|
كُرد سوريا .. بين الخنادِق والفنادِق
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 22:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يمُرُ [ الوعي ] الكردي ، هذه الأيام ، في إمتحانٍ صعبٍ آخر ، على الساحة السورية . وإذا كانتْ هنالك مُؤشرات واضحة ، على ما يشبه التضامن الشعبي الكردي في الأجزاء الثلاثة التي تضُم العراق وتركيا وايران ، مع كُرد سوريا .. فأن هذا " التضامُن " في أقليم كردستان العراق ، لايخرج عن حدود التعاطُف المعنوي ، والإحتجاجات والخُطَب الحماسية ودغدغة المشاعر القومية .. والتي كُلها .. لا تُغّيرَ شيئاً على " أرض الواقع " . ف [ الواقع ] يُظهِر ان قسما من كُرد سوريا ، إختاروا ما يُسمى ( الطريق الثالث ) .. وهو إختيارٌ صحيحٌ وصادق .. لكنه بالمُقابل محفوفٌ بالصعوبات والعراقيل . فالخروج من " الشرنقة الخبيثة : أما الإصطفاف مع النظام الدكتاتوري ، أو الإنصهار في ما يُسمى الجيش الحُر وجبهة النَصرة " .. الخروج من هذه المُعادلة البائسة ، مُكْلِف . وذلك القسم من كُرد سوريا ، الذين إختاروا ، طريقاً ثالثاً .. بعيداً عن نظام الأسد ، ونائياً بنفسهِ عن الجيش السوري الحُر وجبهة النصرة الإرهابية .. هؤلاء القسم من كرد سوريا ، منضوون أو مؤيدون " لحزب الإتحاد الديمقراطي " ، القريب من حزب العمال الكردستاني . - كُرد سوريا ، أصبحوا عدة أجزاء ، منذ الإنتفاضة او الثورة السورية .. فالذي ضاقتْ بهِ سُبُل البقاء في وطنهِ وبيتهِ .. ووجدَ سبيلاً للمُغادِرة .. فأنه بادرَ الى ذلك .. وبالفعل هنالك اليوم حوالي الثلاثمئة ألف لاجئ كردي سوري .. قرابة المئتَي ألف منهم في أقليم كردستان وباقي العراق ، والبقية متوزعون في تركيا والأردن ولبنان وأوروبا . الكرد السوريون الباقون في مناطقهم .. ولا سيما بعد إنسحاب السلطة الحكومية والأمنية الرسمية .. ولكي لا تطالهم الفوضى ، وغياب القانون ، وتحّكُم ميليشيات جبهة النصرة السلفية المتشددة .. وبعض التصرفات الشوفينية المترسبة في نفوس قسمٍ من قادة وضباط الجيش الحُر .. فأنهم أي الكُرد .. سارعوا الى تنظيم أنفسهم وإدارة شؤون بلداتهم ، وفرض نوعٍ من الإدارة الذاتية كأمرٍ واقع ، وحماية أرواح وممتلكات المواطنين .. [ والحقُ يُقال ، ان الجهة الوحيدة ، المؤهلة الممتلكة للقُدرات التنظيمية الإدارية ، والمُقاتلين المسلحين المستعدين للدفاع عن مناطقهم .. كانتْ : حزب الإتحاد الديمقراطي ] . وسواء إتفقنا أو إختلفنا ، مع توجهات الإتحاد الديمقراطي ، ومدى صدقية علاقاته الخفية مع النظام السوري ، او أنه مُجرَد بيدق ، في الصراع بين الحكومة التركية من جهة ، وحزب العمال الكردستاني ، من جهةٍ أخرى .. إضافةً الى الإتهامات الموجَهة له ، بأنه لا يسمح في الواقع للأحزاب الكردية السورية الاخرى بممارسة نشاطها ، ويحتكر النفوذ في المناطق الكردية . رغم كُل هذه ( المآخِذ ) على حزب الإتحاد الديمقراطي .. يُحسَب لهُ بأنه ، وقفَ بِكُل حزم ، ضد الهجمات المتكررة التي قامتْ بها جبهة النصرة ، المدعومة من السعودية وقطر ، وكذلك