أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي آل شفاف - ثقافة التخاون) لدى السياسي العربي)














المزيد.....

ثقافة التخاون) لدى السياسي العربي)


علي آل شفاف

الحوار المتمدن-العدد: 1196 - 2005 / 5 / 13 - 08:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصبحت لفظة "الخيانة" من ألذ وأمتع الألفاظ وأسوغها عند السياسيين ومتعاطي الشأن السياسي العرب. فقد بلغ ارتباط هؤلاء بهذه اللفظة حدا لا يصدق, فتعلقوا بها حد الغرام والهيام والولع, بحيث لا يستطيعون مفارقتها. فلا تجد مقالة أو مقابلة أو لقاء أو مؤتمر صحفي يخلو من ملح (التخوين) ـ إلا ما ندر. ولعل القراء والمشاهدين والمستمعين العرب تعودوا على هذا الأمر, حتى أنهم قد لا يستسيغون أي مادة إعلامية بدون تخوين أحد ما.

وبالمناسبة . . وأنا أهم بكتابة هذا المقال, خرج علينا شيخ (من عراقيي الخليج), ليخصص حلقة كاملة في قناة خليجية, حول كلمة الخيانة ومرادفاتها وأخواتها, كالغدر والمكر والختل . . . الخ. واستغل أغلب هذه الكلمات ليضرب ـ كالعادة ـ على وتر معروف (خيانة ابن العلقمي!!), ولكن بذكاء مشهود. ثم يُعرّض ويغري بخصومه (من جاء بالأجنبي إلى بلده) كما أسماهم. ونسي من دعى الأجنبي ليدخل مدينته سلما ويحتمي به, كي لا يدخلها أخوته العراقيون.

لعمري . . "لقد ضاع الخيط والمغزل", فالكل (خائن) عند الكل, والكل (وفي) عند نفسه. إذا ما تجاهلنا الإستثناء. فهناك فرق بين تشخيص حالة خيانة ما, بأدلة مادية وبإجماع معقول وواضح؛ ورمي المخالفين بالخيانة, ثم تحول هذا التخوين إلى ظاهرة شائعة وسائدة.

إن ظاهرة التخوين و(التخاون) أي تبادل الإتهام بالخيانة, هي ظاهرة ليست حديثة العهد. ولكنها لم تصل إلى مداها الأوسع, إلا في هذه الأيام. بسبب تطور تقنية الإعلام والإتصالات, حيث ازداد عدد المتلقين لأي جرثومة إعلامية, فازداد عدد مرضى وباء التخوين ـ موضوعنا.
وزادت أيضا أعراض الإندفاع والانفعال والتهور لدى الموبوئين بهذه الجرثومة, من الجهلة والغوغاء والمراهقين, والذين لم يتمكنوا من الحصول على اللقاحات الوقائية, قبل استفحال هذا الداء.
وتعد (تهمة الخيانة) أحد أهم وسائل غسل الإدمغة, والتخريب الفكري للشباب والمراهقين والغوغاء, وحتى المثقفين في حالات الطغيان الإعلامي لثقافة ما, كـ (ثقافة التخوين) في وقتنا الحاضر. مما وفر الأرضية المناسبة التي دفعت منفذي العمليات الإنتحارية للقيام بها.

إن لجوء المثقفين والسياسيين إلى تخوين الآخر, هو إفراز لتضخم (غدة) الأزمات النفسية الحادة والمتلاحقة, الناشئة من الهزائم المتكررة في تاريخنا العربي المعاصر. لذلك لجأ هؤلاء إلى هذه الوسيلة, للتخفيف من الشعور بالهزيمة واحتقار الذات.

حاول هؤلاء السياسيين معالجة تداعيات هذا الشعور بالهزيمة, والإنكسار والتصاغر وعدم الثقة بالنفس, بطريقة التزوير وخداع النفس وخداع الرأي العام, وتصوير الهزيمة نصرا مؤزرا!!
كما هو الحال في ثغرة وحصار واستسلام حرب عام 1973, أو في حرب صدام مع إيران, أو في أم معارك صدام عام 1991. وحتى في هروب صدام وزمرته أمام زحف الأمريكان على بغداد وإخراجه ذليلا من جحره.
فكل هذه الهزائم اعتبرت إنتصارات في عرف من تشوق لزهو النصر ولم يره, وكان ـ نفسه ـ جزءا من المنظومة الفكرية والثقافية والسياسية والعسكرية التي قادت إلى الهزيمة.

وقد لجأ هؤلاء إلى الخداع مرة أخرى, عن طريق التنصل وإلقاء اللائمة على (عنقاء) الخيانة والعمالة!!

فلا بد لنا إذا ـ نحن العرب ـ مستقبلا قبل الدخول في أي حرب ـ وتماشيا مع النهج العربي السائد ـ أن نحضر كبش خيانة وعمالة ـ مسبقا ـ لنبرر هزائمنا المتوقعة.
ففي حرب 48 مع الإسرائيليين كانت الأسلحة غير صالحة!! وكانت هناك خيانة من الجهات التي جاءت بها, أي بعض الحكام (العملاء) للإستعمار, وبعض الجهات المزودة والمصنعة!!
وفي حرب 67 تعددت نظريات الخيانة, أما في حرب 1991 فبدأت (الخيانة) بالسفيرة الأمريكية, مرورا بالضباط الكبار في جيش صدام, وانتهاءا بانتفاضة الشعب العراقي؛ وهكذا كان الأمر في حرب 2003, فتعددت نظريات الخيانة؛ إبتداءا من أقارب صدام إلى كبار ضباطه إلى الشعب الذي لم يقاتل مع جلاده!!

وقد ساعد الكذب والدجل الإعلامي للسياسيين والحكام والأحزاب الحاكمة, على نمو وتطوير (عقلية التخوين). حيث تصور وسائل إعلامهم للبسطاء, شدة بطش الحكام وقوة قهرهم لشعوبهم, أنها قوة لردع الأعداء ومنعهم من التعدي على (الحرمات)!! وهكذا فالمطالبة بالحقوق والحريات يعد خيانة وعمالة في عرفهم!!

وقد كان صدام أوضح مثال على ذلك, فصور (أخطبوط) إعلامه المشبع ببراميل وكوبونات النفط, أن صدام سيقهر أمريكا والعالم الغربي وكل (الأعداء)؛ وأن الأمريكان سيهزمون على أبواب بغداد!!! وأن من يقف ضده أو يعارضه, يعد خائنا وعميلا . .
فكانت هناك هزيمة فعلا, وكان هناك فرار سريع . . ولكن لمن؟ . . لصدام وجيشه وليس للأعداء, فدخل الأمريكان بغداد بدبابتين!!
وأخذ (أبطال الحرس الخاص), الذين روعوا وأرهبوا وقتلوا أبناء شعبهم, بالهروب والفرار قبل أن يدخل (العدو) ساحة المعركة! . . "أسد علي وفي الحروب نعامة".


إذا فثقافة التخوين والتخاون هي الوجه الآخر لثقافة الهزيمة, وثقافة التنصل.
إنها ببساطة ثقافة الجبناء.



#علي_آل_شفاف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة -ونفاق- المتضادات
- (3)- لنفكك قيود -اليسار- و -اليمين- و -الوسط
- أصنام تحت الأقدام
- -المشاعية- و-العولمة- و-الظهور-
- -المعاصرة- حقيقة واقعية وضرورة عقلية
- القصور, التقصير, المؤامرة . . أيها يفسر منهج حكومتنا؟
- دراسات مرتجلة (2) المؤامرة بين النظرية والواقع
- الشعور بالذات . . أثر إجتماعي وتأثر


المزيد.....




- الشرع يستقبل وفدا من الكونغرس الأمريكي.. وواشنطن تدعو لتجنب ...
- المبعوثة الأمريكية ترد على أمين عام حزب الله بكلمة واحدة.. م ...
- مصادر: خيار مهاجمة نووي إيران ما زال مطروحا في إسرائيل
- طائرات مسيرة روسية تدمر معدات وقوات مشاة للعدو
- الجيش الروسي يحرر بلدة جديدة في كورسك
- بريطانيا.. الشرطة تحتجز الأكاديمي العربي مكرم خوري مخول وتحق ...
- تظاهرة في مصراته الليبية دعما لغزة
- لندن تسعى لحل أزمة الرسوم الجمركية
- جدل حول انتشار الجيش وسحب سلاح حزب الله
- أبرز مواصفات هاتف -Razr 60 Ultra- القابل للطي من موتورولا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي آل شفاف - ثقافة التخاون) لدى السياسي العربي)