ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 23:47
المحور:
الادب والفن
أطلقت عليك النار .. رصاصة تلو أخرى .. فأرديتك قتيلاً .. حاولت أن أنساك .. فلم أقدر .. فأرديتك قتيلاً مضرجاً بأحلام اللقاء الذي لن تراه بعد اليوم .. وهل يرى القتلى سوى الموت ؟
عشرون ألف مرة قتلتني .. عشرون ألف مرة قتلتني ثم أحييتني بقطع من سكر الكلمات .. تلقي إليَّ بسكر كلماتك .. أتذوقها بطرف لساني .. ثم تذوب في فمي .. وتسري في شراييني كالموسيقى التي كنت ترسلها إليَّ عبر نوافذ الصفاء فتهاجم مني كل الحواس .. تتفتح لها الخلايا .. وتنتعش منها المسامات .. وتخترق جدران القلب وترقص نبضاته على دو .. ري .. مي كلماتك .. وتصبح وقع خطواتي نوتات موسيقية تتطاير في الهواء .. وأناملي أوتاراً حريرية يُعزف عليها كل السيمفونيات .. وأنفاسي وتنهيداتي وآهاتي وزفراتي تعلو وتدنو .. تصعد وتهبط على سلم اللهفة والحنين والاشتياق ..
فكيف وأنا قد أصبحت مقطوعة موسيقية تنداح في حضورك المفاجىء أعاتبك .. أو ألومك .. أو أجد في قاموسي ما أقدمه إليك سوى نسائم الصفح والغفران ؟!
اليوم كل شيء تغير .. اليوم أنتَ لم تخربش على جدران قلبي وتوقع بأحرفك الأولى بأن هذا القلب كان وسيكون وسيبقى لك .. أنت امرؤ القيس الذي لا يموت .. ولا تفنيه قصص العشق البالية .. أنت العاشق المتجدد في أساطير الحب .. و قصص العشق المخملية ..
اليوم أنت لم تخربش على جدران قلبي بل تركتها هي تخربش عليها فصبغتها بسواد قلبها ولون حقدها عليِّ .. خربشت هي عليها باللون الأسود بفرشاة حاقدة تحمل لونها .. فلم يعد يُرى مني ومن قلبي وجدرانه إلا السواد .. ولم تعد قطع سكر كلماتك تذوب في فمي وتسري في أوردتي .. وما عادت مساماتي تتفتح .. و خلاياي تتجدد .. وما عاد قلبي يرقص على وقع نوتاتك الموسيقية .. ولم يعد أمامي سوى شبح النسيان ..
وأنا أكره النسيان .. وأكره كل وصفات النسيان .. وكل النصائح التي يتعاطاها البشر كي يشفوا من قصص الحب الدامية .. ولأنني لم أكن أراك مثل سائر البشر قابل للنسيان بجرعة من تلك النصائح .. أو بوصفة سحرية من نساء لم تعرف الحب إلا ممن خلقوا للنسيان .. لم تجربك النساء لذلك سهلت عليهم وصفات النسيان ..
أما أنا فأكره النسيان ..
وأما أنت فغير قابل للنسيان ..
وما خُلقْتَ أنتَ إلا للعشق .. ولقصص الغرام الدامية .. لذلك كان لا بدَّ أن تموت .. وأن أطلق عليك النيران .. فأطلقت عليك الرصاص .. رصاصة تلو الأخرى .. وأرديتك قتيلاً .. ولا يهم بعد ماذا يبقى في الذاكرة من صور الموت أو صور النسيان .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