الجيش الحُر المدعوم من تركيا .. بل وأنها طردَتْ ميليشيات جبهة النصرة من بعض المناطق ، وسيطرَتْ على إحدى المنافذ الحدودية مع تركيا .. بل ان هنالك مناطق غنية بالنفط ، تقع الآن ضمن نفوذ حزب الإتحاد الديمقراطي ! . - من الطبيعي ، ان يكون دَعم وتأييد كُرد تركيا ، لِكُرد سوريا ، أقوى وأوضح ، من بقية الكُرد .. وبالفعل فهنالك فعاليات ومظاهرات يومية في دياربكر والعديد من المدن الحدودية ، تأييداً لحزب الإتحاد الديمقراطي .. بل رُبما يوجد مُقاتلون يُشاركون في الدفاع عن المناطق الكردية في سوريا . وفي كُل الاحوال ، فأن " الملف الكردي السوري " أصبحَ في الواقع ، جُزءاً مُكمِلاً ، من الملف الكردي في تركيا ( رغم إصرار الحكومة التركية ، على فصل الملفَين عن بعضهما ، أبان المباحثات بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية ) .. والدليل على ذلك ، أي على إرتباط الملفَين شاء الأتراك أم لم يشاؤوا ، دعوة " صالح مسلم " زعيم حزب الإتحاد الديمقراطي السوري ، لزيارة تركيا وإجتماعه مع وزير الخارجية التركي ، مؤخراً . - موقف أقليم كردستان العراق ، رسمياً وشعبياً ، مما يجري في سوريا .. مُؤشرٌ مُهم .. على مدى تَعّقُد المُشكلة . فمن الناحية الرسمية ، تطمح إدارة الأقليم ، ولاسيما الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود البارزاني ، الى عقد ( المؤتمر القومي الكردي ) للأجزاء الأربعة ، في أربيل تحت رعاية البارزاني .. بحيث تتكرَس بِشكلٍ من الأشكال [[ زعامة ]] السيد البارزاني . لكن هذا الطَرح يُواجِه إعتراضات قوية من أطراف مُختلِفة .. الى درجة ، ان عقد المؤتمر قد تأجلَ لعدة مرات .. ولا زال الحزب الديمقراطي بزعامة البارزاني ، يبذل جهوداً ويصرف ببذخ ويُقدِم إغراءات ويفرض ضغوطات ، من أجل لَم شَمل الجميع .. لكنه لم يفلح لِحد الآن ! . علماً أنه إذا جرى عقد المؤتمر القومي ( دون إشتراك أطراف رئيسية ، مثل حزب الإتحاد الديمقراطي السوري ، مثلاً ) .. فانه سوف يفقد جزءا مهما من مصداقيته . - رُبما هنالك أسباب أمنِية خاصة بالأقليم .. أو ضغوطات تركية .. أدَتْ الى إغلاق المنفذ الحدودي الوحيد بين الأقليم وسوريا . لكن في كُل الاحوال ، فأن منع وصول المواد الضرورية مثل الادوية والغذاء والوقود ... الخ ، من الاقليم الى الجانب الآخر .. يُشّكِل ( مُفارَقة بالغة القسوة ) .. في نفس التوقيت الذي تُبذَل فيه الجهود لعقد المؤتمر القومي ! . أعتقد لو ان الجانب السوري من الحدود ، لم يكن تحت سيطرة ونفوذ ، حزب الإتحاد الديمقراطي .. لِما أغلق الحزب الديمقراطي الكردستاني ، المنفذ الحدودي ! . - غلق وفتح المنفذ الحدودي مع سوريا ، يُستخدَم اليوم ، كورقة في الصراعات والمنافسات السياسية .. وتُوَجَه سِهام النقد اليوم ، للحزب الديمقراطي ، لأن الحدود مع سوريا ، هي تحت سيطرته ونفوذه . أعتقد لو ان الامر كان معكوساً ، ولو ان هنالك منفذاً حدوديا مع إيران ، تحت سيطرة الإتحاد الوطني ، وحدثت إنتفاضة في الجانب الإيراني .. وأصبح كُرد إيران في أمَس الحاجة للبضائع الداخلة من ذلك المنفذ .. فليسَ بعيداً ، ان يقوم الإتحاد الوطني الحاكم في السليمانية ، بإغلاق المنفذ بين الحين والحين ، مُستخدما ذلك كورقة ضغط . كما يفعل الحزب الديمقراطي الآن في الحدود مع سوريا ! . فكلاهما أصلاً من طينةٍ واحدة . - من الناحية " الشعبية " .. فان ردود الافعال في أقليم كردستان العراق ، بصدد ما يجري في سوريا .. فيه بعض الغرابة : فبعض الشباب السلفي ولا سيما في السليمانية وحلبجة ، ذهب ل " يُجاهِد " مع جبهة النصرة ، ضد دكتاتورية الأسد .. لكنهم على أرض الواقع ، وِضعوا في مواجهة القرى والبلدات الكردية في سوريا ! . مئات من اللاجئين الكرد السوريين ، في الأقليم ، خرجوا في مظاهرة في أربيل ، مُنددة بجبهة النصرة ومؤيدة لحزب الإتحاد الديمقراطي . بعض منظمات المجتمع المدني في الاقليم ، أصدرتْ عن " إستحياء " ، بيانات منددة بما تقترفه جبهة النصرة والجيش الحر ، من جرائم بِحق الكرد في سوريا !. - الصراع في سوريا ومن ضمنها ، المناطق الكردية أيضاً .. يشهدُ كالعادة " كما في معظم أنحاء الدُنيا " .. تنافُسا بين ( مُناضلي الفنادِق ) و ( مُناضلي الخنادِق ) .. وكالعادةِ أيضاً ، للأسف .. ستكون دماء المقاتلين من مناضلي الخنادق ، المدافعين عن البلدات والقرى الكردية اليوم .. قرباناً وثمناً .. لوصول مناضلي الفنادق في اربيل واسطنبول والسليمانية .. الى مناصب الحُكم في القامشلي وسري كاني وغيرها ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المدينة الصائمة
-
لا يمكن تبديل الجيران
-
الفيلُ والنملة
-
اللعنةُ .. اللعنةُ !
-
السُمعة الجيدة ، والنوايا الطيبة .. ليستْ كافية
-
فوضى بغداد .. وإستقرار أربيل
-
العقرب السام
-
الإتحاد الوطني .. لِصاحِبهِ .. ؟
-
بينَ التهّور والإتِزان
-
العمل في الشمس .. والتسكع في الفئ
-
على هامش إنتخابات مجالس أقليم كردستان
-
هل سيصبح البرزاني رئيساً لجمهورية العراق ؟
-
أزمَتنا عميقة
-
- السيسي - و - سعدون الدليمي - !
-
مُفتي العمادية .. وأثيل النُجيفي !
-
تأجيل إنتخابات رئاسة أقليم كردستان
-
ساعاتٌ حاسمة ، لشعبِ مصر الحَي
-
ضوء على نتائج إنتخابات نينوى
-
العَمالة المحلية
-
إلتِواءات ديمقراطية في أقليم كردستان
المزيد.....
-
-لماذا لا تقوم بعملك يا سيناتور؟-.. حشد أمريكي غاضب بعد ترحي
...
-
مسؤولون لـCNN: خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا إلى النصف خ
...
-
موسكو: كييف تستخدم التعبئة لصالحها
-
الذكرى الـ 80 لبدء معركة برلين
-
الإمارات: القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمث
...
-
وزير الداخلية التركي يكشف عدد السوريين الذي عادوا إلى بلادهم
...
-
-بوليتيكو-: تسريح موظفين في وزارة الدفاع الأمريكية بسبب إدار
...
-
وزير خارجية مصر: جهودنا لم تتوقف لإنهاء الحرب -الظالمة- على
...
-
قازان.. طائرة Tu-144 السوفيتية الشهيرة تتحول إلى متحف
-
نجيب بوكيلة لن يستطيع -تهريب- من تم ترحيله خطاً للولايات الم
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|