أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمد الحمّار - تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب














المزيد.....

تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4190 - 2013 / 8 / 20 - 23:44
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


قال لي أحد الأصحاب: "أعْلمَني أحد معتصمي الرحيل بباردو أنّ الأمر أصبح مَقضيا بين راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي". وكان ذلك على خلفية لقاء "مُركّب" تمّ بين الرجلين بباريس بتاريخ 14 أوت/آب/أغسطس 2013.

ذُهلتُ من كلام صاحبي وعقَّبتُ عليه على التوّ: "هذا خبر خاطئ. حتى ولو افترضنا جدلا أنه صحيح فسوف لن نترك الرجلين يأتمران بأوامر أمريكا وفرنسا وألمانيا على حساب مصالح الشعب التونسي". وإذا بالرجل ينفعل ويردف صائحا: "من أنتم؟ وإلى أي حزب تنتمون؟"

من خلال موقف مخاطبي فهمتُ كل التناقض الذي يسيطر على جانبٍ من المجتمع لم يعِ بعدُ معنى أن يكون الفرد جزءا لا يتجزأ من المجموعة الوطنية، ناهيك أن يدرك أنّ المجتمع أقوى من الأحزاب مجتمعة وأنّ النظام السياسي الأمثل والأصلح والأجدى، حسب العقد الاجتماعي التاريخي و العالمي، وحسب كل العقود، هو الذي يمتثل بمقتضاه الأحزاب لموقف المجموعة المستنيرة بفضل نخبها، وأنّ العكس جريمة في حق هذا الأخير وفي حق الديمقراطية وفي حق الإسلام وأخلاق الإسلام.

لقد اغتيل الناشطان اليساريان شكري بلعيد ثم محمد البراهمي، وربما أُسكتَ صوت الحق لمناضلين آخرين بعنوان "السكتة القلبية"، لا لأنّ هؤلاء كانوا يمثلون أحزابهم ولكن لأنهم كانوا يمثلون الشعب وسلطة المجتمع. والدليل على ذلك أنّ مئات الآلاف من المواطنين الذين رافقوا هؤلاء الشهداء إلى مثواهم الأخير قُدّرت أعدادهم بأضعاف أضعاف منخرطي أحزابهم، بل كانت صورةً صادقة لمجتمع متّحد حول غاية التَوقِ إلى التحرر واستقلالية القرار والتقدم.

إنّ كلام صاحبي يترجم حالة الحصار التي تريد الأطراف الرجعية فرضها على مجتمع أصبح في المقابل يثق شيئا فشيئا في مهاراته المكتسبة بشأن مقاومة كل مخططات التشكيك والتضليل التي يريد مُروّجوها الإطاحة به. كما يدل على أنّ تلكم المزاعم لم تعد تنطلي على مجتمع قرر تكليف نفسه بنفسه بـ"مطاردة السارق حتى يصل إلى باب بيته" كما يقول المثل الشعبي.

وبالفعل، لئن لم يتمّ نفي حصول لقاء في باريس (في 14 أوت2013) بين الغنوشي وقائد السبسي فالمؤكد أنّ اللقاء لم يكن مبرمجا مسبقا بل كان مخططا له بنيّة التشويش على العقد الذي يربط قائد السبسي وجماعته بالهمامي وجماعته وذلك من قِبل جهات أقل ما يقال عنها إنها قطعة الفحم التي تعتمدها السلطة السياسية لممارسة الشعوذة على روح وعقل المجتمع. وقد تمّ تكذيب كل الادعاءات المُلوِّحة بأنّ الغنوشي وقائد السبسي قد اتفقا على خارطة طريق تسد الطريق أمام الهمامي والجبهة الشعبية بالرغم من أنّ هذه الأخيرة مكوّنٌ أساس لجبهة الإنقاذ، التي ينتمي إليها قائد السبسي ويدحضها الحزب الإخواني (وتم التكذيب في حديث أدلى به حمة الهمامي لإذاعة "شمس آف آم" بتاريخ 20 أوت 2013).

والشيء من مأتاه لا يستغرب. فتلك الفتنة تندرج ضمن حملة منظمة تشنها أطراف متأسلمة على اليسار عموما، ولو كان هذا الأخير يسارا مؤمنا في حِلٍّ من كل صلة افتراضية تربطه بيمينٍ مهرِّب للإسلام. وثبوت الفتنة التي تستهدِف اليسار ولو كان مؤمنا أمرٌ لم يعد يحتمل التشكيك. كيف لا و قد كان وزير الصحة الإسلامي آخر من عبّر عن انزعاجه من اليسار بالرغم من استقطاب هذا الأخير لفئات عديدة من المجتمع، لمّا أجاب عن سؤال "هل أنت عطلت لغة الحوار؟" ألقته عليه جريدة "المغرب" بقوله "إننا ندعو إلى الحوار وهذه الادعاءات كاذبة من قوى اليسار" ("المغرب" بتاريخ 20 أوت 2013 ص7)؟

أما المجتمع فهو بالمرصاد حتى لمحاولات التشكيك التي تأتي من داخل جبهة الإنقاذ نفسها. وإلا فكيف نُفسر حملة التشويه التي يتعرض لها حاليا الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي من طرف مكوّن (عروبي) من مكونات الجبهة بعينها؟

بالمحصلة، سواءً كان التشكيك والتضليل والتشويه مأتاه الأحزاب اليمينية أو اليسارية، السلطة أو فئة ضالة من المجتمع، فإنّ هذا الأخير أبدى إصراره على دفع السلطة في تونس إلى حيث الاستقلالية بشأن اتخاذ القرار السياسي.

وليَبْقَ الإخوان إخوانا، إن شاء المجتمع، لكن فليُحَوّلوا وِجهتهم إلى حيث تكون تونس أكبر مما صوّرها لهم المستعمر الفرنسي واستنسختها العقلية التابعة التي يجسدون واحدا من أبعادها، وحيث تكون تونس أغنى من حيث الثروات الطبيعية مما صورته للشعب القوى الرجعية والكمبرادورية على امتداد عقود.

وليَبقَ نواب الشعب في المجلس الوطني التأسيسي نوابا، إن شاء المجتمع، لكن فليُعَدّلوا عقارب ساعاتهم (مذهلة الثمن) على انتظارات شعبٍ كَل وملّ من استبلاهه بواسطة مقولات استعمارية مثل "تونس صغيرة" و"تونس فقيرة"بينما هم يتقاضون أجورا خيالية لا يُسدون مقابلها خدمات تضاهيها، وبينما هو أضحى يطمح إلى تصدير السعادة إلى العالم بأسره و بدون مقابل.

وليَعلمْ أعداء التحرر والاستقلالية أنّ البلد (واسمه قديما "مطمور روما") الذي تفوق مساحته أعتى البلدان التي كانت لها إمبراطورية في القرن 19 وما قبله، على غرار البرتغال وهولندا وبلجيكا وحتى انقلترا، بإمكانه تأمين الغذاء لكل أبنائه وبناته، ويزيد، ولن يكون عالة على أصحاب الحل السحري ومن يدور في فَلَكهم المختنق بالرغم من اتساعه.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟
- تونس: باكالوريا أم امبريالية الرياضيات؟
- تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..
- تحكمت بنا كلمة فاستباحتنا موزة..
- تونس والسلفية: هل عُدنا إلى التعلل بدولة القانون؟


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمد الحمّار - تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب