مرحلة المرآة وديالكتيك هيغل-كوجيف

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 00:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

حضر لاكان السمينارات الاسبوعية للفيلسوف الهيغلي الكبير كوجيف, حيث زارها, اضافة الى لاكان, مفكرون فرنسيون معروفون آخرون, مثل جان بول سارتر وغيره.

كان اهتمام كوجيف منصبا على معالجة هيغل موضوعة تكون وعي الفرد بنفسه كسبب في الانتقال من الطبيعة الى الحضارة, او بكلمات اخرى, من الوجود الحيواني الى الوجود الانساني. حسب هيغل, ان الكيان النفسي Self-hood هو نتاج لتطور وعي الذات من خلال الاستبطان, اي فحص المرء لافكاره ودوافعه ومشاعره. فلظهور الذات لا يكفي وعي الذات بنفسها, بل يجب ان يرافقه اعتراف الغير أو الذات الأخرى بها. وسم هيغل هذه العملية كديالكتيك السيادة والعبودية lordship and bondage او ما يعرف عادة ديالكتيك السيد-العبد Master-Slave. ففي هذا الديالكتيك يدخل شخصان او جهتان في علاقة متبادلة من اعتراف احدهما بالآخر. ولابد ان يحصل السيد على اعتراف العبد به لكي يتحقق وجوده كموضوع Subject, اي ان السيد يدرك كونه سيدا فقط بسبب اعتراف العبد له بسيادته. بنفس المعنى, فان العبد يدرك عبوديته لكون السيد يصنفه كعبد. وهكذا يستطيع السيد متابعة حياته, متأكدا بكونه سيدا باعتراف العبد له بسيادته. المفارقة هنا, ان ما هو ايجابي يتحول الى ما هو سلبي. فاعتماد السيد على اعتراف العبد بسيادته يعني لا محالة ان السيد ليس حرا ابدا في واقع الحال. ولكن الحال يختف مع العبد, فهو لا يعتمد بنفس الشاكلة على السيد لتحقيق هويته, لانه يمتلك مصدرا آخرا لتحقيق النفس self-affirmation, الا وهو عمله. فاذا كانت هوية العبد تتحقق من خلال عمله, فهذا يعني ان العبد, وليس السيد, حر. بنفس المعنى يؤكد سارتر(1) ان السادي يستطيع السيطرة على المازوخي اذا تعاون المازوخي مع رغبات السادي, وسيطرة السادي تنتهي تماما في اللحظة التي يتوقف فيها المازوخي عن تنفيذ رغبات السادي.

قرأ كوجيف ديالكتيك هيغل بخصوص السيد-العبد كصراع بين الرغبة Desire من حهة والاعتراف Recognition من جهة اخرى. فالسيد والعبد يتواجدان في علاقة متبادلة من الصراع من اجل الاعتراف المتبادل, فلا يستطع احدهما الوجود بدون (اعتراف) الآخر. وهذا يعني لكوجيف صراعا الى حد الموت. ولكن موت احدهما يعني موت الآخر. فالاثنان محكومان بصراع لا يمكن لاحدهما فيه الاستغناء عن الآخر, رغم ان كلا منهما هو الد عدو للآخر (شئ مشابه قاله سارتر بان الآخر هو الجحيم). يتغلغل هذا الديالكتيك, حسب لاكان, في مرحلة المرآة ليطبعها بالعنف, لكونها تفترض ان العلاقة مع الآخر اساسا هي علاقة صراعية conflictual.

يعتقد لاكان (2) بالاهمية الفائقة لفكرة هيغل بان اي وجود انساني يعني وجوده في الآخر. لذلك فنحن واقعون في شرك, لا خلاص منه, من ديالكتيك او جدلية متبادلة وغير قابلة للاختزال من الاغتراب. لذلك فان اغتراب الانسان, حسب لاكان, ذو مصدرين. الاول, مرحلة او سجل المرآة المكونة للأنا, الثاني هو اللغة وتكون الذات, وهو ما ساعالجه لاحقا.
المصادر
Alexander, W. M.-1
Sartre and the Rationalization of Human Sexuality
http://www.bu.edu/wcp/Papers/Cont/ContAlex.htm

2- The seminar of Jacques Lacan, Book II: The Ego in Freud s Theory and in the Technique of Psychoanalysis 1954-1955, ed. J.A. Miller, trans. S. Tomaselli, Cambridge: Cambridge University Press, 1978

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات