق التفكير السليم. أسماه: صنم "السوق"، حين يتداول السوقةُ الأفكار المغلوطة، ثم يشيعونها بين الناس فتغدوا حقائقَ دامغة يتقاتل الناسُ في سبيلها دون أن ينتبهوا أنهم يتقاتلون من أجل ترهات وأكاذيب. هل أحلم بجمهورية برلمانية ديمقراطية تقوم على دستور نظيفٍ عادل يحترم كرامة المواطنين ويحفظ حقوق المواطَنة لجميع أبنائه دون تمييز، ويحميهم من بطش الحاكم؟ دستور مدني راق مثل دستور 1954، الذي أُجهِض قبل أن يرى النور على يد الضبّاط الأحرار. هل أحلم بدولة تحتضن مواطنيها فيشعرون بانتمائهم الحقيقي لها فلا يهينون أرضَها ولا شرفَها؟ يتقنون أعمالهم ولا يلقون قمامة في الطريق، يحبون بعضهم البعض فلا يخرجون من أفواههم إلا القولَ الراقي بوصفهم أبناء أجمل وأرقى بلاد الله؟ هل أحلم بمياه النيل خالية من المعادن الثقيلة والرصاص والبكتريا التي دمّرت كُلى المصريين وأكبادهم؟ وخضروات خالية من المبيدات المسرطنة التي جعلت آلافًا من أطفال مصر يرقدون على أسرّة مستشفى 57، بدل أن ينعموا باللعب مع أقرانهم والنوم في حضن أمهاتهم؟ هل أحلم أن نزاوج بين تكنولوجيا 2011، التي صنعت ثورتنا، ورُقيّ مصر في الخمسينيات؟ أحلامي كثيرة لا تتحملّها مساحة هذه الصفحة. لكنها، كما ترون، لا تخرج عن الحقوق الإنسانية البسيطة التي تكفلها كل دول العالم المتحضر لأبنائها. الحلمُ بالحياة، في تعريفها البسيط الأوليّ.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فساتين زمان
-
رسائل إلى معتصمي رابعة
-
مرسي وميمو... وفؤاد المهندس
-
المسلسل الهندي-;-: -;-الاتجار بالأديان في شريع
...
-
كلاكيت تاني مرة/ بالمرح والإبداع، المصريون يُسقطون النظام
-
دمُ المصريّ، الرخيص!!
-
حبّة تمر، وصليب أزرق
-
مقال الذي مُنع من النشر في عهد مرسي
-
عصام العريان، وحكايا عالم سمسم
-
الفريق السيسي، صانع الفرح
-
عزيزي مقهى إيليت
-
يعقوب، وطفل يحمل الكفن
-
مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!
-
إيد واحدة
-
الشاهدُ على لحظة الفرح: المقدم حسين شريف
-
حلمُ العودة إلى 1954
-
مادةٌ -فوق- دستورية!
-
-نريدْ/ إسقاط/ ْأبواقِ النظام -
-
يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض
-
لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
المزيد.....
-
مع شروق الشمس فوق واشنطن.. شاهد لحظة ظهور حطام طائرة في نهر
...
-
بعد التأجيل.. إسرائيل تبدأ بإطلاق سراح فلسطينيين من سجونها
-
مقتل سلوان موميكا الذي أحرق القرآن في السويد، ماذا نعرف عنه؟
...
-
مقتل سلوان موميكا الذي أحرق نسخاً من القرآن في السويد
-
إعادة بناء غزة ـ سعي مصر لجني مكاسب.. ما ثمن ذلك عند ترامب؟
...
-
مسؤول مصري يكشف سبب التأخر في إخراج المصابين في غزة عبر معبر
...
-
السويد تقدم لأوكرانيا أكبر حزمة مساعدات عسكرية منذ 2022
-
دولة أوروبية تواجه 72 ساعة من الظلام بسبب الخروج من نظام الط
...
-
هيئة الاتصالات الروسية تعلن التصدي لنحو 11 ألف هجوم إلكتروني
...
-
الجنود الفرنسيون يغادرون آخر قاعدة لهم في تشاد
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|