|
عودة الجنرال بخفّي -شيرابوش-
أحمد كيوان
الحوار المتمدن-العدد: 1195 - 2005 / 5 / 12 - 12:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
اخيرا عاد الجنرال ميشيل عون الى بيروت بعد ان قضى في منفاه في باريس خمسة عشر عاما والعود احمد، ومن خلال رصد اقوال، وحركات وسلوك الجنرال العائد يبدو واضحا انه لا يزال يتصرف كما لو كان عسكريا لم يخلع بزته بعد مع العلم ان ذلك انتهى في صبيحة احد ايام اكتوبر سنة 1990 حين اجهزت عليه القوات السورية واللبنانية تدعمها الطائرات الحربية ولم ينقذه الا التجاؤه الى السفارة الفرنسية حيث تم تهريبه بعد عدة اشهر في غواصة فرنسية الى باريس، والجنرال الذي كان عمادا للجيش اللبناني، وقائدا له في فترة رئاسة السيد امين الجميل ظهر عابسا، متجهم الوجه، نزقا، حادا، يرمي بسهامه ذات اليمين وذات اليسار، ربما للايحاء بانه الجنرال الموعود، المنقذ والمخلّص، قد يكون مقلدا للجنرال ديغول الذي كان رمزا للمقاومة الفرنسية ابان الاجتياح النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية حيث شكل ديغول في المنفى "فرنسا الحرة" وعاد بعد تحرير باريس منتصرا يحمل الامل لملايين الفرنسيين، قد يكون ميشيل عون يرى في نفسه "ديغول لبنان" مع الفارق الكبير بين الرجلين والحالتين، فديغول بطل قومي فرنسي حقيقي، قاوم الاحتلال النازي، وشكل فرق المقاومة الوطنية، وكان ذا كبرياء وطني كبير، لم يغفر لتشرتشل رئيس الوزراء البريطاني لانه اجلسه ذات مرة في مؤخرة طائرته ولم يعامله كزعيم للشعب الفرنسي وهو الرمز البارز للمقاومة الفرنسية، ثم ان الحالة اللبنانية تختلف عن الحالة الفرنسية، فالجنرال العائد ميشيل عون اغتصب السلطة في لبنان عام 1988 واصبح رئيسا للوزراء اضافة الى كونه عمادا للجيش وان جاء ذلك في الايام الاخيرة لولاية الرئيس امين الجميل وبتوقيع منه لكن اغتصابه للسلطة استمر عامين آخرين وبعد اكثر من عام على انتخاب الرئيس الياس الهراوي رئيسا للبنان وظل على تمرده حتى قام الطيران السوري بدل معاقلة وانهاء تمرده وهربه الى السفارة الفرنسية وميشيل عون في فترة اغتصابه للسلطة كان العدو الاهلية في لبنان حيث كان الجيش السوري عاملا مهما في ايقاف تلك الحرب المجنونة، وفي فترة "سطوع" نجم جنرال "الوطنية" والحرية، والدمقراطية "ميشيل عون كان الاحتلال الاسرائيلي يجثم على لبنان وقد انحسر عن بيروت والجبل بفعل المقاومة اللبنانية وظل في رحاب انطوان لحد ومرتزقته في الجنوب حتى اخرجته المقاومة نهائيا في ايار سنة 2000 مهزوما مدحورا، والجنرال عون الذي كان صديقا ولا يزال للاسرائيليين ليس انه او أي من اتباعه في "التيار الوطني الحر" لم يقاوموا الاحتلال الاسرائيلي لكنهم لم يشيروا في يوم من الايام الى وجود احتلال اسرائيلي، فالاحتلال الذي كان في رؤوسهم هو "الاحتلال السوري" الذي اوقف نزيف الدم في لبنان، هؤلاء وعلى رأسهم جنرالهم العائد ليسوا رجال حرية، ولا رجال تحرير لانهم ساعة التحرير غابوا عن الساحة والانكى من ذلك انهم يريدون اليوم الحاق الهزيمة بالمقاومة التي انتصرت للبنان، وحررت لبنان،من خلال نزع اسلحتها وهو ما عجز عنه الاحتلال الاسرائيلي بكل جبروته، فكيف نساوي الجنرال ميشيل عون بالجنرال ديغول والحالة اللبنانية بالحالة الفرنسية؟ ديغول رجل مقاومة ورجل دولة، واحد عمالقة القرن العشرين، وميشيل عون احد الاقزام الصغار في لبنان الذي اصبح ماردا بعد ان خرج من القمقم واذا كان يحن الى العسكرية من خلال مجمل سلوكه فهو اقرب الى دكتاتور عسكري من بقايا رجال الانقلابات التي عرفها الشرق العربي ودول امريكا اللاتينية وبعيد كل البعد عن ان يكون رجل دولة رغم الكلام المعسول الذي يتفوه به احيانا. فدعوته و"تياره الحر" الى دولة علمانية تقضي على الاقطاع السياسي، والطائفية السياسية دعوة حق يراد بها باطل، لان هذه الافكار اصبحت مطلب الشباب اللبناني من كل الطوائف، هذا الشباب الذي ولد ايام الحرب الاهلية وبعدها لا يريد العودة بلبنان مرة اخرى الى ما كان عليه، ولان ميشيل عون ورموزه الانعزالية في لبنان يريدون ركوب موجة هذا الشباب تأتي كلماتهم لاقتناص هذا الشباب ليدور في فلكهم فالذي يريده ميشيل عون لا يختلف في قليل او كثير عما تريده اسرائيل وامريكا وفرنسا.. تغيير اتجاه لبنان العروبي والصلح مع اسرائيل بلا ثمن، وانفتاحا على الغرب الى درجة الوصاية على لبنان، فالجنرال يرى في نفسه وامثاله من الانعزاليين فئة مميزة يجب ان تقود باقي الشعب اللبناني "المتأخر" وفي اسوأ الاحوال ان تكون له امارة ملحقة بفرنسا اذا يرى انه واحد من النخبة المصطفاة والباقي رعاع.. وهذا الذي ذهبت اليه ليس تجنيا عليه لانه في كل تصريحاته يسخر بالآخرين، فتارة يقول انه هو ابو المعارضة اللبنانية وتارة اخرى يقول انه ابوها وجدها وان "كفاحه" هو الذي اخرج السوريين من لبنان!! عقدة الجنرال سوريا... وعقدته الاخرى هي عروبة لبنان ومثاله الاعلى ان يكون متفرنسا لان هذه هي الوطنية اللبنانية كما يراها الجنرال. ومشروعه هذا يجد بكل تأكيد تأييدا اسرائيليا جارفا، لان ذلك كان هو المشروع الاسرائيلي القديم حين زحفت قوات ارئيل شارون عام 1982 حتى تنصّب في بيروت رئيسا له مثل توجهات ميشيل عون وكان وقتها رجلهم المحبب بشير الجميل الذي قضى نحبه في انفجار في مقر حزبه الكتائب بعد يومين من تنصبه رئيسا للبنان، وانني واحد من المؤمنين باصالة شعب لبنان العربي الذي استخلص العبر عبر معاناته الطويلة وقدرة هذا الشعب على عزل الانعزاليين وبالوسائل الدمقراطية، فهاهم جميعا في لبنان المعارضة والموالاة (اذا كان هذا التعبير لا يزال جائزا) يبتعدون عن ميشيل عون واذا كان هنالك بعض التعاطف من قبل بعض الشباب وبالذات في الجامعات فذلك يعود الى التصرف الخاطئ سابقا سواء من سوريا او السلطة اللبنانية التي منعته من العودة منذ سنوات، فالجنرال في منفاه كان البعض ينظر اليه وكأنه قديس معذب وهذا بالتأكيد يعطيه تعاطفا، وان السماح له بالعودة سيفرغه من " هالته" هذه وبالتالي ان يأخذ حجمه الحقيقي ووزنه لا اكثر، لانه لن يضيف له شيئا ادعاؤه بانه لا يعود على ظهر دبابة امريكية لان الدبابة الامريكية لن تجد في لبنان مقرا لها او ممرا، ومع انه عاد عن طريق مطار بيروت الدولي فالجنرال لم يعد بشيء يبهر الناس وانما عاد بخفي الرئيس شيراك والرئيس جورج بوش وقد اسميت ذلك للاختصار "بخفي شيرابوش" وهم يعرفون انه لا وزن للجنرال العائد بخفيهم..
(ام الفحم)
#أحمد_كيوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|